جنوب الحزام: السَمَا اللَّحَمَر
مأمون التلب
14 September, 2023
14 September, 2023
كسرة بت شيبان
قبل أكثر من عقدٍ من الزمان كنّا نسكن، مجموعة من الشعراء والكتاب والفنانين، أصدقاء أخوة، بيتاً واسعاً في حيّ الأزهري –جنوب الحزام- وقد كان هذا الحي، ولا زال، هو الوحيد -بين الأحياء المتاخمة له- الذي يبدو بصحةٍ مدنيّةٍ معقولة. وكان بيتنا يقع في مكانٍ ناءٍ من ذلك الحي، يفصلنا شارعٌ تُرابيٌّ مردوم عن عالم حيّ مايو الكبير.
بيتنا يبدو –بتعريف اليوم- بيت "جلاَّبة" بلا جدال، ولكنّ القاطنين فيه يختلفون "جذريّاً" عن هذا المذهب، أغلبهم مُنتحرون طبقيّون مهمّشون، عاشوا حياتهم كلها لأجل المعرفة، والتمتّع بها، ثمّ توزيعها كيفما اتّفقت أدوات الحرب ضدّ الجهل. كان البيت واسعاً جدّاً، بسطوح شاسع، وغرف نوم ومطبخ مُرتجل على طريقة العزّابة تحت بئر السلّم، وصالون كبير. وفي الجانب الآخر المقسوم من البيت كانت تعيش عائلة صديقنا الصغيرة والجديدة، أنس الجزولي. كان الصالون هو ساحة العمليّات. الجدران، التي سُلّمت إلينا نظيفة وجديدة، كانت قد امتلأت، بعد عام، بالأشعار الُمرتجلة أثناء تجمعات الليل وبألوانٍ مُختلفة. جداريّات شعريّة مُشيّدة في اللحظة، وكان الذي كَتب تلك الليلة يصحو الصباح وينظر –أتخيّل- ويقول: "يا ربي الكتب الكلام السمح ده منو؟". الحمامات راقية حدث تركيبها حديثاً، الأبواب كانت تلك الصينيّة العازلة لكلّ شيء، جديدة بأكياسها، وكذلك الحوش الخارجي الكبير الذي يتّسع لأكثر من سيّارتين، وقد كان سعره في متناول "الشيرينج" فقط لبعده، ولأنه يقع –ربما- جنوب الحزام! هذا المصطلح الذي أصبح رسميّاً بعد أن تكوّنت لجان مقاومة جنوب ذلك الحزام، وكان لها سهمٌ عظيمٌ في إنجاح ثورة ديسمبر المجيدة.
في زيارةٍ من زيارات الأستاذ التشكيلي العظيم عبد الله محمد الطيب (أبسفة) لذلك البيت، صباح جمعة، وجده نظيفاً يلتمع، وكنّا نتناوب التنظيف الشامل ونتساعد من حينٍ لآخر. جلس في الصالون المليء بالأشعار، ومراتب النوم النحيلة الموزّعة على الأرض، ومكاتب العمل والتحرير، وقال ساخراً كعادته: "والله البيت ده مظلوم معاكم ظلم الحسن والحسين؛ حسع الأوض الجوّة دي المفروض يكون فيها نسوان، طبعاً ما بيجو قريب من هنا لأنو الحتة الأنا قاعد فيها دي إسمها صالون الرجال، وفي البرندة ديك المفروض تكون في مصلاية مفروشة، وقدّامي هنا ده في تلفزيون كبير وسجادة، وفي شفّع ملظلظين قاعدين يتشاكلوا في ريموت التلفزيون. وأصلاً البيت ده سيدو أنصار سنّة وعندو بوكس دبل كبينة واقف برّة في القراش!".
إثر حكايةٍ ساحرةٍ حكاها صديقنا، الكاتب والصحفي، أنس عبد الرحمن عن إحدى مجاعات السودان الكُبرى في مدينة بربر، وعن تصرّف أهلهم هناك، وتحديداً جدّته "بِت شيبان"؛ عن كيف فتحت هذه المرأة بيتها وأطعمت الجوعى بعواسة الكسرة التي شاركت فيها نساء المدينة، ومن ثم وتوزيعها على الناس، جاء المشروع التجاري الذي لم يكن لأحدنا فيه خبرة، فنحن نعمل في الصحافة، التحرير، الكتابة، الرسم، وفقط ميسرة محمد صالح، الرسّام، هو العامل مع الأمم المتحدة كمستشار هندسي عظيم الباع، وبذلك كان أن موَّل مشروع "كسرة بت شيبان". وقد ظننت الأمر ونسة ليل كما يحدث عادة للمشاريع التجارية ما بين الفنانين، لكنهم أبدو حماساً منقطع النظير؛ طبعوا كمّاً هائلاً من الأكياس كُتب عليها "كسرة بت شيبان"، وقاموا بتأجير سيارة "أتوز" سوداء فاقعٌ لونها –كانت الوحيدة والأخيرة التي عاشت في حوش العربات البرَّة- وكانت نظريّتهم أن حيّنا القريب من شمال الحزام –أحياء أركويت والطائف والرياض الراقية- يستطيع مدّ أهالي تلك الأحياء، مِن مَن يفتقدون الوقت "للعواسة"، بالكسرة المغلّفة والمعروضة في أطباق مصنوعة بجمال بأيادي نساءٍ فنانات. ومن ثمّ توزيع كلّ ذلك في "السوبرماركتات" العريضة، وقد جزمنا وقتها بنجاح المشروع.
