خياران أمام البشير لا ثالث لهما

 


 

 


فى البدء وفى ظل الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد والعباد جراء الضائقة الإقتصادية التى ظلت ولا تزال تنتظم البلاد فى مسعى لإرساء أشد أنواع البؤس والشقاء والأعباء على كاهل شعب السودان . وعليه باتت الأوضاع على كافة الصُعد أكثر تأزم وتفاقم بإتجاه من السيئ إلى الأسوأ وفى إنحدار متسارع نحو الإنهيار الشامل لكل أجهزة الدولة وأنظمتها الممسكة بزمام الأمور آخذة فى معيتها زعزعة الاستقرار وقطع الاستمرار وفلتان الأمور برمتها من يد النظام القابضة سيطرة وهيمنة وظلم وفساد وحوكمة جوفاء . فى ذات السياق وبشكل عام بشأن هذه الوضعية وسائر الوضعيات المماثلة يكون هناك : (قيادة وفكرة " طرح أو برنامج " ) أما بشأن القيادة فإما أن تكون رشيدة فبالتالى تكون الفكرة مواتية للعدالة وإرساء دعائم العدالة وإحقاق الحق؛ لكن تدق المسالة عندما تكون القيادة ذات موقف سالب أى تصمت عن إعمال الرقابة والمحاسبة والشفافية وتترك أبواب الفساد والعبث بالمال العام مشرعة لأشياعها وأتباعها وعموم منسوبيها على نسق التمكين إفتئاتا على حساب المجموع من بنى الشعب بما يجسد أسمى آيات الظلم والأنا الأعظم .
وهذه الوضعية المعيبة على حد ذاتها تطفو على السطح فى حال( القيادة غير الرشيدة ) عندما ( تطغى العاطفة على العقل ؛ السفسطة على المنطق ؛ الخيال على الحقيقة ؛ الغش والكذب على المصداقية ؛ الأنا على النحن وجراء ذلك تحل الفكرة السالبة وليست الهادفة محل القيادة ) .. فعندما تحل الفكرة محل القيادة تصبح القيادة مسلوبة الإرادة مقيدة الحركة محنطة الأفكار مترهلة هياكل النظام أكثر ركونا إلى السلبية مكتوفة الأيدى لا تقدر على فعل شئ ولا تدرى من أى مناص تأتى الحلول والمعالجات لذات جهلها المدقع بفقه (إدارة الأزمات) وإليك عجز الإدارة التام فى السودان الآن عن إحداث إختراق مهم يذكر بشأن (الأزمة الحالية ) .
فى سياق متصل وبالأمس القريب تم إجتماع (المكتب القيادى لحزب المؤتمر الوطنى ــ المنظومة الحاكمة لأجل إدارة مصالحها الشخصية ولأجل البقاء على حساب المجموع) .. هذا تم الإعلان عنه مسبقا بشأن البحث عن المخرج الممكن من هذه الأزمة ـ الضائقة الماثلة . إلا أن المخرجات التى أفضى إليها الإجتماع كما تابعتم وتابعنا كانت دون مستوى الحدث أى الأزمة ؛ فكانت مخرجات هزيلة تلاها على استحياء فيصل حسن إبراهيم أو بالأحرى قام بسردها (على غرار طريقة لاعب المريخ " النعسان" الذى أحرز هدف فى نفسه ـ نيران صديقة ــ مبعدا بها ناديه عن الفوز بلقب المنافسة فى الكلاسيكو الأخير بين الهلال والمريخ السودانيين بالإمارات) وياترى هناك كم "نعسان" من نائب للرئيس ومساعد للرئيس "نعسان" وكم وزير نعسان وكم والى نعسان وكم نائب برلمانى " نعسان " وكم معتمد " نعسان" وكم مدير تنفيذى نعسان وكم وزير دولة ومعتمد رئاسة نعسان . وكم سفير نعسان وكم قنصل نعسان . يعنى نستطيع القول بأن الحكومة التى تحكمنا الآن تصدق أو لا تصدق هى حكومة (النعسانيييييييييييين) . طيب ماذا ننتظر من حكومة كسلى لا تقدر على تحريك ساكن و مجلس وزراء "نعسان" ؟! فإن أقصى ما يضطلع به هو التثاؤب والاسترخاء والإتكاء داخل أروقة التكييف العميق وهذه هى عين الحقيقة ومآلات الأوضاع فى البلاد خير شاهد على ذلك.
