ثم ماذا بعد الانتخابات؟!! البشير عبء ثقيل على السودان وعلى المؤتمر الوطنى !!

 


 

 



الحكومة السودانية فى اضعف احوالها : فشلت عسكريا امام الجبهة الثورية .. ودبلوماسيا امام المجتمع الدولى .. وسياسيا امام الشعب السودانى .. فما هى خياراتها ؟؟ !!
هزيمة الحكومة فى الانتخابات  ستعجل بانقلاب قصر باسم القوات المسلحة .
ما هى خيارات المعارضة فى نداء السودان/ برلين ؟

(١) ثم ماذا بعد الانتخابات الفضيحة ؟!
لا تنتطح عنزتان بشان حقيقة بوار صناديق الانتخابات السودانية التى جرت فى ١٣ ابريل الجارى ، لذلك فان هدف مقالى ليس هو اثبات فشل الانتخابات ، وانما الهدف  منه هو استقراء الاحوال  والاوضاع السياسية والامنية فى السودان بعد هذا الفشل الذى شهد به اهل النظام قبل اعدائه ، واثر ذلك على مراكز الحكومة والمعارضة على السواء ، واستكناه اوضاع الحرب والسلام فى السودان ، ومستقبل مشروع عميلة التحول الديمقراطى فى السودان .

(٢)  الحكومة السودانية فى اضعف احوالها :
الارضية التى انطلق منها للتحليل هى ان حكومة الخرطوم هى فى اضعف احوالها :
* فشلت عسكريا ، فى حروبها ضد الجبهة الثورية ، ان كذبة الامير بلقاء ، فقد ملات الحكومة السودانية الدنيا ضجيجا بوعيدها باستئصال التمرد ، فى اطار ما اسمته عاصفة الصيف الحاسم ، وقد خاب فألها ، بعد ان تجرعت الهزيمة النكراء على ايدى اشاوس الجبهة الثورية .
* فشلت الحكومة السودانية دبلوماسيا امام المجتمع الدولى ، والاتحاد الافريقى ، فقد استطاع تحالف نداء السودان / برلين ،  ان يبرهن للعالم عدم جدية الحكومة فى التفاوض فى اديس ابابا فى اطار القرار الاممى ٢٠٤٦ ، والقرار الافريقى ٤٥٦ ، وقد نجح تحالف تحالف نداء السودان / برلين فى تعرية الحكومة ديبلومسيا فى كل المحافل الدولية والاقليمية عند حضوره الى اديس ابابا فى نهاية مارس الماضى ، للمشاركة فى المؤتمر التحضيرى الذى سجلت فيه الحكومة غيابا، ونالت سخط. المجتمع الدولى والاقليمى .
* فشلت حكومة الخرطوم ، سياسيا ، امام الشعب السودانى ، حيث قدم الشعب السودانى (اجماعا سكوتيا) بلسان فصيح انه يرفض عمر البشير ، ومشروعه الفاشل ، الذى لم يثمر غير الفاسدين ، ( بثمارهم تعرفونهم ) كما قال السيد المسيح .
 
(٣)  ما هى خيارات الحكومة السودانية مكسورة الجناح بعد فشل مهزلة الانتخابات ؟ البشير عبئ ثقيل!!

الهزيمة ستفكك النظام من الداخل ، وسوف تعجل بانقلاب قصر :

الغداء الاستباقى :
معلوم ان هزيمة النظام ، عسكريا ، وديبلوماسيا ، وسياسيا ، هذه الهزيمة لها ثمن ، وكلفتها ( رؤوس) تتطاير . لن يعترف البشير بمسؤوليته الشخصية عن الفشل الشامل الذى اصاب نظامه ، وانما سيبحث عن ضحايا يحملهم المسؤولية ، لذلك ، سيتغدى البشير بالمجموعة الامنية قبل ان تتعشي به ، وذلك من خلال قبوله بتوريث النظام لمشروع التحول الديمقراطى عبر الحوار الوطنى الشامل من اجل ايجاد مخرج شخصى له ، وسوف اتناول / بحول الله / فى الفقرة الاخيرة من هذا المقال الاسباب التى تجعل البشير يعجل بعملية الحوار الوطنى ، والفوائد الشخصية التى ستعود اليه .

