زميلُنا الصحفي النشط (ناصف عبد الله) يتابعه الكثيرون عبر شبكات التواصل، لأنه اكتسب صدقية عالية في الأخبار الخاصة التي يبثها تحت اسم (شبكة مونتي كاروو) وليس هناك خطأ مطبعي فهو يكتبها هكذا عن قصد..
أمس نقل ناصف خبراً خطيراً للغاية، ليس في نصه المباشر بل في ما خلف السطور والصدور..
يقول الخبر العجيب إنَّ الفريق طه عثمان مدير مكاتب رئيس الجمهورية السابق، الموجود حالياً خارج البلاد، علّق –غاضباً- على التنقلات الأخيرة في أجهزة الدولة، ووصفها بأنها (القرارات تستهدف تصفية وتطهير أبناء الجعليين من الوظائف العامة..).
طبعاً لن يرتفع حاجب الدهشة لأي خبر يكشف المفاصلة والمفاضلة القبلية في مؤسسات الدولة خاصة الدستورية، في مجلس الوزراء والبرلمان والمجالس التشريعية وحتى الولاة.. لأنَّ الانتماء القبلي أصبح على صدارة المؤهلات التي ترفع أقواماً وتخفض أقواماً في ميزان الدولة.. ولم يتبقَّ إلاَّ أن يعدل الدستور لإدراج مادة تقنن نظام التمييز القبلي في السودان (على غرار نظام التمييز العنصري بجنوب أفريقيا في الماضي)..
كل هذا لا يستحق الدهشة.. فالقبلية التي كرست لها الحكومة أصبح يراق على جوانبها الدم.. لكن الذي حيرني أن يصل الأمر إلى مرحلة (حرب الجعليين والشوايقة).. آخر خطوط النار..
ربما بحكم الموقع الجغرافي المتداخل والوسطي والتمازج الجيني والتاريخي لم يكن التمايز بين الجعليين والشوايقة– في واقعنا السياسي الحديث- إلاَّ مادة للنكات والتسلية الاجتماعية البريئة، وحتى في أضيق الظروف فهو مجرد تنافس لا تمايز.. وأكرر.. حتى لا يفهم حديثي هذا خطأ.. أنَّ ذلك بسبب التمازج والتداخل الجغرافي والجيني القديم..
لكن عندما يأتي يوم كهذا الذي نتوكأ على فتنه، ويعلن من كان إلى وقت قريب أحد أهم صناع القرارات في البلاد، الفريق طه عثمان، أن (حرب الجعليين والشوايقة) جارية على أشدها.. بل ويحذر من غضبة (المك نمر) حال استمرار هجمة (الشوايقة)، فإنَّ الذي يجب أن ينتبه له الجميع ليس مفردات وتفاصيل (حرب الجعليين والشوايقة) بل المدى الذي وصلت إليه أسلحة الدمار الشامل التي يجتهد الساسة المتصارعون في الحكم الوصول إليها واستخدامها في حربهم الذاتية..
في الوقت الذي تتطهر فيه أفريقيا كلها من رجس التخاصم القبلي، الذي نحر ملايين من الأفارقة مجاناً بلا هدف، وتتطور القوميات الأفريقية نحو آفاق تتسع للتنوع بل وتفخر به، يرتد ساستنا إلى مزيد من السقوط الإنساني في استثارة التنوع الجيني وإشعال النار في وقود عصبياته النائمة..
لو استمر الحال، سيأتي يوم ينتفض فيه أولاد الخرطوم 2 ضد أولاد الخرطوم واحد!!
حرب عبثية يتسلى بها من لا تحرقه نارها!!
///////////////