سلفاكير لا يملك القرار فى حكم الجنوب !؟

 


 

أدم خاطر
2 February, 2012

 


كان جليا من وحى المماطلات التى ظل يعملها الوفد الجنوبى المفاوض بأديس أبابا ، أنها لن تحقق أى اختراق لجهة القضايا الرئيسة فى الموضوعات المطروحة على الطاولة ورفضهم لأى مقترح يقدم طالما تسارع الحكومة بقبوله !.الجنوب على عهد باقان وألور لا يمكن أن يصل الى توافق مع حكومة  السودان ، لأن هؤلاء يأتمرون بأمر أوليائهم فى الغرب وأمريكا الذين ظل حضورا بجوبا وحول المفاوضات ، يرفدونهم بالخطط والمواقف التآمرية لنسف أي تقدم قد يطرأ بسلسلة من العقبات والمتاريس الممنهجة  !. ربما كان من بين الأسباب التى تمنع التسوية تلك المرونة التى يبديها الوفد الحكومى المفاوض بغية الوصول الى حل ، ولكن بعقلية هؤلاء فان ذلك يفسرا ضعفا يستوجب المزيد من المزايدة والمشاكسة من قبل الجنوبيين !. لذلك كان طبيعيا أن تفشل الجولة الأولى في محادثات قمة أديس أبابا بين السودان وجنوب السودان لمعالجة أزمة النفط بحضور الرئيسين البشير وسلفا كير قبيل انعقاد القمة عشية يوم 27 يناير 2012م !. وبرغم أن الرئيسين ناقشا اتفاقاً كان من المنتظر أن يجمد الوضع ويلغي الاجراءات المنفردة التي اتخذها كل من الجانبين، لكن المحادثات انهارت عندما انسحب سلفا كير فجأة وتراجع عن التوقيع لأنه لا يملك القرار وهذه المجموعة من حوله (انهارت بمكالمة هاتفية ) !. وقد أكد ملس زيناوي رئيس الوزراء الاثيوبي - الذي رأس اجتماع شرق أفريقيا - بأن البشير وكير كانا قد اتفقا على توقيع اتفاق رغم التباينات بينهما والتحفظات التى أبداها كل طرف على نقاط بعينها ! وقد تعلل سلفا بأن وفده ما زال يناقش الاتفاق ولا يستطيع التوقيع ، والحقيقة التى لا مراء فيها أن الأمر خارج سيطرته ينتظر توجيهات من يديرون موضوع النفط ومصالحهم فى المنطقة !. نعم لقد فشلت المفاوضات الفنية برعاية أمبيكى وفشلت أيضا قمة الايقاد التى حاولت القيادة الأثيوبية لتجييرها لصالح هذا الخلاف بأن يحدث التقارب والاختراق فى ملف النفط !. لقد انعقد لقاء الرئيسين على هامش قمة (الإيقاد -18) الرباعية بمشاركة كينيا وأثيوبيا بجانب رئيسي الدولتين و امبيكي، وقد كان زيناوي واضحا فى حديثه للصحفيين نهاية الجلسة (كانت هناك موافقة مبدئية على التوقيع رغم تحفظات الجانبين حتى نلغي القرارات الآحادية التي أصدرها الجانبان ومن ثَمّ حل الأزمة عبر مقترحات المبادرة)، لكن سلفا كير قال في نهاية الجلسة انه لا يستطيع أن يوقع على الوثيقة لأن وفده ما زال يدرسها !. واستطرد رئيس الوزراء الاثيوبي (لم يتفق الجانبان في هذا الاجتماع على المقترح الأفريقي، لكن النزاع حول النفط مازال موجوداً في أجندة القمة، لكن تم الاتفاق بين الطرفين على استمرار المفاوضات خلال فترة انعقاد القمة)، وأضاف: (نحن لم نصل بعد لنهاية المطاف وهناك اتفاق بين الطرفين على كثير من نقاط المقترح الأفريقي. لكن مازالت هناك بعض النقاط الخلافية). وقال زيناوي إن لجنة وساطة من الاتحاد الأفريقي اقترحت إلغاء الإجراءات المنفردة التي اتخذها الجانبان كلاهما، لكنه لم يوضح ماذا يعني ذلك !. ويقينى أن المفاوضات ستمتد بالقدر الذى يمكن أن تتحمله حكومة الجنوب فى الصمود أمام انعدام الموارد وتعويلها الكامل على النفط وتدفاقاته ، وما يقول به ألور من وجود احتياطى نقدى يغطى 5 سنوات فهذا من قبيل الأحلام وذر للرماد فى عيون شعب الجنوب الذى يكتوى بنيران الندرة فى معظم احتياجاته والغلاء الطاحن وارتفاع المعيشة بنحو يفوق اليابان مع الفارق !!..
