جماعات الأرزقية والطفيلية
فيصل بسمة
15 August, 2022
15 August, 2022
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
جماعات الأرزقية و الطفيلية ”ظواهر“ منتشرة و متفشية في كل المجتمعات الإنسانية حول العالم و بلاد السودان ليست إستثنآءً ، و قد عمد الكثير من المحللين و الباحثين إلى وصفها بـ(الظواهر) ، و هي ليست كذلك ، فهي (حالة) من أحوال النفس الإنسانية ، و معلومٌ أن أمر الظواهر إلى زوال ، أما أحوال الأنفس فباقية لكن في غير ثبات ، فالأنفس تتقلب ، بحسب البيئات و المعطيات ، ما بين السلوك الإيجابي و السلبي و ما بينهما...
و قد صنف الله الخالق البديع سبحانه و تعالى النفس الإنسانية إلى ثلاث درجات رئيسية هي: المطمئنة و اللَّوَامَة و الأَمَّارَة بالسوء ، و الإعتقاد هو أن النفس الأخيرة هي التي تقود صاحبها إلى أنواع مختلفة من السلوك الإنساني السلبي الضآر مثل ممارسة الإرتزاق و التطفل...
و توجد في داخل كل إنسان أصناف عديدة من الأحوال السالبة تترواح في تقلباتها ما بين مراحل: السبات و الكمون و الرغبة في الظهور و العلن و ممارسة الشرور و الأعمال الإجرامية ، و الإنسان السوي السعيد هو من يوفقه الله سبحانه و تعالى في كبح جماح تلك الأحوال و يمنعها عن الظهور و ممارسة النشاط ، و لا يتأتى الكبح أو يكون المنع إلا لمن تربى على القيم و مكارم الأخلاق و التزم بها كمنهاج حياة و سلوك...
جماعات الأرزقية و الطفيلية ليست بالأقلية كما يعتقد أغلب الناس ، بل هم كثر و ربما أغلبية لكنها تتفاوت في درجات الإفصاح عن ذواتها و نشاطاتها ، و لهذا فإنه فلا يعرف منها إلا القليل من الأفراد من الذين أصبح فعلهم مكشوفاً في العلن و أضحى معلوماً لعامة الناس ، و هنالك جدل و نقاش حول مقدار نسبتهم في المجتمعات ، و هل هم يمثلون أقلية أم أكثرية؟ ، إلا أنه لا يوجد إختلاف حول التأثيرات السلبية الضآرة التي تسببها نشاطاتهم الفاسدة...
و قد إنتشرت و تغلغلت جماعات الأرزقية و الطفيلية في كل طبقات المجتمعات السودانية و كل مناحي و دروب و مسالك الحياة ، و هم متواجدون و ملازمون لكل مراحل حياة الإنسان ، فهم بعضٌ من: الأهل و الأقارب الذين يشاركوننا صلات الأرحام و الجينات الوراثية ، و الجيران الذين يقاسموننا السكن في الفريق و الحي ، و الأقران الذين شاركونا مراحل التعليم المختلفة ، الزملآء الذي يعملون معنا في أماكن العمل ، الرفاق الذين يسيرون معنا في دروب الحياة المختلفة ، و هم بعضٌ من المواطنين و المعارف الذين يزاحموننا في الطرقات و يمشون بيننا في الأسواق...
و تحتوي قوآئم جماعات الأرزقية و الطفيلية على فئات لا حصر لها من كل الأطياف ، و هم ممثلون في طوآئف: القوات النظامية و المليشيات المتمردة و المتعلمين و أشباه المتعلمين و المهنيين و العمال و محترفي السياسة و العمل النقابي و الدعاة و المدعين من السلفيين و الصوفيين و رجال الأعمال و الإدارات الأهلية و الإعلاميين و المثقفاتية و الأدبآء و المتأدبين و الشعرآء و الفنانين و الرياضيين...
