رسالة في بريد الإطاريين…تعذيب الثوار..!! بقلم: اسماعيل عبدالله

 


 

 

خبر أوردته صحيفة الراكوبة الإلكترونية نقلاً عن صحيفة الديمقراطي، يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022، واعتماداً على إفادة من (تام) تجمع الأجسام المطلبية، مفاده أنه قد تم رصد ثلاثة مقرات لشرطة المباحث بمدينتي الخرطوم والخرطوم بحري تُعذّب فيها الثوار السلميين، كيف يحدث هذا والناس يحدثونك بتفاؤل غريب عن قرب الوصول لاتفاق نهائي ينهي أزمة البلاد، ويخبرك البعض بكل غبطة وسرور عن أن الخروج الآمن من نفق انسداد الأفق السياسي لا يتم إلّا بتغليب واجب الوقوف مع الاتفاق الإطاري الذي سيكلل بختام اتفاق شامل يعيد الأمور إلى نصابها، السؤال البديهي: هل يؤدي الاتفاق النهائي إلى وقف تجاوزات الأجهزة الأمنية والشرطية؟، وهل يضمن الموقعون على المسودة الأخيرة لمشروع التسوية، عدم المساس بالثوار وهم يعبّرون سلمياً عن أشواقهم في الحصول على دولة الكرامة والحرية والسلام والقانون والعدالة؟، أم أننا مقبلين على دكتاتورية أخرى مقنّعة بقناع المدنية التي سلفت؟، إنّ مساحة الثقة المفقودة بين الثوار والأجسام السياسية التي تفاوض الإنقلابيين تفرض علينا التساؤلات المشروعة هذه، لأن استمرار تعذيب الثوار في الوقت الذي تنعقد فيه جلسات التفاوض مع معذّبي الثوار، ينبيء عن عدم اكتراث الانقلابيين لمن هم جالسين في قبالتهم يتحدثون باسم الثورة والثوار.
يفيد الخبر أن التقارير الطبية التي أجريت بموجب قرار قضائي، أوردت ثبوت تعرض الثوار للتعذيب النفسي والبدني، وأن التعذيب هدف لانتزاع اعترافات ملفّقة، هذا فضلاً عن نهب مقتنيات هؤلاء الثائرين، واتباع انتقائية واضحة في اختيار الضباط والجنود الذين مارسوا هذه الفظاظة والفظاعة، وبروز اسم أحد الضباط القائمين بأداء هذه الأدوار القذرة وغير الأخلاقية، والمجافية لمعايير حقوق الانسان، وهذا الضابط يدعى (بابكر حميدان) بحسب متن الخبر، على القانونين من أنصار ثورة ديسمبر المجيدة وواجهاتهم الرسمية أن يلاحقوا هذا الضابط والذين معه ممن عذّبوا ونكّلوا بالثوار، وها نحن نعود عوداً غير حميد وليس مستطاب للعهد البربري الغيهب، الذي أسس له الرؤساء المتعاقبون لجهاز أمن الدكتاتور – الدكتور مطرف صديق والدكتور نافع علي نافع والمهندس صلاح عبدالله قوش والمهندس محمد عطا – المهندسون وحملة درجة الأستاذية (الدكتوراه) الذين انحرفوا عن الطريق القويم، المؤسسون الأوائل لبيوت الأشباح التي أحالت بيوت السوادنيين لأحزان وأتراح، للأسف العميق يحدث هذا بعد أن تراجع القهقرى عن أهداف ثورة ديسمبر المجيدة السياسيون الطارئون المتماهون مع الانقلاب، الذين يحسبون وهم الخاطئون أن بركان ديسمبر قد خمل وخبأ للأبد.
مع ظلمة الواقع المأساوي الذي يتمدد بطول وعرض أرض السمر، وعلى الرغم من كدر الحياة التي أعقبت الانقلاب، تظل هنالك شمعة للأمل مضيئة اسمها (حاضرين)، المنظمة الانسانية الوطنية التي ما فتئت تجود بخدماتها الجليلة للثائرين، من رعاية للمصابين ورصد للانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحقهم، وخدمات طبية اسعافية للجرحى، فأشاوس حاضرين هم الذين ترنم بهم وتغنّى لهم الهرم النوبي العظيم، الموسيقار محمد عثمان وردي، في رائعته (راية الاستقال)، وقال فيهم: من أجلنا ارتادوا المنون ولمثل هذا اليوم كانوا يعملون غنوا لهم يا اخوتي ولتحيا ذكرى الثائرين. فالتضحية لأجل الوطن لا تقف عند حد التنازل عن الروح التي هي أغلى ما يملك الانسان، بل تكون أيضاً بالأدوار الإنسانية الفاعلة التي يؤديها الممرضون والمطببون، وبالواجبات الوطنية التي يقوم بها الراصدون والكتاب الصحفيون والمحامون والقضاة المحترمون، فالثورة فعل إنساني شامل يجد كل ذي موهبة مكانه بين دروبها الوعرة والشائكة، ويستتر تحت جلبابها كل ذي قريحة إنسانية مبدعة، وجميع من بهم نزعة فطرية غير مرتهنة لعطيّة الرأسمالي الجشع ولا لرشوة الموتور المتبطل الانتهازي الفزع.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء