حكاية العودة للثكنات !!
د. مرتضى الغالي
26 July, 2022
26 July, 2022
هناك فجوة غاية في الخطورة في فهم الإطراف الدولية لمجريات السودان الآن..! ولكنها للمفارقة (فجوة مأساوية) ناتجة عن عدم توقع أن يكذب أصحاب المناصب العليا على شعبهم من فوق المنابر..! وهذه الجهات الدولية الخارجية تأخذ ما يقوله قادة الدول والمسؤولون على أنه يمثل حقيقة مواقفهم وأنهم على التزام صارم بما يدلون به من إعلانات رسمية عبر خطابات علنية موجّهة للشعب..!
والذي يعنينا كمثال لذلك ما حدث من ترحيب من دول الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا بإعلان البرهان عن عودة الجيش إلى الثكنات..! ولربما أنهم لا يدرون إن هذا الإعلان ليس فيه (ذرّة من الحقيقة) إنما كان القصد منه (ذر الرماد في العيون الخضراء) حيث لم تتحقق منه خطوة واحدة.. بل في اليوم التالي أعلن البرهان عن تعيين عسكريين في قيادة الولايات جميعها؛ كما أعلن عن تعيين مجموعة كبيرة من العسكريين والأمنيين والنظاميين في سفارات وزارة الخارجية دعك عن (عسكرة الدولة) بالكاملة التي تجري على ساق وقدم..ودعك من الشوارع المدججة بحاملي السلاح الذي يقتلون الناس عياناً بياناً ويضربون المدنيين المسالمين في الطرقات ويلاحقونهم بالمركبات العسكرية والمجنزرات في الأزقة والحواري ويعتقلون الناس جزافاً من منازلهم بل ويقومون بتعذيبهم في أماكن مجهولة خارج ضبطية الدولة..!!
إذن ما هو هدف البرهان من هذا التصريح المُخادع..؟! وليحدثنا ماذا فعل بهذا الالتزام بعودة الجيش إلى الثكنات عندما خرج على الناس في خطاب طويل عريض لم يكن من هدف من ورائه غير اللعب على المجتمع المحلي والمجتمع الإقليمي والدولي..؟! محلياً لا يمكن أن للشعب أن يُخدع فهو يعايش ممارسات الانقلاب (ساعة بساعة) ويوماً بيوم..ويعلمون مدى بطشه ودمويته وسياطه وبنادقه ورصاصة و(خراطيشه)..كما يعلمون كيف تجري عسكرة الحياة المدنية ودواوين الدولة...ويكفيك منها أن يتجاهل البرهان كل تقاليد العمل الدبلوماسي وكل هذا الحشد من السفراء المهنيين الذين تحتشد بهم وزارة الخارجية ويلجأ إلى تعيين الجنرالات القدامى والجدد في مجال غير مجالهم وكثيرون منهم كانوا قد خرجوا في القنوات الدولية والمحلية يؤيدون الانقلاب ويدافعون عن قتل الشباب المسالم في أسوأ معرض للكهول والشيوخ عندما (يعيبون)..! وهذه من الفوادح في مصفوفة القيم السودانية واستنكار الطيش على من يبلغ من العمر عتياً ويصبح صاحبه في حُكم (الشايب العايب)..!!
...إنهم يظهرون بلحاهم البيضاء وسحناتهم التي (كرمشها) العمل تحت الإنقاذ وأورثها ملامح النفاق والتمسح بثياب الانقلاب المخضبة بالدماء وها هو البرهان يكافئهم على ما أسلفوا من كيل مديح غير مُستحق له ولانقلابه الزنيم الذي لا يستحق غير الذم والشتم لأنه لم يترك حُرمة لم يستبحها..!!. هذا الانقلاب لو كان لهواء المنافقين ذرة من وطنية لأدركوا أنه من أسوأ ما يمكن أن تُبتلى به بلاد...فقد هوى بالوطن إلى القاع وعطل مسيرة البلاد نحو التعافي بل أعادها إلى ما وراء القرون الوسطى..وأضاع عليها ما لا يمكن أن يقاس من السنوات والعقود التي تحتاج إلى ما يشبه المستحيل لإعادة الوطن إلى ما كان عليه قبل يومهم المشؤوم 25 أكتوبر 2021..!!
