شباب السودان يتجاوزون قيادات الكنكشة وسيطيحون بدولة الفساد والإستبداد!؟

 


 

 


ظللت، و لفترة طويلة مضت، أؤكد على قناعة أصبحت بمثابة الحقيقة عندي، مفادها أن القيادات التى ستتمكن من الإطاحة بنظام الإنقاذ لابد من أن تكون قيادات شابة ستولد من رحم معاناة الواقع المر والأليم الذى صنعته سياسات هذا النظام التى أفقرتهم، و أذلتهم، و أهدرت كرامتهم، بل و قتلت آدميتهم تماما، و بالتالى فهي الفئة الوحيدة القادرة على إستنباط الأسلحة الفعالة، و ذات الكفاءة العالية فى ضرب هذا النظام فى المواقع الحساسة، التى يعرفونها تماما بحكم معايشتهم اليومية له، و التى سوف تشل من قدرته على الحراك، و تضعفه، و تنهك قواه، الى أن تتطيح به بصورة حاسمة و نهائية، و تركله فى مزبلة التاريخ، غير مأسوف عليه، كأسوأ نظام حكم يمر على السودان منذ أن عرف بحدوده الراهنة فى العام 1821م.
القاعدة الذهبية لهذه القناعة هي المناعة التى إكتسبها هؤلاء الشباب ضد أساليب المكر و الدهاء التى يلجأ إليها قادة النظام بإستمرار، حتى أدمنوها، لخداع معارضيهم، وشق صفوفهم، و الإستهزاء بهم، و الإستخفاف بقوتهم، و التندر ليل نهار بضعف عزيمة قيادات "الكنكشة" على منازلة النظام ، و بالتالى تعريضهم للحرج الدائم أمام جماهير الشعب السودانى بصورة عامة، و الأهم من ذلك بكثير أمام جماهيرهم و قواعدهم المنظمة و الملتزمة، بصورة أخص، حتى بدأت تلك القواعد تشكك، ليس فى القدرات القيادية و التنظيمية لقياداتها فحسب، بل تشكك أيضا حتى فى قدراتها العقلية و الذهنية، و بالتالى بدأت تفقد تدريجيا ثقتها بتلك القيادات. و حينما تهتز الثقة بين أي قائد و كوادره الفاعلة، و بالتالى جماهيره العريضة، فعليه، و على دنياه السلام!! لذلك نجد شباب الأحزاب يتململون داخل أحزابهم وقد أصابتهم الحيرة و الدهشة من مواقف قياداتهم. بل لقد ذهبوا أبعد من ذلك و أصدروا البيانات التى تتبرأ،من بعض الخطوات التى إتخذها بعض القادة، إن لم تكن تدينها ضمنيا،  كما حدث من شباب حزب الأمة جراء لقاء السيد الصادق الأخير برأس النظام.
هذا هو الفارق الأساسي بين مواقف هؤلاء الشباب، و مواقف قيادات "الكنكشة". أليس من المفارقة و سخرية الأقدار أن يتوحد شباب السودان، بمختلف مشاربهم الفكرية، و إنتماءاتهم السياسية، و يطلقون صافرة البداية للتحرك الجماهيري العريض الذي سيهز أركان النظام، إن لم يطح به نهائيا، فى ذات الوقت الذي تهرول فيه قيادات "الكنكشة" نحوه آملة فى إقتسام "الميراث" الذي تركته الحركة الشعبية لتحرير السودان، بعد أن هرولت جنوبا، و إختصرت معركتها فى تحرير الجنوب بدلا من تحرير السودان، لتخلى ساحة المعركة لتكون بين نظام الإنقاذ و حلفائها السابقين فى طيب الذكر المرحوم التجمع الوطنى الديمقراطى، الذين أسموا أنفسهم بقوى الإجماع الوطنى. أليس من سخرية الأقدار أن يخرج شباب الأحزاب الى الشارع، فى وحدة رائعة مع بقية شباب السودان، الذين لا ينضوون تحت لواء أي تنظيم سياسي، ليواجهوا جندرمة الإنقاذ و أجهزة أمنها سيئة الصيت، بمختلف أسمائها و مسمياتها، و كوادرها الإرهابية المدربة فى إيران، و يفتحون صدورهم لرصاصهم فى مشهد ملهم، و تحدى بطولى لأجهزة غدرهم و إرهابهم، فى ذات الوقت الذى تعقد فيه قيادات "الكنكشة" الإجتماعات فى الغرف المغلقة و "المكندشة" مع قادة دولة الفساد و الإستبداد، ليتحاوروا معهم حول "الأجندة الوطنية"!! أي أجندة، و أي وطن تتحاورون حوله؟