و أوفر فئات الأرزقية و الطفيلية حظاً في الوضاعة و أعلاها مرتبةً في الإنحطاط السلوكي و الشرور و النشاط الإجرامي و أكثرها ضجيجاً هي فئة الساقط الحزبي و الفاقد التربوي و المجتمعي الذي وجد طريقه بسهولة إلى: السياسة و الإقتصاد و مناشط عديدة في المجتمع و وظآئف في مرافق و أجهزة الدولة المختلفة ، فقد تسللت شرآئح من هؤلآء ، و في غياب الوعي و المحاسبة ، إلى: التعليم و الخدمة المدنية و أجهزة السلطات السيادية و الأمنية و التنفيذية ، بل أنها قد تمكنت و تصدرت و أصبح لها باع و أتباع ، كما أضحى لها رأي و منصات و منابر و تجمعات و أحزاب لها صوت و صدى و صيت...
و المفردة (أرزقية) ذات علاقة بالرزق و الإرتزاق ، و معلومٌ أن الرزق هو كل ما ينتفع به ، أما الإرتزاق فهو إتخاذ الحرب و القتل كوسيلة للحصول على المال و المنفعة ، و بينما السعي في الرزق فعلٌ مرغوبٌ و محمودٌ فإن الإرتزاق نشاطٌ منبوذٌ و لا ترتضيه إلا نفسٌ أَمَّارةٌ بسوء ، و ما سميت جماعة الأرزقية بالأرزقية إلا لأنهم يرتزقون بطرق ملتوية فاسدة و غير مشروعة ، أما الوصف بالطفيلية فذلك لأن هذه الجماعات كما الطفيليات تتغذى خصماً على أجهزة المجتمع و رفاهية الأفراد ، بالإضافة إلى أنها تتسبب في العلل الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية العسيرة العلاج...
و لقد تعددت صفات هذه الجماعات و نعوتهم و تنوعت ، فإلى جانب صفة الأرزقية و الطفيلية فقد أُطلِقَت عليهم أسمآء و صفات و ألقاب مثل: الإنتهازيون و الوصوليون و المتسلقون و الأشعبيون و ماسحو الجوخ و ملمعو الأحذية و لاعقو المؤخرات و آكلو فتات الموآئد و المأجورون و أراذل القوم و تنابلة السلاطين و بطانة السوء و المطبلاتية و القوادون ، و قيل عنهم أنهم (شعب كل حكومة) و صفات و نعوت أخرى قبيحة كثيرة و متعددة تعجز الأقلام عن حصرها ، و يمنع الخلق السوي و الأدب الإنسان العادي عن ذكرها تأدباً و حيآءً...
و قد إتفقت جميع المعاني و الأسمآء و الصفات و النعوت على: أن هذه الفئة من خلق الله أشرار و غير أسويآء تقودهم و توجههم و تعمي بصآئرهم الأنانية و حب الذات و الطموحات الغير مشروعة ، و أن طموحاتهم لا تحدها حدود أو سقوفات ، و أن غاياتهم تبرر وسآئلهم ، و أن وسآئلهم إما أنها تخالف القانون و اللوآئح أو أنها تتحايل عليها و تستغل ثغراتها ، و أن تصرفاتهم و سلوكهم مفارق لكل ما هو معهود أو متفق عليه من المواثيق و الأعراف ، و أنهم يتحاشون التعامل مع الصدق و يفتقرون كثيراً إلى الحيآء ، و أنهم و من أجل الوصول إلى غاياتهم لا يمانعون من: إراقة مياه الوجوه و بيع الضمآئر و تجاهل القوانين و اللوآئح و القيم ، و نتيجة لهذا الخلق الشرير و المسلك الغير سوي فإنهم لا غرو يُفسَدُون و يُفسِدُون...
تمارس فئات و جماعات الأرزقية و الطفيلية الفاسدة ما تمارس من نشاطات دون أن تؤنبهم ضمآئر على أخطآء إرتكبوها أو تؤرق مضاجعهم مرجعيات أخلاقية على مسئوليات تخلوا عنها ، و لا تعني لديهم شيئاً مفردات مثل: المباديء و القيم و الأعراف و المواثيق و العهود و القوانين و اللوآئح و النظم و لا تحرك فيهم غيرة أو نخوة...
