جنوب السُّودان.. ماضيه وصيرورته (5 من 21)
الدكتور عمر مصطفى شركيان
23 November, 2023
23 November, 2023
shurkiano@yahoo.co.uk
مهما يكن من شأن، إذ يتضح غلو خضر حمد عمر، وذاك اسمه كاملاً، في العروبة والدين الإسلامي في مقتطفات نشيد المؤتمر (مؤتمر الخريجين)، الذي جاء في أبياته:
للعلا.. للعلا وأبعثوا مجدنا الأفلا
وأطلبوا لعلاه المزيد .. للعـــــــــــــــــــلا
أمَّةٌ أصلها للعرب دينها خير دين يُحب
عزُّها خالد لا يبيد قد نفضنا غبار السنين
ومضينا بعزم مكين لنعيد فخار الجدود
نحن في الجلى أسود وبذا المؤتمر للمعالي يسود.. للعلا
يا تُرى ما الذي دفع طليعة الخرطوم المتعلمة، أو خريجي كلية غوردون التذكاريَّة، أن تتصرَّف بهذه العنجهيَّة، وتتبنَّى تلك المسالك العنصريَّة؟ تبنِّي الهُويَّة العربيَّة-الإسلاميَّة، أو العروبيَّة-الإسلامويَّة لاحقاً لدي أصحاب الإسلام السياسي، جاء نتيجة لعاملين: أولاً، نشأت دوافعهم في النأي بأنفسهم عن الأفارقة من خلال الأفكار النمطيَّة العنصريَّة، ومن ثمَّ وصفوهم بأنَّهم لا يحظون بالغرائز العقليَّة للإدراك والمعرفة، علاوة على أنَّهم اعتبروهم وثنيين لا يعبدون الله، ولا يتقرَّبون إليه زُلفى. ثانياً، هذا التركيب العقلي المعوج قد اختلق لهم سداً منيعاً في الاعتداد بالنفس، وارتباطهم بماضي الإسلام والثقافة العربيَّة الكلاسيكيَّة، كما بدا جليَّاً في كتاب حسن نجيلة "ملامح من المجتمع السُّوداني"، الصادر العام 1959م؛ ومن ثمَّ منحهم هذا المنحى همزاً نفسيَّاً هاماً. أيَّاً كان من التفاسير، فإنَّ هذا السلوك ليشي بشيء من المرض النفسي والعنصري غليظ في الآن نفسه. في حقيقة الأمر، إنَّ تلويث كل شيء إفريقي إلى مستوى الغباء قد وصل حدَّاً، حتى باتت ممالك النُّوبة القديمة، التي أسهمت بعمرانٍ ظلَّ مرجعيَّة للحضارة الإنسانيَّة، وخلَّده العالم كواحدٍ من الموروثات الثقافيَّة العظيمة، أمسى هذا الإرث الحضاري موضع استحقار واستهزاء من آيات الله الإسلامويين الجدد في السُّودان. إذ سخر منه وارثوه الشماليُّون، واعتبروه أصناماً وثنيَّة لا تستحق الالتفات إليه، أو الوقوف عنده. أفلم نشهد ما فعله أصحب الإنقاذ في السُّودان بهذا الإرث التاريخي التالد في متحف السُّودان القومي، وذلك حين أقبل بعضهم على تماثيل الملوك العظماء تحطيماً، واعتبروها رجزاً من أعمال الوثنيين القدماء!
للمقال بقايا باقيات،،،
مهما يكن من شأن، إذ يتضح غلو خضر حمد عمر، وذاك اسمه كاملاً، في العروبة والدين الإسلامي في مقتطفات نشيد المؤتمر (مؤتمر الخريجين)، الذي جاء في أبياته:
للعلا.. للعلا وأبعثوا مجدنا الأفلا
وأطلبوا لعلاه المزيد .. للعـــــــــــــــــــلا
أمَّةٌ أصلها للعرب دينها خير دين يُحب
عزُّها خالد لا يبيد قد نفضنا غبار السنين
ومضينا بعزم مكين لنعيد فخار الجدود
نحن في الجلى أسود وبذا المؤتمر للمعالي يسود.. للعلا
يا تُرى ما الذي دفع طليعة الخرطوم المتعلمة، أو خريجي كلية غوردون التذكاريَّة، أن تتصرَّف بهذه العنجهيَّة، وتتبنَّى تلك المسالك العنصريَّة؟ تبنِّي الهُويَّة العربيَّة-الإسلاميَّة، أو العروبيَّة-الإسلامويَّة لاحقاً لدي أصحاب الإسلام السياسي، جاء نتيجة لعاملين: أولاً، نشأت دوافعهم في النأي بأنفسهم عن الأفارقة من خلال الأفكار النمطيَّة العنصريَّة، ومن ثمَّ وصفوهم بأنَّهم لا يحظون بالغرائز العقليَّة للإدراك والمعرفة، علاوة على أنَّهم اعتبروهم وثنيين لا يعبدون الله، ولا يتقرَّبون إليه زُلفى. ثانياً، هذا التركيب العقلي المعوج قد اختلق لهم سداً منيعاً في الاعتداد بالنفس، وارتباطهم بماضي الإسلام والثقافة العربيَّة الكلاسيكيَّة، كما بدا جليَّاً في كتاب حسن نجيلة "ملامح من المجتمع السُّوداني"، الصادر العام 1959م؛ ومن ثمَّ منحهم هذا المنحى همزاً نفسيَّاً هاماً. أيَّاً كان من التفاسير، فإنَّ هذا السلوك ليشي بشيء من المرض النفسي والعنصري غليظ في الآن نفسه. في حقيقة الأمر، إنَّ تلويث كل شيء إفريقي إلى مستوى الغباء قد وصل حدَّاً، حتى باتت ممالك النُّوبة القديمة، التي أسهمت بعمرانٍ ظلَّ مرجعيَّة للحضارة الإنسانيَّة، وخلَّده العالم كواحدٍ من الموروثات الثقافيَّة العظيمة، أمسى هذا الإرث الحضاري موضع استحقار واستهزاء من آيات الله الإسلامويين الجدد في السُّودان. إذ سخر منه وارثوه الشماليُّون، واعتبروه أصناماً وثنيَّة لا تستحق الالتفات إليه، أو الوقوف عنده. أفلم نشهد ما فعله أصحب الإنقاذ في السُّودان بهذا الإرث التاريخي التالد في متحف السُّودان القومي، وذلك حين أقبل بعضهم على تماثيل الملوك العظماء تحطيماً، واعتبروها رجزاً من أعمال الوثنيين القدماء!
للمقال بقايا باقيات،،،