خطاب البرهان الغام وقنابل موقوته لتكريس الانقلاب

 


 

شريف يس
10 July, 2022

 

خطاب البرهان قصد منه ارباك المشهد السياسي وتشتيت الخصوم والمناورة والمراوغه وكسب الوقت والحسابات السياسيه، بعد مليونيات 30 يونيو العاصفه التي عمت العاصمه و35 مدينه و47 موكبا في معظم انحاء البلاد،في ظل موجه واسعه من الاحتجاجات والمظاهرات والرفض الشعبي الواسع العارم والجسور،الذي قدم 9 شهداء و629 مصاب،والذي تتراكم وتتنوع وسائل واشكال ادواته في الضغط بتنامي وتصاعد نضالاته،التي غيرت في المعادله وموازين القوة علي الأرض، لاستعادة المسار المدني الديمقراطي وانهاء الانقلاب، حيث ارتفع عدد الشهداء الي 114 وتمددت الاعتصامات المتعددة في العاصمه ومدني،والدور الباسل للاجيال الشبابيه الصاعدة تشكل 66% والتي قدمت التضحيات الجسام وهي تنظر للتغيير والمستقبل الأفضل، والانقلاب عاجز لما يقارب ثمانيه أشهر من تشكيل حكومه في ظل الانسداد السياسي والسيوله الأمنيه والأوضاع الاقتصاديه الضاغطه حيث تم تجميد 4.375 مليار دولارهبات ومنح ماليه بعد الأنقلاب،مما ادي الي استفحال الظروف المعيشيه الطاحنه التي يكتوي بنارها المواطن في ظل الغلاء والمعاناة وتدني القوي الشرائيه وتدهور وانهيار الخدمات وارتفاع تكاليفها، وشبح المجاعه التي تهدد الملايين، وفشل الموسم الزراعي وتهريب موارد البلاد للخارج،وضيق الفرص والاحتمالات للانقلاب الذي هو في حاله موت سريري، بعد ملاحم 30 يونيو التي قال فيها شعبنا كلمته وحسم الصراع لخياراته في التحول المدني الديمقراطي، في ظل الحصار والعزله الخانقه للانقلاب، وفشل حلفاء الانقلاب في توفير مرجعيه وحاضنه سياسيه بما فيهم الجبهه الثوريه.
خطاب البرهان في 4 يوليو امتداد لانقلاب 25 أكتوبر و11 ابريل 2019 ونقض العهود والمواثيق، واعترافا ضمنيا وصريحا بفشل الانقلاب، دون الانتقال لمربع جديد يحرك البركه الساكنه ولا يحمل جديدا،يطرح افكارا ومبادرات جادة وحقيقيه للخروج من الأزمه وانهاء الانقلاب ومعالجه القضايا العالقه،واثناء حديث البرهان في خطابه عن حق حريه التعبير كانت القوات النظاميه تحاول فض الاعتصامات بالغاز الكثيف والقنابل الصوتيه والضوئيه،وهذا مربك لمن يدعي الخروج من العمليه السياسيه‘ يقرأ مع التصور الذي طرحه العسكر للآليه الثلاثيه حول عودة الجيش للثكنات، البرهان يتحدث عن حكومه كفاءات تشرف علي ماتبقي من المرحله الانتقاليه وهذا اختزال للمشهد السياسي لان المطلوب حكم مدني لديه مرجعيه دستوريه ومؤسسات للحكم الانتقالي، تحقق الاصلاح والعداله وان تكون للحكومه المدنيه صلاحيات تحقق اهداف الثورة السودانيه، دون تكرار لتجربه حمدوك بعد 21 نوفمبر مع العسكر دون سلطات وصلاحيات،والخطاب نفسه ليس لديه مرجعيه دستوريه، كيف ستشكل هذة الحكومه ومن هم أطرافها ومن الذي سيقوم باختيارها لان الحوار والتشاور يتم مع القوي الساسيه والمطلوب مرجعيه ومؤسسات لادارة شئون البلاد وليس رئيس وزراء يتفاوض مع العسكر،هل المكؤن العسكر سيتولي ذلك كما فعل مع السيادي،الذي قام بحله بعد يومين من بيانه دون انتظار تشكيل الحكومه