و لا يجد الأرزقية و الطفيليون ، أثنآء إنغماسهم في التقرب و التزلف و التمسح إلى أصحاب السلطة و النفوذ من أجل الحصول على المنافع الشخصية ، حرجاً في ممارسة سوءات: الكذب و النفاق و الخداع و التملق و التذلل و الوضاعة ، و هم لا يأبهون أو يكترثون لحقيقة أن سلوكهم الغير سوي و وسآئلهم الفسادة ينتج عنها أضرار و أذىَٰ يصيب آخرين...
و على الرغم من إمتلاك بعض من هذه الجماعات لملكات العقل و التمييز ، إلا أنه يبدوا أن هذه الملكات لا تكون فعالة و في أفضل أحوالها إلا حين توجه للعمل على غير الطرق المشروعة ، و الشاهد هو أن هذه الجماعات توظف كل ذكآءها و ملكاتها و إمكانياتها في طرق و أساليب التهرب و التحايل على القوانين و اللوآئح بغرض الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب...
و من لهفة هذه الجماعات على الوصول السريع إلى الغايات و الكسب الغير مشروع تجدهم يتعجلون النهايات بإختصار المراحل ، و يختارون من الطرق أقصرها و أفسدها ، و من أجل الوصول إلى غاياتهم فإنهم يلجأون إلى التقرب من أصحاب المناصب و النفوذ و الأثريآء و نجوم المجتمعات ، و يبرعون كثيراً في إستنباط وسآئل التقرب و التمسح بالبلاطات ، و هم ضيوف مقيمون في مجالس و صوالين و أندية ما يسمونهم ”علية القوم“ و طبقات ”السادة و الأشراف“ ، و يكون تقربهم أكثر نجاحاً و ثماراً مع طبقة الحكام الطغاة الفاسدين من سارقي أقوات الشعوب ، حيث يجد كل من الفريقين مبتغاه في إستغلال الآخر لتحقيق أغراضه و أهدافه الغير مشروعة/مقبولة...
و من أجل الوصول إلى المناصب أو الحصول على المكاسب و الإستثنآءات و الإمتيازات ، و هم من غير أهلها أو مستحقيها ، تجدهم يبرعون كثيراً في تقديم أنواع مختلفة و مختلقة من الخدمات ”الملتوية“ و ”الغير شريفة“ للراغبين من سادتهم و الحاشية و الأتباع ، و الغريب في الأمر أنه و إذا ما أشار الناس إلى أفعالهم الغير مشروعة و إنتهازيتهم تجدهم ينكرون و يستنكرون و يغضبون و يثورون كعامة الناس و كأن الأمر لا يعنيهم أو يخصهم من قريب أو من بعيد ، و يبدوا أن لذلك علاقة بسماجة خلقهم و ثقالة ظلهم...
الختام:
أنظر حولك تجدهم ، فقد تفشت حالة الأرزقية و الطفيلية في المجتمع حتى أضحت عادية...
إن ما سببته هذه الفئات و الجماعات من فساد و فوضى و عبث و دمار طال كل مناحي الحياة في بلاد السودان يفوق الوصف و الخيال...
إن ممارسات هذه الفئات و الجماعات لنشاطاتها ، دون رادع يردعها ، قد أفسدت على كل الشعوب السودانية معايشهم و معيشاتهم و أنغصت عليهم حياتهم ، و حالت بينهم و بين التمتع بحياة كريمة يتوفر فيها: القانون و الأمن و الإستقرار و فرص العمل و التوظيف...
إن مأساة بلاد السودان تكمن في غياب: الحكمة و المؤسسية و حكم القانون و (إحجام القادرين عن التمام) مما أدى إلى إنتشار و سيادة و طغيان هذه الفئات و الجماعات و إفرازاتهم من الفساد و الخراب و الدمار و بقية الإبتلآءات...
و يبدوا أن الحل لا يكون إلا في ثورة تغيير تتحاشى تكرار التجارب السابقة الغير موفقة من الحلول المؤقتة و المبادرات المتعجلة و التحالفات الفطيرة...
ثورة تغيير حقيقية شاملة و نصوحة تَجُبُّ ما قبلها...