العشاء الاخير :

وفى الجانب الاخر ، فان هناك قناعة قديمة داخل المؤتمر الوطنى ، بان عمر البشير صار عبئا ثقيلا على الدولة السودانية ، وعلى مشروع الانقاذ ، وان مصلحة العصابة الطفيلية الحاكمة تقتضى ( التضحية به) !! ولم لا ؟ او لم تقتض من قبل هذه المصلحة التضحية بالترابي وشيوخ المؤتمر الشعبي ؟؟ وقد تكرست هذه القناعة بعد المقاطعة الشعبية للانتخابات .
ان الكرسي هو من يفرق الاسلاميين ، ان وراثة النظام ستطرح نفسها من جديد بشكل اكثر الحاحا ، والمسالة باختصار هى ان المجموعة الامنية ( بكرى ، عبدالرحيم ، محمد عطا) ، تعادى بشكل صريح الحوار الوطنى الشامل ، لان الحوار سيجلب السلام ، والعصابة الامنية المذكورة تعيش على الحرب، الحرب بالنسبة لها بزنيس / تجارة ، ونهاية الحرب تعنى نهاية  مصالح هذه المجموعة الامنية .
المجموعة الامنية تدرك  ان مخرجات الحوار ستؤدى الى فصل الحزب (المؤتمر الوطنى ) عن الدولة ، و الى حكومة انتقالية ، وانهاء القبضة الامنية ، فقد كشفت الانتخابات الاخيرة ان الشعب السودانى قد كره نظام الانقاذ كراهية التحريم ، مما يعنى ، حتى فى نظر المؤتمر الوطنى ان النظام قد استهلك مشروعه الاسلاموى الفاسد ، واستهلك قياداته المكنكشة وعلى راسها البشير نفسه الذى اصبح وجوده بنظامه الحالى يهدد وجود الدولة السودانية بتركيبتها الحالية المستمرة منذ الاستقلال مما يهدد مصالح الطبقة الطفيلية الحاكمة ، لذلك :
فان التحليل يقول ان الطفيلية الحاكمة ستضحى بالبشير ، و عصابته ، بانقلاب قصر من بطانته ، او من الحلقة الامنية بالجيش والامن ، مهمته ضمان استمرار مصالح الطفيلية ، و تحميل البشير وحده مسؤولية الابادة فى دارفور وجبال النوبة والانقسنا ، و مسؤولية فصل الجنوب ، ورفع شعارات المرحلة ، الحوار الوطنى الشامل ، السلام ، باختصار ، يقوم الانقلاب بالدور الذى كان مرسوما للمرحوم عمر سليمان ان يقوم به قبيل انتصار انتفاضة يناير فى مصر .
ان هذا الخيار( انقلاب القصر باسم القوات المسلحة ) ،  سيكون الاسوأ ، لانه سيمدد من عمر مشروع النخبة النيلية ككل ، صحيح انه سيعطى حكما ذاتيا للمنطقتين ، ولدارفور ، ولكنه ، سيؤخر مشروع التحول الديمقراطى ، وينتج نظاما عسكريا ، رماديا يشبه نظام مايو بعد ٢٢ يوليو حين تخلص من حلفائه الشيوعيين ، و فى احسن الظروف سينتج نظاما مواليا لمصر والسعودية ( بعد ان ثبت للمخابرات السعودية ان نظام البشير مازال مواليا لايران ) ، ليؤهل نفسه للمشاركة فى الدفاع العربى المشترك ، ويضمن قبول الوسط الاقيمى له / الجامعة العربية ، الاتحاد الافريقى ، وليقدم شعارات مضللة باسم القوات المسلحة المهمشة من قبل الدفاع الشعبى وقوات الدعم السريع ، وليرفع الانقلابيون شعار تحقيق السلام مع الحركات ، ونزع السلاح من جميع القبائل ، وجعله فقط بيد الجيش القومى ... الخ الحجج التى سيطرحها الانقلابيون الجدد  لخدعة الشارع السودانى الخائف من عواقب التغيير  بانتفاضة محمية ،  بعد نكبات الربيع العربى فى مصر ، و ليبيا واليمن وسوريا التى هددت كيانات الدول، باختصار ان انقلابا كهذا فى احسن الفروض سيعيد انتاج النظم العسكرية الثلاثة / عبود / النميرى / البشير، وهى النظم التى كرست حالة الانسداد القائم الان .

(٣) ما مصير نداء السودان وبرلين ، ومشروع الحوار الوطنى الشامل ؟!

