جيل الاستقلال.. البدايات والمآلات (3 من 10)
الدكتور عمر مصطفى شركيان
18 January, 2023
18 January, 2023
shurkiano@yahoo.co.uk
مها يكن من أمرهم، فقد ترك أولئك وهؤلاء وصايا خالدة لورثة الحكم في السُّودان عشيَّة مغادرتهم للبلاد، وبخاصة الوصيَّة التي عبَّر عنها الحاكم-العام البريطاني السير روبرت هاو في احتفال الوداع الذي أُقامه له أهل السُّودان في مدينة أم درمان. تلكم الوصايا – على اختلاف مشاربها ومجالاتها – تركَّزت على أهميَّة التعاطي الرشيد مع الاختلاف الإثني والثقافي والسياسي الذي يمتاز به أهل السُّودان، وحذَّروهم من مهدِّدات المجاعات التي قد تضرب بالبلاد، وكوارث الجفاف والتصحُّر، إن هم أساءوا إدارة موارد البلاد، والجهل المتفشي، والأمراض المستوطنة والوبائيَّة التي لم يتم استئصالها بعد، وفوق ذلك كله قضيَّة الجنوب وهي في باكورة عهدها. برغم من ذلك كله، لا حياة لمن تنادي. وفي نهاية الأمر نستطيع أن نقول إنَّ ذلكم الجيل لم تكن له خطة لعلاج قضيَّة الوحدة الوطنيَّة بين الشمال والجنوب، وتنمية المناطق التي تركها الاستعمار دون أيَّة بنى تحتيَّة أو مشاريع اقتصاديَّة، والفشل الذريع في انتشال البلاد من وحل الأميَّة، واقتلاع أسباب المجاعات المتكرِّرة، والقضاء على الأمراض المستوطنة، بل اكتفوا بترديد شعارات جوفاء منها "التحرير قبل التعمير". فهناك ثمة أوهام كثيرة لعبت بعقولهم، ورانت على قلوبهم، حتى جارت بهم عن سواء السبيل، فأسرفوا على أنفسهم، وعلى الشعب السُّوداني بكلام كثير لا يقدِّم ولا يؤخِّر، ولا يغني عنهم ولا عن غيرهم شيئاً، ثم أرهقوا أنفسهم، وأرهقوا النَّاس من أمرهم عسراً.
لقد كتبنا هذا اليسير في غير إطالة ولا إملال عن طائفة من أهل السياسة القدامى، وكل ما أردناه بهذا المختصر أن نلفت نظرة شبابنا ورجال السياسة إلى قراءة تلك الكتب التي ذكرناها إيَّاها، ويكثروا قراءتها والتدبُّر فيما جاء فيها، فسيجدون فيها تاريخاً يمكن أخذ العبر والدروس منها. وفي تدارس هذه الكتب ينبغي عدم الارتهان إلى القراءة الخطلاء لسيرورة التاريخ، فالتاريخ السُّوداني دوماً ملتاث، ولعلَّ هذه القراءة المعطوبة هي السبب الرئيس لتفلت خيوط اللُعبة السياسيَّة من أيدي اللاعبين الذين تمنوا وراثة الأرض وما عليها، وتسبَّبوا في نكث غزل النسيج الاجتماعي، واستنكفوا عن الحق، والاستنكاف رفض مع استكبار.
للمقال بقيَّة،،،
مها يكن من أمرهم، فقد ترك أولئك وهؤلاء وصايا خالدة لورثة الحكم في السُّودان عشيَّة مغادرتهم للبلاد، وبخاصة الوصيَّة التي عبَّر عنها الحاكم-العام البريطاني السير روبرت هاو في احتفال الوداع الذي أُقامه له أهل السُّودان في مدينة أم درمان. تلكم الوصايا – على اختلاف مشاربها ومجالاتها – تركَّزت على أهميَّة التعاطي الرشيد مع الاختلاف الإثني والثقافي والسياسي الذي يمتاز به أهل السُّودان، وحذَّروهم من مهدِّدات المجاعات التي قد تضرب بالبلاد، وكوارث الجفاف والتصحُّر، إن هم أساءوا إدارة موارد البلاد، والجهل المتفشي، والأمراض المستوطنة والوبائيَّة التي لم يتم استئصالها بعد، وفوق ذلك كله قضيَّة الجنوب وهي في باكورة عهدها. برغم من ذلك كله، لا حياة لمن تنادي. وفي نهاية الأمر نستطيع أن نقول إنَّ ذلكم الجيل لم تكن له خطة لعلاج قضيَّة الوحدة الوطنيَّة بين الشمال والجنوب، وتنمية المناطق التي تركها الاستعمار دون أيَّة بنى تحتيَّة أو مشاريع اقتصاديَّة، والفشل الذريع في انتشال البلاد من وحل الأميَّة، واقتلاع أسباب المجاعات المتكرِّرة، والقضاء على الأمراض المستوطنة، بل اكتفوا بترديد شعارات جوفاء منها "التحرير قبل التعمير". فهناك ثمة أوهام كثيرة لعبت بعقولهم، ورانت على قلوبهم، حتى جارت بهم عن سواء السبيل، فأسرفوا على أنفسهم، وعلى الشعب السُّوداني بكلام كثير لا يقدِّم ولا يؤخِّر، ولا يغني عنهم ولا عن غيرهم شيئاً، ثم أرهقوا أنفسهم، وأرهقوا النَّاس من أمرهم عسراً.
لقد كتبنا هذا اليسير في غير إطالة ولا إملال عن طائفة من أهل السياسة القدامى، وكل ما أردناه بهذا المختصر أن نلفت نظرة شبابنا ورجال السياسة إلى قراءة تلك الكتب التي ذكرناها إيَّاها، ويكثروا قراءتها والتدبُّر فيما جاء فيها، فسيجدون فيها تاريخاً يمكن أخذ العبر والدروس منها. وفي تدارس هذه الكتب ينبغي عدم الارتهان إلى القراءة الخطلاء لسيرورة التاريخ، فالتاريخ السُّوداني دوماً ملتاث، ولعلَّ هذه القراءة المعطوبة هي السبب الرئيس لتفلت خيوط اللُعبة السياسيَّة من أيدي اللاعبين الذين تمنوا وراثة الأرض وما عليها، وتسبَّبوا في نكث غزل النسيج الاجتماعي، واستنكفوا عن الحق، والاستنكاف رفض مع استكبار.
للمقال بقيَّة،،،