قرار حكومة الجنوب بإيقاف ضخ البترول مجرد فرمان أمريكى طلب إلى حكومة الجنوب انفاذه ، وأمريكا   و إسرائيل وعدوها بملء الفراغ الذى قد تحدثه هذه الخطوة وتعويضهم عن تبعاتها  !. هذا القرار يستهدف أولاً اختبار قدرة السودان على الصمود وما هى البدائل المتاحة له  ، ولكن فى مداه القريب يراد له  إدخال الحكومة السودانية في أزمة اقتصادية طاحنة وإعادة انتاج أزمة حادة فى البترول ومشتقاته إلى ما قبل وصول الإنقاذ إلى السلطة لتعظيم معاناة الشعب والدفع به نحو (ربيع عربى سودانى جديد بالتنسيق مع جهود المعارضة وحركات التمرد وما يجرى من محاولات داخلية للنيل من حالة الاستقرار والتنمية التى تشهدها البلاد  ) !. ثانيا وهو الأهم فان القرار الخارجى هذا يعبر عن رغبة الإدارة الأمريكية في العودة إلى الاستغلال والانفراد باستثمار بترول الجنوب وطرد الشركات الصينية وغيرها من الجنوب، واستبدالها بالشركات الأمريكية واليهودية  بحسبان أمريكا كانت أول من اكتشف النفط هناك  لكنها انسحبت بعد أن أخذت نصيبها عينا من الشركات الصينية !. فالتفاوض مع الحركة الشعبية لا يقوم على المنطق والمصالح المشتركة ، ولا يأبه قادتها بما قدمه السودان لأجلهم ولا مستقبل الجوار ومصير الشعبين !. وصبية قرنق يحاولون وكالة عن أربابهم ممارسة لعبة خطرة على أمننا واستقرارنا (حافة الهاوية )، بمزيد من الضغط والابتزاز الذى جلبه الانفصال وما منحه اتفاق السلام لهم من امتيازات يريدون لها أن تستمر!.ومبادرات الشمال مهما تجملت لن تجد أذانا صاغية لدى جوبا ، طالما هى تطالبنا فى منحى غريب عبر هذه المفاوضات ، أن يتنازل السودان عن أبيى ويعترف بتبعيتها للجنوب ، وأن يقر بأحقية الجنوب فى المناطق الحدودية الخمسة الخلافية  ثم التنازل طواعية عن نصيبه  فى أسهم شركة سودابت !؟ .
هكذا تنهال المطالب الجنوبية دفعة واحدة فى موصوفة شروط تعجيزية مقابل النفط ، ولا تدرى القيادة الجنوبية أن المضار التى ستترتب على قفل هذه الآبار ستكون جسيمة وهى قد صممت للضخ المتواصل ، وأن ما يقال عن خط تم الاتفاق عليه عبر كينيا مجرد مناورة رخيصة وصفقة مفروضة بتقدير من دفعوا بها ، وهو عمل شاق ان توفرت له السبل والأموال والقيادة ذات الارادة سيأخذ وقتا طويلا ان قدر له أن يقوم أصلا ، لأن كافة الدراسات الأوربية التى أجريت لبدائل من شرق افريقيا أثبتت عدم جدواها لعدة عوامل اقتصادية وتقنية وأمنية، فضلا عن التقلبات السياسية فى هذه البلدان ومردها على هكذا خطوة  !. يضاف الى ذلك أن ما لا تعلمه حكومة الجنوب والأطراف الخارجية المتآمرة التى تدفعها للقطيعة والعداء مع الشمال ، لا تدرك أن الشمال وطن أوضاعه من غير نفط الجنوب وله من البدائل ما يسد حاجته ، وأن موارده ظلت قائمة ومتنوعة ، واقتصاده فى تعافى قبل مجىء البترول الذى ما يزال شراكة متعددة وبه استحقاقات  لأطراف عدة ، والسودان ضمن هذه المنظومة له نصيب محدد يأخذه كما هو حال الجنوب !. فالشمال اتعظ بعبرة اتفاق السلام الشامل وقضاياه العالقة بعد الانفصال  ومزايدات الجنوب المكرورة ،  وهو يؤسس حاليا لآباره ومربعاته التى توافرت لها كافة البنيات التحتية والمستقبل أمامها بلا حدود فليفعل سلفاكير بنفط الجنوب وبنياته ما شاء فتحا واغلاقا !!. وليس بمقدور أى فريق سودانى مفاوض ان يعيد تجربة نيفاشا وتنازلاتها الكبيرة التى أوردت البلاد المهالك ، من يتعشم فى تنازل على نحو ما يدعو له باقان كما أشرنا فهو حالم وسيظل رهين حلمه !.على الحركة الشعبية أن تفق من ثباتها وتتحمل مسئولياتها كدولة لها شعب ومصالح وجوار ، لا الشروط والاملاءات الخارجية التى تتنزل عليها من هذا الطرف أو ذاك غير آبهة بمآلاتها ومخاطرها التى قد تنجم !. وان آثرت تهديد سلم المنطقة وهى قد شرعت فى ذلك بالفعل عبر حملاتها فى جنوب كردفان والنيل الأزرق وتحشييد المليشيات التمردة من دارفور بأراضيها ، على قادة البلاد أن يتحسسوا بنادقهم ، فهى حرب شاملة والنفط احدى أقوى كروتها وأدواتها ومطلوباتها ، أرادتها دول خارجية كبرى واقليمية والحركة الشعبية من يقوم بتنفيذها ، ولا ينبغى علينا الانتظار أكثر من ذلك حتى نباغت كما استبيحت كادوقلى والدمازين بتدبير شبيه ، ولات ساعة مندم !!؟..
adam abakar [adamo56@hotmail.com]
/////////////////

 

آراء