سياحة داخل عقل ثوري !

 


 

 


(تعبنا ياصديقي ولكن لا احد يستطيع الاستلقاء اثناء المعركة) اقتباس لعبد العظيم احد شهداء ثورة ديسمبر المجيدة.
طافت بذهني تلك المقولة المكثفة في وفي ذلك الاقتباس الرائع الذي يطرح بالضرورة استمرارية الفعل الثوري ، رغم المعوقات داخل وخارج إرادة الفرد .ثم ان صديقي الذي بدا متثائبا امام كاس قهوته ذات ظهيرة ،ومهموما وقلقا بمسيرة الثورة اطلق تلك العبارة الاثيرة لدي الكثيرين هذه الأيام (ان الثورة عملية طويلة )وهم يتحايلون
علي رتابة المشهد من نافذة قطار الثورة البطئ في محطاته المتباعدة.
سيطرة صورة التماهي مع الثورة الفرنسية 1789 م مع ثورة ديسمبر السودانية 2018 م،ويعزز ذلك مقولات إعجاب اطلقها الرئيس الفرنسي ماكرون وهو ينحني رافعا قبعته للثوار السودانيين في تلك التغريدات الطارئة علي وسائط التواصل لاجتماعي .وهكذا حدث ذلك الربط التاريخي والذي امتد حتي
لذلك التبرير المخاتل لبعض إخفاقاتنا بان الثورة هي (Long process ) لا تؤتي ثمارها بفعل بركاني ،
وعلينا ان نتوخي التريث ، وهكذا اختلطت مفاهيم الثورة بالتغيير والإصلاح والترميم ، تلك المفاهيم التي تتيح قدرا هائلا لابى زيد (وكأنه لم يغزو ولم ير الغزو ).
لا جدال فالتكن الثورة (Process) في تلك المماهاة مع الثورة الفرنسية التي استمرت هندسة التغيير فيها مائة عام او يزيد ،تفصلها عن ثورة ديسمبر 229 عاما ،في خلال تلك الازمنة سقط الرايخ وانتصرت الثورة البلشفية وشهد العالم حربين عالميتين ضروس وقامت دول وسقطت جمهوريات ، وشمخت نظريات سياسية مرورا بالرأسمالية والماركسية والاشتراكية وليس انتهاء بعصر العولمة في نماذجه المختلفة . شهدت تلك الفترة بزوغ شمس النقابات العمالية وحركات المقاومة من اجل الاستقلال وعصبة الأمم ومنظمات حقوق الانسان ومالكولم اكس وتحرير العبيد والوعي الذي تجذر في حرية سلام وعدالة وحتي تلك التفاصيل الجميلة ل (جمهورية اعلي النفق) في ساحة الاعتصام .
كل ذلك التراكم وغيره جدير ان يقلص ذلك الفاصل الزمني لProcess الثورة ،ويعمل علي دمج المراحل وتسريع نبضها تلبية لطموحات إنسان عصري خارج لتوه من اقبية (كوبر) متجاوزا تطلعات
واحلام وصبر ذلك الذي خرج من سجن (الباستيل ) الفرنسي في يوليو من عام 1789.
الثورة نتاج لعمل انساني وابداع عقلي في ذلك السعي نحو الأفضل وبفضل التراكم العملي تختصر المسافات والأزمنة دون التسكع في منعرجات التاريخ والبحث عن مفاتيح المستقبل بضرب الرمل
ومخاتلة وعي الجماهير .
هي تماما عمل علمي تشتد وتيرة تسارعه كلما كان العقل فاعلا.
فالمسافة الزمنية بين اختراع البخار والكهرباء كانت 168 عاما وتضاءلت لتصبح بين الكهرباء والنيترون35 عاما وما بين النيترون والإلكترون 17عاما .هذه أيضا كانت Process
وثورة علمية لم تخضع لقانون التأجيل والمحاصصة!!
دون شك فان حمدوك رئيس الوزراءوهو يدير العملية و من داخل معمل الثورة قد تلقي تعليما نظاميا
استند علي تلك القاعدة الذهبية في تلك المناهج النبيلة لبخت الرضا ان اَي درس يحتوي علي أهداف
محددة واهداف عامة سلوكية ، ودرس كغيرنا قانون اللحاق والسرعة في تلك المسائل الحسابيةفي المرحلة الأولية (حساب التلميذ) وعرف كيف تلحق الكتلة أ بالكتلة ب في تلك المعطيات البسيطة
. واستطاع كما الكثيرون في ذلك الزمان ان يطوف علي العالم (Round The world In Eighty Days)
في ذلك الكتيب المدرسي الذي دون شك قد وسع مداركه في تلك المراحل المبكرةوهو يجوب بخياله حول العالم في ذلك النجع الريفي .
ثم جاءت به ثورة ديسمبر قائدا في كابينة ذلك القطار والذي يطمح ركابه في وصول هذه الكتلة الثورية من النقطة أ الي النقطة ب وفق معطيات العلم المعاصر وتراكم معارفه وتسارع نبضه، دون تحايل واختباء خلف نظرية ان الثورة عملية طويلة.
آمال هذا الشعب هي بقدر طموحاته واحلام شعرائه المناوئة للخمول وغياب الإرادة ففي ملحمة عم عبد الرحيم للشاعر محمد الحسن حميد كانت أمانيه
يا ريت التمر يا ريت لو يشيل كل ثلاث اشهر
ولم تلك بدع خيال وخروج عن الملة او طلبا لحليب العصافير ونحن نري ثورة الهندسة الوراثية وتعديل الجينات التي استجابت لرغبات ذلك الانسان (غير المتعجل).
فأين تلك العملية الثورية من المجلس التشريعي ،و والي كسلا، و وزير التربية ومحاكمة الفاسدين ، والقصاص لدم الشهداء، فذلك قطعا لا يحتاج لضخ عملات في خزائننا فقط ضخ دماء ثورية تستجيب لأحلامنا في تلك الأجهزة العدلية المتكلسة وغيرها .
نريد إرادة سياسية ودافع ثوري مسنودا بتراكم غبننا وبحثنا الدائم عن واقع أفضل لشعبنا ويقلص المسافات ويجنبنا المتاهة في لجج التاريخ .
(لقد تعبنا ولكن لا احد يستطيع الاستلقاء اثناء المعركة).


musahak@hotmail.com

 

آراء