ربيعُ أعرابٍ أم حمى الدريش؟
محمد موسى جبارة
29 June, 2011
29 June, 2011
ليت القوم الذين وقفوا مع الغرب ضد القذافي وصالح والأسد يدركون أن الابتسامات التي يرسمها الأوربيون على وجوههم ما هي إلا تكشيرة ذئاب لئيمة همها الفريسة لا الأخلاق الفاضلة والقيم...وليت القادة العرب الذين اصطفوا بمعية عمرو موسى وجامعته العربية وراء حلف الناتو لضرب ليبيا يعون أن دورهم سيأتي لا محالة كما جاء دور حسني مبارك وزين العابدين بن علي وشاه إيران من قبل...ومن سخرية القدر أن العقيد القذافي هو من حذّر القادة العرب في مؤتمر القمة في دمشق في 2008، من مغبة تأييدهم للغرب...من بين الحضور كان حسني وبن علي وصالح والأسد...اعتبروه مهرج القرية ولم ينتبه أحد لنصحه...
العقلية الغربية تحتقر العرب وتعتبرهم رعاع غير قابلين للتطور، عاشوا عالة على الحضارة الغربية ولم يسهموا في مخرجاتها على مدى خمسة قرون مضت...لم يحسنوا التصرف في الثروة التي هبطت عليهم بغتة، لذا لابد من تجريدهم منها...
في لشبونة حسبما أوردت مجلة Time الأمريكية، اجتمع قبل أيام مدراء بنوك يناقشون فرص الاستثمار في إعادة بناء وتعمير البنية التحتية التي دمرها قصف الناتو في ليبيا...
تدمير بلد نفطي يعني عقود تعمير غربية جديدة مدفوعة من عائدات بترول ذلك البلد وهو ما حدث من قبل في العراق والكويت...وذلك يعني أيضا إيجاد فرص عمل جديدة في الغرب الذي ترتفع أرقام البطالة لديه...
هل كان المقصود إذن ضربات الناتو حماية المدنيين الذين لم يعودوا مدنيين بعد تسليحهم ومدهم بالعتاد العسكري، أم تدمير ليبيا للاستفادة من عائدات بترولها الكبيرة؟
لقد تعامل المجتمع الدولي، وتلك تسمية تعني في حقيقتها حلف الناتو، دون حرج مع ليبيا طيلة العقود الأربعة الماضية...اشترى نفطها وباع لها منتجاته واستثمر عائدات ذلك النفط بما يعادل 250 مليار دولار مودعة في البنوك الغربية...وكان العقيد معمر القذافي طيلة تلك الفترة في نفس جنونه ونرجسيته وبطشه وقمعه للجماهير، بل شاهده العالم على شاشات التلفاز في حفلة الإعدامات التي أقامها لمن أطلق عليهم الكلاب الضالة...أعدم المدنيين منهم شنقا والعسكريين رميا بالرصاص في إستاد لكرة القدم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان...وقتها لم يحرك أحد ساكنا لأن الغاية تبرر الصمت، والصمت يعني عقود استثمار في البترول وشراءه بأسعار متهاودة لقرب ليبيا من أوروبا...
إذن ما هو الجديد الذي فعله القذافي الآن ولم يفعله فيما سبق؟ ما الذي حدث ليجعل الغرب يدرك مؤخرا أن العقيد يفتك بشعبه وهو الذي ظل فاتكا به على مدى أربعين عاما؟ سمح له المجتمع الدولي في أثنائها بترؤس مجلس الأمن الدولي ومخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بخطبة استمرت تسعين دقيقة سقطت خلالها المترجمة مغشيا عليها من الإعياء، ومزق ميثاق الأمم المتحدة على مرأى ومسمع مندوبي 189 دولة...بل كان فاكهة اجتماع مجموعة العشرين في العام 2009 في لكويلا ابروزو حيث سمحت له ايطاليا بنصب خيمته البدوية في فضاء مدينتها الجميلة التي لم تشهد بعيرا أو بنت لبون من قبل...
طيلة فترة عبث القذافي هذه، كانت الوثائق الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان سارية ولأكثر من خمسين عاما مضت، لماذا تم نفض الغبار عنها وتفعيلها في وجهه الآن؟...
