خمس سنوات من الجولات الفاشلة حول المنطقتين- حان الوقت لإستراتيجية وقيادة جديدة
bresh2@msn.com
بسم الله الرحمن الرحيم
خمس سنوات من المفاوضات العبثية حول المنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق) بين الحركة الشعبية شمال ونظام الخرطوم.. خمس سنوات ووفد الحركة الشعبية شمال مشتبك تفاوضياً مع وفد الجنرال عمر البشير علناً وسراً.. عن بعد وعن قرب .. بشكل مباشر وغير مباشر .. رسمياً وغير رسمي .. من أفريقيا إلى أوروبا .. من مبادرة لأخرى. لكنها للأسف الشديد لم تثمر شيئا مفيداً ، ومن المنتظر ان تستمر الإشتباك التفاوضي طويلا إذا لم تغير الحركة الشعبية لتحرير السودان استيراتيجيتها ووفدها المفاوض.
المفاوضات التي بدأت في صيف عام 2011 بأديس ابابا بين الحركة الشعبية ونظام الخرطوم التي لم تتوقف حتى الآن ، ليست هي المشكلة ، بل المشكلة تكمن في اعتقادنا في قيادة الحركة الشعبية وفي غياب الإرادة لتوظيف الوضع العسكري الميداني القوي للجيش الشعبي على طاولة المفاوضات ، ويجب عدم السماح للذين يريدون تحويل المفاوضات إلى ملهاة لشعبى المنطقتين لإخفاء تقصيرهم وعجزهم.
عندما تتفاوض قيادة الحركة الشعبية لخمس سنوات وتكون النتيجة مزيدا من القتل والتشريد والتهجير وحصار القرى والمدن في جبال النوبة والنيل الأزرق... وعندما ينسحب وفد النظام من المفاوضات دون ابداء أي أسباب ليلقي باللوم على الحركة الشعبية...وعندما يرفض النظام تطبيق القرارات الدولية كقرار (2046) ، ويرفض فتح الممرات الآمنة لإيصال الدواء والطعام للمتضررين... فإن هذا يعني أن المشكلة ليست في المفاوضات ، ومن السذاجة تحميل مسؤولية فشل المفاوضات لنظام الخرطوم فقط من خلال اتهامه بأنه ليس جادا في ايقاف الحرب في المنطقتين وتحقيق الإستقرار ، بل تتحمل قيادة الحركة كامل المسئولية لأنها اختارت بإرادتها أن تدور خلف النظام في حلقته الفارغة.
جماهير الحركة الشعبية بحاجة الى المصارحة والمشاركة في القضايا التي تهم حقوقها، فهي المستهدفة أصلا ، وهي التي تدفع الثمن قبل غيرها، ولا تريد أن تذهب نضالاتها وتضحياتها عبثاً وان يجري استثمارها من قبل البعض لخدمة أهداف وأجندات أنانية خاصة ، فهذه الجماهير ذات النفس التضحوي والمعطاء ، تريد أن ترى قيادة قوية تعي تلك النضالات والتضحيات ، ترفض أن تستمر بدفع الثمن، وأن تكون حطباً ووقوداً لمن يستثمرون لمصالحهم وأهدافهم.
دون تجاهل مسؤولية المجتمع الدولي عن معاناة الأهل في المنطقتين ، فإن مسؤولية كبرى تقع على عاتق أبناء النوبة من منتسبي (الجيش الشعبي) في ضع إستراتيجية واضحة للتعامل مع حالة الجمود الذي صاحب مفاوضات الخمس (سنوات) الماضية ، وإلآ فإنه من الأفضل وقف هذه المفاوضات العبثية التي لم ولن تفضي لنتائج ايجابية.
لقد تفهم الشعب النوباوي والأنقسني بداية ، موقف قيادة الحركة بعدم رفض دعوة الإتحاد الأفريقي التي تدعوها للتفاوض مع نظام البشير ، كما تفهم القرار الدولي رقم 2046 وموقف المجتمع الدولي تجاه قضية "المنطقتين" ، إلآ أن غياب الرؤية والإستراتيجية والتفرد بقرار المفاوضات ، واستمرار الإرتهان لإرادة الإتحاد الأفريقي (ثامبو أمبيكي) ، وعدم الاستعداد لتوظيف قوة الجيش الشعبي كسند ودعم للمفاوضات التي جرت ، وحالة التبجح التي تنتاب الفريق المفاوض للحركة الشعبية ، واستمرار نفس الوجوه في التفاوض بالرغم من فشلها الذريع طوال الخمس سنوات في تحقيق أي إنجاز للمنطقتين. كل ذلك يجعلنا نتخوف على مصير قضية المنطقتين إن بقيت أسيرة نهج المفاوضات الراهن وأسيرة نفس الفريق المفاوِض الذي يبدو أنه استمرأ المفاوضات من أجل المفاوضات حتى يستمر حاضرا في المشهد السياسي مع علمه التام بمراوغة النظام وبتكتيكاته القذرة لكسب الوقت.
استمرار المفاوضات دون استراتيجية جديدة ووجوه جديدة ستكون خطرا حقيقيا بل مؤامرة وتدميرا لحقوق أهل المنطقتين ، وهذا يتطلب موقفا صريحا وقويا من الجيش الشعبي لتطهير التنظيم من كل المتسلقين فوق دماء شرفاءه ، ولابد من كشف الوجوه القبيحة التي ترقص في حلبة النظام ، ولابد أن تتساقط كل أوراق التوت التى تستر عورات الإنتهازيين الذين يحرصون على مصالحهم الخاصة دون مصلحة التنظيم.
مطلوب من اشراف الحركة وأحرارها أن يسقطوا الهالة الزائفة التي صنعها الإنتهازين والفاسدين من أصحاب اللامبادئ ..اللا أخلاق ..اللا قيم لنفسها ، وأن تسقط الغيوم السوداء عن عيون كل المغيَبين والمضلَلَين ، ويبقي الأمل حتى تحقيق حلم السودان الجديد.
وإلى الأمام والنضال مستمر..