ذكرى ثورة أكتوبر ووقف الحرب

 


 

 

1
تمر الذكري ال 59 لثورة أكتوبر 1964م المجيدة، في ظل أوضاع سيئة تخيم على البلاد أسوأ من الأوضاع التي أدت لتفجير ثورة أكتوبر تتمثل في :
- حرب لعينة تجسيد للأزمة الوطنية العامة منذ الاستقلال تعكس الفشل في استدامة الديمقراطية والتنمية والسلام أدت لخسائر في الأرواح بلغت 9 الف شخص والبنيات التحتية تم تقديزها ب 60 مليار درلار ونزوح 5.8 مليون شخص داخل وخارج البلاد.
تدهور في الأوضاع الاقتصادية و المعيشية وارتفاع في الأسعار وتدهور الإنتاج الصناعي والزراعي وتوقف المصانع في الخرطوم بسبب الدمار الذي تعرضت له. مع عدم صرف مرتبات العاملين.. وتدهور في قيمة الجنية السوداني نتيجة للحرب والنقص في العملة الصعبة وزيادة الطلب على الدولار للاستيراد مع انخفاض الصادر من الذهب والنفط وتوقف المساعدات الخارجية بسبب انقلاب 25 أكتوبر.
مواصلة القصف ضد المدنيين من طرفي الحرب الجيش والدعم السريع.. واحتلال منازلهم وممتلكاتهم. وعدم فتح الممرات الآمنة مع تدهور الأوضاع الصحية وانتشار أمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا. الخ.. وخروج 70 % من المستشفيات من الخدمة في العاصمة الخرطوم.. والبقية تعاني من تدهور الإمكانيات..
إضافة لتوقف التعليم العام والجامعي مما يتطلب وقف الحرب لمواصلته.
استمرار الإبادة الجماعية كما حدث في غرب دار فور واستمرار جرائم الحرب كما في حالات الاغتصاب وحملات الاعتقالات للسياسيين والناشطين من لجان المقاومة والخدمات وتعرضهم للتعذيب الوحشي في معسكرات الجيش والدعم السريع.
إضافة لخطورة إطالة أمد الحرب مما يهدد بتقسيم البلاد وتحويل الحرب لعرقية واثنية تشعل النيران في دول الجوار بحكم التداخل القبلي .. مما يتطلب وقف الحرب.
2
لقد أصبحت الحياة لا تطاق تحت ظل الحرب الجارية و توفرت الظروف الموضوعية التي أدت لاندلاع ثورة اكتوبر 1964م، ويبقي ضرورة توفير الظروف الذاتية لتي أهمها اوسع وحدة، وتلاحم لوقف الحرب والمزيد من التنظيم لوقف الحرب وانتزاع مطالب الجماهير اليومية من خدمات صحية ومياه وكهرباء وآمن وعودة الحياة لطبيعتها.. وخروج الجيش والدعم السريع من المنازل والمؤسسات. ومن السياسة والاقتصاد وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.
تستند جماهير شعبنا علي رصيد نضالي تاريخي مجيد مثل : تجربة الاضراب السياسي والعصيان المدني في ثورة أكتوبر 1964م، وفي انتفاضة مارس أبريل.. وثورة ديسمبر 2018 التي لا بد من استلهامها للإطاحة بمجرمى الحرب الجارية وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمات.
3
لم تكن ثورة أكتوبر 1964 حدثا عفويا أو تلقائيا كما يدعي البعض، بل كانت نتيجة منطقية لتراكم نضال شعبنا بمختلف فئاته منذ صبيحة انقلاب 17 نوفمبر 1958م، عندما سلم عبد الله خليل (رئيس الوزراء يومئذ) الحكم للجيش، بهدف مصادرة الديمقراطية والقضاء علي الحركة الديمقراطية في البلاد، ومصادرة نشاط الحزب الشيوعي الذي كان متناميا وتصفيته، وكبت حركة الطبقة العاملة ، ومنع تطور حركة المزارعين، والركوع للاستعمار الحديث ووقف الثورة الديمقراطية في البلاد. وبالفعل كانت أول القرارات صبيحة الانقلاب هي : حل جميع الأحزاب السياسية، ومنع التجمعات والمواكب والمظاهرات، ومنع صدور الصحف حتي اشعار آخر، وفي نفس يوم الانقلاب أعلن النظام حالة الطوارئ، وإيقاف العمل بالدستور وحل البرلمان، كما صدر قانون دفاع السودان لعام 1958 ولائحة دفاع السودان لعام 1958م، وتمت بموجبهما مصادرة أبسط حقوق الانسان، بجعل عقوبة الإعدام أو السجن الطويل لكل من يعمل علي تكوين أحزاب أو يدعو لإضراب أو يعمل علي اسقاط الحكومة أو يبث الكراهية ضدها، كما تم حل النقابات والاتحادات، ومصادرة جريدة " الطليعة " التي كان يصدرها اتحاد العمال واعتقال القادة العماليين وعلي رأسهم: الشفيع أحمد الشيخ ورفاقه وتم تقديمهم لمحاكمات عسكرية إيجابية. واستمرت المقاومة حتى ندوة جامعة الخرطوم التي كانت الشرارة لتفجير الثورة بعد استشهاد القرشي وتكوين جبهة الهيئات التي أعلنت الإضراب السياسي العام والعصيان المدني ( محامين، عمال، قضاء، معلمين ، أطباء مزارعين..) وجعلها قيادة لحركة الإضراب واستمر الإضراب السياسي العام حتي نجحت الثورة في الإطاحة بالحكم العسكري واستعادة الديمقراطية.
لا شك أن تراكم النضال اليومي الجاري لوقف الحرب الراهن سوف يفضي إلي الانتفاضة الشعبية والإضراب السياسي العام والعصيان المدني والإطاحة بمجرمي الحرب وقيام الحكم الديمقراطي الذي يحقق فيه شعبنا الديمقراطية وتحسين الأوضاع المعيشية ووقف الحرب.. وحل جميع المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد.. وقيام المؤتمر الدستوري للحل الشامل لمشاكل البلاد الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع واستعادة ممتلكات وأموال الشعب المنهوبة . الخ ، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
مما يتطلب في ذكرى ثورة أكتوبر اوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء