ثورة أكتوبر الاشتراكية : التجربة والدروس
نص الخطاب الذي قدمه الأستاذ تاج السر عثمان بابو عضو المكتب السياسي في الاحتفال الذي أقامه المركز العام للحزب الشيوعي السوداني بمناسبة الذكري المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية والذكري 53 لثورة أكتوبر السودانية، بتاريخ 25 أكتوبر 2017.
تحدث الأستاذ تاج السر عثمان بابو عن : ثورة أكتوبر الاشتراكية : التجربة والدروس وفيما يلي نص الخطاب:-
التحية لكم في هذا الاحتفال بمناسبة :
الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الروسية 1917.
الذكري 53 لثورة أكتوبر السودانية 1964 .
حسب البرنامج سوف أتحدث عن ثورة أكتوبر الاشتراكية ، كما هو معلوم تحتفل كل البشرية التقدمية والأحزاب الشيوعية والعمالية والاشتراكية بالذكرى المئوية للثورة الروسية. والهدف من الاحتفالات استخلاص الدروس والعبر ، والوصول الي جذور وأسباب انهيار التجربة، بهدف بناء نظام اشتراكي أكثر ديمقراطية وعدالة اجتماعية في القرن الحادي والعشرين.
سوف أتحدث في ثلاثة محاور :-
الأول : ثورة أكتوبر وأسباب انفجارها وعوامل نجاحها.
الثاني : منجزات الثورة الروسية.
الثالث : دروس التجربة الاشتراكية.
أولا: ثورة أكتوبر وأسباب انفجارها وعوامل نجاحها.
كانت ثورة أكتوبر من أهم أحداث القرن العشرين ، مثل الثورة الفرنسية التي كانت من أهم أحداث القرن الثامن عشر، كما يقول ماركس : الثورات قاطرة التاريخ ، فقد كانت الثورتان الفرنسية والروسية من أهم معالم التحول في التاريخ الإنساني.
في الثورة الفرنسية كانت الشعارات : حقوق الإنسان - الإخاء – المساواة.
في الثورة الروسية كانت الشعارات : السلام – الحرية – الخبز.
وهى شعارات مازالت حية رغم هزيمة الثورة الفرنسية وعودة الملكية، وعودة الرأسمالية البشعة التي أفقرت الشعب الروسي ونهبت ثرواته وهربتها للخارج.
معلوم أنه سبق ثورة 1917 ثورات استفاد البلاشفة من تجاربها مثل: الثورة الفرنسية 1789 ، ثورات 1848 العمالية ي اوربا ، كومونة باريس 1871 في فرنسا ، ثورة تحرير الرقيق في روسيا 1861 ، ثورة 1905 في روسيا التي وصفها لينين بأنها كانت " البروفه" لثورة 1917 .
كانت الثورة نتيجة لتراكم كمي للمقاومة ضد النظام القيصري المستبد منذ ثورة تحرير الرقيق " الأقنان" 1861 ، وثورة 1905 ، واضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين والمسيرات المظاهرات السلمية التي تم قمعها بوحشية مثل : أحداث " الأحد الدامي" ، وثورة فبراير 1917 التي أنهت الحكم القيصرى ، وتم تكوين الحكومة البورجوازية المؤقتة حتى ثورة أكتوبر 1917.
توفرت ظروف موضوعية لاندلاع الثورة يمكن تلخيصها في الآتي:-
• الظروف القاسية بسبب الحرب العالمية الأولي التي مضى عليها ثلاث سنوات.
• جنّد النظام القيصرى 15 مليون روسي في الحرب مما أدى لنقص الأيدي العاملة في الزراعة ونقص الحبوب والمجاعة.
• ديون روسيا الخارجية التي بلغت 13,5 مليار روبل ، منها 8 مليار روبل لبريطانيا وفرنسا وأمريكا.
• الاعتماد على رأس المال الأجنبي أدى لفقدان روسيا سيادتها الوطنية.
• الملايين من الروس ماتوا في الحرب.
• انهارت الصناعة والزراعة وقطاع النقل.
• مصادرة الحريات الديمقراطية.
• كان الرأسماليون وتجار الحروب يجنون أرباحا طائله من الحرب ، وليس لهم مصلحه في وقفها .
تلك هى الظروف الموضوعية التي أدت لنشوب الثورة باعتبارها كانت المخرج الوحيد.