كما ورد في الخطاب، رغم الابقاء علي حصه سلام جوبا، ولكن يبدو ان هنالك حكومه جاهزة لدي البرهان رهن الاشارة وفي المقابل تكوين مجلس أعلي للقوات المسلحه يمثل السلطه العليا في البلاد بتفويض كامل يكرس الانقلاب والشيطان في التفاصيل، بصلاحيات ومهام واسعه ومضافه لاحقا بعد حل السيادي والاستيلاء علي صلاحياته والصلاحيات التنفيذيه، واحتكار أدوات العنف والقمع والقوة، علما ان قضايا الأمن والدفاع يجب ان تكون تحت اشراف القوي المدنيه وذات طابع فني عسكري،والتغول علي الخارجيه و الداخليه والأمن والدفاع والمؤسسات السياديه،القضاء والنيابه العامه وبنك السودان دون الاستناد لمرجعيه اوضمانات، كما انه لا يخضع للسلطه التنفيذيه ، وتصريف الدوله ودولاب الحكم من وراء ستار وادارة خيوط اللعبه من الخفاء خارج النظام الدستوري، يقبل نتائج الحوار او يرفضها ويقبل الحكومه اويرفضها ايضا،دون ذكر للمرجعيه الدستوريه والقانونيه، او حتي مجرد اشارة لتـأسيس اعلان دستوري جديد، وذلك يعني استمرار الانقلاب وانهاء عمل الآليه الثلاثيه، والعودة للثكنات لا يعدو مجرد خديعه واستهبال سياسي في اطار توزيع الادوار بين البرعان وحميدتي الذي ابتعد عن الاضواء في دارفورفي مهام ترتيبات امنيه تحاول ان تعكس المشهد الخلفي للعودة للثكنات، والمكؤن العسكريعمل لترتيب المشهد المدني ودورة ، وهو يسيطر وله تاثير علي مؤيدي الانقلاب من فلول النظام البائد ووزراء ومستشاري البشير ومجموعه ميثاق التوافق الوطني والحركات المسلحه ، الانقلاب مارس التدخل والتهديد والابتزاز للبعثه الأمميه بسحب وانهاء مهام فولكر وعدم تجديد تأشيرة عضو البعثه السفيرة والدبلوماسيه روزليندا مارسدن الخبيرة في شئون السودان والمتعاطفه مع ثورته لتعطيل مهام البعثه ودور الثلاثيه في الحوار،كما ان خطاب البرهان لم يستثني المؤتمر الوطني من الحوار كما انه لم يحدد القوي المدنيه والثوريه بشكل واضح في التحاور مع الأليه الثلاثيه ، مما يفتح المشهد لعودة الاسلاميين والمؤتمر الوطني وفلول النظام البائد وحلفائه حتي لحظه سقوطه في أبريل ، خطاب البرهان اسوأ من انقلاب 25 أكتوبروأعلان 21 نوفمبر في عهد حمدوك بعد الانقلاب في 2021، لم يتطرق لقرارات ومراسيم انقلاب أكتوبر والمجلس التشريعي، وتعدد الجيوش ودمجها في جيش مهني احترافي وفق عقيدة عسكريه قائمه علي الولاء للوطن، وحمايه الدستور والحدود والتحول الديمقراطي، والاصلاح العسكري والأمني وأبعاد الجيش والأجهزة الأمنيه عن المشهد السياسي، والاصلاح القانوني والعدلي والغاء القوانين المقيدة للحريات، واخراج الجيش والأمن والدعم السريع والشرطه من الاقتصاد.