الصديق آلن بيطار صاحب المكتبة العربية "الزيتونة" بجنيف أراني قبل خمسة أعوام خارطة قال إنها تُشكّل الشرق الأوسط الجديد...
الخارطة ترسم دولا عربية منشطرة إلى أجزاء صغيرة...
مصر دولتان: شمال وصعيد نوبي يُضمُّ إليه جزء من شمال السودان...
السودان خمس دول: الجنوب؛ والغرب الكبير "دارفور وكردفان"؛ والشرق؛ وجنوب النيل الأزرق؛ وما تبقى من وسط السودان الشمالي بعد خروج النوبيين إلى دولتهم في الشمال، أي بعض من مثلث حمدي...
السعودية ثلاث دول: الحجاز ونجد والقطيف...
العراق ثلاث دول: دولة شيعية وأخرى سنية، ودولة كردية تضم كل أكراد المنطقة...
تفكيك لبنان إلى دويلات طائفية صغيرة وكذا سوريا مع خلق دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة غير قابلة للحياة دون دعم إسرائيل...مع تشجيع الامازيق على إقامة دولة لهم في المغرب العربي...وتفتيت ليبيا إلى شرق وغرب وجنوب...
الغرض من كل ذلك حسبما ذكر الأخ آلن بيطار هو إيجاد دويلات صغيرة تتوازى في حجمها مع إسرائيل وتختلف عنها في الانشطار الأميبي الداخلي والتخلف...بكلمات أخرى إعادة مجتمع الشرق الأوسط إلى مكوناته الأساسية القائمة على القبيلة والطائفة...
كعادتي رفضت كلامه لأنه يدخل ضمن نظرية المؤامرة التي تعافها نفسي دائما، خصوصا وآلن من الذين حاربوا في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونعرف مدى غرام الفلسطينيين بنظرية المؤامرة إن لم نقل إنهم مبدعوها في الوطن العربي...
هذه الأيام ومع الهبات التي نراها والافتتان بها من قِبل الكثيرين من أصحاب الرأي، أعدتُ قراءة ما ذكره آلن قبل خمسة أعوام ومضاهاته بما يجري في السودان والعالم العربي ونتاج ما يُسمى بربيع العرب...
قد يتراءى للبعض أن الذي يحدث في العالم العربي اليوم شيء عشوائي، بعض من فوضى شباب جيل الانترنت...جيل لا يربط بينه شيء سوى الإحباط والكيبورد...وقد يكون في ذلك شيء من الحقيقة، لكنها ليست كل الحقيقة بأية حال من الأحوال...
فليس من قبيل المصادفة أن يتبنى الرئيس اوباما الديمقراطي نفس مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي افترعه سابقه الجمهوري جورج دبليو بوش لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية في الشرق الأوسط وفقا للمفاهيم الغربية لهذه الأمور...
كما لم يكن مستغربا أن يكون حافز الشباب لهذا العمل هو ما سمعوه ولم يعوه عن هذا المشروع...
في مقال سابق ذكرت بأن مشروع الشرق الأوسط الكبير يرفضه البعض ويقبله آخرون لأسباب متناقضة...
يرفضه زعماء سياسيون أدمنوا السلطة والزعامة وأرادوا أن يستمروا بها إلى قبورهم ومن ثم توريثها مع الثروات المنهوبة من الدولة إلى أبنائهم فينالوا بذلك الحسنيين: توريث الثروة والسلطة معا...
الذين قبلوا بمشروع الشرق الأوسط لأسباب تكتيكية هم من يبتهج اليوم بالذي يحدث في البلدان العربية...حركات الإسلام السياسي في مصر وسوريا والأردن وليبيا والمغرب واليمن...ليس حبا في المشروع والديمقراطية بل تخلصا من القمع الذي مورس عليهم من قبل الأنظمة المذكورة...
لدى الولايات المتحدة تصور لإعادة النظر في فهمها لحركات الإسلام السياسي والتعامل معها بوصفها المعبِّر عن الشارع السياسي العربي في الوقت الراهن، وعدم جعلها بعبعا مخيفا للغرب...فهي على الأقل لن تسبب له صداعا عندما تكون في السلطة...