 بل ألا يعتبر جريمة كبرى فى حق هؤلاء الشباب، بل الوطن بأجمعه، أن تفكر قيادات "الكنكشة"، مجرد التفكير، فى إجراء حوار مع من إغتال الوطن، مع سبق الإصرار و الترصد، و أمام أعينهم جهارا نهارا، حتى دون إستشارتهم، ناهيك عن إشراكهم فى الإجتماعات التى إستمرت لسنوات عديدة، وعقدت فى أركان الدنيا الخمسة!! أليست جريمة وطنية كبرى أن تعقدوا الإجتماعات فى الغرف المغلقة  مع من سعى حثيثا الى تهميشكم و إبعادكم عن غرف الإجتماعات، حينما كان يتم مناقشة "الأجندة الوطنية" بحق و حقيقة، و التى قررت مصير السودان كله، و ليس جنوبه فقط، كما أوهمكم الشريكين، و معهم الإيقاد، و أصدقاء الإيقاد، و هلمجرا من كل من له صلة، مهما كانت ضعيفة و هامشية، بقضايا السودان المصيرية؟!
إنه لمن المحزن حقا أن تجرى قيادات "الكنكشة" إتصالاتها مع قادة دولة الفساد و الإستبداد، و تعقد معهم الإجتماعات، فى الوقت الذى حزم فيه شبابهم الأمر، و توكلوا على الله ونزلوا الى الشارع، ناذرين أنفسهم، و مقدمين أرواحهم رخيصة، فى معركتهم الفاصلة للإطاحة بنظام "التوجه الحضارى"، و ليستردوا كرامتهم المهدورة، و يتنفسوا عبير الحرية. هل نست قيادات "الكنكشة"، أو تناست، أنه قد سبق و عقدت العديد من الإجتماعات الفاشلة، و أبرمت العديد من الإتفاقيات مع قادة دولة الفساد و الإستبداد، خارج و داخل أرض الوطن، سواء كان ذلك مجتمعة، أو على إنفراد، و لم تجنى من ورائها سوى حصاد الهشيم. فإن كانت ذاكرتهم خربة، أو قد أصابها الهرم، بحكم عامل السن، فأسمحوا لى أن أذكرهم ببعضها المعلن، ناهيك عن تلك الصفقات التى تم عقدها من وراء الكواليس.
ماذا جنت قيادات "الكنكشة" من وراء الإتفاقات التى أبرمتها مع قادة دولة الفساد و الإستبداد فى جبوتى، و القاهرة، وجدة، بل وفى العاصمة الوطنية نفسها؟ و لسخرية الأقدار هنالك  ما أبرم منها داخل "حوش" الأنصار نفسه، و سمي ب"التراضي الوطني"!! خبرونى بربكم ماذا جنيتم من وراء تلك الإتفاقات سوى الخذي و الخذلان المبين!! إن المحصلة النهائية، و للأسف الشديد، لكل تلك الهرولة هى فقدان مصداقيتكم أمام جماهيركم خاصة، و أمام جماهير الشعب السوداني بصورة عامة. كيف بالله يمكن لمؤمن أن يلدغ من جحر الإنقاذ عشرات المرات، ثم لا يؤوب الى صوابه؟ إنه لأمر مدهش بالفعل!!
لكنني أعتقد أن تحرك شباب السودان سيكون مختلفا بالفعل. سوف لن تسكتهم هذه المرة أصوات قيادات "الكنكشة"، لأنهم قد منحوها العديد من الفرص ل"إقتلاع النظام من جذوره"، و لكنها لم تفعل. ليس هذا فحسب بل أسرعت الخطى هرولة نحو قادة دولة الفساد و الإستبداد لإقتسام الفتات الذى خلفته الحركة الشعبية من ورائها. و سوف لن تخيفهم كذلك جعجعة أبواق دولة الفساد و الإستبداد، و حتى أسلحتها الفتاكة، لأنهم قد إكتسبوا مناعة طبيعية ضدها، فى ذات الوقت الذى إستنبطوا فيه أسلحتهم المضادة التى ستطيح بالنظام، بإذن الله، بحكم صراعهم الطويل و الدامى معه، والذى أذاقهم فيه الأمرين.
