سرديات الجيوبوليتيكيا: اللوبي الصهيوني الايباك (3)

 


 

 

الثالثة:
د. عمرو محمد عباس محجوب

لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (تسمى اختصاراً أيباك) وتم تأسيسها عام ١٩٥٣ كلوبي صهيوني أميركي لزيادة الدعم المالي لإسرائيل التي كانت في بداية عهدها. إذ كانت تواجه أزمة مالية، خاصة في مطلع الخمسينيات نتيجة لتوافد المستوطنين اليهود الجدد. لكن برزت إيباك كقوة رئيسية في تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط منذ عهد جيمي كارتر في السبعينات، وربما ارتبط ذلك بانتصار الثورة الإيرانية.

رسخت أيباك صورتها في مطلع الثمانينات وكان أبرز أهدافها العمل على تلقّي الدعم غير المشروط لإسرائيل، عبر التركيز على دعم مرشحين سياسيين للسلطات السياسية والتشريعية والسيطرة على الإعلام والفضاء الثقافي بكل انواعة، لتجعل هذه المجالات أكثر استقطابًا ودعمًا لإسرائيل على مدى العقود الثلاثة التالية. شرعت أيضا في دخول الجامعات الأميركية للتأثير على الهيئات الطلابية ومجالس الجامعات وخلق علاقات متنوعة أكاديمية وبحثية مع الجامعات والمعاهد البحثية الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي بعد شعورها بازدياد نفوذ هيئات وحركات تدعم القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني.

في فبراير 2019، أثارت النائبة إلهان عمر -عضوة ديمقراطية فيي الكونقرس، جدلاً عندما هاجمت "النفوذ السياسي في هذا البلد الذي يقول إنه من المقبول الدفع من أجل الولاء لدولة أجنبية". أثارت هذه التصريحات الغضب بين مؤيدي أيباك، لكنها أثارت أيضًا دعمًا صريحًا بين الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي و"أحيت جدلًا مشحونًا" في السياسة الأمريكية حول ما إذا كانت أيباك تتمتع بنفوذ كبير على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط،مع تسليط الضوء على تدهور بعض العلاقات بين الديمقراطيين التقدميين والمنظمات المؤيدة لإسرائيل.

تصريح جو بايدن “أنا صهيوني متشدد” وقوله “إسرائيل القوة الأكبر لأمريكا في الشرق الأوسط” وتصريح وزير الخارجية بلينكن عند زيارته انه جاء لاسرائيل كيهودي، صعدت من المواقف ضد أيباك والتي دفعت نحو 25 منظمة أميركية لإنشاء تحالف "أرفض أيباك" الذي ضمّ منظمات عربية وإسلامية ومنظمات يهودية مناهضة لإسرائيل، إلى جانب منظمات تدعم الحقوق الفلسطينية مثل: الحملة الأميركية للعمل من أجل حقوق الفلسطينيين.ويسعى التحالف لدعم السياسيين المستهدفين من قبل "أيباك" بحملات لتشويه صورتهم أمام الناخب الأميركي ومواجهة التحريض عليهم داخل الكونغرس، إضافة إلى التصدّي لما يُعرف بـ"المال المُظلم" وهي تبرّعات الأفراد للمرشّحين السياسيين دون الالتزام بإبلاغ الحكومة الأميركية بأسماء المتبرّعين وفق النظام الانتخابي الأميركي. لكن أقسى تحركات سوف تشهدها الايباك في المستقبل القريب هو حراك الجامعات الأمريكية ضد الإبادة وإيقاف الحرب وقطع العلاقات مع الكيان. وسنتناوله لاحقاً.

لقد تحولت ايباك من لوبي اسرائيلي داخل الولايات المتحدة الى اكبر مؤثر في السياسات الامريكية والثقافة والتوظيف وهوليود والاعلام الرسمي وغير الرسمي وغيرها ، حتى بلغ الامر بترامب بوصفها كجسم ولائه تابع لدولة اجنبية واتهامه شخصياً بمعاداة السامية. وادى تدخلها الفظ في الإحتجاجات الجامعية في قضايا حرية التعبير ودورها المباشر في منع التيك توك الى وضعها في مرمى نيران اكبر تحركات المجتمع الامريكي في العصر الحديث.

 

آراء