قرَّر الجميع أن الاستفادة الماديّة من المشروع يجب أن تعود بالخير على أهل المنطقة، وقصدنا بها حي مايو، فقد كنّا فقراء مثلهم، غير أن البطن بطرانة. ذهبنا إلى أحد أسواق مايو (مشابه لسوق قورو الذي قُصف قبل أيام وقُتل روّاده، وربما كان هو ذاته ولكنّ الذاكرة!) للبحث عن ست كسرة كاربة من الحي. كنتُ أجوس معهم طبعاً بلا أي مشاركة سوى الرفقة، ووقع اختيارهم على سيّدة لطيفة المعشر –كما هم أهل المنطقة- وذهبنا معها في زيارةٍ لأسرتها والتعرّف عليهم وطرح مشروعنا. الشارع الذي يفصل بين الأزهري ومايو مُهّد لتسير عليه عربات الأزهري "المصنوعة"، وكاروهات مايو وحميرها. بيوتهم تختلف تماماً؛ رواكيب وجالوص والكثير الكثير من الزراعة والزهور والنظافة –داخل وخارج البيوت- ثمَّ الأشجار؛ وفي المقابل حيّنا الصحراوي. كانت مجرّد علاقتنا الطيّبة مع سُكّانٍ من جنوب السودان هندسوا بيتهم بين أعمدة عمارةٍ لم تكتمل؛ كان ذلك كافياً ليُصنّفنا، وسط "العائلات المُحافظة" كخوارج. كنّا، في فجريات شهر رمضان، نسير ونرقص على إيقاع "نوبَة" المسحرّاتية من حي مايو، نتفسّح معهم في الحي.
ذكرتُ الحادثة التي وقعت لي مع صبيٍّ من أبناء الأسرة التي تشاركنا مشروع الكسرة في كتابةٍ سابقة، ذلك عندما ذهبنا معه إلى السوق لشراء ما تحتاجه النساء من معدّات جديدة؛ صاج وكانون كبير ومكنة تغليف لأكياس ماركة "بت شيبان"؛ كتبت: " رأيت آثار الحرب في جميع أنحاء السودان خلال أسفاري، لكنني لم أشهدها أبداً قبل حرب الخرطوم. كنّا نرى ونسمع صراخ آثار الحرب في جميع أنحاء العاصمة. في أطرافها تكوّمت أعضاء الحروب التي شملت السودان جميعه، إن كانت حرباً دمويّة ووحشيّة، أو كانت إقصائيّة. كنّا نسكن جوار حيّ مايو قبل أكثر من عشر سنوات، التقيت طفلاً كانت والدته تساعدنا في مشروعٍ فشل بسببنا، سألته بغباء: إنتو من وين أصلاً؟ ذكر لي اسم معسكر لاجئين. واصلتُ بغباءٍ أشدّ: وقبل ذلك؟ صمت لمدّة من الزمن، ثمّ نظر إليّ بدهشة وقال: والله ما عارف"! (انتهى).
جنوب الحزام
هذا هو "جنوب الحزام" يا سادتي، والذي، إن أمعنّا التفكير في حقيقة التسمية، فهو يعني مباشرةً فصلهم عن جميع أجزاء العاصمة، ذهنيّاً، عن طريق حزامٍ هو شارعٌ واسعٌ تنطلق منه الباصات لجميع ولايات السودان الجنوبية والشرقيّة، كان الفَصلُ واقعيًّاً: لا تتذكّر الدولة وجودهم، لم تتذكر، ولن تتذكّرهم إلا عندما يدخل بعضهم بين أطراف الصراع لسدِّ تجاهل الدولة لهم طوال حياتهم. أتوا إلى هذه الأنحاء هرباً من الحرب وجحيمها في الجنوب وجبال النوبة والغرب والنيل الأزرق. لم يجدوا من الدولة، ولا من "أبناء الدولة" اهتماماً يُذكر، ولا حتَّى نظرة متكافئة.
