سئمنا الشجب والإدانة (بأشد العبارات).. و(قِرِفنا) من التهديدات الأمريكية الملساء للطغمة!

 


 

 

* قال السيد فولكر بيتيس،، مبعوث الأمم المتحدة للسودان، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، 23 مايو 2022،
أن الأزمة السودانية أزمة محلية وأن حلها لا يتأتى إلا بيد السودانيين أنفسهم، وطالب، في نفس الوقت، بوقف التجاذبات الدولية حول السودان!

* تلك التجاذبات الدولية مرصودة في تدخلات وكالات إستخبارات إقليمية ودولية تعج بها الخرطوم، لحل/تعقيد الأزمات السودانية المتراكمة، بحيث بلغ التدخل في الشأن السوداني شأواً أفقد السودان سيادته على نحوٍ لا يُحتمل..

* يسعى فولكر جاهداً لإعادة الشراكة مع جنرالات اللجنة الأمنية، بأي شكل؛ وإعادة الشراكة هذه تُجمع على تأييدها جميع الدول ذات المصالح القائمة أو المحتملة في السودان، بما فيها روسيا وأمريكا، لكن برؤية شكلٍ للشراكة مختلف لدى كل دولة..

* حتى تكوين الآلية الثلاثية نفسه فيه شبه إجماع دولي، برؤىً مختلفة، ما يكاد يكون تدخلاً دولياً، غير مباشر، لرسم خارطة الحكم في السودان بأيدٍ غير سودانية، رغم زعم أن حل الأزمة السودانية لا يمكن أن يتم إلا من قِبل السودانيين أنفسهم..

* والمؤلم، حقاً، أن الأزمة السودانية صنعها ويصنعها أقزام سودانيون شاءت الأقدار ان يتسنموا سدة الحكم، ويسلِسوا القياد لدول في المحيط الإقليمي والدولي..

* كثيرة هي الدول التي تتدخل في الشأن السوداني اليوم عبر حكامه الأقزام، وأشهر تلك الدول الإمارات ومصر وإسرائيل وروسيا، يضاف إليها الصين وأمريكا وتركيا، وتدَخُّل الدول الثلاث الأخيرة تدخلاً على أطراف الأصابع..

* ويعتقد المراقبون للأحداث الجارية في السودان أن السيد محمد الحسن ولد لبات، مبعوث الاتحاد الأفريقي وعضو الآلية الثلاثية، يعمل (مبعوثاً) لدولة الإمارات داخل الآلية المناط بها إيجاد حل للأزمة السودانية.. أما فولكر فيُعتقد أنه يعمل لصالح الدول الغربية من تلقاء إيمانه بقيَّم تلك الدول في الديمقراطية والراسمالية ( المتوحشة!)..

* والآلية الثلاثية تكونت باتفاق بين الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، بطلب من طغمة الجنرالات الانقلابيين، وتقوم بما يشبه العمل على إخراج تسوية تفضي إلى استقرار السودان استقراراً ليس بالضرورة أن تكون له علاقة حقيقية بالأهداف التي قامت ثورة ديسمبر المجيدة لتحقيقها..

* ويرزح السودان اليوم تحت طغيان طغمة الجنرالات، بينما الجنرالات تحت رقابة المجتمع الدولي، الذي هو أمريكا.. غير أتهم لا ينصاعون لمناشدات ذاك المجتمع الدولي إلا قليلاً، إذ يستقوون بالفيتو الروسي المُشْرَع للرفع في مجلس الأمن للاعتراض على أي قرار يصدر ضد الطغمة..

* ولذلك لا يملك المجتمع الدولي، الذي هو أمريكا، سوى أن يدين ويشجب ويطالب ويناشد طغمة إنقلاب 25 أكتوبر للكف عن قتل المتظاهرين السلميين، وطغمة الجنرالات يشترون الوقت لتمكين سلطتهم.. وكأني بالآلية الثلاثية تشكِّل عاملاً مساعداً (catalyst) لتمكينهم و(توحطهم) في السلطة..

* وقد سئمنا الشجب والإدانة التي تصدر (بأشد العبارات).. و(قِرِفنا) من التهديدات الأمريكية الملساء تجاه ممتلكات الطغمة الفاسدة، بينما الطغمة تشتري الوقت بدماء أبنائنا وبناننا..