*  القراءة تقول بان آلية ثامنبيكى الافريقية سوف تتحرك فور بداية ولاية البشير الجديدة  ، سواء من تلقاء نفسها ( لان ملف السودان يشكل بالنسبة لها اكل عيش ) ،  او بايحاء من الاتحاد الاوروبى والترويكا الثلاثية ( النرويج ، بريطانيا ، وامريكا ) ، بغرض تحريك فكرة الحوار الوطنى الشامل ، بشراكة اكثر فاعلية من الاتحاد الاوروبي والترويكا ، باعتبارهم مسهلين ، وشركاء ( اسوة باوضاعهم فى نيفاشا ) ، خاصة وانهم من سيقوم بتدبير تمويل فاتورة الحوار، وترتيب اعفاء السودان من الديون ...الخ .  الحوارالوطنى الشامل هو المخرج الآمن للمعارضة بجناحيها ، كما سنبين لاحقا ، ولعمر البشير شخصيا .
ليس لمجموعة نداء السودان / برلين ما تخسره من قبول الحوار الوطنى ، فالحوار لن يعطل ( بديل الانتفاضة ) ، لان الانتفاضة يقررها وينفذها الشعب السودانى ، والانتفاضة حتى ان لم تنجح فانها ستعزز من مركز نداء السودان لانها تؤكد للحكومة ان للمعارضة خيارات اخرى غير الحوار.
الجهة الوحيدة التى لا يعجبها الحوارالوطنى هى المجموعة الامنية ( بكرى /عبدالرحيم /محمد عطا) ،لان الحوار سيجعل مشروع التحول الديمقراطى هو الوارث لنظام عمر البشير.
 
** هنالك حالة انسداد تام لدى المعارضة الحزبية ، ولدى الحكومة بكل احزابها الموالية ، فقد افلس المشروع الاسلامو/ عروبى ، ( المشروع الناصرى ، والبعثى بشقيه العراقى والسورى ، ومشروع حسن البنا فى مصر والسودان وعلى امتداد المغرب العربى من ليبيا حتى المغرب ) ، كما اهتزت ارضية اليسارالسودانى بسقوط الاتحاد السوفيتى العظيم ، وغياب حلفائه فى الساحة السياسية السودانية / الجمهوريين / جون غرنق . الساحة السياسية السودانية بحاجة الى لملمة اطراف ، وتغيير وجوه ، بذهاب جيل اكتوبر للمعاش الاختيارى ( امد الله فى اعمارهم ، وجزاهم الله خيرا ، الحقيقة ان حملة ارحل تشملهم ايضا ) ، وافساح المجال لجيل جديد قادر على صياغة مشروع وطنى جديد ، يعالج قضايا ( ما بعد الاستعمار ) ، و ( قضايا ما بعد فشل الربيع العربى / الاسلامى / الاخوانى ) ، بعيدا عن الدين والعرق ، يستند الى ( مرجعية المواطنة ) ، الحوار الوطنى الشامل هو انسب مناسبة ومظلة يمكن من خلالها وضع لبنات هذا المشروع الوطنى من خلال الاتفاق على المباديء الاساسية للدستور ، وقواعد الحكم الرشيد ، الواضح ان الاسلاميين هم الاحوج الى هذه العملية الجراحية ، ( تغيير البرنامج والوجوه .. وتقديم مراجعات حقيقية  ، ولملمة الاطراف) ،  وينطبق ذلك على حزب الامة ، وعلى الاتحاديين . لقد قال الشعب السودانى كلمته فى البشير ومؤتمره الوطنى المزعوم ، ولكن هذا لا يعنى ان الشعب السودانى ليس له راى سلبي  فى المعارضة بجناحيها الحزبى والعسكرى . ان الشعب السودانى يريد ( التغيير الى الاحسن ) ، ولا يريد التغيير البائس الذى صاحب انتفاضة ابريل عام ١٩٨٥، حيث فشل البديل فى ازالة آثار مايو والغاء قوانين سبتمبر ، وايقاف الحرب فى الجنوب.

*** بالنسبة للمقاومة المسلحة فى الهامش السودانى فان لديها اشكاليات وامامها تحديات :
 
+ انها تقاتل فى ارضها ، وسط حاضنتها ،والحرب تعنى ايقاف التنمية والخدمات من تعليم وصحة كهرباء ...الخ، ولديها مشاكل آثار الحرب من نزوح ولجوء ، فاضرار الحرب تقع على اهليهم ، مما يشكل ضغوطا على المقاومة .
++ افرزت الحرب مشاكل نزوح مستمر ، وقد رفضت الحكومة توصيل الاغاثة للنازحين خاصة فى جبال النوبة .
+++ القاتل والمقتول الان فى حروب الهامش هم المهمشون ، فقد ظلت الحكومة
+++ تمارس سياسة فرق تسد ، وتضرب الثور الاسود بالثور الابيض . الحل هو ان
+++ يتحد ابناء وبنات القبائل العربية والزرقة فى كردفان ودارفور ، ( سلما
+++ او حربا ) ، على رفض سياسة فرق تسد التى يمارسها عليهم المركز، المطلوب
+++ اشراك الهامش بشقيه ( زرقة وعرب ) فى الحوار الوطنى الشامل ، حتى لا
+++ تحصل عملية تبادل ادوار فى المستقبل ، واعنى تحديدا حتى لا تحمل
+++ القبائل العربية فى كردفان ودارفورالسلاح مستقبلا ، وهى مرشحة لذلك . ،
++++ اشكالية المعارضة المسلحة ، على الاقل من منظور المجتمع الدولى ، واحزاب المركز ، انها فى افضل الاحوال يمكن ان يكون لها دور حاسم فى التغيير ، ولكنها ليست البديل الجاهز لحالة التكلس الكائنة فى المركز (على  السواء ، فى الحكومة الاسلامية والمعارضة الحزبية ) ، فالبديل الذى يريده الشعب السودانى هو بديل ديمقراطى ، وليس عسكرى . فالمعارضة المسلحة / الجبهة الثورية بحاجة الى فترة انتقالية بعد وقف اطلاق النار لتتحول الى احزاب سياسية ، ومن خلال برنامج التحول الديمقراطية خلال الفترة الانتقالية (حسب  البيان التفصيلى الوارد فى ميثاق الفجر الجديد ) ، ومن خلال مشاركتها فى السلطة خلال الفترة الانتقالية ومن خلال برامج التاهيل ورفع القدرات المشار اليها فى ورقة مركز السلام الامريكى / اغسطس ٢٠١٣ ، تستطيع ان تتحول الى كيانات مدنية ، وركائز فى عملية التحول الديمقراطى على المستوى القومى والاقليمى .