يذكّرنا ذلك مقالاً لصديقنا الكاتب والشاعر والروائي محفوظ بشرى، نشره في عموده المقروء بصحيفة اليوم التالي تحت عنوان: "وَسَخ إفريقيا" (بالرجوع إلى الأخ غوغل)، والذي أثار عصبية الجميع للحدّ الذي حُرم فيه بالكتابة في الصحف من بعده. واعتبرت كتابته عنصريّة فجّة، ولكن تلافيفها تتضح الآن: اللامبالاة السابقة (مع دلالات أسماء تلك الأحياء) أصبحت اليوم فعلاً عمليّاً. الدعم السريع في النهاية مليشيا إجراميّة قاتلة وحارقة ومغتصبة صنعها الجيش، ولكن لماذا يصرّ الجيش على –ما أسميته- "عدم الاكتراث العنصري" بجميع هذه المناطق، بما فيها مدينة الجنينة؟ وما ارتكبته هناك –وظلّت- قوّات دعمها السريع، منذ الجنجويد وإلى أهلنا الأقرباء؟، كتب محفوظ في مقاله: "فليخبرني أحد الفخورين بأرومتهم وطيب جرثومتهم المدعاة؛ لماذا أنت (بافتراض أنك عربي) أفضل ممن ليس عربياً أو ممن تسميهم (الأفارقة)؟ ما الذي يجعلك أسمى وأرقى وأفضل منهم؟ سؤالي موجه ليس إلى العنصريين المباشرين بغبائهم ذي الضوضاء؛ بل إلى العنصريين المستترين خلف إكليشيهات يحفظونها بغير قابلية للتطبيق، ثيوري يعني، ما الذي يجعل أحد هؤلاء يستبطن أنه أفضل من (أفريقي) يسكن مانديلا؟ لا أعني الأفضلية من حيث التعليم والوعي وغير ذلك مما حصل عليه هؤلاء كامتيازات بالولادة على حساب الآخرين الذين هم موضوع الازدراء. إن معضلة العنصريين الأولى –في رأيي- هي (حيوانيتهم) المفرطة، تلك النزعة التي فشلوا في تهذيبها ليصبحوا (بني آدمين)، أو ربما لم يفشلوا بل اختاروا إطلاق العنان لها في حرب الامتيازات والمصالح بين الناس. أقول حيوانيتهم المفرطة لأنهم وصلوا درجة تجعلهم يفقدون حتى التعاطف السلبي مع الآخرين المختلفين، فلا يهم إن ماتوا أو تعرضوا لأبشع الكوارث فكل ذلك لا يحرك خلية تعاطف عند من يستبطنون أنهم السادة ومن دونهم (عبيد ساي)". (انتهى)
ثمّ ما الذي حدث حقّا للمقبرة الجماعية التي اكتشفناها في شمال أمدرمان بعد مجزرة اعتصام القيادة العامّة؟ تلك التي جرفها سيل مياه أمطار الله، وكشفها؟ إن كنتُ سأتحدّث عن سماءٍ حمراء؟ فيجب أن نتحدث عن جميع السماوات الحُمُر.
فصل الناس القاسي
في طريق نزوحنا عبر النيل الأبيض جنوباً، مروراً بمعبر جودة وصولاً إلى الرنك، كانت معظم العائلات السائرة معنا تسكن الحاج يوسف وجنوب "الحزام" الذي احتلّته قوات الدعم السريع، أو الجنجويد، ويقصفه الجيش منذ يومه الأول وإلى آخر مقتلةٍ في سوق مايو. ما الفرق فعلاً بين الإسمين؟ خلال جدالٍ دائر بين الأصدقاء قلت لهم: الأسماء ما حنك، حالياً اسم الدعم السريع (أو الدَعَّامة) بالنسبة لأهل الخرطوم أشرس وأرهب من اسم الجنجويد، وبالنسبة لأهلنا في الجنينة فإن جميع الأسماء سواء. بل قلت أن اسم الجنجويد –بالنسبة لأهل الخرطوم- أقلّ وحشيّة وبشاعةً بما لا يُتصوَّر من اسم "الدعم السريع".
أجريت مقابلات سريعة مع بعض النساء وقد كان ما يصفونه قاتلاً. امرأة من مايو –جيراننا القدماء- قالت إنها هربت لأن جارتها تمزَّق جسدها وقُتل ثلاثة من أطفالها، وكانت لا تزال حيّة تشاهدهم. حقيقةً لماذا ظلّت الدولة السودانيّة –وأهل الخرطوم من ضمنهم- يتعاملون مع جنوب الحزام كحدٍّ فاصل؟ الذي كسر الحزام وجعله مسموعاً، حيّاً، حقيقيّاً، محبّاً وقادراً كانت ثورة ديسمبر التي عرّفتهم، رسميَّاً، في سجلات تاريخنا بأهل جنوب الحزام.