ولا نريد أن نحصي الإضرار المهولة والأوزار الجسيمة التي وقعت بعد الانقلاب من حيث انهيار الاقتصاد وفقدان العون الدولي وإهدار كرامة المواطن والزراية بالوضع المعيشي الذي أصبح من النماذج القياسية ومما تشيب من هوله نواصي الإحصاءات والقياسات..!! كما إننا لا نريد أن نوقظ الأحزان على الأرواح التي أزهقها الانقلاب المشؤوم منذ إطلالته الدموية (الفرانكشتاينية) والتي أربى عدد القتلى فيها على أكثر من 700 نفس..ولا تسل عن الجرحي والمصابين والمفقودين والمحبوسين..ولا تسل عن حالات الموت بسبب فقدان الرعاية الطبية والفقر والعوز وغياب الخدمات..ولا تسل عن (قوافل اللجوء الجديدة) ولا عن ضحايا التفلتات الأمنية وانتشار السلاح والسرقات المسلحة ولا عن (نهبتوت الإنقاذيين اللصوص) واهتبال موارد البلاد وخزينتها العامة ومواردها الثمينة وذهبها ومعادنها...!
هل لا يزال العالم الخارجي والأممي والاتحاد الأوروبي والترويكا على ترحيبهم بما أعلنه البرهان عن عودة الجيش للثكنات..! أم إنهم مطالبون وقد قضت الأوضاع بتدخلهم في الشأن السوداني أن يراجعوا حقيقة هذا الإعلان وما يجري على الأرض..إن سكة الانقلاب هي سكة الإنقاذ وقد خبر العالم الإنقاذ..! هذه هي عقيدتها؛ لا تستحي من لحيتك..أطلق الأكاذيب واهرب تحت غبارها إلى أن تجد مخرجاً...اكذب على الناس فهذا من المباحات لك..ولا تخجل من الكذب وعليك أن تستغل (تصديق الخواجات بكل ما يُقال) واعتقادهم أن المسؤول لا يمكن أن يكذب على الشعب أو يتنصل عما يعلنه بعضمة لسانه..دعك من قيام المسؤول بقتل أبناء شعبه..!!
الشعب يعلم كيف يناضل من اجل حريته واستعادة دولته ولكن على الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا إعادة النظر في ترحيبها بهذا الإعلان الكاذب الذي أطلقه البرهان والإقرار بأنه قد كذب على نفسه وعلى شعبه وعلى العالم..!! الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@yahoo.com
/////////////////////////
/////////////////////////////
والذي يعنينا كمثال لذلك ما حدث من ترحيب من دول الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا بإعلان البرهان عن عودة الجيش إلى الثكنات..! ولربما أنهم لا يدرون إن هذا الإعلان ليس فيه (ذرّة من الحقيقة) إنما كان القصد منه (ذر الرماد في العيون الخضراء) حيث لم تتحقق منه خطوة واحدة.. بل في اليوم التالي أعلن البرهان عن تعيين عسكريين في قيادة الولايات جميعها؛ كما أعلن عن تعيين مجموعة كبيرة من العسكريين والأمنيين والنظاميين في سفارات وزارة الخارجية دعك عن (عسكرة الدولة) بالكاملة التي تجري على ساق وقدم..ودعك من الشوارع المدججة بحاملي السلاح الذي يقتلون الناس عياناً بياناً ويضربون المدنيين المسالمين في الطرقات ويلاحقونهم بالمركبات العسكرية والمجنزرات في الأزقة والحواري ويعتقلون الناس جزافاً من منازلهم بل ويقومون بتعذيبهم في أماكن مجهولة خارج ضبطية الدولة..!!
