خطاب السيد البرهان الرابع من يوليو 2022 يحتاج الي ترجمان 

 


 

 

خطاب السيد البرهان الأخير "كما هو متوقع" لا غرابة فيه. فهو من نسج نفس السيناريوهات "البرهانية" الخطابية السابقة لأنه يدور فى نفس فلك القمر الصناعي المصري الذي يحرس ويراقب بقوة أجواء سماء السودان قبل سماء مصر. عند اللزوم يتم التنسيق مع مهندسيه لتفصيل مسلسل جديد وبديع الكلام والصور الإستعراضية ليتم بثها عبره تعرض لتلهي شعباً مسكيناً يعاني وطنه من انقطاع دائم للماء والكهرباء والغذاء والدواء بل إنقطاع كل أمل له علاقة بما يبشر بقدوم توفر سبل راحة الحياة الإنسانية الكريمة أو تحقيق مجتمع الرفاهية والعدالة وكذلك الشعور بأحقية المواطنة تحت مظلة الحريات المطلوبة والديمقراطية الحقيقية وصالحة منقذة من الفساد والكذب والضلال. بلغة أخرى بسيطة مضمون الخطاب ما هو إلا مجرد جبة عسكرية قاتمة اللون بتفصيل مصري كامل التصميم والديكور (made in Egypt) وليس صناعة قيافات ترزية سودانيين الحرفة.

 

كثيرون من السودانيين خبراء السياسة والإقتصاد والإدارة العامة قد قاموا مشكورين بفلفلة مضمون هذا الخطاب المفصلي "الذكي المعقد" والتعليق عليه صوتاً صورة وكتابة، فرادى أو جماعات . فقد أثار ضجة كضجة دافنشي كود المشهورة ( وإن كان البون شاسعاً بين الإثنين للمقارنة ) لكن فقط انشرح له صدر أصحاب المصلحة من الإنتهازيين الذين عيونهم إعتادت العمر كله ترقب الفرص للفوز بنصيب يصيبونه من كيكة سيتم خبزها عند حلول أي نظام حاكم، لا يهم لونه أو شكله. هم الوحيدون الذين تفتحت شهيتهم لما جاء به هذا الخطاب فهللوا وأثنوا عليه وانبسطت اساريرهم وإن غلبت عليها تجاعيد أثر السنين . لكن على وجه آخر من بين أهم ما فهمت من أسطر هذا الخطاب أن السيد البرهان يراهن دوماً أنه يظل أميناً وحريصاً على تنفيذ وعده السابق منذ اكتوبر الماضي بحفظ الأمن وحق التظاهر السلمي وأن قلبه على الشباب وحياتهم جداً تهمه , فهم عماد ومستقبل الوطن وأنه سيحقق فى كل من قتل ويعاقب كل من أجرم ( لكنه للأسف لم يفعل أو يحقق قدر أنملة في هذا الصدد حتى الآن) ، أيضاً الأمر الآخر أنه هو ونائبه الاول ومؤسساتهما العسكريتين سيظلون غصباً عن كل السودانيين ( رضوا أم أبوا) متحدان وباقيان على قمة هرم الحكم بل سيتمتعان بالسيطرة والتحكم الأعلى على مقاليد الأمور حتى وان انتخبت حكومة مدنية ( يعنى باللفة هم قاعدين قاعدين، فهما مجرد تمثيل لنفس الإنقاذ البائد فى ثوب جديد) و هكذا تمر التمثيلية الملعوبة سهلة على صغار العقول "كما يلعب الحاوي بخفة المحترف على عيون مشاهديه فيسحرهم" ، و يظل مثل ذلك الحكم المخطط له مسبقاً فى مفهوم رجل الشارع البسيط أو " المكري المنتفع" حكم مدني ديمقراطي كامل الدسم وهاك يا دلوكات حماسة وشكر وعرضات تملأ الساحات وبطان فرسان لا يروي عطشه الدم وهاك يا تليفزيونات لا تفتر من الإرسال الإحتفالي ولا تنقطع أوتار كمنجات عازفينها التى تذبح الرقاب على مدار الساعة وهي تردد نفس اغانيها وأناشيدها الحماسية التاريخية منذ إعدام ودحبوبة. الملفت الجملة الغائبة بين سطور هذا الخطاب وهي "ما مصير الحركات المسلحة واين سيكون مكانهم من الإعراب" وإلى من ستؤل وزارة المالية الحالية والمنتظرة أم يا ترى هل سيظل الخبير الاقتصادي دكتور جبريل رغم فشله الذريع وأفقه المحدود وزيراً للمالية على مدى الحياة حتى يتم أجل أمر الله أم انه سيرحل ؟؟ وما هو مصير شركات الجيش التجارية والاستثمارية ؟؟