ثورة لها مؤسساتها القانونية و العقابية التي تحاسب و تردع جميع المسيئين من: الأرزقية و الطفيلية و جميع الفاسدين المفسدين و الظالمين ، تعاقبهم بغلظة و من غير أن تأخذهم بهم رأفة...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
جماعات الأرزقية و الطفيلية ”ظواهر“ منتشرة و متفشية في كل المجتمعات الإنسانية حول العالم و بلاد السودان ليست إستثنآءً ، و قد عمد الكثير من المحللين و الباحثين إلى وصفها بـ(الظواهر) ، و هي ليست كذلك ، فهي (حالة) من أحوال النفس الإنسانية ، و معلومٌ أن أمر الظواهر إلى زوال ، أما أحوال الأنفس فباقية لكن في غير ثبات ، فالأنفس تتقلب ، بحسب البيئات و المعطيات ، ما بين السلوك الإيجابي و السلبي و ما بينهما...
و قد صنف الله الخالق البديع سبحانه و تعالى النفس الإنسانية إلى ثلاث درجات رئيسية هي: المطمئنة و اللَّوَامَة و الأَمَّارَة بالسوء ، و الإعتقاد هو أن النفس الأخيرة هي التي تقود صاحبها إلى أنواع مختلفة من السلوك الإنساني السلبي الضآر مثل ممارسة الإرتزاق و التطفل...
و توجد في داخل كل إنسان أصناف عديدة من الأحوال السالبة تترواح في تقلباتها ما بين مراحل: السبات و الكمون و الرغبة في الظهور و العلن و ممارسة الشرور و الأعمال الإجرامية ، و الإنسان السوي السعيد هو من يوفقه الله سبحانه و تعالى في كبح جماح تلك الأحوال و يمنعها عن الظهور و ممارسة النشاط ، و لا يتأتى الكبح أو يكون المنع إلا لمن تربى على القيم و مكارم الأخلاق و التزم بها كمنهاج حياة و سلوك...
جماعات الأرزقية و الطفيلية ليست بالأقلية كما يعتقد أغلب الناس ، بل هم كثر و ربما أغلبية لكنها تتفاوت في درجات الإفصاح عن ذواتها و نشاطاتها ، و لهذا فإنه فلا يعرف منها إلا القليل من الأفراد من الذين أصبح فعلهم مكشوفاً في العلن و أضحى معلوماً لعامة الناس ، و هنالك جدل و نقاش حول مقدار نسبتهم في المجتمعات ، و هل هم يمثلون أقلية أم أكثرية؟ ، إلا أنه لا يوجد إختلاف حول التأثيرات السلبية الضآرة التي تسببها نشاطاتهم الفاسدة...
و قد إنتشرت و تغلغلت جماعات الأرزقية و الطفيلية في كل طبقات المجتمعات السودانية و كل مناحي و دروب و مسالك الحياة ، و هم متواجدون و ملازمون لكل مراحل حياة الإنسان ، فهم بعضٌ من: الأهل و الأقارب الذين يشاركوننا صلات الأرحام و الجينات الوراثية ، و الجيران الذين يقاسموننا السكن في الفريق و الحي ، و الأقران الذين شاركونا مراحل التعليم المختلفة ، الزملآء الذي يعملون معنا في أماكن العمل ، الرفاق الذين يسيرون معنا في دروب الحياة المختلفة ، و هم بعضٌ من المواطنين و المعارف الذين يزاحموننا في الطرقات و يمشون بيننا في الأسواق...
و تحتوي قوآئم جماعات الأرزقية و الطفيلية على فئات لا حصر لها من كل الأطياف ، و هم ممثلون في طوآئف: القوات النظامية و المليشيات المتمردة و المتعلمين و أشباه المتعلمين و المهنيين و العمال و محترفي السياسة و العمل النقابي و الدعاة و المدعين من السلفيين و الصوفيين و رجال الأعمال و الإدارات الأهلية و الإعلاميين و المثقفاتية و الأدبآء و المتأدبين و الشعرآء و الفنانين و الرياضيين...