إننى على قناة راسخة بأن شباب الأحزاب، بل و كل شباب السودان، سيتجاوزون هذه المرة قيادات "الكنكشة" فى منازلتهم الفاصلة مع دولة الفساد و الإستبداد، إن أصرت تلك القيادات على المضى قدما فى هرولتها البائسة نحو النظام. و كذلك لم تهتز قناعتى، ولو للحظة واحدة، فى أن المعركة الفاصلة التى يقودها هؤلاء الشباب ضد دولة الفساد و الإستبداد ستكون لمصلحتهم، و سيتمكنون من هزيمة هذا النظام هزيمة ماحقة، و سيدكون أركان طغيانه و ذلك للأسباب التالية:
- لأنهم يخوضون معركة بين قوى الظلام الإستبداد وقوى الحرية و الكرامة.
- لأنهم يخوضون معركة ضد نظام أذلهم و قهرهم و أهدر كرامتهم.
- لأنهم يخوضون معركة ضد نظام فاسد أكل أموال الناس بالباطل.
- لأنهم يخوضون معركة ضد نظام زج بهم فى أتون حرب دينية لا ناقة لهم فيها و لا جمل.
- لأنهم يخوضون معركة ضد نظام حطم النظام التعليمى فى البلاد و جعل من معظمهم ممن يمكن وصف حالتهم ب"الجهل المسلح بالشهادات".
- لأنهم يخوضون معركة ضد نظام قفل أمامهم أبواب الرزق الحلال حيث أصبح التوظيف يتم على أساس الولاء الأعمى للنظام و ليس الكفاءة.
- لأنهم يخوضون معركة لإسترداد كرامة آبائهم و أمهاتهم التى أهدرها هذا النظام حينما قام بفصلهم من وظائفهم بالعشرات تحت شعار الصالح العام.
- لأنهم يخوضون معركة إسترداد حقوق الشعب السودانى التى سلبها هذا النظام الفاسد المستبد.
- و لأنهم، فوق هذا وذاك، يخوضون معركة ضد نظام فرط فى السيادة الوطنية، و عجز عن حماية أرض السودان، بل قام بتمزيق و تفتيت الوطن الى دويلات، من خلف ظهر الشعب السودانى و دون إستشارته.
هذا مجرد قيض من فيض جرائم نظام الإنقاذ التى يحتاج حصرها لمجلدات، و ليس مقال واحد. تلك الجرائم التى إرتكبها فى حق الشعب و الوطن، و التى ترجح كفة إنتصار شباب السودان فى معركتهم الراهنة و الفاصلة ، و التى ستكون نتيجتها النهائية هي تجاوز قيادات "الكنكشة" من جهة، و الإطاحة بدولة الفساد و الإستبداد  دون أدنى شك، من جهة أخرى، و كنسها الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها، تشيعها لعنات أرواح الشهداء الذين إغتالتهم غدرا، و دعوات المظلومين الذين أذلتهم و أهدرت كرامتهم. و ليفهم قادة دولة الفساد و الإستبداد أن دعوة المظلوم لن ترد لأنه ليس بينها و بين المولى سبحانه و تعالى حجاب!!
ما أود التأكيد عليه فى نهاية هذا المقال هو أن ما يدلى به قادة دولة الفساد و الإستبداد فى المنابر العامة، و مجالسهم الخاصة، حول أن من يود الإطاحة بنظامهم تعتبر فليس امامه سوى أن"يلحس كوعه"، أو غيرها من كلمات "الهضربة" و "الهذيان"، و كذلك لجوءهم للرصاص الحي فى مواجهة المظاهرات السلمية التى خرجت فى شوارع مدن السودان المختلفة، ليست دليل قوة. بل فى حقيقة الأمر إنها تدل على خوف و ذعر "هؤلاء الناس"، و تقف مؤشرا على أن "بلطجيتهم" و مجرمي تنظيماتهم الأمنية سيولون الأدبار و يفرون كالجرذان من ميدان المعركة، حينما تنزل جحافل شعبنا، بكامل قوتها لتدك أركان الطغيان، لأن شبابنا يخوضون معركة الحق الأبلج ضد الباطل البين. و بالتالى فما على شبابنا سوى المضي قدما فى هذا الزحف المقدس حتى تحقيق النصر المؤزر بإذن الله تعالى، غير عابئين بإجتماعات "الأجندة الوطنية"، التى تعقد من خلف ظهرهم، و دون مشورتهم، و دون أدنى إكتراث ل"هضربة" قادة دولة الفساد و الإستبداد، و النصر النهائى حليفهم بإذن الله، و دون أدنى شك فى ذلك.

3/2/2011م
Ibrahim Kursany [sheeba82@hotmail.com]

 

آراء