سلام جوبا حرَّك العفاريت وأيقظ الفتنة النائمة في بورتسودان..!

 


 

عثمان محمد حسن
21 September, 2021

 

* إن كان الحفاظ على هيبة الدولة يتم عبر استخدام القوة، دون مراعاة للأخلاق، و دون رحمة بمن يتم استخدام القوة ضدهم، لكان المخلوع البشير وزبانيته أشطر!

* إن إرساء قيمة العدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، أفراداً وجماعات، دون تسويف، هو المصدر الأساسي للحفاظ على هيبة الدولة.. لأن في ضياع الحقوق ضياعاً لهيبة الدولة في المقام الأول، ومدعاة لعصيان المظلومين أوامرها والخروج عليها خروجاً مشروعاً يتطور، مع إطالة التسويف، إلى خروج غير مشروع، كما هو حال المنتمين للحراك الاحتجاجي في شرق السودان الآن...

* فلما طال أمد النظر في مطالب الكيان المسمى (المجلس الأعلى لنظارات البجا و العموديات المستقلة)، خرجوا في احتجاج مشروع، في البداية، وما لبث الاحتجاج أن انحرف عن الجادة، وشكَّل تحدياّ للحكومة غير مشروع، وتهديداً مخيفاً لوجود الدولة السودانية ذاتها..

* إندفع بعض قصيري النظر إلى المطالبة بإظهار هيبة الدولة عبر استخدام القوة ضد المحتجين، وهم لا يدركون أن أن استخدام القوة قد يأتي بالقيام بحملة إبادة جماعية، ربما صحبتها جرائم ضد الإنسانية، دون أي تقدير لمآلات تلك الإبادة، محلياً ودولياً..

* عزف جنرالات اللجنة الأمنية عن اللجوء إلى استخدام القوة، ليس لأن في قلوبهم شيئاً من الإنسانية ومخافة الله، إنما لأن شبح (مجزرة القيادة العامة) الغاشمة يطاردهم ليلَ نهار، ويضع حاجزاً نفسياً مزلزلاً بينهم وبين استخدام ذلك النوع من القوة، وفي علمهم أن عيون العالم شاخصة نحو ما يحدث في شرق السودان، وبعبع محكمة الجنايات الدولية لا يبارح خاطر جنرالات اللجنة الأمنية..

* تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقالاً يزعم فيه كاتبه أن
".... البرهان هو العقل المفكر لترك وقد رفض في اجتماع مجلس السلام التدخل بذريعة ان الأزمة سياسية واقتصادية وليست أمنية."

* أيها الناس، إن القول بأن البرهان هو العقل المدبر قول يجافي واقع حال البرهان العاجز جداً عن التفريق بين ما هو أمني وما هو سياسي أو اقتصادي.. ولا أتفق مع من يزعمون أن ثمة أيادٍ خارجية وراء الحراك الأرعن، وفي اعتقادي أن هناك أيادٍ خارجية تؤجج نيران الاحتجاجات؛ ولكنها ليست وراء الحراك ابتداءاً. لأن الدافع الأول كان شحنة غبائن التهميش الموروث بين قبائل الشرق، منذ أمد، وجاءت مخرجات اتفاقية سلام جوبا لتفجّر الشحنة على رؤوس من وقّعوا على الاتفاق!

* لا أدري لماذا الاشارة إلى أياد خارجية أو إلى فلول النظام المنحل، بينما كل الدلائل تشير إلى أن سلام جوبا هو الذي يقلقل الشرق اليوم.. وما الهدندوة سوى أسياد الحق (الرايح)، و(سيد الرايحة) لا يحتاج إلى من يحرضه على البحث عنها، حتى وإن فقد منطق الأشياء وانطلق يبحث عنها (في خشم بقرة)!

-------------------

حاشية؛-

قال الناظر محمد الأمين تِرِك المكون المدني في لقاء جماهيري، قبل يومين:- “نحن ما دايرين فتنة لكن ما دايرين نعيش استعمار و نحن رافضين سلام جوبا”، وفي تناقض غريب وضع خيارين أمام البرهان للأخذ بأحدهما هما "...حل الحكومة، وتشكيل مجلس عسكري إنتقالي يمهد لانتخابات برلمانية حرة ونزيهة، وبين أن يسمح للبجا بتكوين حكومتهم في الإقليم الشرقي"!

* هكذا علّق تِرِك ثورة ديسمبر على حبل المشنقة.. وخسر معظم من كانوا يتعاطفون معه، لكنهم يستمرون مع القضية التي يرفعها، خاصة ما يتعلق منها بالتلاعب الذي حدث في جوبا ضد إرادة المجموعة التي يمثلها وهي مجموعة كبيرة جدا.. ومهمشة بصورة لا أحسب أن الحكومة تجهلها، وإن حسبتُ أنها تتجاهلها، لأمر يتجاوز المعقول، رغم علمها المسبق بأن سلام جوبا قد يحرَّك العفاريت ويوقظ الفتنة النائمة في بورتسودان!

osmanabuasad@gmail.com

 

آراء