• كما توفرت ظروف ذاتية تمثلت في : الدرجة العاليه من التنظيم في المصانع والمكاتب والحقول والثكنات العسكرية وفي المؤسسات التعليمية، التى لعب فيها البلاشفه دورا كبيرا ، والتنظيمات القاعدية للمقاومة والتي تم تتويجها بتكوين سوفيتات العمال والفلاحين والجنود، إضافة لاستمرار إضرابات العمال و انتفاضات الفلاحين والجنود ، ونزولهم للشارع في الإضراب العام ، حتى تم تتويج ذلك بالإطاحة بالنظام القيصرى في ثورة 27 فبراير 1917 ، تحت شعار الثورة الذي لخصه لينين في : السلام – الخبز – الحرية.
• استولت البورجوازية علي السلطة وشكلت الحكومة المؤقتة..
• فشلت الحكومة المؤقتة في وقف الحرب ، ولم تلب مطالب الشعب ، واستمرت المجاعة وموت الالاف في الحرب والخراب الاقتصادي.
• كتب لينين " موضوعات نيسان – أبريل" التي طرح فيها تحويل الثورة الديمقراطية الي ثورة اشتراكية ، ومواصلة النضال ضد الحكومة المؤقتة البورجوازية واسقاطها بسبب عجزها وفشلها ، ونقل كل السلطة لمجالس السوفيتات ، وتغيير إسم الحزب من الاشتراكي الديمقراطي الي "الشيوعي". واعتمدت اللجنة المركزية هذا الخط بعد مناقشة واسعة.
• كان خط البلاشفة حتى يوليو 1917 هو مواصلة النضال السلمي الجماهيري وكسب الأغلبية ديمقراطيا في السوفيتات ونقل السلطة لها، ولكن بعد القمع الوحشي للمسيرات السلمية في يوليو 1917 والقمع الوحشي للبلاشفة الذين كانوا منحازين للجماهير وفي قلبها ، مما اكسبهم تأييدها ،وأدي لاكتساح البلاشفة السوفيتات في 31 أغسطس 1917.
• بعد اشتداد القمع الوحشي تحول البلاشفه الي الانتفاضة المسلحة.
• في سبتمبر وأكتوبر شارك أكثر من مليون عامل في الإضراب العام بجميع أنحاء روسيا، وسيطر العمال علي الإنتاج والتوزيع.
• في 10 أكتوبر 1917 صوتت غالبية اللجنة المركزية للبلاشفه للانتفاضة المسلحة.
• في 16 أكتوبر 1917 تم إنشاء اللجنة العسكرية الثورية للانتفاضة ، وتم وضع الخطة المحكمه لنجاح الانتفاضة.
• في 25 أكتوبر 1917 بالتقويم الروسي القديم السائد يومئذ " الموافق 7 نوفمبر1917" ، تمكنت قوات البلاشفة من الاستيلاء علي السلطة.
• بالاستيلاء علي السلطة تم تأميم البنوك والصناعات الكبيرة ، وتحقيق شعار الأرض للفلاحين بمصادرة الملكيات الكبيرة لأغنياء المزارعين " الكولاك" ، ووقف الحرب.
• نجحت الثورة بعد أن توفرت الشروط التي حددها لينين في مقاله " الماركسية والانتفاضة" الذي اعتبر الانتفاضة فنا، واعتمادها علي طبقة العمال والفلاحين والجنود ، ووصول التناقضات داخل الطبقة الحاكمة الي قمتها. وعجز الطبقة الحاكمة عن قمع الانتفاضة ، وواكب ذلك نهوض جماهيري وجيش ثوري دافع عن الانتفاضة حتي النهاية ، ووجود القيادة الثورية التي حددت البديل للنظام القائم. والاستيلاء علي السلطة في الوقت المناسب والدقيق حسب عبارة لينين " أمس مبكر غدا متأخر ، بل اليوم".
• تلك هى القواعد التي أكدتها تجربة ثورة أكتوبر السودانية في 1964.
• الثورة الروسية كانت ملحمة جماهيرية حقا ، عكسها الصحفي الأمريكي بشكل رائع في مؤلفه " عشرة أيام هزت العالم".
• كل ما سبق لا ينفصل عن النضال السياسي والنظري الذي خاضه البلاشفة ضد التيارات اليمينية التي دافعت عن التطور الرأسمالي باعتباره أسبقية ، تجلى ذلك في مؤلفات لينين مثل:-
• تطور الرأسمالية في روسيا 1899 الذي توصل فيه لينين الي أن روسيا دخلت مرحلة التطور الرأسمالي وتفككت المشاعية وبرزت زراعة المحاصيل النقدية، وتطورت ونشأت الصناعات وبرزت طبقة عاملة، وغير ذلك من السمات والخصائص التي ميزت التطور الرأسمالي في روسيا.
