دولة عظيمة وسفارة فوق العادة (1) … بقلم: جمال عنقرة

 


 

جمال عنقرة
16 March, 2010

 

          عندما كان يتحدث بعض الهامشيين ويتساءلون عن سر وجودي في مصر وعطائي في مجالات شتي تغيظ بعضهم وتدعو آخرين لاختيار تأويلات بعيدة لم أنشغل بذلك ولم أسع لتصحيح معلومة مغلوطة. ولكن ما تداعي من أحاديث عقب ما قال به سفير السودان بالقاهرة الفريق أول عبدالرحمن سرالختم عن شخصي وما أقوم به في مصر استدعاني لوقفة تأمل أفصح فيها عن بعض ما سكت عنه سابقاً، لاسيما وقد دخل دائرة التساؤل رجال نحسبهم من الأخيار ــ علي الأقل من خلال ما يحتلون من مواقع خيرة ــ وكان السفير سر الختم قد قال أن جمال ساعده الأيمن في مصر. وهذا القول صار محور أحاديث شتي بعد ذلك.

فعندما جئت إلي مصر بدايات النصف الثاني من العام 2007م كنت قد خرجت من السودان غاضباً نتيجة بعض ما عانيت من ظلم وقع علي من بعض ذوي القربي السياسية عجزت عن حمل أثقاله. ولقد جئت إلي مصر بخيارات مفتوحة للمعارضة بما في ذلك العمل المسلح، وكان أدناها الإعلام المضاد. وبرغم أني لم يقع اختياري علي ام الدنيا إلا لأنها بلد من دخلها وجد الأمن والأمان وما سأل منة طيب الطعام مما يخرج من أرضها من فوم وعدس وغثاء وغيرها، لكنني وجدت أن مصر بها ما هو أهم من كل ذلك وأعظم. فمصر أكثر دولة يحبها شعبها. وأهل مصر يقدمون الولاء لبلدهم علي أي ولاء آخر. والإنسان المصري يمكن أن يسامح ويغفر كل خطأ، إلا الخطأ في حق مصر. ففي مصر يدرك المرء القيمة الحقيقية للوطن. وأيقنت في مصر أن كل جراح خاصة تهون دون أن يصاب الوطن بأذي. فأمسكت كل أسلحتي التي كنت أنوي تصويبها نحو بعض الحاكمين في بلدي، وقررت أن أحشد كل ما أجده من قوة وسلاح من أجل بلدي السودان.

وتشاء الأقدار أن يوجد في سفارة السودان بالقاهرة علي تلك الأيام أخي وصديقي السفير إدريس سليمان نائباًُ لرئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في مصر. وصلتي بإدريس تعود إلي (أيام صفانا) في السبعينات عندما كنا طلاباً. هو في جامعة الخرطوم ونحن في الجامعات المصرية. وكانت تجمع بيننا مناشط عديدة. وكان إدريس أيضاً مثالاً للصبر علي الجراح وتحمل الأذي من أجل الوطن والقضية. وكان يعرف تجربتي في المناشط العامة، ونعرف معاً دور المناشط، لاسيما الثقافي منها في إحياء التواصل وتعميق ما بين مصر والسودان من أواصر حميمة. فاتفنا علي أن نتعاون في هذا المجال، فاقترحت إنشاء منتدي ثقافي سوداني في مصر ترعاه السفارة، وتشاء الأقدار أن يأتي إلي السفارة في تلك الأيام مستشار ثقافي متفهم لهذه المعاني هو الدكتور إبراهيم محمد آدم. فنظمت أول نشاط باسم المنتدي رعاه السفير وأشرف عليه المستشار الثقافي وكان تحت عنوان (آفاق الإستثمار بين مصر والسودان) استضفت فيه صديقين من مصر فاعلين في القطاع الإقتصادي هما المحاسب هادي فهمي مستشار وزير الإستثمار، والدكتور شريف الجبلي رئيس غرفة الأسمدة والكيماويات. وحشدنا لهذا المنتدي مجموعة مقدرة من رجال الأعمال المصريين المهتمين بالإستثمار في مصر. ولقد أغاظ هذا المتدي كثيرين من أدعياء الثقافة من السودانيين في مصر الذين اعتبروه صيحة عليهم، وحرباً علي ما يتدثرون به من منابر يريدون أن تكون لهم عنواناً.

لم تصرفني صلتي بالسفارة عن مد يد التعاون لمنبر سوداني وطني مهم في مصر هو مكتب إتصال حكومة الجنوب في القاهرة. ومثلما كان لإدريس دور إيجابي هناك، فإن دور صديقنا الدكتور فارمينا مكويت منار رئيس مكتب إتصال حكومة الجنوب كان دوره إيجابي أيضاً. ولقد نظمت لمكتب حكومة الجنوب حفلات تكريم للفنان السوداني الكبير الدكتور عبد الكريم الكايلي، وكذلك الشاعر معز عمر بخيت. كما رتبت لقاء إحتفاء وتكريم لمكتب حكومة الجنوب لوفد الإتحاد العام لنقابات عمال السودان بقيادة البروفيسور إبراهيم غندور رئيس الإتحاد. وقدمت دعوة لثمان من وزراء وحكام من جنوب السودان لزيارة مصر للمشاركة في مؤتمر عن الإستثمار في جنوب السودان.

 Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء