حٌكم (دولة) و إدارة (ضيعة) ..!بقلم: هيثم الفضل

 


 

هيثم الفضل
3 October, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
كتب حسين مهدي إسماعيل في صفحتة بفيس بوك : عشرون عاماً قضيتها من عمري مُراجعاً عاما لكل المؤسسات الحكومية في كل أنحاء السودان إبان فترة الإنقاذ ، عشرون عاما عملت خلالها بجل ولايات السودان ومنها ولاية الخرطوم ، ولاية القضارف ، ولاية كسلا ، ولاية الجزيرة وولاية نهر النيل ، أستطيع أن أقول وبكل صدق أن فساد الانقاذ لم تره عين ، ولا سمعت به أذن ، ولا خطر على قلب بشر ، عشرون عاماً حرَّكت فيها مختلف أنواع القضايا الجنائية بالتعدي على المال العام ومخالفة القانون الجنائي لسنة 1991 بكافة مواده ضد نافذين ومتسلِّقين في نظام الإنقاذ ، ولم أترك مؤسسة في هذه الولايات إلا ولي فيها أحدٌ أصبتهُ بضربة سيف أو طعنة رمح أو شكة خنجر ، عشرون عام وتقاريري تعُج بكل انواع الجرائم من خيانة الامانة العامة ، والتملُّك الجنائي ، والتكسُّب عن طريق الاحتيال ، وتضارب المصالح conflicts of interests ، وغسيل الاموال العامة ، والإختلاسات ، والثراء الحرام ، والتكسُّب من وراء كرسي الوظيفة العامة ، وإستغلال النفوذ الوظيفي ، والرشاوي ، ولم يتم تقديم تقرير واحد من تلك التقارير التي أودعتها جميعاً منضدة النائب العام وفُتحت فيها بلاغات وحُركت فيها اجراءات لأيٍ من المحاكم ولم يُحاسب فيها أحد ، ودائما تتوقَّف عند النائب العام ولا تتعَّداه لسوح القضاء والعدالة!! ، ودائما يُعاد المتهم للخدمة وفي وظيفةٍ أرفع مما كان عليها قبل وقوع الجريمة ، كما أنني وطيلة فترة العشرين عام هذه والتي قضيتها في ديوان المراجع العام لم أشهد أي قضية (على كثرة تلك القضايا) في المال العام قد تم تحريكها بواسطة المراجع العام ضد أي نافذ في نظام الإنقاذ أو دستوري أو جمهوري إعتدى على المال العام للمحاكم وفي كل أنحاء السودان وحتى سقوط النظام ولم يُحاكم أي سوداني في قضايا فساد رغم إنتشاره إنتشار النار في الهشيم .( إنتهى مقال أو تصريح الأستاذ حسين مهدي إسماعيل ) .
وأقول لأستاذنا حسين الذي تبدو الحسرة سافرة في الأحرف التي وصفت مآساتهُ ومأساة الأمة السودانية ، وقد رواها بلسانِ من يعتبر نفسهُ واحداً من (حُرَّاس) المال العام في دولة (المؤسسات) ، أظنك أخي قد فات عليك أن ماكان قبل ثلاثون عاماً من حكم الإنقاذ المشئوم لم يكن (حُكم دولة) ، بقدر ما كان (إدارة ضيعة) للإنقاذيين وحلفائهم من النفعيين ، فكيف تريد أن يُحاسب (المالك) في ما (يملِك) !! ، أقول لك يا صديقي لا تحزن لأن الحزن قد فاق حدود الفساد الذي كنا نظنهُ (محصوراً) فقط في التعَّدي على المال العام وإستغلال الكُرسي والسلطة ، فقد علمنا فيما بعد أو قل في عهدنا هذا الذي ما زالت تسيطَّر على مُقدَّراته الدولة العميقة أن (الفساد) الإنقاذي تجاوز المال العالم ليلِج إلى مغبة (قطف) أرواح شابات السودان وشبابه ، والعمل على إعاقتهم جسدياً ومعنوياً ، ومطاردتهم في الشوارع كالخارجين عن القانون والزج بهم في المعتقلات ، لا لشيء سوى أنهم يطلبون الحرية وحقوقهم المسلوبة وشيئاً ولو يسيراً من عدالة ! ، علينا أن نُعمل عبر (فقه الواقعية) في مُدارسة وتحليل واقعنا السياسي والإداري والأخلاقي في عهد الإنقاذ البائدة ، إنطلاقاً من إتفاقنا جميعاً على أن ما كان لم يكن أمر دولة بقدر ما كان (غنيمة) حرب أحلها المتأسملين لأنفسهم بما في ذلك أموالنا وأرواحنا وحقوقنا الأساسية ، ولو قُدَّر لهم الإستمرار لطلبوا (الجزية) من أمثالنا وأمثال من يرفعون تقارير الفساد بإسم ديوان المراجع العام بإعتبارنا من المارقين ، ودونكم ما يسنهُ جبريل إبراهيم من ضرائب وجبايات (كيدية) كأنها تستهدف معاقبة الشعب السوداني على ثورته المُقدَّسة ضد تيار الإسلام السياسي في ديسمبر المجيد ، ما بعد سقوط إنقلاب 25 أكتوبر الوشيك ، يجب أن يتعامل (المُستأمنون) على الفترة الإنتقالية مع السودان بإعتباره دولة (تُنشأ أو تُعلن) من جديد ، هذا أو الطوفان وعودة الطُغاة التي لم تعُد خافية ومُعلنة بلا وجل ولا حياء ، ومثلما وصل بالأمس إيلا إلى بورتسودان ساتراً سوءته بثوب القبلية ، سيعود غداً غيره من المجرمين متدثرين بثوب الإسلام أو معاداة العلمانية أو غيرها من الثياب التي لا يستحون من إرتداءها وخلعها وقتما شاءوا ووقتما إقتضت المصالح والمغانم ، وإن غداً لناظره قريب.

haythamalfadl@gmail.com

 

آراء