عشتُ على تخوم الحزام لأكثر من ثلاثة أعوامٍ متقطّعة، ما بين بيت عبد الله محمد الطيب (أبسفة)، شرق الميناء البري، أو ما نُسميه بـ"الواقعيّة السحريّة"، وما بين بيوت أخونا الكاهن الكبير ميسرة محمد صالح. واليوم أشعر أنهم يقصفون المكان الوحيد الذي قَبِلَ بي –كما أنا- بكلّ قسوةٍ وعنفٍ لا إنسانيين. ما لم أفهمه من أهل الخرطوم –وأنا منهم- أن يُبرروا كلّ هذا القتل بأن سوقاً يبيع المسروقات قد قتله الجيش، بل أن يصل هذا التبرير للمنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي والإنساني، صُدمت من اللامبالاة الحادّة التي يتعامل بها مؤيدو الجيش الخرطوميون، والجيش ذاته -بدعمه السريع- مع سكّان هذه المناطق الأكثر سلاماً واخضراراً ونظافةً ومدنيّة. صحيحٌ أن اللامبالاة اليوم شاملة، وأن الجميع يذوقون ذات الجحيم في كلّ العاصمة، لكن البيانات الصادرة حول ما يحدث جنوب الحزام فعلاً تُثيرُ الأسى، بل إن بعض البيانات صرَّحت، صراحةً، أن مناطقهم أُهمِلت بتطرُّفٍ مُريب.
لقد ظللنا نُخفي، بوقاحةٍ، كل ما هو حيٌّ في هذه البلاد. حتَّى أثناء ثوراتنا كنّا نخجل من حبّنا للحياة، ونداريه ما بين كولومبيا وجناين عمادة الطلاب وزقاق الفنانين ومعهد التدريب المهني؛ ثمَّ جاء علينا حينٌ من الدهر أن أتتنا أرتالٌ من مُحبّي الحياة ولم نعرف كيف نتعامل معها: شُفّع وشباب الدعم السريع وجنود الجيش، اللذين لم يكونوا يفهموا، أصلاً، ما الذي حَدَث يوم 11 أبريل 2019م.
الرمادي
خلاصة الأمر، عندما زحف السودانُ كلّه من الحرب إلى مدينة الخرطوم الآمنة، لم يَشعُر بهم أهل الخرطوم، وأقول ذلك لأنني منهم، ولكن عندما زحف أهل الخرطوم إلى السودان، شعرَ بهم السودانُ جميعه، بسائر أعضائه، الخَيِّرة والدنيئة؛ لقد كانت ردود الأفعال المُتفاوتة وبروزها واحدة من المواد الأساسيَّة التي تتناولها كتابات السودانيين، في جميع أحوالها وأماكنها، ذلك إن دلَّ فإنما يدلُّ على غُربة أهل الخرطوم عن سودانهم. ما كنتُ أبداً أريدُ أن أكتبَ في هذا الشأن، ليس الآن بكل حال، ولكنّها الحقائق التي أعرفها معرفة الجلد والبطن. رأينا السيّارات الفاخرة تسيرُ خلف بعضها البعض، بكآبة، في شوارع ود مدني وأزقة المدينة، يحدّقون من النوافذ في مكانٍ لم يروه في حياتهم، يبحثون عن شققٍ للإيجار! بينما النازحون من حروب السودان كانوا يبحثون عن قطعة أرضٍ خالية، ويبتنون، من الشوالات والصفيح، بيوتاً لأطفالهم. ولن ينتبه لهم أو يتذكرهم أحد سوى السلطات؛ تلاحقهم بالهدم والطرد و"الكشّات"، أو كما كتب عبد الله محمد الطيب: "دَخلت قاموسنا اللغوي -لأول مرة- المفردة الهمجيَّة (الكشَّة!)، تستهدف نساء ورجال الطبقات الفقيرة من الباعة، السابلة والمتشردين".
والآن، كيف يُطالب من يُعايش جحيماً كهذا أن ينحازَ لطرفٍ من أطراف النزاع؟ هذا الأخطبوط المُرعب والمُتفرّع في مشاعر الناس وكوابيسهم وأهوالهم؟ لن يعرفوا أبداً من هو عدوّهم، ولن يُدركوا أبداً لماذا أصبحوا مستهدفين؟ ومن الذي أصلاً يستهدفهم؟ أعني الأفراد الذين يقبعون داخل غُرفٍ آمنة يلعبون بالطائرات المسيّرة كـ"بلاي استيشن"؟ يصيحون كلّما فجّروا مكاناً: الله أكبر؟ وفي الأرض يلاحقهم جنودٌ همجيّون يسيمونهم العذاب؟ إنه السما اللحمر: عندما يسألني أحدهم عن موقفي، ويقول: ماف رمادي في الحرب دي، يا أبيض يا أسود! أقول: لأ، هنالك لونٌ آخر، يعرفونه من عايشوا ويعيشون الحرب: اسمو اللسما اللحمر.
