تَساوى التقريران في نَفْسِ المَصير وصار السودان إلى نفس المصير !

 


 

 

جاءَ في مقالٍ لأخي مولانا سيف الدوله حمدنا اللهُ وهو يعلَم مكانَتَهُ في نُفوسنا وإيمانَنا بِهِ وبِدَورِهِ وبَصَماتِهِ الواضِحَه والهامّه في دَفْتَرِ الثوره.
١- أنّ حمدوك لم يفطن إلى أنّ سُلطتَهُ تشمل وزير الداخليه إلّا قبل أشهُر من إنقلاب البرهان.
٢- قبل ذلك التاريخ لم يجد حمدوك مَن ينصَحهُ بأن سلطة المكون العسكري بالوثيقه تنحصر فقط في ترشيح اسماء شاغلي وزارتي الداخليه والدفاع وان هذا الترشيح لا يخرج ايا من الوزارتين من نطاق سلطته كرئيس للوزراء.
٣- هذا التلكؤ في الفهم هو الذي اضاع على رئيس الوزراء فرصة اتخاذ خطوات كانت ضمن سلطته التي كان من شانها اصلاح وزارة الداخليه .. — إنتهى —
بعد جهدٍ جهيد وفي ظروفٍ أمنيّه سيئه في العام ٢٠١٩ دَفَعنا بورقةٍ أمْنِيّه ضمن البرنامج الإسعافي للفتره الإنتقاليه شملت كل ما يجب العمل عليه فيما يخُص الجانب الأمني للفتره الإنتقاليه. ذهَبَ كل ذلك الجهد أدراج الرياح لأنّ أحداً لم يُكلّف نَفسَهُ عناء الإطّلاع عليهِ.
ثُمّ نما إلى علمنا أنّ الوثيقه الدستوريه سوفَ يؤتى بها الى دار الحزب الشيوعي لإخضاعِها لمراجعه وتقييم بواسطة قانونيين متخصصين قبل التوقيع عليها وظللنا لمدة يومين نتردد على دار الحزب التي كانت تكتظ بكل ألوان الطيف السياسي ضاقت بهم الدار على سِعَتِها. دخلنا في نقاش مع رؤساء أحزاب واعضاء أحزاب وأغلب الوان الطيف من المدنيين حول وزارة الداخليه وكان ردّهُم جميعاً ، وبكُلّ بساطه ، أنها تتبع المكوّن العسكري ولا دخل لَهُم بها.

