دارفور بنكرياس السياسة السودانية
د. الوليد آدم مادبو
27 April, 2009
27 April, 2009
لا شك أن التصويت الأخير في شأن القضية الفلسطينية داخل الامم المتحدة قد أعاد الي اذهان الكثيرين التجاذب الحاد الذي تعانيه تلكم المنظمة العريقة بين التوجهات الانسانوية للمجتمع البشري (الذي اصبح أكثر تشوقاً لأهمية العدل كأساس لأستقرار الشعوب) والنزعات الامبرالية للدول العظمي التي لا تسعي لتأمين إحتايجاتها من الموارد فقط بل ايضاً تسعى للإبقاء علي الهرم العرقي الإجتماعي الذي أسس له النظام الرأسمالي والذي وضع الصهيونية علي أعلى الهرم، يليهم الغربيون، الصفر، السمر ثم الانسان الأسود. " ومن عجب إنهم يحنون عليه في محنته في دارفور" وأنا أعجب كيف اصبح الأنسان ( السوداني ) صاحب أعظم حضارة في تاريخ الأنسانية . (الحضارة النوبية) في أسفل الهرم واعتلي بنو إسرائيل اعلي الهرم. مع العلم بأن موسي كليم الله قد نهل العلوم من البيت الفرعوني الذي هو في الأصل بيت نوبي وقد وفق الله البروفسير/عبد الله الطيب لإثبات ان جل قصص القرآن التي تناولت قضية بنو إسرائيل قد دارت في رحاب أرض السودان لا اود أن اتعرض لتفاصيل إنهيار الحضارة النوبية إنما اود أن انوه إلي أن صياغة السودان بشكله الحالي قد تمت في عهد الفراعنة الذين ما ان دالت دولتهم حتي تفرعوا منشئين مملكات وسلطانات في مختلف اصقاعه: درافور، جنوب السودان، الشرق، الي آخره. بالرغم عن الهجرات العربية المختلفة والتي جاءت عقب إنهيار دولة الأندلس إلا أن السلطنات الدرافورية قد تفاعلت وتصاهرت بدرجة لم تترك فيها للتمايز العرقي والآثني علي أثر، إلا التباين المهني بين المزارعين والرحل.
إن الامبرالية الإسلامية لم تعل أول ماعولت في سعيها لبناء الدولة السودانية علي هذا التماذج بالعكس لقد بذلت قصار جهدها في إستحداث فواصل عرقية بين الزرقة والعرب. وهي إذ فعلت ذلك من دوافع نرجسية كسبية نسيت أن دارفور هي البنكرياس الذي إمتزجت فيه الدماء الافروعروبية مما وضع الدولة السودانية علي محك الانفصال الذي لا يشل إقليم درافور وحده إنما جميع الأقليم الأتي قد يتسرب إليها هذا الداء -- داء الصفاء العرقي . إنه وبعد أن نجحت الامبرالية الإسلامية في مخططها سعت لفركشة " الزرقة " موالية المجموعات العرقية التي إتفقت معها في لخصائص الأتية:
1- المساهمة الطفيلية في الإقتصاد السوداني.
2- الطموح السياسي الذي لا تسنده أصوات الناخبين إنما العوي والعويل.
3- الميكافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة).
الآن وقد آيست الامبرالية الإسلامية من زج عيال عطيه وحيماد (يرمز إليهم تجوزاً البقارة) في مواجهة غير مبررة مع الزرقة بأستثناء بعض المبطلين ، فقد آلت علي نفسها إزكاء نار الفتنة مما أدي الي إقتتال أقرب أبناء العمومة . قبل أن يستفحل الأمر يجب ان يسأل( أهل دارفور ) أنفسهم لمصلحة من تجري هذه اللعبة الشيطانية ؟ سرعان ما يتبادر الي الذهن الأجابة الراجحة: لمصلحة الصهيونية العالمية ومستقدميها الذين تستروا بغباء الطائفية التي تعتمد المكايدة أسلوباً للخلاص منذ عهد النميري حتي اوصلتنا الي هذا المستنقع الآسن . أسألوهم قبل أن تقبروهم لماذا تندر الثلاثي الطائفي بإتفاقية أديس ابابا؟ هل فعلوا ذلك إستعظاماً لمكاسب سياسية نالها النميري ام استكثاراً لمطالب إستحقها إنسان الجنوب؟ لماذا قادوا غزواً أجنبي فتح علي السودان ابواب الارتزاق ، العمالة ، العطالة ،الديانة وبلادة الضمير ؟ إنهم إذ فشلوا في هزيمة القوات السودانية عسكرياً فقد أربكوا النميري عن الوسطية مما جعله يرتمي تدريجياً في أحضان الامبرالية الإسلامية؟ كيف سولت لهم أنفسهم دعم التمرد برصاص صوبه تجاه الصدور التي انبرت من بعد لحمايتهم في القصر الجمهوري الذي لم يحسنوا إدارته فأسلموهم طوعاً ( لا غصباً ) لذويهم ومحسوبيهم؟ ألم يتعلموا من كل هذا ؟ ألم يأن لهم أن يعرفوا ان التخلص من المستعمر الأسود هو اولي اوليات التحرر الوطني وليست دق طبول لإستقبال المغول؟ لقد كان الآولى بهم ان يرموا بالعبء علي كاهل من ينوء به الحمل. لكنه ضعف البصيرة التي غفلت عن الذكر ورمد العين الذي حرم صاحبه من معاينة الافق؟ هذا شأن الوسط المفلس ما بال الطرف المدلس. إن الفصيلين المؤتلفين (من شمال الوادي وجنوبه) يشتركون في خصائص تجعلهم ينقمون علي دارفور الآمن الذي تنشدة والاستقرار الذي تطلبه . هاتين المجموعتين تفتقران الي جذور ادبية ، إجتماعية تربطهم بالقواعد التي لم يتزعزع ولائها لسلاطينهم وأبناء ملوكهم .ولذا فهما تعتمدان علي البندقية في بسط نفوذهما السياسي .( ببساطة هي حركات ضد التاريخ، ضد الجغرافيا ومراميها، ضد الأرث ووازعه الاخلاقي والروحي). ليست ادل من تجنيد الحركة الشعبية لعيال عطيه وحيماد (البقارة) الذين تأمل في استخدامهم مرتزقة في تأديب القبائل المناوئة حال الانفصال ، والتنصل من الجريرة في مواجهة المجتمع الدولي. طبقاً لما فعلته الإمبرالية الإسلامية التي جندت بعضهم لمواجهة انسان الجنوب مدمرة بذلك التكامل الإيكولوجي والبيئ الذي استمر لمئات السنين ببساطة .إن الكل يعي ان وحده أهل دارفور ستنعكس سلباً علي الحكم في الخرطوم الذي يعتمد علي اهل غرب السودان (الغرابة) علي مستوي الجندية، حتي اليوم . مالذي يمنع ابناء دارفور من التحالف زرقة وعرب لمحاصرة الأفعي وقطع راسها حتي يتمكن الجرو من عض الذنب؟ أنها عقدة الدونية.
د.الوليد مادبـو
E-mail: auwaab@gmail.com