14 سبتمبر 2023م
هذا المقال مُهدى لسكّان بيت الأزهري: محمد الصادق الحاج، ابن خالتي حبيب الله جعفر بادي، أنس عبد الرحمن، ميسرة محمد صالح، عمّار جمال، أنس الجزولي، والأصدقاء والصديقات: الزوّار المداومون.
mamoun.elfatib1982@gmail.com
//////////////////
قبل أكثر من عقدٍ من الزمان كنّا نسكن، مجموعة من الشعراء والكتاب والفنانين، أصدقاء أخوة، بيتاً واسعاً في حيّ الأزهري –جنوب الحزام- وقد كان هذا الحي، ولا زال، هو الوحيد -بين الأحياء المتاخمة له- الذي يبدو بصحةٍ مدنيّةٍ معقولة. وكان بيتنا يقع في مكانٍ ناءٍ من ذلك الحي، يفصلنا شارعٌ تُرابيٌّ مردوم عن عالم حيّ مايو الكبير.
بيتنا يبدو –بتعريف اليوم- بيت "جلاَّبة" بلا جدال، ولكنّ القاطنين فيه يختلفون "جذريّاً" عن هذا المذهب، أغلبهم مُنتحرون طبقيّون مهمّشون، عاشوا حياتهم كلها لأجل المعرفة، والتمتّع بها، ثمّ توزيعها كيفما اتّفقت أدوات الحرب ضدّ الجهل. كان البيت واسعاً جدّاً، بسطوح شاسع، وغرف نوم ومطبخ مُرتجل على طريقة العزّابة تحت بئر السلّم، وصالون كبير. وفي الجانب الآخر المقسوم من البيت كانت تعيش عائلة صديقنا الصغيرة والجديدة، أنس الجزولي. كان الصالون هو ساحة العمليّات. الجدران، التي سُلّمت إلينا نظيفة وجديدة، كانت قد امتلأت، بعد عام، بالأشعار الُمرتجلة أثناء تجمعات الليل وبألوانٍ مُختلفة. جداريّات شعريّة مُشيّدة في اللحظة، وكان الذي كَتب تلك الليلة يصحو الصباح وينظر –أتخيّل- ويقول: "يا ربي الكتب الكلام السمح ده منو؟". الحمامات راقية حدث تركيبها حديثاً، الأبواب كانت تلك الصينيّة العازلة لكلّ شيء، جديدة بأكياسها، وكذلك الحوش الخارجي الكبير الذي يتّسع لأكثر من سيّارتين، وقد كان سعره في متناول "الشيرينج" فقط لبعده، ولأنه يقع –ربما- جنوب الحزام! هذا المصطلح الذي أصبح رسميّاً بعد أن تكوّنت لجان مقاومة جنوب ذلك الحزام، وكان لها سهمٌ عظيمٌ في إنجاح ثورة ديسمبر المجيدة.
في زيارةٍ من زيارات الأستاذ التشكيلي العظيم عبد الله محمد الطيب (أبسفة) لذلك البيت، صباح جمعة، وجده نظيفاً يلتمع، وكنّا نتناوب التنظيف الشامل ونتساعد من حينٍ لآخر. جلس في الصالون المليء بالأشعار، ومراتب النوم النحيلة الموزّعة على الأرض، ومكاتب العمل والتحرير، وقال ساخراً كعادته: "والله البيت ده مظلوم معاكم ظلم الحسن والحسين؛ حسع الأوض الجوّة دي المفروض يكون فيها نسوان، طبعاً ما بيجو قريب من هنا لأنو الحتة الأنا قاعد فيها دي إسمها صالون الرجال، وفي البرندة ديك المفروض تكون في مصلاية مفروشة، وقدّامي هنا ده في تلفزيون كبير وسجادة، وفي شفّع ملظلظين قاعدين يتشاكلوا في ريموت التلفزيون. وأصلاً البيت ده سيدو أنصار سنّة وعندو بوكس دبل كبينة واقف برّة في القراش!".
إثر حكايةٍ ساحرةٍ حكاها صديقنا، الكاتب والصحفي، أنس عبد الرحمن عن إحدى مجاعات السودان الكُبرى في مدينة بربر، وعن تصرّف أهلهم هناك، وتحديداً جدّته "بِت شيبان"؛ عن كيف فتحت هذه المرأة بيتها وأطعمت الجوعى بعواسة الكسرة التي شاركت فيها نساء المدينة، ومن ثم وتوزيعها على الناس، جاء المشروع التجاري الذي لم يكن لأحدنا فيه خبرة، فنحن نعمل في الصحافة، التحرير، الكتابة، الرسم، وفقط ميسرة محمد صالح، الرسّام، هو العامل مع الأمم المتحدة كمستشار هندسي عظيم الباع، وبذلك كان أن موَّل مشروع "كسرة بت شيبان". وقد ظننت الأمر ونسة ليل كما يحدث عادة للمشاريع التجارية ما بين الفنانين، لكنهم أبدو حماساً منقطع النظير؛ طبعوا كمّاً هائلاً من الأكياس كُتب عليها "كسرة بت شيبان"، وقاموا بتأجير سيارة "أتوز" سوداء فاقعٌ لونها –كانت الوحيدة والأخيرة التي عاشت في حوش العربات البرَّة- وكانت نظريّتهم أن حيّنا القريب من شمال الحزام –أحياء أركويت والطائف والرياض الراقية- يستطيع مدّ أهالي تلك الأحياء، مِن مَن يفتقدون الوقت "للعواسة"، بالكسرة المغلّفة والمعروضة في أطباق مصنوعة بجمال بأيادي نساءٍ فنانات. ومن ثمّ توزيع كلّ ذلك في "السوبرماركتات" العريضة، وقد جزمنا وقتها بنجاح المشروع.