مثل هذا الرأي ورد في مجلة Foreign Affairs الرصينة والمعتد بها لدى صناع القرار الأمريكي في عددها لشهري مايو ويونيو 2011 والذي حمل العنوان الرئيسي انتفاضة العرب الجديدة، The New Arab Revolt كما ورد أيضا في مجلة Time في عددها بتاريخ 21 يونيو من ذات العام...
في الأولى ذكر شادي حامد من معهد بروكنغز Brookings Institute في مقاله بعنوان صعود الإسلاميين The Rise of the Islamists :"إن مآل الديمقراطية في المنطقة لا يمكن التكهن به، فبعض الحكومات قد لا تتماشى مع مقتديات أمن الولايات المتحدة..وفي قلب هذا الحراك السياسي هناك التنظيمات الإسلامية كالإخوان المسلمين في مصر والأردن وحركة النهضة في تونس وهي حركات يمكن وصفها بالراغماتية عندما تقتضي الضرورة، وقد اثبتوا مقدرة على التنازلات واتخاذ خيارات صعبة عندما يتعلق الأمر ببقائهم في دائرة العمل السياسي...ومن أجل قيادة التغيير في اتجاه موات لمصالح الولايات المتحدة لا بد من الدخول في حوار استراتيجي مع الجماعات والأحزاب الإسلامية في المنطقة وتشجيعها على احترام المصالح الغربية بما في ذلك استحقاقات السلام العربي الإسرائيلي والوقوف في وجه إيران ومكافحة الإرهاب"...ثم يمضي الكاتب في حث الولايات المتحدة على بدء الحوار مع هذه الجماعات اليوم قبل غد حيث لدى أمريكا التأثير على الأحداث، وقبل أن تتغير الأمور في اتجاه آخر بوصول الإسلاميين إلى السلطة قبل التوافق مع أمريكا"...
أما Time فقد تناولت الموضوع تحت عنوان Why Muslim Brotherhood are Egypt best democrats? "لماذا الأخوان المسلمين هم أحسن ديمقراطيي مصر؟" للكاتب Bobby Ghosh بدأه بالقول "إن كثيرين من المعلقين الغربيين استغربوا سهولة تأقلم حركات الإسلام السياسي في العراق مع التعددية الحزبية بعد سقوط صدام حسين، وهم الذين اعتقد كثيرون أنهم معادون للديمقراطية! فقد اثبت قادتهم، والكلام للكاتب، أنهم قادرون على التأقلم مع الديمقراطية التي قادوا خلالها حملاتهم الانتخابية بكثير من التمرس افتقده الليبراليون العراقيون الذين كانوا مجرد هواة في ممارسة الديمقراطية رغم وجودهم الطويل في الغرب أثناء حكم صدام حسين".
ثم يمضي الكاتب ليقول "إن شيئا مشابها يحدث في مصر في الوقت الراهن...فمن بين المجموعات السياسية التي ظهرت عقب سقوط نظام حسني مبارك بما فيها تحالف الشباب والأحزاب العلمانية واليساريين وفلول الحزب الوطني، يتضح أن الأخوان المسلمين هم الأكثر فهما لكيفية إدارة العمل الديمقراطي!! ثم ينقل عن عصام العريان قوله: "لا ينبغي لمجموعة واحدة أن يكون لها الصوت الأعلى فوق الآخرين"، وعلى كلام العريان هذا يبني الكاتب مرافعته الختامية بالقول: "إن هذا يجعل الإسلاميين يبدون أكثر مسئولية وتصالحا مع احتمال كبير لتفاعل الناخبين معهم"...
الغرب يعلم يقينا أن حركات الإسلام السياسي لن تطور البلدان التي ستحكمها ولن تنافس الغرب في مجال العلوم والتقنية الحديثة...سيهتمون بشكليات الأمور من حجاب ونقاب المرأة ولحية الرجل وطول جلبابه...لن يصنعوا شيئا يحقق الرفاه أو الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات، وسيستمر المجتمع المؤسلم مجتمع استهلاكي يعتمد على السلع والخدمات الغربية...لذات السبب لن يوقفوا ضخ البترول للدول الغربية لحاجتهم للنقود للاستهلاك...وسيجدون في الفقه الديني ما يبررون به تعاملهم مع الغرب...إذن ما الفرق بينهم والآخرين؟ أوليس كل الأمر عند العرب صابون؟....
