رغيفة مثل ال (سي دي)
د. عمر بادي
15 January, 2012
15 January, 2012
عمود : محور اللقيا
التوقيت لزيارة السودان في الشتاء له ميزات عدة , خاصة قرب نهاية العام . هذا ما نحسه نحن سودانيي الخارج المتواجدين في بقاع الأرض المختلفة . في الشتاء و في نهاية العام يكون الجو صحوا في السودان و مائلا للبرودة , و تكون الكهرباء و الماء متوفرة , و يتوافد المهاجرون و العاملون في الخارج في إجازاتهم و إجازات المدارس في تلك الفترة . هكذا و على ذكر هذه التجمعات تقام الحفلات و الأعراس جنبا إلى جنب مع حفلات رأس السنة الميلادية و إستقلال السودان .
لقد ظل هذا ديدني في كل عام أن أحضر ولو في إجازة قصيرة إلى السودان . في هذا العام و في نهايته ودعته كما الآخرين بالدعاء عليه بأن ( يغور ) في ستين داهية تصاحبه اللعنات , بل لم يتمالك بعض المغنين مثل الأستاذ محمد و ردي أن يردد أناشيد الإستقلال ! كيف لنا أن نقوى على الوقوف و الإنشاد و قد إقتطعت أقدامنا من جسدنا ؟ و الدليل هذه الكساحية التي يعانيها الشمال بعد إنفصال الجنوب عنه ! لذلك فقد لعنت العام القديم و إستقبلت العام الجديد بإعتباره عاما مفتوحا على كل الإحتمالات .
لقد أعجبني الناس رغم الضائقات العديدة , أنهم يعيشون حياتهم و يخرجون إلى شواطيء النيل حيث الماء و الخضرة و الوجه الحسن , في إصرار تحسه قويا و يتحدى الإنكسارات المحبطة , إنهم يحتفلون رغم بساطتهم و يتراشقون بالمياه و يضحكون و يستمعون إلى الأغاني من أجهزة التسجيلات و الموبايل , و يروون النكات اللاذعة و يتندرون , و يعملون بحكمة ( لكل أجل كتاب ) ..
الظرفاء كما هم يعلقون و الناس يضحكون , و رسومات الكاريكاتير في الصحف تزيدهم ضحكا , و الأسواق مكتظة بالبضائع بينما القدرة الشرائية في تراجع مخيف يجعل المفارقة في الأضداد أكثر إضحاكا . إن الإجتماع هو الذي يحرك السياسة , و ليس العكس , لذلك فقد إختزنت ذاكرتي كل التعليقات و المواقف الضاحكة التي مررت بها , و هي كما سترون خير معبّر عما يحدث في البلد و الناس في الظرف الحالي :
في رسم كاريكاتيري في إحدى الصحف سأل المريض الطبيب و هو في غاية الفرح : ( يعني ممكن آكل أي حاجة ؟ ) و أجابه الطبيب : ( أيوه , إلا حق كشفي ) ! و لا داع للتعليق بكتابة خلفية لما دار , فأمر الفساد قد عمّ القرى و الحضر .
في رسم كاريكاتيري آخر لشخص يقرأ في جريدة و بجانبه شخص آخر , قرأ الأول : ( ثلاث سنينٍ عجاف) فقال له الآخر : ( أرى في المنام إني إذبحك ) ! و خلفية الموضوع أن السيد مهدي إبراهيم القيادي في حزب المؤتمر الوطني كان قد أشار أن السنين الثلاث القادمات على السودان سوف تكون صعبة و سوف يعاني فيها الناس و لكن الوضع سوف يتحسن بعد ذلك .
أحد الظرفاء وصف الرغيفة بحجمها الحالي أنها ( بقت تشبه السي دي ) ! و قد سبقه المهندس محمد الحسن عالم ( بوشي ) في مداخلته المشهورة في ندوة الإتجاه الإسلامي في جامعة الخرطوم بقوله إن الرغيفة ( بقت تشبه الأضان ) ! اتمنى من الله أن يرد المهندس بوشي سالما إلى أمه المكلومة , و أتمنى أن يتضامن الجميع معه و مع كل سجناء الرأي و التعبير و الصحافة ..
أحد الظرفاء وصف الأكل الذي يقدم في حفلات الأفراح أنه كان يقدم في صحون تراها مليئة بأصناف المأكولات الكوكتيل , و الآن ( بقوا يجيبوه في شي زي اللاب توب تفتحه تلقى جواه حبيبة أكل ) ! هنا لا داع للتعليق فالحالة معروفة .
أحد الظرفاء اراد أن يسخر من إنقطاع الكهرباء و مياه الشرب فقال : ( سدين و مافي كهربا , و نهرين و مافي موية , و مرتين و مافي ولادة ) ! و أظن هنا أن الحالة الأخيرة تخص ذلك الظريف شخصيا ..
omar baday [ombaday@yahoo.com]