قرَّر الجميع أن الاستفادة الماديّة من المشروع يجب أن تعود بالخير على أهل المنطقة، وقصدنا بها حي مايو، فقد كنّا فقراء مثلهم، غير أن البطن بطرانة. ذهبنا إلى أحد أسواق مايو (مشابه لسوق قورو الذي قُصف قبل أيام وقُتل روّاده، وربما كان هو ذاته ولكنّ الذاكرة!) للبحث عن ست كسرة كاربة من الحي. كنتُ أجوس معهم طبعاً بلا أي مشاركة سوى الرفقة، ووقع اختيارهم على سيّدة لطيفة المعشر –كما هم أهل المنطقة- وذهبنا معها في زيارةٍ لأسرتها والتعرّف عليهم وطرح مشروعنا. الشارع الذي يفصل بين الأزهري ومايو مُهّد لتسير عليه عربات الأزهري "المصنوعة"، وكاروهات مايو وحميرها. بيوتهم تختلف تماماً؛ رواكيب وجالوص والكثير الكثير من الزراعة والزهور والنظافة –داخل وخارج البيوت- ثمَّ الأشجار؛ وفي المقابل حيّنا الصحراوي. كانت مجرّد علاقتنا الطيّبة مع سُكّانٍ من جنوب السودان هندسوا بيتهم بين أعمدة عمارةٍ لم تكتمل؛ كان ذلك كافياً ليُصنّفنا، وسط "العائلات المُحافظة" كخوارج. كنّا، في فجريات شهر رمضان، نسير ونرقص على إيقاع "نوبَة" المسحرّاتية من حي مايو، نتفسّح معهم في الحي.
ذكرتُ الحادثة التي وقعت لي مع صبيٍّ من أبناء الأسرة التي تشاركنا مشروع الكسرة في كتابةٍ سابقة، ذلك عندما ذهبنا معه إلى السوق لشراء ما تحتاجه النساء من معدّات جديدة؛ صاج وكانون كبير ومكنة تغليف لأكياس ماركة "بت شيبان"؛ كتبت: " رأيت آثار الحرب في جميع أنحاء السودان خلال أسفاري، لكنني لم أشهدها أبداً قبل حرب الخرطوم. كنّا نرى ونسمع صراخ آثار الحرب في جميع أنحاء العاصمة. في أطرافها تكوّمت أعضاء الحروب التي شملت السودان جميعه، إن كانت حرباً دمويّة ووحشيّة، أو كانت إقصائيّة. كنّا نسكن جوار حيّ مايو قبل أكثر من عشر سنوات، التقيت طفلاً كانت والدته تساعدنا في مشروعٍ فشل بسببنا، سألته بغباء: إنتو من وين أصلاً؟ ذكر لي اسم معسكر لاجئين. واصلتُ بغباءٍ أشدّ: وقبل ذلك؟ صمت لمدّة من الزمن، ثمّ نظر إليّ بدهشة وقال: والله ما عارف"! (انتهى).
جنوب الحزام
هذا هو "جنوب الحزام" يا سادتي، والذي، إن أمعنّا التفكير في حقيقة التسمية، فهو يعني مباشرةً فصلهم عن جميع أجزاء العاصمة، ذهنيّاً، عن طريق حزامٍ هو شارعٌ واسعٌ تنطلق منه الباصات لجميع ولايات السودان الجنوبية والشرقيّة، كان الفَصلُ واقعيًّاً: لا تتذكّر الدولة وجودهم، لم تتذكر، ولن تتذكّرهم إلا عندما يدخل بعضهم بين أطراف الصراع لسدِّ تجاهل الدولة لهم طوال حياتهم. أتوا إلى هذه الأنحاء هرباً من الحرب وجحيمها في الجنوب وجبال النوبة والغرب والنيل الأزرق. لم يجدوا من الدولة، ولا من "أبناء الدولة" اهتماماً يُذكر، ولا حتَّى نظرة متكافئة.