(٤) لماذا سيعجل عمر البشير بالحوار الوطنى ، وما هى الفوائد الشخصية التى ستعود عليه ؟

١- البشير يدرك تماما المهددات الداخلية لنظامه ، اكثر من ذلك فانه يدرك ان المهددات الداخلية اكبر بكثير من المهددات الخارجية ، على قاعدة ( ان اعدى اعدائك نفسك التى بين جنبيك ) ، باختصار ، بتعجيل الحوار الوطنى فان البشير سيسحب البساط من تحت اقدام الذين يسعون لوراثته من الداخل ، ويخشون ان يبيعهم البشير كما باع من قبل الترابى ، ثم على عثمان ونافع .الاشكالية هى ان الحوار الوطنى هو الحل لكل الاطراف التى تتصارع على السلطة  داخل النظام ، من يبادر بطرحه ، هو الذى سينجح  فى كسب ثقة الشارع السودانى ، و يكسب المعارضة بجناحيها المتحالفة فى نداء السودان / برلين .
٢- الحوار الوطنى سيحل مشاكل البشير مع المجتمع الدولى ، خاصة بشان ملف المحكمة الجنائية ، ( يلزم التنويه الى انه ليس بمقدور احد الغاء التهم الجنائية القضائية الصادرة ضد البشير من المحكمة الجنائية ، لكن يمكن لمجلس الامن التاجيل من عام لعام )، فقد دخل البشير حالة اشبه بكسر العظام عندما اغلق المجتمع الدولى عليه طرق الوصول الى باندونق ، للمشاركة فى مؤتمر عدم الانحياز ، ( لقد اعطاه المجتمع الدولى العين الحمراء)  بعد رفضه المشاركة فى الاجتماع التمهيدى فى اديس ابابا فى نهاية مارس الماضى ، لوضع ترتيبات الحوار الوطنى بالتشاور مع الجبهة الثورية وحزب الامة قبل اجراء الانتخابات ، الامر الذى كان قد يؤدى الى تاجيل الانتخابات .
٣- الحوار الوطنى سيغطى عورة البشير ، بعد الهزيمة العسكرية والسياسية الناتجة عن مقاطعة الشعب السودانى للانتخابات .
٤- الحوار الوطنى سيحسن صورة البشير فى تحالف الحزم / الامل ، فهو بشكله الحالى وتاريخه البائس ليس مقبولا لانه مصنف على شاكلة القذافى والاسد ( الرئيس القاتل لشعبه) ، فالحوار الوطنى يمكن البشير من مطالبة الدول الخليجية الغنية بالمساهمة فى اعادة بناء السودان بعد انتهاء الحرب ، ولو  بالاستثمار فى السودان ، بعد تحقيق السلام الشامل الذى كان يعيق الاستثمار .

 اخلص من كل ما تقدم الى ان الحوار الوطنى هو الحل لعمر البشير شخصيا ، وهو الحل للمعارضة ايضا ، وهو مطلب المجتمع الدولى ، والاقليمى ، وفوق ذلك ، الحوار الوطنى هو الحل الآمن لدى المواطن العادى الذى يخشي عواقب التغيير ، السلمى بالانتفاضة كما جرى  فى مصر ، او بالحرب كما جرى ويجرى فى ليبيا واليمن وسوريا .

ابوبكر القاضى
كاردف / ويلز
٢٥ / ابريل ٢٠١٥
 .

aboubakrelgadi@hotmail.com
//////////

 

آراء