خاطرة !!

 


 

 

في مثل هذه الايام من أكتوبر 2004 ،كانت حرب الابادة العرقية التي تشنها حكومة الانقاذ في دارفور تجري في اعنف صورها،وكانت جريدة الايام تتصدي لتلك الحرب وبجسارة ،حيث كان رئيس تحريرها وكتابها هدفاً يومياً لاجهزة الامن وقضاة سلطة القهر والاستبداد . كانت السلطات الامنية تطلب من الصحيفة عدم نشر أخبار عن المعارك التي تجرى في دار فور خلال ال24ساعة القادمة ،وذلك بغرض التغطية علي جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الانسان .
لم يكن رئيس التحرير الاستاذ محجوب محمد صالح يضع لنا اي محاذير في تناول ما يجري علي الساحة من أخبار وتعليقات واستطلاعات وآراء، كنا نتنفس الحرية الصحفية في اسمي معانيها وتطبيقاتها ومهنيتها .
وفي مثل هذا اليوم تناولت في عمودي اليومي (آفاق ورؤي) مايجري من قهر وتقتيل في دارفور في تلك الحرب ،وذكرت أن هناك مليشيات تسند الجيش في تلك الحرب وأشرت بصورة خاصة ل (الشرطة الشعبية) التي نمت وترعرعت بين يدي أحمد هارون والذي كان وقتها وزير دولة بالداخلية وعبد الرحيم محمد حسين وزيراً للداخلية .
كان احمد هارون يشرف عملياً علي ميادين القتال من علي مروحية عسكرية ويصدر اوامره لعلي كوشيب واخرين من عتاة الحروب الاهلية حيث تجري الابادة الجماعية في وادي صالح وعلي أمتداد تلك السهول والهضاب والاودية .
وعلي إثر ذلك العمود الصحفي وببلاغ مباشر من وزير الدولة بالداخلية أحمد هارون ، وجدنا انفسنا ذات صباح في محكمة أمن الدولة بالخرطوم شارع المطار ،فالاستاذ محجوب محمد صالح رئيس التحرير متهم اول وكنت انا متهم ثاني ،وفحوي البلاغ انني وصفت الشرطة الشعبية بانها (مليشيا) وهي قوة من ضمن القوات النظامية وتم تاسيسها بامر دستوري الي ما غيره من دفوعات عن المليشيات التي تقاتل الي جانب الجيش في ذلك الوقت .وتقابلنا في ذلك الصباح الاكتوبري عند بوابة المحكمة ولما كنت ابادل الاستاذ محجوب تحية الصباح خاطبني قائلاً (خلاص دخلت الكور) بمعني انني اصبحت من مرتادي جرائم الحريات الصحفية وكان يرسل ابتسامة دفعت بي نحو أفاق لم أرتادها من قبل .
في داخل المحكمة وجدنا الاستاذ شمينا والذي نذر نفسه كمحامي دفاع عن صحيفة الايام ،وكان هناك عقيد من وزارة الداخلية وهو يمثل الاتهام .
وفي قفص الاتهام تمت تلك الاجراءات الاولية ،ثم رفعت الحلسة لتعاود في تاريخ لاحق .
الانقاذ وقتها كانت منهمكة في محادثات نيفاشا وبين جذوة الحرب ومساحيق التجميل للمجتمع الدولي ،تم الاحتفاظ بذلك البلاغ حتي وقتها .
كانت صحيفة الايام تعري أساطين الحرب ،وتكشف ما يدور هناك بعيداً عن عين العالم ،وهي تخوض معارك الحرية والتحرر من أجل الذي ياتي ولا يأتي.
وهاهي الحرب الان تلتهم البلاد طولاً وعرضاً وبذات سدنتها ورموزها،وتأخذ منحي جديداً من الاهوال وتدفع البلاد نحو المجهول وبذات إيدي صناع الحروب الاهلية و تماثيلهم التي صنعوها .
التحية للاستاذ محجوب محمد صالح و هو بعيداً عن الوطن في منافي الحرب القسرية .

musahak@icloud.com

 

آراء