إن الشعب السودانى بشأن هذا الإجتماع الخاص بالمكتب القيادى الخاص بالمؤتمر الوطنى بالأمس القريب كان ينتظر المهم والكثير المثير يتنزل فى شكل حلول ومعالجات معتبرة تجسد إنفراجات للأزمة الحالية ؛ مثلا كان ينتظر فى يفضى هذا الإجتماع إلى حلول جذرية ماثلة فى حل الحكومة الحالية (النعسانة ) وإبدالها بغيرها وأكثر (يقظة) .. كان الشعب يتوقع فى أن يتحفة هذا الإجتماع بوضع أسس وضوابط لفوضى الأسعار بما يضع حد لتفاقم ظاهرة الغلاء .. كان الشعب يتوقع تفعيل دور آلية مكافحة الفساد بما يقطع الطريق على كافة ضروب الفساد وبما يعمل على تفويت الفرصة على العابثين بالمال العام والعمل بإتجاه إعادة الأمور إلى نصابها بدل الفوضى العارمة التى إنتظمت البلاد ولا رقيب ولا حسيب من قبل المعنيين بحسم هذا الأمر وعلاوة على ذلك تجدهم ظلوا فى صمت مريب حيال مجمل ما يجرى من أوضاع بائسة ومعيبة للغاية فى البلاد .
وبناء على ما تقدم يكون أمام البشير خياران هما :
أولاً : إن يقوم البشير بحل الحكومة كاملا بإبعاد كافة القدامى بدءا بالنواب والمساعدين على مستوى الرئاسة لفشلهم فى أداء المهام الجسام الملقاة على عاتقهم ؛ وفشلهم ينم عن فشل وبطلان معايير إختيارهم ؛ (ما بُنى على فاشل أو باطل فهو فاشل أو باطل ) والحق يقال .. وبخاصة نحن أمام مسألة وطن يكون أولا يكون إذن فلا مدعاة للمجاملات ومزيد من المجاملات وإلا سينهار السقف من فوق على رأس الجميع حيث لا ينفع الندم . أى يتم تسريح الجميع لدى مركز إنابة ومساعدة الرئيس الحالية سواء كان من الغرب أو الشرق أو الشمال إنتهى عهد الترضيات والتوازنات .. الآن حصحص الحق ولا بد من إعمال معايير فى الإختيار والتعيين لم يسبق لها مثيل البتة (إن أردت البقاء يالبشير ) ليس بقاء على غرار السابق بأى كيفية وبأى ثمن ؛ فإما بقاء يجدى نفعا لكافة البلاد والعباد وإما :
ثانيا : إن يقوم البشير بخطوة جريئة من نوعها ويتخذ قرار شجاع بموجبه يتنحى عن سدة الحكم ؛ على أن يستقيل تماما عن السلطة وينأى بنفسه عن كل هذه المتاعب ويتفرغ لأعماله الخاصة دأبه دأب أى مواطن صالح لا يجرؤ عليه أحد لا من داخل القطر أو خارج حدود القطر على المساس به ولا بأفراد أسرته ؛ والذى يقول بغير هذا الكلام .. تعالوا جميعا نعمل (على غرار جرد حساب) ويتحاسب الجميع عبر التاريخ (قديما وحديثا) والفظائع التى أُرتكبت بحق أهلنا وأجدادنا آنذاك من قبل خليفة المهدى الذى إرتكب مجاذر ومحارق بحق أهلنا وأجدادنا الأشراف على رأسهم (الشيخ المنا الفكى اسماعيل " أبو البتول") من الذى حاسب هؤلاء أو أسرهم ؟!! يا ناس لا تنكأوا الجراح لأن ذلك لا يجدى نفعا ونحن إذ نقول كل ذلك ليس دفاعا عن أحد ؛ لكن هذا السودان الله سطر وقدر له أن يمشى هكذا وأن يحكم هكذا (فمن وافته المنية فمن قضاء الله وقدره وإنتهاء أجله ؛ ومن لم توافه المنيه فهو إلى أجل مسمى ينتظر إنتهاء أمده ) فلا معقب على حكمه ومن ينكر أو يخالف ذلك يكون قد خرج عن دائرة الإيمان بالله أى لعدم الأيمان بقضاء الله وقدره .. فالأخ البشير أنصح لك بأن الوضع فى السودان فيه ظلم شديد بحق وحقيقة والظلم ظلمات .. فلا تخشى أحد غير الله وأعزم وتوكل ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك وعليك أن تبيض ماء وجه الجميع وأترك الشعب يحكم نفسه بنفسه.

elnadief@hotmail.com

 

آراء