سودانية في وكالة ناسا للفضاء!! .. د. مرتضى الغالي
دعوت أكثر من مرة رئيس الوزراء الموقر لزيارة المجلس القومي للبحوث وهو على (خطفة رجل من مجلس الوزراء) على الأقل لأنه من المؤسسات التي تتبع لرئاسة الوزراء.. وكنت كلما مررت بمبناه الكائن في (شارع المك نمر) أعجب من الإهمال الذي يعانيه وأعجب أكثر من انقطاع الصلة بينه وبين صناعة القرار..! أو قل بينه وبين الطبقة السياسية السودانية بكاملها ولا أريد أن أقول (الكبسيبة السياسية).. وانبتات الوشيجة بين البحوث وبين ما تتخذه قيادات الحكومة وقيادات الأحزاب من مواقف وقرارات كانت يمكن أن تجد فيها إعانة مرجعية علمية من هذا المجلس الذي يحتشد بالخبراء بما يكون هادياً لها في ما تأخذ وما تدع من بيانات وبرامج .. فالأمم تتقدم بالنهج العلمي وليس بالإنكار العاطفي على غرار (أقول يمكن أنا الما جيت)..! ولهذا يكون التعويل على المجلس القومي للبحوث ورفيقه المركز القومي للإحصاء..فعلى شبيه هذين المركزين نهضت كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة ودول العالم التي سبقتهم على طريق النهضة والعتبات العليا للتنمية الاقتصادية والصناعية..فلا خطة حكومية ولا ميزانية ولا عمل نافع لا يستند على المعلومات والبيانات والتحليل والرصد والاستقصاء…!
نحن نفهم أن تتجاهل جماعة الإنقاذ مجلس البحوث ويعدونه من سقط المتاع ( بينما هم سقط المتاع) لأن الإنقاذ عدوة للعلم وخصيمة للبحث العلمي (بشهادة الميلاد والتسنين) فجماعة الإنقاذ ممن (يعظمون شعائر الجهل) ويحسبون ذلك من (تقوى القلوب)..!! والإنقاذ أساساً لم تأت لنهضة أو تنمية و(وجع دماغ)..! إنما جاءت للنهب والهدم والسرقة على نظرية (الحشّاش يملا شبكتو)..وهذا التعبير قاله (بالحرف) ذات يوم إبراهيم احمد عمر منظّر الجماعة وفيلسوفها الأكبر..!!
لقد صدق حدسي تجاه أهمية المجلس القومي للبحوث عبر كلام سمعناه أمس من (اليوتيوب) في لقاء مع عالمة سودانية في مجال الفضاء والهندسة الفضائية والفلك (الاسترونومي) والفيزياء الفضائية اسمها (وداد الحبوب) حفرت بأظافرها لتصل إلى هذه المرتقى وتناطح علماء الفلك في عقر دارهم.. حيث أنها تعمل في (وكالة ناسا للفضاء) أكبر وكالات العالم..وقالت إن لها أمنية ومطلب ورجاء أو نصيحة تقدمها لبلادها وهي الإسراع بإطلاق قمر صناعي (أنا لا أعرف كيف؟ ولكن أظنه ممكن فقد أنجزته دول أقل شأناً من السودان) وعدّدت خبيرتنا مزايا وأهمية هذا المشروع وضرورته وفوائده ومنها كما قالت؛ تحديد مواقع المعادن والثروة الحيوانية والغابات والزحف الصحراوي وتلوث الأنهار وحركة الثروة السمكية والحيوانية وأسراب الجراد والآفات ومواقع المياه الجوفية…الخ ومن جانب آخر الفوائد الاستخبارية مثل رصد تحركات المليشيات والعصابات المسلحة والرقابة المتصلة لحدود البلاد..الخ ثم تحدثت بحسرة عن إهمال المجلس القومي للبحوث وكيف أنه من أهم مؤسسات وأجهزة وأذرع الدول الناهضة.. بحيث لا سبيل لأي دولة تحترم نفسها أن تتجاهله باعتباره المستشار الأول للدولة في شتى الشؤون والقطاعات..ولكننا نجد الطريق مغلقاً (حتى إشعار آخر) بينه وبين صانعي القرار فتتملكنا الحيرة..ويحدونا الأمل مع ما قالته (كنداكتنا السودانية) ومبعوثتنا إلى عالم الفضاء والمعرفة..!
ليت الدولة تدعو هذه المرأة التي لم نسمع بها إلّا عبر فيديو الأمس؛ وليت الحكومة تدعوها لزيارة بلدها لتسمع منها على أقل تقدير أهمية وكيفية وإمكانية إطلاق هذا القمر الصناعي.. وهي امرأة لها موقع متقدم وتشرف على تمويلات بحثية مليونية، ولا بد أنها من أصحاب التأثير على الصعيد العالمي في هذا المجال بما قد يخدم السودان.. وقد أبدت هذه النية ونثرت بين ما نثرت أزهار محبتها للوطن وأبانت عن إدراكها للخراب الذي أوقعته الإنقاذ بالوطن..وليت دعوتنا هذه تجد بعض صدى.. وقد قال ابن المقفّع (إذا ابتُليت بالسلطان فتعوّذ بالعلماء)…!..!!