ثم ماذا بعد أن توحد الصف

 


 

جمال عنقرة
24 March, 2009

 


جمال عنقرة
gamalangara@hotmail.com
        مهما اختلف الناس فلا يختلفون علي أن الاجماع الذي تحقق حول الرئيس السوداني عمر البشير لم يتحقق لغيره من الذين سبقوه في حكم السودان، ولم يتحقق له نفسه من قبل رغم أنه قد أنجز ما استحق عليه التأييد من قبل، فضلاً عن أن هذا الموضوع الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية لم يكن يتوقع الذين يقفون خلفه أن يغري أحداً بالاقتراب من الرئيس، وظنوا أن هذه الفتنة قد تصرف الناس عنه، وتجعله وحيداً، وقد يكون ذلك مدخلاً لاسقاطه واسقاط حكمه معه. فعلي العكس من ذلك اعتبر السودانيون قرار اعتقال الرئيس البشير ماساً بهم جميعاً ومنتقصاً من عزتهم وكرامتهم، فوقفوا جميعاً ضد القرار ورفضوا الاتهامات الجائرة، فحققوا هذه الوحدة الفريدة والتي صارت مفخرة لأهل السودان جميعاً، وأثبتت للعالم أجمع عظمة هذا الشعب الذي يخف عند الفزع ويكف عند الطمع.
        هذا الموقف الشامخ لأهل السودان أحسنت الحكومة استثماره، وأحسن قبلها الاعلام في الترويج له والتبشير به. وهو موقف يجب ألا يمر هكذا فعلي أهل السودان جميعاً استثماره والاستفادة منه ليعود خيره العظيم علي هذا الوطن الكبير وشعبه الأبي. ولئن كان موقف جماهير الشعب السوداني عفوياً، فإن موقف القيادات الاستثماري لا بد أن تعد له عدته، ويخرج له من يحسنون استغلاله. وتقع مسئولية ذلك علي الذين يقودون السودان من أهل الحكم والمعارضة وقيادات المجتمع في كل المحافل والمناشط. ولكن يبقي دور السياسيين هو الأكبر، ويكبر بين هؤلاء دور الذين يحكمون سياسياً وتنفيذياً، ثم الذين يحكمون بسلاطين مختلفة.
        ولا أري استثماراً للموقف أعظم من بناء وحدة وطنية حقيقية. وهي وحدة أعمال لا أقوال. وهي وحدة وفق منهج وهدف. وهي وحدة مطلوبة لذاتها، ومطلوبة كذلك لدفع هذا العدوان الذي يستهدف وحدة هذا الوطن وتماسكه. وهنا يطلب برنامج واضح وصريح، لمناقشة كافة قضايا السودان الخلافية بعد أن أصبحت كل خلافاتهم واختلافاتهم واهية، تجاوزها بهذا الموقف الشامخ. فبعد هذا الموقف أصبح كل مطلب للذين رفضوا العدوان مشروعاً. وتصبح معه كل مطالب فرقاء السودان مشروعة ما داموا قد توحدوا في رفض العدوان.
        وبرغم أن هذا الأمر قد يبدو سهلاً وميسوراً، لكنه له تعقيداته، حيث أن البعض يريد أن يأخد كل شيء دون أن يعطي شيئاً. وأحمد لحاكمين تواضعوا لمعارضين ونادوهم لتوحيد الموقف. ونحمد لمعارضين تداعوا لنداء الوطن وجاءوا إلي الحاكمين ليتضامنوا معهم من أجل رد العدوان الذي يستهدف أهل السودان جميعاً، دون أن يفرق بين حاكم ومحكوم، ولا بين مؤيد ومعارض. وهذه هي الفرصة التاريخية التي لا نريد لها أن تضيع، حتي لا يضيع الوطن. والحافظ الله.

 

آراء