• مؤلف لينين “ ما العمل ؟” 1901 ، الذي أوضح فيه لينين طبيعة الحزب من النوع الجديد الذي يقوم علي مبدأ المركزية الديمقراطية التي تقوم علي الحرية الواسعة في النقاش مع الالتزام برأي الأغلبية ، وشروط العضوية التي تستند على قبول البرنامج والدستور وتسديد الاشتراكات والعمل في إحدى الهيئات، وطبيعة الحزب الطبقية الذي يستند علي الطبقة العاملة، إضافة لاستناد الحزب علي النظرية الماركسية ، باعتبار لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية، والصراع ضد تيارات “ العفوية” و “ الاقتصاديوية” التي تحبس نضال الطبقة العاملة في النضال الاقتصادي فقط ، بدلا من النضال السياسي لتحرير المجتمع بأسره من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والاثني والديني والقومي.الخ.
• مؤلف لينين “ المادية والمذهب النقدي التجريبي 1908 ” الذي تصدي فيه لينين للهجوم علي الماركسية ومنهجها الديالكتيكي المادي بعد القمع الوحشي الذي تعرض له البلاشفة بعد هزيمة ثورة 1905 ، والتطورات الجديدة في العلوم الطبيعية بعد اكتشاف الالكترونات ومكونات الذرة الأخرى، واكتشاف النظرية النسبية ، وتوصل بعض الفلاسفة والعلماء مثل : ماخ، الخ إلي تلاشى المادة، دافع لينين عن الديالكتيك المادي ،وقدم مفهوما أوسع للمادة بأنها الواقع الموضوعي المستقل عنا، وأن أشكال المادة تتنوع، وإن ما تلاشى هو المفهوم القديم للمادة، وأوضح أن الحقيقة المطلقة هي المجموع اللانهائي للحقائق النسبية، وأنه لا يمكن الفصل بين المادة والحركة والمكان والزمان، وكانت مساهمة لينين تطويرا للمادية الفلسفية في ظروف الاكتشافات العلمية الجديدة.
• ساهم لينين في دراسة ظاهرة الامبريالية أو المرحلة الجديدة من الرأسمالية في مؤلفه “ الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية 1916” والذي درس فيه المتغيرات في الرأسمالية ، وتصدير الأموال للخارج، والصراع بين الدول الرأسمالية لاقتسام ونهب موارد بلدان المستعمرات والحروب كشرط ملازم للمرحلة الجديدة من الرأسمالية.
• ساهم لينين في تطوير التكتيكات استنادا للتحليل الملموس للواقع الملموس، وأشار إلي أن النظرية رمادية والواقع أخضر ، وأن الماركسية ليست عقيدة جامدة بل منهج للعمل، كما أو ضح في مؤلفات : “ تكتيكان للاشتراكية الديمقراطية.الخ”، “ موضوعات نيسان” ، “ مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية”. الخ.
• كما أشار إلي أنه لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية ، وأن دراسة الماركسية تعني دراسة الثقافة الإنسانية ، ودراسة واقع وخصائص وسمات كل بلد.
لاشك أن الصراع في كل الجبهات السياسية والاقتصادية والنظرية أسهم في وضوح خط البلاشفة السياسي والفكري ، وكان له الأثر الحاسم في نجاحهم في الوصول للسلطة.
ثانيا : ماهي منجزات ثورة أكتوبر؟
كانت ثورة أكتوبر متسقة مع شعاراتها ، وعدت وأنجزت الآتي:-
• أنهت ويلات ومآسي الحرب العالمية الأولي بتوقيع معاهدة صلح “ بريست - ليتوفسك” مع المانيا .
• وفرت إحتياجات الجماهير الكادحة الأساسية في التعليم والصحة والسكن والعمل ومحو الأمية ، وحماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وطورت الثقافة والفنون والموسيقي والرياضة.
• حررت شعوب روسيا من الاضطهاد القومي علي أساس المساواة وحق تقرير المصير بما في ذلك حق الانفصال وتكوين الدولة المستقلة في ظروف حرية الإرادة والديمقراطية، وحق كل قومية في تطوير لغتها وثقافتها الخاصة.
• ساهمت في تحرير شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وكشفت المعاهدات السرية مثل: معاهدة “ سايكس - بيكو” التي تم بموجبها تقسيم العالم العربي الي مناطق نفوذ وانتداب ، كما ساهمت في اندلاع ثورات المستعمرات في : الهند والصين ومصر وفيتنام والعراق وسوريا والسودان “ ثورة 1924”، والتي كانت تطالب بالاستقلال.