هنالك خلط للأوراق ومؤامرة مكشوفه ومحلك سر وخطوة تنظيم للأمام لاعادة التموضع والتمرس ولاستثمار حاله الخلاف والتشرزم والتشرنق وسط القوي السياسيه والمدنيه تحاول ان تصنع فخا بالتذاكي علي المدنيين، التي كانت جبهه موحدة في مليونيه 2019 وفي التوقيع علي أعلان الحريه والتغيير،البرهان يراهن علي هذا التشظي والانشقاق للاستئثار بالحكم،لذلك يشترط توافق القوي المدنيه لتشكيل حكومه كفاءات لتسليم السلطه، وبالتالي وجود آليه لتشكيل حكومه وصايه ورئيس وزراء تابع وموالي للعسكر ينفذ سياساته ولا يحقق اهداف الثورة السودانيه، واستكمال الانقلاب وشرعنته والهيمنه بالكامل علي السلطه السياديه والتنفيذيه ومؤسسات الدوله وهياكل الحكم الانتقالي وتصوير الصراع وكأنه بين المدنيين، ونفي علاقته بالمكؤن العسكري وحلفائه من المدنيين الذين أيدوا الانقلاب وشاركوا في مؤسساته ويدعمون الاستبداد والشموليه ، وارسال رسائل متوهمه للداخل والمجتمع الأقليمي والدولي، الذي ينشغل بالاستقرار في السودان لموقعه الجيوسياسي والمخاوف من بؤر الأرهاب والاتجار بالبشر والهجرة غيرالشرعيه، وهنالك ما يدور داخل الاجتماعات والغرف المغلقه والي اي مدي يقف خطاب البرهان عاي مساغه من ذلك، في ظل التجاهل والمغالطه لجوهرالأزمه وطبيعه الصراع والنتائج الكارثيه والمأزومه التي أحدثها الانقلاب ومسؤوليته عن ذلك، مبادرة البرهان اليائسه لن تنجح في الاحتواء والالتفاف علي قوة الثورة ومطالب الشارع لمشروع التحول المدني الديمقراطي، وتفكيك التمكين والقصاص للشهداء وفض الاعتصام والمساءله والمحاسبه والمحاكمات، والعساكر يبحثون عن الضمانات والأفلات من العقاب، والقفز للانتخابات المبكرة و المزورة والمزيفه تحت مبررات عدم التوافق في تشكيل الحكومه والمحافظه علي امن واستقرار وسلامه البلاد،ولا يمكن قيام انتخابات في غياب المؤسات الديمقراطيه والمفوضيات، بما فيها مفوضيه الانتخابات وقانون الانتخابات وعودة النازحين واللاجئين،والترتيبات الأمنيه ومصادرة وجمع السلاح، والأصلاح الأمني والعسكري وتفكيك التمكين السياسي والاقتصادي والتعداد السكاني، والوضع في ظل هذة المعطيات يمكن ان ينفتح علي عدة سيناريوهات، ان يفشل الحوار في ظل هذة التحديات الماثله وتشكيل حكومه غير متفق عليها تحت هيمنه وسيطرة العسكرة والدعوة للانتخابات المبكرة والتصعيد والمواجهات والاستقطاب السياسي الحاد والعنف والقتل والمواجهات،او تدخل المجتمع الولي والأقليمي لقرض ضغوطه علي العسكر لتقديم المزيد من التنازلات لتجنب البلاد الفوصي والانزلاق الأمني ونذر الحرب الأهليه، وتبقي قدرة القوي السياسيه والمدنيه ولجان المقاومه والاجسام والمكونات والتجمعات الثوريه والمجتمعيه والمطلبيه ولجان التسيير والحراك الجماهير الواسع من تنظيم صفوفه في جبهه واسعه وعريضه علي اساس تنسيقي ومركز موحد للمعارضه لدحر وهزيمه الانقلاب، والاتفاق غلي رؤيه ومشروع وبرنامج عمل لاستلام السلطه وتحديد الآليات والأدوات وهياكل الحكم، وهنالك مبادرات متعددة جمعت في مبادرة واحدة، والمراهنه علي جماهير شعبنا في المطاوله بالنضال واستمرار التصعيد والمواكب والمظاهرات والاعتصامات بالمزيد من الحشد والتعبئه لادارة المعركه وانزال الضربات المتتاليه بالانقلابيين واحداث التراكم الموضوعي والذاتي اللازم للحظه التاريخيه والفاصله لانتصار الثورة وتسجيل الضربه القاضيه للانقلاب بسلاح الاضراب السياسي والعصيان المدني لانهاء الانقلاب واحداث التحول المدني الديمقراطي واستكمال مهام المرحله الانتقاليه.

shareefan@hotmail.com

 

آراء