يذكّرنا ذلك مقالاً لصديقنا الكاتب والشاعر والروائي محفوظ بشرى، نشره في عموده المقروء بصحيفة اليوم التالي تحت عنوان: "وَسَخ إفريقيا" (بالرجوع إلى الأخ غوغل)، والذي أثار عصبية الجميع للحدّ الذي حُرم فيه بالكتابة في الصحف من بعده. واعتبرت كتابته عنصريّة فجّة، ولكن تلافيفها تتضح الآن: اللامبالاة السابقة (مع دلالات أسماء تلك الأحياء) أصبحت اليوم فعلاً عمليّاً. الدعم السريع في النهاية مليشيا إجراميّة قاتلة وحارقة ومغتصبة صنعها الجيش، ولكن لماذا يصرّ الجيش على –ما أسميته- "عدم الاكتراث العنصري" بجميع هذه المناطق، بما فيها مدينة الجنينة؟ وما ارتكبته هناك –وظلّت- قوّات دعمها السريع، منذ الجنجويد وإلى أهلنا الأقرباء؟، كتب محفوظ في مقاله: "فليخبرني أحد الفخورين بأرومتهم وطيب جرثومتهم المدعاة؛ لماذا أنت (بافتراض أنك عربي) أفضل ممن ليس عربياً أو ممن تسميهم (الأفارقة)؟ ما الذي يجعلك أسمى وأرقى وأفضل منهم؟ سؤالي موجه ليس إلى العنصريين المباشرين بغبائهم ذي الضوضاء؛ بل إلى العنصريين المستترين خلف إكليشيهات يحفظونها بغير قابلية للتطبيق، ثيوري يعني، ما الذي يجعل أحد هؤلاء يستبطن أنه أفضل من (أفريقي) يسكن مانديلا؟ لا أعني الأفضلية من حيث التعليم والوعي وغير ذلك مما حصل عليه هؤلاء كامتيازات بالولادة على حساب الآخرين الذين هم موضوع الازدراء. إن معضلة العنصريين الأولى –في رأيي- هي (حيوانيتهم) المفرطة، تلك النزعة التي فشلوا في تهذيبها ليصبحوا (بني آدمين)، أو ربما لم يفشلوا بل اختاروا إطلاق العنان لها في حرب الامتيازات والمصالح بين الناس. أقول حيوانيتهم المفرطة لأنهم وصلوا درجة تجعلهم يفقدون حتى التعاطف السلبي مع الآخرين المختلفين، فلا يهم إن ماتوا أو تعرضوا لأبشع الكوارث فكل ذلك لا يحرك خلية تعاطف عند من يستبطنون أنهم السادة ومن دونهم (عبيد ساي)". (انتهى)
ثمّ ما الذي حدث حقّا للمقبرة الجماعية التي اكتشفناها في شمال أمدرمان بعد مجزرة اعتصام القيادة العامّة؟ تلك التي جرفها سيل مياه أمطار الله، وكشفها؟ إن كنتُ سأتحدّث عن سماءٍ حمراء؟ فيجب أن نتحدث عن جميع السماوات الحُمُر.
فصل الناس القاسي
في طريق نزوحنا عبر النيل الأبيض جنوباً، مروراً بمعبر جودة وصولاً إلى الرنك، كانت معظم العائلات السائرة معنا تسكن الحاج يوسف وجنوب "الحزام" الذي احتلّته قوات الدعم السريع، أو الجنجويد، ويقصفه الجيش منذ يومه الأول وإلى آخر مقتلةٍ في سوق مايو. ما الفرق فعلاً بين الإسمين؟ خلال جدالٍ دائر بين الأصدقاء قلت لهم: الأسماء ما حنك، حالياً اسم الدعم السريع (أو الدَعَّامة) بالنسبة لأهل الخرطوم أشرس وأرهب من اسم الجنجويد، وبالنسبة لأهلنا في الجنينة فإن جميع الأسماء سواء. بل قلت أن اسم الجنجويد –بالنسبة لأهل الخرطوم- أقلّ وحشيّة وبشاعةً بما لا يُتصوَّر من اسم "الدعم السريع".
أجريت مقابلات سريعة مع بعض النساء وقد كان ما يصفونه قاتلاً. امرأة من مايو –جيراننا القدماء- قالت إنها هربت لأن جارتها تمزَّق جسدها وقُتل ثلاثة من أطفالها، وكانت لا تزال حيّة تشاهدهم. حقيقةً لماذا ظلّت الدولة السودانيّة –وأهل الخرطوم من ضمنهم- يتعاملون مع جنوب الحزام كحدٍّ فاصل؟ الذي كسر الحزام وجعله مسموعاً، حيّاً، حقيقيّاً، محبّاً وقادراً كانت ثورة ديسمبر التي عرّفتهم، رسميَّاً، في سجلات تاريخنا بأهل جنوب الحزام.
