رغم سيطرة إسلاميي المؤتمر الوطني علي النقابات، الإضراب السياسي ممكنا. بقلم: د. جعفر كرار أحمد

 


 

 




رغم سيطرة إسلاميي المؤتمر الوطني علي النقابات

يمكن للجماهير أن تفرض الإضراب السياسي وتشل جهاز الدولة ويسقط النظام

eastofahmed60@yahoo.com
كتبت عصابة المؤتمر الوطني المختبئة تحت ستار الدين في هذه الأيام آخر سطر من سطور الإنحطاط في تأريخها المليء بالدم والقهر والإستبداد والكذب وذلك بإطلاقها النار علي صدور المتظاهرين السلميين من بنات وأبناء شعبنا مرتكبة مجازر جديدة في حق شعوب السودان . وبحكم إهتماماتي الأكاديمية بتأريخ الإضراب السياسي العام والعصيان المدني في السودان ومع إرتفاع أعداد شهداء ثورة سبتمبر المجيدة عدت للوثائق المحفوظة لدي الخاصة بثورة  21 أكتوبر 1964، وثورة 26 مارس – 6 أبريل  1985 لحصر شهداء هاتين الثورتين العظيمتين حيث وجدت أن شهداء الإحتجاجات السلمية خلال هاتين الثورتين ، وشهداء الإحتجاجات السلمية ضد الإستعمار البريطاني منذ 1949 وحتي رحيله ، ومنذ الحكم الوطني الأول وحتي 1989 جميعهم   أقل بكثير من شهداء ثورة سبتمبر المجيدة في أسبوعها الأول والتي لا يقل عدد الشهداء فيها عن  140 شهيداً ، وهذه المقارنة كافية ليدرك الجميع بأن هذا النظام الذي وصفته قبل سنوات طويلة بأنه يحكم شعبنا بآليات قوي الإحتلال الأجنبي  أشد قسوة من كافة الأنظمة التي تعاقبت علي حكم هذه الأرض الطيبة بما فيها الحكم الأجنبي . وبهذا لم يترك هذا الحكم البغيض خيار أمام شعبنا سوي مواصلة طريق الحرية وإسقاط هذا النظام  مهما عظمت التضحيات وتقديم القتلة المباشرين وغير المباشرين إلى العدالة المحلية والدولية . إن الدم الذي سال في شوارع الخرطوم قد رسم خريطة طريق إسقاط النظام  لشعبنا وعنوانها إسقاط نظام المؤتمر الوطني عن طريق العصيان المدني المصاحب بالإضراب السياسي العام . وفي تقديرنا أنه بالإعلان عن تكوين تنسيقية التغيير ومن بين قياداتها الأب المجاهد حفيد المجاهدين السيد الصادق المهدي اكتملت الظروف الموضوعية والذاتية لإنتصار إنتفاضة سبتمبر المجيدة ، فالجسم الجديد سيقود الإنتفاضة ويوجهها وينظم نشاطاتها ويفتح الطريق أمام إنتقال منظم للسلطة ولن يكون هناك فراغ سياسي كبير عندما تجهز بنات وأبناء شعبنا علي هذا النظام المتهاوي . وبالعودة إلي تأريخ ثورتي أكتوبر 1964 ومارس – أبريل 1985نلاحظ أن الإضراب السياسي العام الذي نفذته النقابات كان له الأثر الحاسم في إنتصار الإنتفاضة وإستسلام نظامي عبود ونميري . وهنا يبرز سؤال غاية في الأهمية حول إمكانية  تنفيذ الإضراب السياسي العام وشل جهاز الدولة  ليسقط النظام تلقائياً في ظل سيطرة إسلاميي المؤتمر الوطني علي عدد كبير من النقابات المهنية الهامة . ؟ وللإجابة علي هذا السؤال نقول نعم يمكن ذلك ، حيث نقدر ىأنه في مسار الإنتفاضة الشعبية المستمرة ألان ستتمتع عضوية الكثير من النقابات مثل نقابات عمال السكك الحديدية والمزارعين بالكثير من الشجاعة والإرادة  لتحرير نقاباتها من سيطرة عناصر المؤتمر الوطني والإنتهازيين علي هذه النقابات . وهذه النقابات سوف تنضم تباعاً إلي تنسيقية التغيير التي سوف تحدد حسب الظروف في الشارع متي تعلن الإضراب السياسي العام . وإذا لم يحدث هذا أو حدث بشكل غير كاف لضمان نجاح الإضراب السياسي العام فهناك طريق آخر لفرض الإضراب السياسي العام  وهو أن تحاصر الجماهير المنتفضة وبشكل سلمي مؤسسات الدولة من بنوك ومطارات وموانيء والمؤسسات الإنتاجية والخدمية وتحت حماية الجماهير المنتفضة لتمنع دخول أو خروج العاملين الذين رفضوا تنفيذ دعوات الإضراب السياسي العام لإرتباطهم بسلطة القمع . وبهذا يتم شل جهاز الدولة وتكتمل بذلك وصفة الثورة السودانية الشهيرة والمجربة " العصيان المدني العام المصاحب بالإضراب السياسي العام "  
وهكذا نري أن العصيان المدني العام الذي يتشكل آلان في شوارع وحوارى المدن السودانية سيرغم السلطة الحاكمة رغم عنفها غير المسبوق علي الإستسلام أو الإنتحار ، وسيدفع لاحقاً الإضراب السياسي العام وزخم العصيان المدني قطاعات لا بأس بها  من القوات النظامية بما فيها القوات المسلحة السودانية التي إنحازت مرتين إلي رغبة الشعب السوداني في التغيير  ، إلي الإنحياز للمرة الثالثة لصالح  آماني أهلهم في التغيير والخلاص . كما لا نستبعد أيضاً أن تساهم في الضغط علي النظام للإستسلام بقدر أقل من الدماء قطاعات من داخل المؤتمر الوطني الحاكم التي قد تدرك  أنه  لا عاصم لها اليوم من غضب شعبنا .
وعاشت إنتفاضة سبتمبر العظيمة  والمجد للشهداء
د. جعفر كرار أحمد
باحث وأكاديمي سوداني
29/9/2013

 

آراء