 

لست من قبيلة السياسيين والعارفين لأخوض فى الأمر أكثر أو انتقد، وشخصي الضعيف بل جل الذين مثلي قد محوا أميتهم ونور الله بصائرهم حقيقة ينبذون التعنصر الأعمى للقبلية أو التراجع فكرياً مائة سنة إلى الوراء ، عليه ذكر القبيلة هنا يعني فقط المفهوم المجازي ، وأعني "المجموعة!(group) لكن الأجدر وربما أفيد أن أختم هنا عند هذا الحد وأترك لك عزيزي القارئ هذا المقطع المفيد فى نظري ترجماناً لهذا الخطاب ( لعلك تتفق معه او تختلف فى الراي وكما قال الأديب أحمد لطفي السيد رحمة الله عليه ،فإن إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) وقد ظهر بثه متداولاً على اليوتيوب كما يظهر على الرابط أدناه ( تقديم السيد محمد عبدالله صاحب القناة) إنه عالج بالتفصيل و منطق من يفهم ويحلل إشراقات مهندسي هذا الخطاب أو غيرهم من الخبراء فى التنظير الاستراتيجي أو تفصيل السيناريوهات الإنقلابية زاهية الألوان، بل نقده سقطات ما جاء به هذا الخطاب والذي لا فرق كبير أتى به بما احتوى من فكرة جديدة أو أسلوب يختلف عن ما سبق من خطابات مماثلة بثت للشعب الصابر الغلبان منذ انقلاب يوم الخامس والعشرين من شهر اكتوبر 2021.

 

والله وكالعادة هذا الخطاب مجرد تكتيك جداً محبط لأن المواطن السوي العقل بل جل الشباب يريدون بالواضح التنازل الكلي من قبل العسكر وفقط يبغونه حكماً مدنياً ديموقراطياً كما هو الحال فى ألمانيا أو فرنسا او سويسرا أو قل حتى فى سنغافورة " هذا الشباب الذي ظل يرددها: مدنية مدنية فقط يريد أن تكون " الشرطة لحفظ الأمن القومي والجيش لتأمين الحدود وأمن كل شبر من تراب الوطن من العدوان الخارجي واسترجاع ما اغتصب عنوة من أراضيه ثم الحفاظ عليها لأجيال قادمة". الشباب من حقه أن يعمل ويستقر ويكون أسر وأن يكون له نصيب فى النهوض بالوطن ، وعلى كل المعاشين وضع السلاح وإخلاء الساحة لكل الشباب ، فالبندقية يا جيشنا المحترم يجب أن تصوب نحو العدو ودحره وليس نحو صدر المواطن الغلبان بن البلد الأصلي. لك الله ياوطن، حفظك الله وأنقذك يا وطن من التفكك والضياع ومن مكر الجيران وأصدقاء السوء.

الرحمة والمغفرة لكل شهيد والشفاء للجرحى والصبر والسلوان لقلوب لا تزال تدمي جراحهما

 

هنا الترجمان:

 

https://youtu.be/-P3Ztwb9Kwk

Preview YouTube video محمد عبد الله | قراءات فى خطاب البرهان

 

 

آراء