ما هي المشكلة في وصول الإسلاميين إلى السلطة السياسية في بلدان الشرق الأوسط إذا كان مصير تلك البلدان سيكون مطابقا لما آل إليه حال السودان؟..
ستكون سلطة مستقرة دون معارضة تُذكر لأن الشارع العربي المسلم سيتم تدجينه باسم الدين ولن يجرؤ أحد على تحدي من يرفع راية شرع الله ولو تماهى سلوكه مع أفعال إبراهيم روثمان أو أعمال دقسوبا!!!
ستستمر التهدئة مع إسرائيل كما يحدث الآن في قطاع غزة وسيجدون لها فقها يبرر وجودها بحيث تتمكن من تطوير قدراتها وإمكاناتها التقنية في الدفاع عن نفسها بالقدر الذي لن يستطيع العرب اللحاق بها في خلال المائة سنة القادمة طالما هم تحت حكم أنظمة تعادي العلم والعلوم...
بلا شك لن يأتي هذا الربيع بزهور الديمقراطية على طريقة وست منستر أو الكابيتول هِلْ، فهي لا تشبه العرب ولا العرب يشبهونها...فما زال مفهوم القبيلة والطائفة والعرق والجهة هو الذي يحدد خيارات الناخب في اليمن والسودان وموريتانيا والعراق والكويت والأردن والبحرين...ومع صعود التيار الإسلامي في مصر سيجد الأقباط في حزبٍ يضمهم خير وسيلة للدفاع عن مصالحهم وحماية حقوقهم...
إذن على عكس مما هو متوقع لن تكون نتائج ربيع العرب أزهار ورياحين وورود، بل حمى الدريش hay fever التي يسببها تزهير الأشجار في الربيع...
شباب الثورات يعرف ما لا يريد وهي تلك الأنظمة الفاسدة، لكنه لا يعرف ما الذي يريده...ولا اعتقد أن أحد منهم يستأنس في نفسه الكفاءة ليكون على رأس السلطة في أي من هذا الدول...لذا جاءت الرياح بما لا تشتهي سفنهم وركب الموجة آخرون كانوا أعوانا سابقين للسلطة التي أطاح بها هؤلاء الشباب...قادة الجيش المدجنين في مصر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، والباجي قائد السبسي وزير داخلية ودفاع وخارجية الحبيب بورقيبة ورئيس مجلس نواب زين العابدين بن على...ويقفز من المركب الليبي حاليا لينضم إلى الثوار كل أعوان العقيد القذافي في القتل والفتك وسفك الدماء وعلى رأسهم موسى كوسا الذي لا يختلف في شيء عن عبد الله السنوسي الذي صدر مؤخرا أمر بتوقيفه من محكمة الجنايات الدولية...وراحت أحلام الشباب شمار في مرقه...
تلك أنظمة متجذرة في السلطة، اقصرها عمرا بلغ الثلاث عقود، فاسدة حتى نخاعها الشوكي يعرف أعوانها، بما اكتسبوه من خبرة في الحكم، كيف ينتقلون من نظام إلى آخر دون أن تتغير عقلياتهم أو قناعاتهم القديمة، وستترك آثارها على أي سلطة سياسية تأتي بعدها ولن يكون من السهل استبدالها بأنظمة نظيفة معافاة...
إذن هذه هي الفوضى التي يريدها الغرب لإعادة تشكيل خارطة المنطقة وفق رؤيته...
الغرب يعرف تماما أن الديمقراطية ليست فقط صناديق اقتراع، وهي لم تكن كذلك لديه، إنها ثقافة وسلوك بنية تحتية للمجتمع بأسره وحرية مطلقة في التعبير مع قبول الرأي الآخر وتحرير إرادة الفرد من أي تأثير قبلي أو ديني أو جهوي عند ذهابه لصناديق الاقتراع، كما يعرف أنها اقتراع على برامج حزبية وليس على أشخاص أو قبائل أو طوائف دينية...وهو يعلم تماما أن هذا الأمر غير متاح في العالم العربي الإسلامي القائم على القبلية والجهوية والطائفية وفقه طاعة ولي الأمر وولاية الفقيه...