• نقلت روسيا من دولة متخلفة إلي دولة صناعية متقدمة ، وكانت أول دولة في العالم استخدمت الطاقة الذرية لأغراض سلمية ، وتمت “كهربة” روسيا حسب شعار لينين “ الشيوعية تعني كهربة روسيا”، وكانت أول دولة تطلق الصواريخ العابرة للقارات ، وأول من بدأ غزو الفضاء ، وكان نجاح القمر الصناعي الأول “ سبوتنك” حافزا لأمريكا للاهتمام بالبحث العلمي وتطوير نظامها التعليمي، كما طورت علوم الرياضيات والفيزياء.
• حفظت روسيا التوازن العالمي ، وغلت يد أمريكا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري “ مثال : العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 الذي قامت به بريطانيا وفرنسا واسرائيل.
ساهمت بفعالية في تحرير البشرية من البربرية النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب العالمية الثانية ، تحررت شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وقامت الثورات الاشتراكية في بلدان شرق اوربا ، والصين وفيتنام وكوبا وكوريا ، ونهضت حركة الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة وحققت مكاسب كثيرة بأثر الثورة الروسية مثل : الحق في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي.. الخ.
• أعطت المرأة حقوقها التي انتزعتها بنضالها الفعال في الثورة مثل: الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي ، وحق الترشيح والانتخاب ، وحق الطلاق .الخ.
• أكدت إمكانية التنمية المستقلة عن مسار الفلك الرأسمالي والسيادة الوطنية لأكثر من 74 عاما ، ونجحت خلال ثلاثين عاما في أن تصبح دولة صناعية متطورة.
ثالثا: دروس التجربة الروسية:-
عندما نتحدث عن أسباب تقويض التجربة الاشتراكية والارتداد للرأسمالية ، يمكن الإشارة إلي العوامل التالية-
1- عوامل موضوعية يمكن تلخيصها في الآتي :-
• التدخل الخارجي : في الفترة من 1918 حتى أواخر 1922 ، تدخلت قوات المانية ونمساوية ومجرية وأمريكية وايطالية ويابانية .الخ، والتي قدمت عونا مباشرا للقوى المعادية والحرس الأبيض لإسقاط النظام. ولكن صمدت روسيا في أحلك سنوات التدخل الخارجي ، إضافة للحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الرأسمالية علي روسيا.
• بالتالي ، فأن روسيا أنجزت مهمة التصنيع واللحاق بركب الدول الصناعية المتقدمة بتكلفة إنسانية باهظة ، وفي ظروف حصار وحرب أهلية. فضلا عن الحرب العالمية الثانية التي فقد فيها الاتحاد السوفيتي ملايين الشهداء من القوى الحية المنتجة ، وتدمير ثلثي المدن الروسية والمصانع، والجهد الكبير الذي بذله الاتحاد السوفيتي بعد الحرب لإعادة البناء والتعمير.
• فرض سباق التسلح الذي أنهك الاقتصاد السوفيتي، خاصة بعد إعلان أمريكا برنامج حرب النجوم ، إضافة للمساعدات العسكرية التي كان يقدمها لبلدان حلف وارسو وللدول الأخرى ، والمساعدات الاقتصادية والتعليمية والعلاجية لبلدان العالم الثالث التي كانت على حساب سلع الاستهلاك، والتكلفة الباهظة لتدخل الاتحاد السوفيتي في حرب افغانستان.
• من الأسباب أيضا ظروف روسيا التاريخية التي كانت متخلفة ، 70 % اميين، ووجود تقاليد عبادة القيصر والايقونات، وشهدت روسيا الثورة الصناعية بداية القرن العشرين.
2- أسباب ذاتية أو داخلية يمكن تلخيصها في الآتي: -
• محاولة القفز فوق المراحل في البداية ، بإعلان سياسة شيوعية الحرب التي أنهكت الفلاحين والشعب ، رغم منجزاتها في توفير مقومات الصمود بوضع كل العائدات في يد الدولة ، مما أدى للتراجع في النهاية وإعلان الدولة السياسة الاقتصادية الجديدة “ النيب” التي وفرت حافزا للمزارعين ، وأدت إلى تحسين الاقتصاد .
• تمّ إغلاق باب التعددية السياسية بمحاولة الاشتراكيين الثوريين لاغتيال لينين ، مما أدى لمأزق الحزب الواحد الذي كان يحذر منه لينين ويتخوف من تسلل البيروقراطية الضارة بمسيرة الحزب والثورة، وتحول المأزق الي تجربة. بالتالي غابت التعددية السياسية جراء فرض نظام شمولي بعد وفاة لينين ، تميز بالحزب الواحد ، وتم ربط المؤسسات التشريعية بالدولة والحزب والنقابات والاتحادات بالدولة، في حين كان لينين يشدد علي استقلال الحزب والنقابات والسوفيتات عن الدولة ، وكفالة حق الإضراب للعاملين، مما أدى لغياب الرقابه.
