جهاز الأمن الداخِلي بين التسويه ، عنفوان الشارع والإنقلاب

 


 

 

مقدّمه :
" نحنُ نؤمِنُ أنّ مؤسسات الوطن تُُبنى بعد نجاح الثوره السّاحِق على يَدِ أبنائها الموجودين في الشارع وليسَ أقَل. لا يُمكِن للمؤسسات الأمنيّه أن تُبنَى وتُنشأ تَحتَ نَير سُلطات إنقلابيّه دكتاتوريه يَسِمُها القتل والفَتك مِن أخمص قَدَمَيها إلى شَعرِ رأسِها ولَو كانَ الملائكَةُ هُم مَن يُناوِلونَ الطُوب "

نحنُ كَفَصيلٍ شُرطي - الغَد - قَاتَلَ وناضَلَ مُنذُ بواكيرِ إنقلاب الإنقاذ أُصِبنا بخيبةِ أمَلٍ كبيره بعد جلوس الأخ رئيس الوزراء وحكومَتُهُ وحاضِنَتُهُ على سُدّةِ السُلطه. كانَ علينا أن نُصَدّق ما نَراهُ أمامَنا مِن إنكارٍ بَيّنٍ لكُلّ أهداف الثوره في الجوانب الأمنيّه فأَخْرَصَ ذلك في دواخِلِنا كُلّ التَوْق المُنْفَلِت من قَمعِ ثلاثينَ عامَاً يَعدِلُ كُلّ عامٍ منها مائةَ عام.
وبِكُلّ ما اعتَوَرَنا مِن شَوقٍ لتغييرِ وَجه الشُرطه الذي كُنّا قد قَطَعنا فيهِ شوطاً مُقَدّراً من العمل الجاد قبلَ الثوره وأثناءها وبَعدَها صِرنا ، وبعدَ مرورِ بَعضِ الوقت داخل أسوار الفتره الإنتقاليه ، نَدعو الله ونَعمَل على أن يَتوَقّف العمَل المّحموم الذي كانت تسعى فيه سلطة الإنتقال في مجالات الشرطه والأمن ؛ تلك السُلْطَه ( المُوَجَّهه) لتنفيذ أجندةٍ محدّده عملت عليها وكأنّها في سِباقٍ مَعَ الزّمَن كما كانَ واضِحاً. إتّضَحَ لنا جليّاً أنّ تلك السُلطه لم تكُن مؤتَمَنَه على الثوره ولا على الأجهِزَه الأمْنِيّه التي تُمَثّل عظم الظهر بالنسبه لها ولِعَهدٍ جديد يُحاوِلُ أن يُطِلُّ من بين ( رُكَام ) الأمل زمَنَذاك.
منذ العام ٢٠١٨ حتى الآن لم يحدث التغيير المطلوب فما زلنا داخل الإنقاذ ولو أنكَرَ القائمون على الأمر. بعد ديسمبر ٢٠١٨ حتى الآن مَرَرنا بالكثير من المَراحِل وهي بعيده عن أشواق الثوّار وَتَوْقِهِم إلى وَطنٍ جديدٍ وبَقِيَت الشرطه داخل القوقعه الصلبه للتنظيم الإسلاموي بل وتمّ رصد إجتماعات كوادِرِهِم ، بعد الثوره ، ( داخل ) وزارة الداخليه لأنّ الأيدي التي قَدّمتها الثوره لم تدُقُّ بابها بالأمانةِ والقُوّه المطلوبتَين.
# المشهد الآن:
نحن الان في خضم إنقلابٍ عسكري تسيطر عليه اللجنه الأمنيّه ومليشيا رئيسيه ومليشيات فرعيّه. تعملُ هذه التشكيله على البقاء في السلطه مستخدمةً كل أنواع البطش المتاحةِ لها والتي لم تسبقها إليها أيّة دكتاتوريه مرّت على الوطن. اليد الباطِشه الرئيسيه هنا هي الشرطه من جانبٍ. من جانبٍ آخر هنالك قوات تُشارك هذا القمع غير المسبوق بعلم الشرطه ورضاها التام وهُنالِكَ تسويه تمضي ليس للثوره علاقةٌ بها ولا يحتمل ان يكون لها وبذلك صارت الثوره في جانبٍ وصار أرباب هذه التسويه في جانبٍ آخر والجميع تحت القبضه الحديديه لإنقلاب أكتوبر ومليشياتِهِ.
# أسئلَةٌ تَطرَحُ نَفْسَها الآن :
ما الذي يجعَل إنشاء جهاز للأمن الداخلي أمراً مُلِحّاً ( الآن ) تحت ظل هذا الإنقلاب بعيداً عن السُلطه الثوريه الفعليه التي ضحّت وقامت بهذه الثوره وقدّمَت الشهداء والجرحى وما زالَت وهي التي تعرف المصلحه الحقيقيه لهذا الوطن المنكوب؟ مَن هو النظام الحاكم الذي سوف يقوم هذا الجهاز بحمايَتِهِ والذودِ عنه؟ هل هي سُلطَة اللجنه الأمنيّه الإنقلابيه ومليشياتِها التي تعيثُ في الوطَنِ قَتلاً وفساداً وبيعاً وتخابُراً وإرتِزاقَاً ؟ هل هي السُلطه التفاوُّضِيّه القادِمه ، في إجراءٍ إستِبَاقي ، التي ستَخْرُج من جلابيب القوى الإقليميه والإتحاد الأفريقي والقوى العالميه والتي تستصحِبُ معها نَفس الأوجُه التي أراقت الدماء والتي تعمل الآن بمعزِلٍ عن قوى الثوره التي تَقِفُ على الأرصِفه المُخَضّبه بالدّماء؟
ما السبب الذي أدى للعمل على هيكَلةِ الشرطه الآن؟ لقد إعتَرَضنا على إجراءِ أيّ هيكله للقوات النظاميّه بواسطة أيّ كيانات في الخدمه نادينا بوجوبِ أن لا تُمَس القوات النظاميه بغرض إصلاح شأنِها إلّا بأيدٍ ( ثوريّةٍ ) يُجمِعُ عليها أصحابُ الشأن في الوقت الصحيح الذي يُمسِكُ فيهِ أصحابُ الشأن بخيوطِ اللُّعبَةِ جميعِها حينَ ينتصِر الشارع وإلّا فسوف نَبقى ندور في نفس الحلقةٍ المُفرغه التي نحنُ فيها ألان.
لقد فشلنا في تنفيذ أجندة ثورة ديسمبر بسبب السطو الذي تعرّضت لهُ الثوره ممن لا يعرفون للأوطان ولا لشعبهم قيمه. سنقفُ بكُلّ ما أوتينا من قوّه في وجهِ هذه المحاولات الجديده المرتبطه بشكلٍ وَثيق بالتسويه الجاريه الآن لافِتينَ النظر إلى أن أربابَها هُم نَفسُ مَن أزرى بالوطن وبتطَلُّعَاتِ أبنائهِ سابقاً.

melsayigh@gmail.com

 

آراء