و أوفر فئات الأرزقية و الطفيلية حظاً في الوضاعة و أعلاها مرتبةً في الإنحطاط السلوكي و الشرور و النشاط الإجرامي و أكثرها ضجيجاً هي فئة الساقط الحزبي و الفاقد التربوي و المجتمعي الذي وجد طريقه بسهولة إلى: السياسة و الإقتصاد و مناشط عديدة في المجتمع و وظآئف في مرافق و أجهزة الدولة المختلفة ، فقد تسللت شرآئح من هؤلآء ، و في غياب الوعي و المحاسبة ، إلى: التعليم و الخدمة المدنية و أجهزة السلطات السيادية و الأمنية و التنفيذية ، بل أنها قد تمكنت و تصدرت و أصبح لها باع و أتباع ، كما أضحى لها رأي و منصات و منابر و تجمعات و أحزاب لها صوت و صدى و صيت...
و المفردة (أرزقية) ذات علاقة بالرزق و الإرتزاق ، و معلومٌ أن الرزق هو كل ما ينتفع به ، أما الإرتزاق فهو إتخاذ الحرب و القتل كوسيلة للحصول على المال و المنفعة ، و بينما السعي في الرزق فعلٌ مرغوبٌ و محمودٌ فإن الإرتزاق نشاطٌ منبوذٌ و لا ترتضيه إلا نفسٌ أَمَّارةٌ بسوء ، و ما سميت جماعة الأرزقية بالأرزقية إلا لأنهم يرتزقون بطرق ملتوية فاسدة و غير مشروعة ، أما الوصف بالطفيلية فذلك لأن هذه الجماعات كما الطفيليات تتغذى خصماً على أجهزة المجتمع و رفاهية الأفراد ، بالإضافة إلى أنها تتسبب في العلل الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية العسيرة العلاج...
و لقد تعددت صفات هذه الجماعات و نعوتهم و تنوعت ، فإلى جانب صفة الأرزقية و الطفيلية فقد أُطلِقَت عليهم أسمآء و صفات و ألقاب مثل: الإنتهازيون و الوصوليون و المتسلقون و الأشعبيون و ماسحو الجوخ و ملمعو الأحذية و لاعقو المؤخرات و آكلو فتات الموآئد و المأجورون و أراذل القوم و تنابلة السلاطين و بطانة السوء و المطبلاتية و القوادون ، و قيل عنهم أنهم (شعب كل حكومة) و صفات و نعوت أخرى قبيحة كثيرة و متعددة تعجز الأقلام عن حصرها ، و يمنع الخلق السوي و الأدب الإنسان العادي عن ذكرها تأدباً و حيآءً...
و قد إتفقت جميع المعاني و الأسمآء و الصفات و النعوت على: أن هذه الفئة من خلق الله أشرار و غير أسويآء تقودهم و توجههم و تعمي بصآئرهم الأنانية و حب الذات و الطموحات الغير مشروعة ، و أن طموحاتهم لا تحدها حدود أو سقوفات ، و أن غاياتهم تبرر وسآئلهم ، و أن وسآئلهم إما أنها تخالف القانون و اللوآئح أو أنها تتحايل عليها و تستغل ثغراتها ، و أن تصرفاتهم و سلوكهم مفارق لكل ما هو معهود أو متفق عليه من المواثيق و الأعراف ، و أنهم يتحاشون التعامل مع الصدق و يفتقرون كثيراً إلى الحيآء ، و أنهم و من أجل الوصول إلى غاياتهم لا يمانعون من: إراقة مياه الوجوه و بيع الضمآئر و تجاهل القوانين و اللوآئح و القيم ، و نتيجة لهذا الخلق الشرير و المسلك الغير سوي فإنهم لا غرو يُفسَدُون و يُفسِدُون...
تمارس فئات و جماعات الأرزقية و الطفيلية الفاسدة ما تمارس من نشاطات دون أن تؤنبهم ضمآئر على أخطآء إرتكبوها أو تؤرق مضاجعهم مرجعيات أخلاقية على مسئوليات تخلوا عنها ، و لا تعني لديهم شيئاً مفردات مثل: المباديء و القيم و الأعراف و المواثيق و العهود و القوانين و اللوآئح و النظم و لا تحرك فيهم غيرة أو نخوة...