إضافة للصراعات داخل السلطة والحزب الحاكم وسيطرة حكم الأمن والمخابرات والذي أدى لفقدان وابعاد عدد كبير من الكوادر الشيوعية المخلصة، ونتج عن ذلك التفسخ والفساد في جهاز الدولة، وظهرت فئات رأسمالية فاسدة أثرت من ممتلكات الدولة، والتي لعبت دورا كبيرا فيما بعد في تفكيك وانهبار النظام السوفيتي ونهب ثرواته وتهريبها خارج البلاد.
• السياسة الخاطئة تجاه الأديان ، بجعل الالحاد سياسة رسمية للدولة ، في حين أن ماركس وانجلز كانا يركزان على حرية العقيدة ، وأن الدولة للجميع غض النظر عن الدين أو المعتقدات السياسية أو الفلسفية، وأن المسائل التي تتعلق بحرية الضمير لاتحل بقرارات ، وانما تركها للتطور الطبيعي” راجع نقد برنامج غوتا - لماركس”.
• أخطاء ومشاكل اقتصادية مثل : تغليب الصناعة الثقيلة علي حساب سلع الاستهلاك ، وتباطؤ النمو ، والتحول للزراعة التعاونية بالقسر ، لا الاقناع كما كان يشير انجلز.
• كان ماركس وانجلز يتصوران أن الاشتراكية سوف تنطلق في بلدان متطورة تقنيا مثل : المانيا ، انجلترا.الخ، ولكن ذلك لم يتوفر في روسيا ، كما أن افتراض لينين بقيام الثورات الاشتراكية في المانيا وبقية البلدان المتطورة لم يتحقق ، بسبب فشل ثورة المانيا 1918 ، والمجر، .الخ.
كما أشار ماركس أن فترة الانتقال للمجتمع الشيوعي سوف تكون طويلة ، وأن الاشتراكية طور أدنى من الشيوعية يستمر فيها التفاوت والحق البورجوازي والصراع الطبقي، ويأخذ الانسان حسب عمله ، ولكن بدلا من الاعتبار لذلك كانت التوجهات الايديولوجية الخاطئة التي كانت تصور أن روسيا دخلت مرحلة الاشتراكية المتطورة، وأنها اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من الشيوعية.
التهجير القسرى للشعوب ، وتغليب النزعة القومية الروسية ، مما كان له الأثر في تفكيك الاتحاد السوفيتي.
هذا التراكم الكمي من الأخطاء والتي استغرقت سنوات طويلة، ولم يتم معالجتها جذريا وفي وقتها ، أدت في النهاية الي تحول نوعي في تفكيك الاتحاد السوفيتي ، وعودة الرأسمالية.
كان من نتائج عودة الرأسمالية نهب ثروات روسيا وتهريب أموالها للخارج ، علي سبيل المثال : يوجد 700 مليار دولار يملكها أغنياء روسيا في البنوك السويسرية ، و7 تريليون روبل مستثمرة في أمريكا، إضافة الي تدهور قيمة العملة “ الدولار يساوي 60 روبل” ، وتدهور مستويات المعيشة ، وفقدت البلاد سيادتها الوطنية حيث بلغت نسبة الاستثمار الأجنبي في القطاع الصناعي الروسي 55,8%، إضافة للفساد ومشاكل غسيل الأموال. الخ.
من آثار انهيار الاتحاد السوفيتي انفراد أمريكا وسعيها المحموم للسيطرة الاقتصادية والعسكرية علي العالم ، والنهب البشع لثروات البلدان المتخلفة والتابعة، والهجوم علي المكاسب التي حققها العاملون في بلدان العالم في : التعليم والصحة والضمان الاجتماعي وحماية الشيخوخة والطفولة، والتفاوت المتصاعد في توزيع الثروة ، اذ يبلغ ما يملكه 1 % من أغنياء العالم نصف ما يملكه سكان العالم. إضافة الي الحروب وتجارة البشر والمخدرات والجنس، وغير ذلك من الواقع البشع الذي يعيشه العالم الآن والتي تناضل الشعوب والأحزاب الشيوعية والعمالية والاشتراكية والوطنية من أجل تغييره.
والسلام عليكم وشكرا.
alsirbabo@yahoo.co.uk