إذن ما هو هدف البرهان من هذا التصريح المُخادع..؟! وليحدثنا ماذا فعل بهذا الالتزام بعودة الجيش إلى الثكنات عندما خرج على الناس في خطاب طويل عريض لم يكن من هدف من ورائه غير اللعب على المجتمع المحلي والمجتمع الإقليمي والدولي..؟! محلياً لا يمكن أن للشعب أن يُخدع فهو يعايش ممارسات الانقلاب (ساعة بساعة) ويوماً بيوم..ويعلمون مدى بطشه ودمويته وسياطه وبنادقه ورصاصة و(خراطيشه)..كما يعلمون كيف تجري عسكرة الحياة المدنية ودواوين الدولة...ويكفيك منها أن يتجاهل البرهان كل تقاليد العمل الدبلوماسي وكل هذا الحشد من السفراء المهنيين الذين تحتشد بهم وزارة الخارجية ويلجأ إلى تعيين الجنرالات القدامى والجدد في مجال غير مجالهم وكثيرون منهم كانوا قد خرجوا في القنوات الدولية والمحلية يؤيدون الانقلاب ويدافعون عن قتل الشباب المسالم في أسوأ معرض للكهول والشيوخ عندما (يعيبون)..! وهذه من الفوادح في مصفوفة القيم السودانية واستنكار الطيش على من يبلغ من العمر عتياً ويصبح صاحبه في حُكم (الشايب العايب)..!!
...إنهم يظهرون بلحاهم البيضاء وسحناتهم التي (كرمشها) العمل تحت الإنقاذ وأورثها ملامح النفاق والتمسح بثياب الانقلاب المخضبة بالدماء وها هو البرهان يكافئهم على ما أسلفوا من كيل مديح غير مُستحق له ولانقلابه الزنيم الذي لا يستحق غير الذم والشتم لأنه لم يترك حُرمة لم يستبحها..!!. هذا الانقلاب لو كان لهواء المنافقين ذرة من وطنية لأدركوا أنه من أسوأ ما يمكن أن تُبتلى به بلاد...فقد هوى بالوطن إلى القاع وعطل مسيرة البلاد نحو التعافي بل أعادها إلى ما وراء القرون الوسطى..وأضاع عليها ما لا يمكن أن يقاس من السنوات والعقود التي تحتاج إلى ما يشبه المستحيل لإعادة الوطن إلى ما كان عليه قبل يومهم المشؤوم 25 أكتوبر 2021..!!
ولا نريد أن نحصي الإضرار المهولة والأوزار الجسيمة التي وقعت بعد الانقلاب من حيث انهيار الاقتصاد وفقدان العون الدولي وإهدار كرامة المواطن والزراية بالوضع المعيشي الذي أصبح من النماذج القياسية ومما تشيب من هوله نواصي الإحصاءات والقياسات..!! كما إننا لا نريد أن نوقظ الأحزان على الأرواح التي أزهقها الانقلاب المشؤوم منذ إطلالته الدموية (الفرانكشتاينية) والتي أربى عدد القتلى فيها على أكثر من 700 نفس..ولا تسل عن الجرحي والمصابين والمفقودين والمحبوسين..ولا تسل عن حالات الموت بسبب فقدان الرعاية الطبية والفقر والعوز وغياب الخدمات..ولا تسل عن (قوافل اللجوء الجديدة) ولا عن ضحايا التفلتات الأمنية وانتشار السلاح والسرقات المسلحة ولا عن (نهبتوت الإنقاذيين اللصوص) واهتبال موارد البلاد وخزينتها العامة ومواردها الثمينة وذهبها ومعادنها...!
هل لا يزال العالم الخارجي والأممي والاتحاد الأوروبي والترويكا على ترحيبهم بما أعلنه البرهان عن عودة الجيش للثكنات..! أم إنهم مطالبون وقد قضت الأوضاع بتدخلهم في الشأن السوداني أن يراجعوا حقيقة هذا الإعلان وما يجري على الأرض..إن سكة الانقلاب هي سكة الإنقاذ وقد خبر العالم الإنقاذ..! هذه هي عقيدتها؛ لا تستحي من لحيتك..أطلق الأكاذيب واهرب تحت غبارها إلى أن تجد مخرجاً...اكذب على الناس فهذا من المباحات لك..ولا تخجل من الكذب وعليك أن تستغل (تصديق الخواجات بكل ما يُقال) واعتقادهم أن المسؤول لا يمكن أن يكذب على الشعب أو يتنصل عما يعلنه بعضمة لسانه..دعك من قيام المسؤول بقتل أبناء شعبه..!!
الشعب يعلم كيف يناضل من اجل حريته واستعادة دولته ولكن على الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا إعادة النظر في ترحيبها بهذا الإعلان الكاذب الذي أطلقه البرهان والإقرار بأنه قد كذب على نفسه وعلى شعبه وعلى العالم..!! الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@yahoo.com
/////////////////////////
/////////////////////////////