“تيتاوي” لا يكذب ولا يتجمّل

 


 

 

كيف لا

نجحت الفضائية السودانية – دون قصد- في إبراز الخلل والتنائي في العلاقة بين الاتحاد العام للصحفيين السودانيين متمثلاً في رئيسه د. محي الدين تيتاوي ، وبين قطاع الصحافة مثّله نيابة عن الصحفيين الأستاذ محمد لطيف رئيس تحرير صحيفة الأخبار. حدث ذلك في لقاء ضمن الفترة الإخبارية مساء الجمعة الماضية ، جمعت مقدّمة الفقرة سارة فضل الله بين الإثنين ، د. تيتاوي في الأستديو والأستاذ محمد لطيف من خارج الأستديو ، واستطاعت في غير ما براعة أن تضرب بمباديء العمل الإعلامي والحياد والموضوعية المطلوبين من مقدم البرامج عرض الحائط ، بل أخذت موقفاً منحازاً انحيازاً واضحاً إلى رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين ، دعمته بالأسئلة الجزافية وسرد الأحكام المعممة في شكل أسئلة مسبوقة بالجملة الاستفتاحية "ألا ترى معي....؟" . ثم التأكيد على إجابات د. تيتاوي بالإستملاح أو عبارة "صحيح" ، مع أنه من المفروض منها ألا توميء حتى إيماءة واحدة تؤثر سلباً أو إيجاباً على ضيوفها والمشاهدين وإلا ستُعد -حسب العُرف الإعلامي - مقدمة برامج فاشلة.
إنّ الفضائية السودانية مملوكة للدولة ، وليست مملوكة لحزب معين ، ولا للمنتمين له من عاملين وضيوف.فطبيعة الأسئلة وإجابات د. تيتاوي عن الخطوط الحمراء التي يجب ألا يتعداها الصحفيون والمهنية التي يجب ألا يحيدون عنها ، لم تُفلح كلها في وضع الأستاذ محمد لطيف في موضع المدافع بل ظلّ مهاجماً لبِقاً.تحدث بكل ثقة عن حقوق الصحفيين وسحب خيط المهنية التي نادى بها رئيس الاتحاد ، إلى صفه متعجّباً عن كيف السبيل إليها بينما يتم حجب المعلومة عن الصحفيين ومطاردتهم ومصادرة صحفهم بعد الطباعة دون أن يفتح الله على الاتحاد بكلمة واحدة.
يسيؤنا كثيراً أن نكون في ضفة ورئيس الاتحاد العام للصحفيين في الضفة الأخرى . حذّر في حديثه الصحفيين من المساس بوحدة السودان ، حين لا يتناسب مع سيادته أن يتجاهل من هو الذي أوصل السودان إلى التشيؤ والإنفصال والإنقسامات. أشار إلى صحف دون أن يسميها بإثارة الفتنة ، وهو يعلم تمام العلم من أي الثغور تنفذ سموم الفتنة والكراهية وإثارة النعرات القبلية والفوارق الإثنية في بلد اعتمدت تركيبته على تعدد قبائله وتنوعه.
تتباين وجهات النظر في ماهية المباديء وموجهات العمل الصحفي التي يُتفق عليها نهاراً ويتم قبرها ليلاً ويا لقبَر الليل ودفنه . إنّ ما يعكر صفو حياة الصحفيين ويعيق حركتهم هو صمت الإتحاد والمجلس القومي للصحافة عن ثغرات في قانون الصحافة الذي من الإنصاف أن يُقال عنه أنه حقق أشياءَ وغيّب أشياء أخرى ، مما ساهم في إبقاء الباب مفتوحاً لمعاقبة الصحفيين وصحفهم إن ظهر ما يفضح المساويء إزاء دعوتهم لأجهزة الدولة بتتبع مظاهر الفساد التي تآكلت بفضله مفاصل الدولة . وإن كان حق الصحفي في الوصول إلى المعلومة مع ضمان احترامه والحفاظ على كرامته وسلامته يوازي الحق الدستوري المكفول بالقانون فلماذا تُحجب عنه المعلومة إذن ، وكيف يتسنى للصحفيين تحقيق دعوة د. تيتاوي بالعمل في الصحافة الاستقصائية أسوة بالدول المتقدمة في هذا المجال من الصحافة أو كما أشار .
لم يكن المطلوب من د. تيتاوي قول غير الحقيقة حبّاً في الكذب، وإنما كان عليه وعلى الفضائية السودانية الحياء من بعض العيوب في علاقة الجهاز القومي وانحيازه إلى جهة دون غيرها . فالوقوع في خطأ التعميم والتبرير والظهور بمظهر هو صورة من واقع قبيح لا ينفع معه الستر ولا العلن ولكن الحياد والموضوعية لمن أؤتمن على مصالح الصحفيين .
ومن هنا نتجه بالدعوة الخالصة للاتحاد العام للصحفيين السودانيين ومجلس الصحافة باعتبارهما البيت الحاضن للصحفيين وكل من خطّ كلمة ساهمت في تشييد صرح الصحافة السودانية ، بأن يرعوا فينا هذا الحق كما نرعاه وأن يجيء اليوم الذي يحتفي فيه الطرفان بيوم الوفاء الصحفي .
عن صحيفة "الأحداث"

moaney [moaney15@yahoo.com]

 

آراء