* وعودةً إلى إحاطة فولكر لمجلس بالثلاثاء، 23 مايو 2022، يجدر التأمل في اعترافه بأن الوضع منذ آخر مرة قابل فيها مجلس الأمن (يظل) وضعاً غير مستقر حتى لحظة تقديمه إحاطته الأخيرة.. وأن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالسودان في خطر..

* ومع أن "الحال ياهو نفس الحال!"، كما اعترف فولكر أعلاه،
إلا أن درجة حرارة إحاطته للمجلس، بالثلاثاء، 23 مايو 2022، إنخفضت عن درجة سابقتها انخفاضاً ملحوظاً من حيث تحليل ما يجري في السودان بشكل أكثر وضوحاً وأكثر صراحة وألمع إشارةً إلى تعنت الجنرالات وتماديهم في مخططاتهم لاستدامة طغيانهم.. اي أن الحالة كانت تستدعي شفافية أكثر..

* لكن، لماذا انخفضت درجة حرارة الإحاطة الأخيرة عن درجة سابقتها انخفاضاً ملحوظاً؟ ما الجديد الذي طرأ؟!
..
* أشتَّم بين طيات ما قدمه السيد فولكر من إحاطة لمجلس الأمن رائحة حل وسط جمع تباين رؤية فولكر ورؤية ولد لبات.. وتباين رؤيتيهما أصله تباين في رؤى الدول ذات المصالح في السودان..

* ويمكن ملاحظة هذا التباين بعد قراءة مجمل ما بين سطور الإحاطة، من مظانها، ومن ثم التمعن في بعض فقراتها التي ترجِّح إدغام حل وسط بين رؤيتين غير متماثلتين..

* فمثلاً، قال السيد فولكر بيتس أن ممارسة قوات الأمن للعنف ضد المتظاهرين (يبدو) أنه إنخفض...!
(The violence against proteators by the security forces appears to have decreased....)

* وكلمة يبدو (It appears) هذه لا تقطع بانخفاض العنف، لكنها تفسح المجال لتفسيرها بأن العنف قد إنخفض، ظاهرياً، ولكنه لم ينخفض في واقع الأمر..

* لم يحدث أن سمعنا ولد لبات يطالب الطغمة الانقلابية بايقاف العنف، فلا وجود للعنف بالنسبة إليه أصلاً،، فعينه عين رضاً لما يفعله الجنرالاا دائماً.. وهي عن كل عيوب الجنرالات كليلةٌ، بينما ظل فولكر منذ وقت طويل يطالب ويناشد لوقف العنف المفرط..

* في تقديري أن كلمة (يبدو) هذه وضعت فاصلاً بين ما يراه فولكر وما يراه ولد لبات

* وفولكر لم يكن يعبر عن رؤيته كمبعوث للأمم المتحدة، إنما كان يعبر عن رؤية فريق عمل ( Team work) ثلاثي، ولم يكن أمامه سوى قول ما لا يتضارب مع رأي الآلية الثلاثية..
* هذا تقديري، وأعتقد أنه يتناسب مع واقع حال الآلية الثلاثية.. فلا عجب في أن انخفضت درجة حرارة إحاطته الأخيرة للمجلس عن درجة سابقتها انخفاضاً ملحوظاً من حيث تحليل ما يجري، بشكل واضح وصريح، حول تعنت وطغيان الانقلابيين وتماديهم في مخطط انقلابهم لتحقيق أجندتهم في التمسك بالسلطة وتقويتها بتقوية الأدوات المساعدةة، بدءا بتفكيك أعمال لجنة التفكيك وإطلاق سراح قادة المؤتمر الوطني الفاسدين وإرجاع الأموال المنهوبة لهم.. وإعادة تمكين الكيزان للخدمة المدنية والجهاز القضائي..

* لكن فولكر ينصح طغمة الجنرالات أن من الضروري عليها عرض مرتكبي أعمال العنف ضد المحتجين للمحاسبة، هذا إذا أرادت الطغمة بناء الثقة مع الشعب السوداني..
"If the authoritieswant to build trust, it is essential that those responsible for violence abainst protestors be held accountable.."

* هل ينجح الجنرالات، قتَلَة الكنداكات والشفوت في كسب ثقة الشعب السوداني؟!

أكاد أسمع إحدى الكنداكات وأحد الشفوث يصرخان بصوتٍ واحد: آااا وين يا!

osmanabuasad@gmail.com
//////////////////////

 

آراء