ثم ماذا بعد أن تبني البشير مبادرة الوحدة؟ … بقلم: جمال عنقرة

 


 

 

          لعل القراء يذكرون المبادرة التي كتبت عنها الأسبوع الماضي والتي نادت بتكوين هيئة قومية لدعم مشروع الوحدة الوطنية في السودان. هذه المبادرة نبعت فكرتها الأولي من لقاء إجتماعي جمع بين الأمين العام للهيئة القومية لترشيح المشير البشير لرئاسة الجمهورية الدكتور الفاتح عزالدين، وبين مجموعة من نجوم الصحافة السودانية. وحضر من هؤلاء النجوم الأساتذة محمد مبروك محمد أحمد، حسن البطري، أحمد عبد الوهاب، ضياء الدين بلال، زكريا حامد، عادل سيد أحمد، عثمان فضل الله، أناهيد كمال، والصحافية السودانية المصرية الأستاذة صباح موسي، وكان لي شرف حضور تلك الجلسة المحضورة. وبعد أن حكي دكتور الفاتح بعض ملامح تجربتهم التي قدمت المشير البشير مرشحاً قومياً التف حوله أكثر أهل السودان، سأله الحاضرون عن إمكانية تطوير هذه الهيئة واستمراريتها لتدعم خيار الوحدة حين يحين وقت الإستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان مطلع العام القادم 2011م، فقال دكتور الفاتح أن الهيئة يمكن أن تتحول إلي هيئة لدعم الوحدة الوطنية.

ومنذ ذاك اليوم ظل هذا الموضوع حاضراً في كتابات كل الزملاء الصحافيين الذين شهدوا ميلاد الفكرة، وظل الحوار يتواصل بينهم وبين الآخرين وبين شريك الفكرة الأصيل الدكتور الفاتح عزالدين. وعندما جاء الرئيس البشير إلي الهيئة التي وقفت معه ليشكرها علي ما قدمت من عمل جليل يكتب لها في ميزان الحسنات، وهو عمل من أجل الوطن قبل أن يكون من أجل حزب أو شخص، قدم رئيس الهيئة المشير عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب مقترحاً بأن تتواصل الهيئة لدعم قضية وحدة السودان، وعزز الأمين العام للهيئة دكتور الفاتح مقترح الرئيس سوار الذهب وفصله. فالتقط الرئيس البشير قفاز المبادرة التي راقت له، وأمر بأن تتحول هيئة دعم ترشيحه إلي حملة لدعم وحدة السودان، ثم أوصي بإعادة تكوين الهيئة ودعمها بكيانات وأشخاص وأفكار وبرامج جديدة تعينها علي أداء المهمة العظيمة التي ألقيت علي عاتقها.

السودان كله سعد بما قال به البشير، ولم تقف السعادة عند حدود فئة معينة، ولكنها عمت كل مكونات السودان بلا استثناء. وهذا دليل علي أن هم الوحدة يشغل بال السودانيين جميعاً. ولا بد أن كثيرين من غير أهل السودان قد أعجبهم ذلك لاسيما الأشقاء والأصدقاء القريبين والذين تباعد بيننا المسافات دون أن تبعد بعضنا عن هموم بعض. وبقدر سعادة الناس بهذه الخطوة إلا أن مخاوف عديدة تقلق بعضهم، ويتخوفون أن تتحول الهيئة إلي أعمال دعائية تصرف عن الهدف الرئيس الذي من أجله تأسست. وتحضرنا تجارب كثيرة ضاعت معانيها عندما تم اختزالها في مفاهيم ضيقة. وتلك قضية لابد أن يهتم بها القائمون علي أمر هذه الهيئة ويتابعها راعيها السيد رئيس الجمهورية.

ثم هناك قضية أكثر أهمية وهي التفريق بين دور الهيئة الأولي التي قامت لدعم ترشيح البشير وبين هذه الهيئة التي خلفتها لتأكيد وحدة السودان. فالرئيس البشير وقفت معه قوي سياسية كثيرة ودعمت ترشيحه، وكذلك ناهضته قوي أخري وقدمت مرشحين منافسين له. ولكن ذات القوي التي نافست البشير مثل الحزب الإتحادي الأصل مثلاً لها موقف واضح داعم لوحدة السودان يقوده رئيس الحزب شخصياً مولانا السيد محمد عثمان الميرغني. وهذه القوي لابد أن تستوعب مكونات أصيلة في هيئة دعم الوحدة الوطنية.

وهناك مسألة أخري تزيد أهميتها عن تلك وهي ما أكدته الإنتخابات الأخيرة من أثر للحركة الشعبية في جنوب السودان. وهي أكدت ما ظللنا نردده دوماً أن الحركة الشعبية هي مفتاح أي عمل في جنوب السودان. ومسألة الوحدة لايمكن بأي حال من الأحوال أن تتحقق بمعزل عن الحركة الشعبية. فلو أرادت الهيئة أن تقوم بعمل إيجابي لصالح وحدة السودان فعليها بالحركة الشعبية، وعليها أن تدخل الجنوب عبر بواباته الرسمية وأن تنسق تنسيقاً كاملاً مع تلك البوابات. ومن الحسنات التي تستوجب الشكر أن رمز الحركة وكثير من قادتها يتمنون أن يرجح خيار الوحدة، وسوف يمدون أياديهم بيضاء من غير سوء لكل عمل جاد من أجل الوحدة. وحتي الذين يروج لأنهم ضد الوحدة من قيادات الحركة أعتقد أنهم ضد الوحدة بمفاهيم معينة. ولكن لو قدمت لهم رؤي واضحة وناصعة أتوقع أن يقودوا صفوف المبشرين بوحدة السودان.

 Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء