ثورة على (الزيرو) !!

 


 

 

 

 

 

نحن نكذب على أنفسنا في الإعتقاد بأن الشارع الذي أسقط الإنقاذ يستطيع تصحيح أي خروج على مسيرة الثورة خلال نصف نهار بزغرودة من ميدان السوق العربي.
هذا زعم غير صحيح، فالثورة، أي ثورة، إذا ما إنطفأ وهيجها، يلزم لإشعالها من جديد نفس الجهد (وربما الزمن) الذي لزم لقيامها، ففي كل يوم تخبو فيه شعلة الثورة، يجد الحكام الجدد الفرصة في الإستقواء عليها وترسيخ دعائم حكمهم وإملاء إرادتهم (عيني عينك) دون إعتبار لفوران الشارع.
هذا الزعم لا يحتاج لدليل، فالثورة التي إستطاعت بأقل جهد وهي في عنفوانها أن تطيح بالفريق "أبنعوف" ثم ألحقت به عدد من أعضاء المجلس العسكري في الأيام والأسابيع الأولى، لا تستطيع اليوم أن تطيح بوكيل وزارة، وها قد عاد الناشطين والحادبين على الثورة من جديد لوسيلة "الفيسبوك" و "الواتساب" بإتخاذهما منابر للتعبير بعد أن عجز الشارع عن إملاء إرادته على الحكومة في تشكيل المجلس التشريعي وإنشاء المحكمة الدستورية وتحقيق الأهداف الأخرى التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، وقد أخذت الريح كل أهداف الثورة معها (أنظر إلى النص الذي يقول بعدم جواز تولي شخصية حزبية لمنصب في الوزارة).
نعم، لقد عدنا من جديد، نشكو الحال بعضنا لبعض على هذه الوسائط، فترتفع الأصوات بالسخط من إستمرار سيطرة أعوان النظام على مفاصل الدولة، ويرد عليها مجلس الوزراء بتعيين" منيس" سفيراً للثورة بفرنسا وهو الذي كان صاحب الصوت الأعلى في الدفاع عن جرائم البشير عندما كان ممثلاً لنظامه بالأمم المتحدة، وهكذا كلما جأر ضحايا نظام الإنقاذ من المفصولين بسبب عدم تنفيذ نص الوثيقة الذي يقضي بإعادتهم للعمل، تزداد حكومة الثورة في تمسكها بمن أخلصوا في خدمة الإنقاذ وخنعوا وإستكانوا للحفاظ على مناصبهم بالشرطة والقضاء والنيابة والخارجية... إلخ، لا وإيه، تعهد حكومة الثورة الى هؤلاء سلطة التقرير في مصير المفصولين.
نعم، خبأت شعلة الثورة بما إنتهى بالشارع لأن يتوسل اليوم للأستاذ نبيل أديب بأن يراعي خاطره بوضع نهاية لتحقيقاته التي إنتصف عامها الثاني حول جريمة العصر، كما فوّض الشارع أمره وإستعوض الله فيما كان يأمل فيه حول العدالة الإنتقالية وإنصرف عن المطالبة بإقالة من كانوا سبباً في قعودها، وأضحى غاية ما يعزي به الشعب نفسه الدعاء على مجرمي بيوت الأشباح كلما عرضت حلقة من البرنامج المخصص لذلك لمن وقع عليهم التعذيب على شاشة التلفزيون.
تلزمنا ثورة على (الزيرو)، فقد فات الوقت المتاح لإجراء التصحيح.

 

آراء