عشتُ على تخوم الحزام لأكثر من ثلاثة أعوامٍ متقطّعة، ما بين بيت عبد الله محمد الطيب (أبسفة)، شرق الميناء البري، أو ما نُسميه بـ"الواقعيّة السحريّة"، وما بين بيوت أخونا الكاهن الكبير ميسرة محمد صالح. واليوم أشعر أنهم يقصفون المكان الوحيد الذي قَبِلَ بي –كما أنا- بكلّ قسوةٍ وعنفٍ لا إنسانيين. ما لم أفهمه من أهل الخرطوم –وأنا منهم- أن يُبرروا كلّ هذا القتل بأن سوقاً يبيع المسروقات قد قتله الجيش، بل أن يصل هذا التبرير للمنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي والإنساني، صُدمت من اللامبالاة الحادّة التي يتعامل بها مؤيدو الجيش الخرطوميون، والجيش ذاته -بدعمه السريع- مع سكّان هذه المناطق الأكثر سلاماً واخضراراً ونظافةً ومدنيّة. صحيحٌ أن اللامبالاة اليوم شاملة، وأن الجميع يذوقون ذات الجحيم في كلّ العاصمة، لكن البيانات الصادرة حول ما يحدث جنوب الحزام فعلاً تُثيرُ الأسى، بل إن بعض البيانات صرَّحت، صراحةً، أن مناطقهم أُهمِلت بتطرُّفٍ مُريب.
لقد ظللنا نُخفي، بوقاحةٍ، كل ما هو حيٌّ في هذه البلاد. حتَّى أثناء ثوراتنا كنّا نخجل من حبّنا للحياة، ونداريه ما بين كولومبيا وجناين عمادة الطلاب وزقاق الفنانين ومعهد التدريب المهني؛ ثمَّ جاء علينا حينٌ من الدهر أن أتتنا أرتالٌ من مُحبّي الحياة ولم نعرف كيف نتعامل معها: شُفّع وشباب الدعم السريع وجنود الجيش، اللذين لم يكونوا يفهموا، أصلاً، ما الذي حَدَث يوم 11 أبريل 2019م.
الرمادي
خلاصة الأمر، عندما زحف السودانُ كلّه من الحرب إلى مدينة الخرطوم الآمنة، لم يَشعُر بهم أهل الخرطوم، وأقول ذلك لأنني منهم، ولكن عندما زحف أهل الخرطوم إلى السودان، شعرَ بهم السودانُ جميعه، بسائر أعضائه، الخَيِّرة والدنيئة؛ لقد كانت ردود الأفعال المُتفاوتة وبروزها واحدة من المواد الأساسيَّة التي تتناولها كتابات السودانيين، في جميع أحوالها وأماكنها، ذلك إن دلَّ فإنما يدلُّ على غُربة أهل الخرطوم عن سودانهم. ما كنتُ أبداً أريدُ أن أكتبَ في هذا الشأن، ليس الآن بكل حال، ولكنّها الحقائق التي أعرفها معرفة الجلد والبطن. رأينا السيّارات الفاخرة تسيرُ خلف بعضها البعض، بكآبة، في شوارع ود مدني وأزقة المدينة، يحدّقون من النوافذ في مكانٍ لم يروه في حياتهم، يبحثون عن شققٍ للإيجار! بينما النازحون من حروب السودان كانوا يبحثون عن قطعة أرضٍ خالية، ويبتنون، من الشوالات والصفيح، بيوتاً لأطفالهم. ولن ينتبه لهم أو يتذكرهم أحد سوى السلطات؛ تلاحقهم بالهدم والطرد و"الكشّات"، أو كما كتب عبد الله محمد الطيب: "دَخلت قاموسنا اللغوي -لأول مرة- المفردة الهمجيَّة (الكشَّة!)، تستهدف نساء ورجال الطبقات الفقيرة من الباعة، السابلة والمتشردين".
والآن، كيف يُطالب من يُعايش جحيماً كهذا أن ينحازَ لطرفٍ من أطراف النزاع؟ هذا الأخطبوط المُرعب والمُتفرّع في مشاعر الناس وكوابيسهم وأهوالهم؟ لن يعرفوا أبداً من هو عدوّهم، ولن يُدركوا أبداً لماذا أصبحوا مستهدفين؟ ومن الذي أصلاً يستهدفهم؟ أعني الأفراد الذين يقبعون داخل غُرفٍ آمنة يلعبون بالطائرات المسيّرة كـ"بلاي استيشن"؟ يصيحون كلّما فجّروا مكاناً: الله أكبر؟ وفي الأرض يلاحقهم جنودٌ همجيّون يسيمونهم العذاب؟ إنه السما اللحمر: عندما يسألني أحدهم عن موقفي، ويقول: ماف رمادي في الحرب دي، يا أبيض يا أسود! أقول: لأ، هنالك لونٌ آخر، يعرفونه من عايشوا ويعيشون الحرب: اسمو اللسما اللحمر.
14 سبتمبر 2023م
هذا المقال مُهدى لسكّان بيت الأزهري: محمد الصادق الحاج، ابن خالتي حبيب الله جعفر بادي، أنس عبد الرحمن، ميسرة محمد صالح، عمّار جمال، أنس الجزولي، والأصدقاء والصديقات: الزوّار المداومون.
mamoun.elfatib1982@gmail.com
//////////////////