حين زفوا إليه صحة الخبر

 


 

 

siddiegderar@yahoo.com

وكان حين زفوا إليه صحة الخبر ،
وقالوا بأن الوفد أسفل الجسر
عند منحنى الطريق الدائرى
حيث سكة السفر .
من حيث تعبر الشاحنات مثقلات
بالذى يمر عبر بوابة الميناء
من حليب ومن دمقس ومن درر .
قالوا بأن الوفد فى انتظاره ،
يحمِّلون كل نسمة إلى الخرطوم ذاهبةً
سلامهُمُ المهذب الحذر
ويشبكون فى بريدها
صحيفة تشرح همهم
وأن فرصة النجاة فى الحياة
فى خطر
هذا لأن حكومة الإنقاذ خبَّرتهم بأنها :
ستعطى الناس حقهم
- فى حدود الشريعة الغراء والأطر
وأن ما فرضه الله لعباده
يأخذونه فى الدنيا
. . أو فى نعيم الآخرة
: - كان وقتها يجلس فى الظل
تحت سقيفة الكبارى التسعْ .
يداعب الباسنكوبَ الذى استكان فى حضنهِ
وينبض الوترْ
- غامت أمام عينه الأشياء ،
واندلقت أشرطة الصور
كأنما رأى بأنه :
فى ساحة الميناء حاملا
وعاملا يتقافز فى رشاقة النمر .
كأنما رأى بأنه آخر النهار عائدٌ
محملا بالقطف الجنى والثمر
كأنما رأى :
أطفالا من الجنان قد أُنزلوا
على بوَّابة المهمشينَ
فى شُرَّاعة السَحَر
منمنمة أثوابهم ،
نظيفة أجسادهم
غسلت بالثلج و البَرَدِ
و بالمطر
وفتيةً تَحدَّروا من العلياءِ
باسمة وجوههم
طاهرة قلوبهم
لا يضمرون غلآًّ
ولا يشكِّلون هاجسا خَطِر .
كأنما رأى نسوةً
تضوع من أجسادهنَّ
رائحةُ الخبيز المستحر .
ونعمةً من السماءِ
اختصَّ بها اللهُ
مضارب البجاةِ
ومن ساكنهم
من رفقةٍ وأصدقاءْ
ومَنْ على ديارهم عبر
كان كلُّ هذا الكون والفضاءْ
مسرحا للهوهِ
يشتط به أنَّى شاءْ
لم يكن يعلم أن هذا الطريق الدائرى
والذى يحمل الخيرات إلى الخرطوم
هو نفسه الذى يأتى بالغزاةِ
المجرمين القاتلين من الخرطوم
محملين بالغاز اللعينِ
وبالرصاص والسموم
كان أكبر همه أن يرقب البحرَ
وكانت الجبال منظارهُ
يصعد شاهقَها ليرصد الأفقَ ،،
وأبعدَ من مرمى البصر
البحر كان يأتيه بالموتِ
ويبعث فى داخله الرعبَ والجنون
وكانت الجبالُ حِصنه المنيعَ
والقلعةَ التى تتصدعُ
عند بوَّبتها فزَّاعةُ الخطر
الآن الموت يأتيه من الداخلِ
من الأرض التى يسكنها الذين
كان يذودُ عن قيانهم
ويبعد الفتنة عن أوطانهم
ويجنبهمُ مشقة القتال حين يستعر
ما استفاق من غفوته
إلا وجاحم الجحيم منهمر
لعلعَ الرصاصُ
واستشاط فى السماء وانتشر
واخترقت إحداهاعظام رأسهِ
واستقرت فى باطن اليافوخِ
خلف جبينه الأغمْ
وانفثأ الدم
إنفثأ الدمُ الوردىُّ من ثقبى أنفه والفم
وأُسقطت من بين شفتيه بقايا أغنية
" إكدوناى . . إكدوناى . . بادميبا . . . "
وسال من اللهات بعض من
إسمك الجميل يا تُولْهَيْتِى
خرَّ بجسمه الناحل فى الثرى مضرجا
وانقبضت ضلوعُه تحت العروق النافرة
وانقشع الغطاء عن ترسبات السم
عن الصديد الذى أفرزه السلُّ
تحت الرئة المهترئة
جرجر الليل أذيالهُ
وأفسح المجال للدموع الماطرة
بكت عليه كل حرة
وكل نجمة مهاجرة
لأنهم قد حلموا ببساطة الأشياء
ثم حملوا عريضة صغيرةً
/ مذكرة
يطلبون فيها أن تكون لهم
قيمة الإنسان على الأرضِ
وستر العرضِ
وقدراً من التعليم والصحة والماءْ
وقليلا من العدل والتساوى ،،
فى فرص الوظيفة
لاكتساب لقمة شريفة
ولأنهم قد طلبوا بعضاً
مما حباهم الله به – فى أرضهم
وجادت به ديارهم
- وحتى يسمعون المقصود / الحاكم صوتهم
فقد تزيُّوا بأجمل ما لديهم
من الحلى والحلل
وكل ما يليق بجلالِ
المقصود / والمناسبة
وهم من يقول عنهم الذينَ
يحكمون من الخرطوم
يقولون عنهمُ
: ـ بأن المهمشين
ليسوا همُ الشريحة المنسية
فهم جزء من ثروتنا القومية
حين يعرضون أمام السياحِ
مهاراتهم الفنية
وحين يؤدون رقصة السيفِ
وحين يستعرضون فنونهم الحربية
وهم يُشركون
فى جميع المحافل الدولية
بنفس هذا الزِىِّ
وبنفس هذى الحراب المشرعة
وبنفس هذى السيوف الراعفة
وبنفس هذا الشوتالِ
. . وهذه العصاية المعقوفة
وهمُ الذين يؤتى بهم
أمام الضيوف من رؤساء وزائرينْ
وفى كل ما يقام من مناسباتنا الدينية
وفى بعض الأعياد وبعض المواسم الشعبية
وفى احتفالات هذى الحكوماتِ
بإنجازاتها الثورية
هذا ما يقوله عنهم
الذين يحكمون من الخرطوم –

وهم الآن قد تزيوا
بما يليق بجلالِ
المقصود والمناسبة
( بالسيف و الحربة والشوتالْ )
وبالعصاية المعقوفة
فكيف استقام أن أصبحت
هذه الأشياء
ضربا من الحرابةِ
والفتنةِ
والتمردِ
والجريمة !

يا أيها الليل الطويل ألا انجلى
ففى صباح الغد لى أجسام أواريها الثرى
ألا أيتها السماء قد صعدت إليك
سرية من الأرواح الطاهرة
فبللى جراحَ امهاتهم
واحتسبى لهن مأثرة
يا أيها الليلُ
ينام البعض فى قصورهم
و طائر الصدى يقض مضجعى
ويودى بين يدى دينا لأثأره
///////////////////////////

 

 

آراء