في يوم الأحد ٢٣ فبراير ٢٠٢٠ ذهبنا إلى مكتَبِ السيد حمدوك في رئاسة مجلس الوزراء المقدّم شرطه م محمد الحبيب أبو سَمْ والمقدم شرطه م حسن دفع الله وشخصي من مجموعة ( الغد ) - لمفصولي ومعاشيي الشرطه - التي أُسِّسَت في يوليه ١٩٨٩.
جَعَلنا من وصولنا للمَبني مُناسَبه لتقييم المبنى من الناحيه الأمنيّه وتقييم الإجراءات التي تمّ اتخاذَها معنا منذ وصولِنا للبوابةِ الرئيسيه حتّى مثولِنا بينَ يديه.
كُنّا نعلَمُ أنّ هنالكَ خللاً بَيّنا في التأمين الشخصي للرجل والمجلس وكل مدنيي الإنتقال وكانَ الوضعُ حينَها يُشيرُ لعدم الثقه بين العسكريين والمدنيين وكانت هنالك عدم ثقه في الأجهزه الأمْنِيّه الخارجه لِتَوِّها من مُستَنقَعِ الأنقاذ والمنوط بها توفير الحمايه الشخصيه وإقامة الحراسات اللازمه لرجال الثوره ولِمَقارِّهِم بَعدَ إرث أعوام الإنقاذ الثلاثين.
كُنّا مُفعَمين بالأمَل والثوره تجتاحُ دواخِلَنا ونَحنَ نعتقِدُ أننا إنّما نُقابِلُ رئيس الوزراء ( حَقّنا ). تحدّثَ الخبير الأمني المُقدّم حسن دفع الله مُتَطَرّقاً للخَلَل البَيّن في موقع المجلِس وكُلّ الجِوَار والطُرُق حول المجلس والخلل ونقاط الضعف في سُبُل الحِمايه الموجوده والخلل في إجراءات الدخول والخروج . وبقدر ما كانت دواخِلَنا مُتفَتّحه ومتوثّبه نَزَلَ كل ذلك الزَّخَم إلى أسفل درَجَة الصّفر بعدَ إجابةِ الرّجُل في إقتِضابٍ وسرعانَ ما انتقل لموضوعٍ آخر. هُنا ساورنا الشك وبدأنا نتساءل من هو الرجل وما مصير هذه الثوره.
جاء اللقاء الثاني بمنزل الرجل بكافوري مساء يوم الأربعاء ١٨ مارس ٢٠٢٠ بطلبٍ مِنّا ودام اللقاء لأكثر من ساعتين وضعنا أمامهُ كل المخاوِف الأمنيه التي تعتري الإنتقال بادِئين من العام ١٩٨٩ بالمستندات التي كانت معنا في ملَفٍّ سلّمناهُ له بعد السّرد الوافي. تحدثنا معه :
عن أيلولة كُلّ سُلطات رئيس الجمهوريه اليه بنصّ الوثيقه الدستوريه.
تحدثنا اليه عن حقّهِ ( المُطلَق ) في إدارَة شأن وزارة الداخليه وبالتالي جهاز الشرطه بلا مُنازع إذ أن حقّ العسكر ينتهي فقط ( بترشيح ) الوزير.
وضعنا بينَ يديه كل المطلوب لإدارة الشأن الشرطي والذي هو نتاجٌ لثلاثين عاماً من العصف الذهني والدراسات التي شمِلَت كل الأنظمه العالميه وتلك الشبيهه بنا.
حدّثناهُ عن ضرورة إنشاء جهاز ألأمن الداخلي بأيدٍ شرطيه أمينه بعدَ أن قمنا بتجهيز كل مستلزمات ذلك من دراساتٍ وهيكَله.
إذًا ينتفي هنا عدم علمه بحقوقه التي جاءت في مقال مولانا ويبقى البند الثالث وهو أمر التلكؤ ونعتقد أنّهُ رُبّما كان ينتهج خطّاً رسمه له مستشاروه او رُبّما جهاتٌ أُخرى للسيرِ في ذلك الخط الذي لم يُفارِقهُ حتى إستقالتِهِ والذي شَمِلَ الإبقاء على الوضع الأمني الذي تركته الإنقاذ في الجيش والشرطه وجهاز ألأمن والدعم السريع. شمل أيضاً التّقَرّب من الدعم السريع وتفويضِهِ سلطاتِهِ في بعض الجوانب كالإقتصاد والتفاوض. وشملَ ، ولو ظاهِرِيّاً ، فترة العسل مع قيادات اللجنه الأمنيه. والأحتفاء بإتفاقية جوبا والإحتفال بغزو الخرطوم من جيوش الحرَكات وتعايُشهُ السلمي مع كل الخروقات الأمنيه التي ضربت العاصمه والاقاليم وإبعاد كل المفصولين عن أيّ أحلام بالعوده للإصلاح خاصةً مفصولي الاجهزه الامنيه.
ونستطيع ان نقول أنّنا أوضحنا لهُ كل ذلك وأوضحنا أن ضربة البدايه ، حتّى قبل الإقتصاد والمعيشه ، يجب أن تكون في إيصال الثوره الى وزارة الداخليه وتغيير القيادات بقيادات ثوريه حقيقيه ولم نشعُر بأنّنا قد أضفنا جديدًا كان يجهَلهُ بل أعطانا الشعور بأنّهُ على علمٍ بكلّ ما ذكرنا وهذا امر يدعو للإستغراب لأنّ ما يحدث الآن هو نتاجٌ ( لا شكّ فيه ) لتلك السياسات التي رَمَت بالجانب الأمني بكُلّ اهميّتِهِ الى يد العسكر في وقتٍ كانت فيهِ وحدة الشعب السوداني لا تقل عن ١٠٠/١٠٠ وكلها كانت رهن إشارة الرجل وكانت كل الأجسام التي ثارَ عليها الشعب في حالة ربكه وشلل تامّين وخوفٍ من مصيرٍ مجهول ويشمل ذلك الاجهزه الامنيه ومنسوبي الحزب الذي كانَ حاكماً واجهزته الشعبيه ومليشيا الدعم السريع إذ لم تكن بقيّة الجيوش قد شَرّفتنا بالغَزوِ بعد والتي سوفَ نقومُ بدفعِ مُرَتّباتِ أفرادِها بأمرِ وزير ماليه يَتبَعُ وينتَمي للتنظيم الذي ثار عليه الشعب في ديسمبر كانَ قد عيّنَهُ الرّجُل. آخر لقاءٍ لنا به تمّ يوم الثامن من سبتمبر ٢٠٢١ اي قبل شهرٍ من الانقلاب في وقفَةٍ احتجاجيه قَدّمنا لهُ فيها تقريرَين احدهُما بإعادة المفصولين وإزالَةِ غُبنِهِم والثاني بإنشاءِ جهاز ألأمن الداخلي لخطورة الوضع زمنذاك من وُجهةِ نظرِنا رُبّما حَملا نَفس الجينات التي كان قد حملها تقرير جهاز ألأمن الداخلي ( الشرطي ) للسيد الصادق المهدي قبل إنقلاب الإنقاذ بيومٍ واحد و .. تساوى التقريران في ( نَفْسِ ) المَصير وصارَ السودان إلى ( نَفْس ) المّصير.
لن أُبدي رأيي عن الرّجُل وأكتفي بنقل كُلّ أعلاه بأمانةِ الله والتاريخ وليس عندي للرّجُلِ إلّا كلِّ الإحترامِ.

melsayigh@gmail.com

 

آراء