و لا يجد الأرزقية و الطفيليون ، أثنآء إنغماسهم في التقرب و التزلف و التمسح إلى أصحاب السلطة و النفوذ من أجل الحصول على المنافع الشخصية ، حرجاً في ممارسة سوءات: الكذب و النفاق و الخداع و التملق و التذلل و الوضاعة ، و هم لا يأبهون أو يكترثون لحقيقة أن سلوكهم الغير سوي و وسآئلهم الفسادة ينتج عنها أضرار و أذىَٰ يصيب آخرين...
و على الرغم من إمتلاك بعض من هذه الجماعات لملكات العقل و التمييز ، إلا أنه يبدوا أن هذه الملكات لا تكون فعالة و في أفضل أحوالها إلا حين توجه للعمل على غير الطرق المشروعة ، و الشاهد هو أن هذه الجماعات توظف كل ذكآءها و ملكاتها و إمكانياتها في طرق و أساليب التهرب و التحايل على القوانين و اللوآئح بغرض الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب...
و من لهفة هذه الجماعات على الوصول السريع إلى الغايات و الكسب الغير مشروع تجدهم يتعجلون النهايات بإختصار المراحل ، و يختارون من الطرق أقصرها و أفسدها ، و من أجل الوصول إلى غاياتهم فإنهم يلجأون إلى التقرب من أصحاب المناصب و النفوذ و الأثريآء و نجوم المجتمعات ، و يبرعون كثيراً في إستنباط وسآئل التقرب و التمسح بالبلاطات ، و هم ضيوف مقيمون في مجالس و صوالين و أندية ما يسمونهم ”علية القوم“ و طبقات ”السادة و الأشراف“ ، و يكون تقربهم أكثر نجاحاً و ثماراً مع طبقة الحكام الطغاة الفاسدين من سارقي أقوات الشعوب ، حيث يجد كل من الفريقين مبتغاه في إستغلال الآخر لتحقيق أغراضه و أهدافه الغير مشروعة/مقبولة...
و من أجل الوصول إلى المناصب أو الحصول على المكاسب و الإستثنآءات و الإمتيازات ، و هم من غير أهلها أو مستحقيها ، تجدهم يبرعون كثيراً في تقديم أنواع مختلفة و مختلقة من الخدمات ”الملتوية“ و ”الغير شريفة“ للراغبين من سادتهم و الحاشية و الأتباع ، و الغريب في الأمر أنه و إذا ما أشار الناس إلى أفعالهم الغير مشروعة و إنتهازيتهم تجدهم ينكرون و يستنكرون و يغضبون و يثورون كعامة الناس و كأن الأمر لا يعنيهم أو يخصهم من قريب أو من بعيد ، و يبدوا أن لذلك علاقة بسماجة خلقهم و ثقالة ظلهم...
الختام:
أنظر حولك تجدهم ، فقد تفشت حالة الأرزقية و الطفيلية في المجتمع حتى أضحت عادية...
إن ما سببته هذه الفئات و الجماعات من فساد و فوضى و عبث و دمار طال كل مناحي الحياة في بلاد السودان يفوق الوصف و الخيال...
إن ممارسات هذه الفئات و الجماعات لنشاطاتها ، دون رادع يردعها ، قد أفسدت على كل الشعوب السودانية معايشهم و معيشاتهم و أنغصت عليهم حياتهم ، و حالت بينهم و بين التمتع بحياة كريمة يتوفر فيها: القانون و الأمن و الإستقرار و فرص العمل و التوظيف...
إن مأساة بلاد السودان تكمن في غياب: الحكمة و المؤسسية و حكم القانون و (إحجام القادرين عن التمام) مما أدى إلى إنتشار و سيادة و طغيان هذه الفئات و الجماعات و إفرازاتهم من الفساد و الخراب و الدمار و بقية الإبتلآءات...
و يبدوا أن الحل لا يكون إلا في ثورة تغيير تتحاشى تكرار التجارب السابقة الغير موفقة من الحلول المؤقتة و المبادرات المتعجلة و التحالفات الفطيرة...
ثورة تغيير حقيقية شاملة و نصوحة تَجُبُّ ما قبلها...
ثورة لها مؤسساتها القانونية و العقابية التي تحاسب و تردع جميع المسيئين من: الأرزقية و الطفيلية و جميع الفاسدين المفسدين و الظالمين ، تعاقبهم بغلظة و من غير أن تأخذهم بهم رأفة...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com