تجربتان تمثلان الديمقراطية العربية المستدامة خير تمثيل، التجربة اللبنانية القائمة على المحاصصة الطائفية، وتجربة الكويت القائمة على القبلية...إذن أي ديمقراطية يريدها الغرب في هذه المنطقة؟ بل كيف يستطيع الغرب إدارة هذه الفوضى دون أن تتضرر مصالحه؟...
ما يهم الغرب هو تدفق النفط ومقايضة عائداته بالسلع الكمالية والسلاح، وهذا ما يهم أيضا الدويلات الناشئة بعد التفكيك، إذ ستقوم بضخ النفط لشراء السلع والخدمات الغربية والسلاح الذي ستحتاجه للدفاع عن حدودها الجديدة...
في السودان على سبيل المثال وجدوا في الإسلاميين خير خادم لأغراض الغرب وخير من يسمع كلامه ويمتثل لقراراته...وافقوه على فصل الجنوب وسيعملون معه على تفتيت السودان إلى الخمس دويلات المذكورة آنفا...
النظام السوداني هو الموديل المطلوب في الشرق الأوسط في المرحلة الحالية...نظام فاشل لا يستطيع أن يطعم أبناءه في بلد يمتلك 200 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، وضالع في حروب ممتدة مع شعبه، وله نفط يريد بيعه للتزود بالسلاح وليس لبناء دولة حديثة...لذا لم يتحمس الغرب لخلخلته كما فعل مع الأنظمة الأخرى التي كانت مُعْتَبَرة صديقة له...
قصة سقوط شاه إيران ينبغي إعادة قراءتها...الرجل رغم ترفه المبالغ فيه وبطشه بشعبه، كان بصدد بناء دولة مدنية عصرية مستندة على تراثها الفارسي بحيث تضاهي الغرب قوة وتحضر... دفع بالآلاف من أبنائها لتلقي العلم من مصادره في الغرب، لم تكن تخطئهم العين في أي من الجامعات الغربية في سبعينات القرن المنصرم...ورغم أن طابع حكمه لم يكن يختلف عن حكومات النمور الأسيوية التي بنت اقتصادها تحت ظل أنظمة ديكتاتورية، إلا أن الغرب جعله يسقط ليحل محله نظامٌ غيبي وتغييبي ما زال يحتفي بالنيروز الوثني وينتظر إماما غاب ألف وأربعمائة سنة ليرفع عنه كربه...
أوليس غريبا حقا أن تنتج دولة ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا بينما تستورد البنزين ومشتقات البترول الأخرى من خارج حدودها؟ هذه بالضبط نوعية الدول التي يحتاجها الغرب...دول فاشلة يقودها مغيبون مفصومو الشخصية...
لقد اقتنع الغرب بأنه لا يستطيع تغيير العقلية العربية المسلمة وإقناعها بالديمقراطية...وما زالت أوروبا تنظر بريبة للتجربة التركية، لذا لم تسمح لها بعضوية نادي الصفوة الأوروبية...وعبث أمريكا بعش الدبابير في أفغانستان قادها إلى اتقاء شر المسلمين بفت عضدهم وتحويلهم إلى دويلات لا حول لها ولا قوة، ولا تشكّل خطرا عليها أو على ربيبتها إسرائيل، وبذا تضمن استمرار الكيان الصهيوني الذي يمتلك ممثلوه مفاتيح القرار السياسي الأمريكي، وبذا تتحقق نبوءة نزول المسيح عندما يتجمع اليهود في أرض الميعاد...
هذه هي العقيدة السياسية التي تتحكم في قرارات الغرب هذه الأيام...عقيدة مسيحية عائدة من كهوف الزمن تسعى إلى التعايش مع عقيدة إسلامية متطرفة تحسُباً لنزول المسيح ونهاية التاريخ...
29 يونيو 2011
MOHAMED MUSA GUBARA [mmusa25@hotmail.com]