شكراً طه سليمان وأقرانه (4)

 


 

 

عكس الريح

moizbakhiet@yahoo.com



يتواصل الجدل والحوار حول ما كتبت من مقال يتناول أغنيات الفنانين الشباب، وتعقيباً على فقرة من مقالي ورد فيها التالي: (شباب يأتي من خلف طاقات الواقع ودفقات الحس الإنساني الذي لا يحتمل انفصال الذات ويحدث النفس بشفافية الحضور ونبض الشارع. هؤلاء المطربون لهم أصوات رائعة ولهم جماهير تهيم بحبهم ولهم لغة يفهمونها ويعبرون بها عما يجيش بدواخل جيلهم ولا يأبهون لمنتقديهم وواصفيهم بالهبوط والإبتذال والذين يقارنونهم بعبقرية الكاشف وعثمان حسين وأحمد المصطفي ووردي وود اللمين والكابلي، وبتفرد عركي ومصطفى سيد أحمد وبقية العقد الفريد)‘ جاء تعقيب من الأستاذ حامد ناير من مدينة بورتسودان ورد فيه:

يقارنونهم بعبقرية الكاشف وعثمان حسين وأحمد المصطفي ووردي وود اللمين والكابلي، وبتفرد عركي ومصطفى سيد أحمد وبقية العقد الفريد! عزيزي بروف معز.....
الحب والتحية ليك براك....والريدة....الريدة.
لن اختلف معك في مااتيت به في حق فناين الزمن دا.....ودا رايك فيهم. انا وجهة نظري تختلف معاك شويه.. كيف؟؟؟؟؟؟؟ اولا الاوائل الذين وردو في المقال ديل قامات رفيعة واساطير لن تتكرر مرة أخرى حتى ولو كانوا محدثينك بعض لبعضهم ظهيرا.
ثانيا قارن بين هيبة هؤلاء العظام عندما بتغنو امام المكرفون نقول مجازا كأنهم اساتذة ومدرسين في فصل من فصول الدراسه التعليمية وذلك من عظمتهم ويجبروك جبر بأن تحترمهم ووقتها يابروف كانت نظرتهم الفن للفن وليست الفن وسيله لغاية وغايتهم الماده والمال (( طالما دخلت الماد والمال باظ وخسر الفن رسالته تماما ولسان حالهم انا اغني للعداد ومايهمني الباقي)).
يابروف كم سمعنا من سير هؤلا العظام كانو يتصفون بصفات اين تجدها الان وكان يأتون اصحاب المناسبات بخشم مليان وبدون انكسار يقولون لهم (( ماعندنا والله حق الحفله...العرس كمل القروش كلها)) ... ماذا كان رد الفعل عند هؤلاء العباقرة انتشاء وبهاء وكرم فياض ماضروري والبعض منهم كات يغني كل ايام الفرح الثلاثه تفسيري لهذه الحاله دي شهاده كبيره تعني ان اغنياتي اعجبت واطربت الجمع وذلك هو النجاح طالما اغنياتي اطربت الجمع فتلك هي رسالتي ومحظمهم كانت مهنتهم حرفيه كالحداد والخياط وعشقجي قطر.
عليك الله يابروف نكون واضحين كيف هم امام الميكرفون وكيف كان العظماء اولا من ناحية الهندام والوقفه الجبابريه لهؤلاء الاساطير؟ لانمنعهم ولا يحق لنا ذلك بس في حاجة واحدة مهمة ان يحترموا اغاني السلف اذا ارادو ان يتغنون بها ، كما ينبقي ان تكون لا يشوهونها ويطمثوا معالمها الجمالية. استمعتت لاحدى اغانيهم قي قناة فضائية يغنون ويقولون (( ايوا والله انت جميلة لكن كضابة)) ماذا تقول بعد ذلك؟
يعجبني من فنانين هذا الجيل فقط عاصم البنا وعصام محمد نور.
ختاماً اقول وبملئ فمي ان فن الغناء انتهي مع تلك الذمرة الاوائل...فنحافظ على هذا التراث بالتوثيق كيف كان. مثال اخير اول امس وانا عائد من الجامع وفي طريقي الى منزلي بعد صلاة العشاء سمعت اغنية من مذياع في احدى الطبالي ووقتها كان يغني المتصوف رحمه الله الكريم خضر بشير باغنية برضي ليك المولى الموالي فتسمرت مكاني حتى انتهت الاغنية ودخلت في موقف حرج عجيب مع شباب الحي إذ اتوا الي قلقين في حاجة ياعم حامد؟ .. تعبان نوصلك؟ رددت عليهم نعم تعبان من تلك الاعنية الصادرة من المذياع...لا عليكم شكرا تنتهي وبعدها اعود للمنزل، فتركتهم في حيرة! سألت احدهم هل سمعتم تلك الاغنية ومن هو المغني ...قالوا لا لم نسمع ومن هو الفنان ؟؟؟؟
وهنا ومع هؤلا العباقرة انتهى فن الغناء....الا من رحم ربي كعصام وعاصم. شكرا بروف...

أما الأخ الحبيب نادر أبورزقة من المملكة العربية السعودية كتب معقباً:
تحية لك يا بروف ..
أعتقد أنه ليس من الإنصاف أن ننهي الأمر إلى الزمن والأوضاع الاقتصادية أو الأخلاقية والسياسية المتردية ونلغي ما تبقى من أسباب قد تكون من الأهمية بمكان .. الشباب يحتاجون إلى كلمات جديدة .. كلمات تتماشى وزمانهم وعصرهم .. ليس من الإنصاف أن نقارنهم بالأجيال التي سبقتهم ...
فتخبط المغنين بحثاً عن كلمات جديدة تعبر عنهم لم يبدأ بهذا الجيل .. ولكن بدأ قبلهم بجيلين على الأقل .. فالكلمات التي تطربني وتطربك توقفت عند جيل الهادي الجبل والطيب مدثر .. وكل من جاء بعدهم يتخبط ويبحث عن شاعر يعبر عنه ولكن هذا التخبط بنسب متفاوتة ...

المشكلة الحقيقية تكمن في الشعراء الذين مازالوا يعبرون بشاعريتهم عن أشياء لا تمت إلى الواقع بصلة .. المفاهيم تغيرت .. والحب تغير .. والتعبير عن الحب تغير .. والقضايا العاطفية و السياسية تغيرت .. بينما مازال شعراء الأغنية يصرون على التغني للبعاد والهجر والضنا في زمن أصبح فيه لقاء الحبيب أسهل من (قضمة تفاحة) أو كما قال النبع الحالم ..

وقفنا كثيراً عند محطة التجاني حاج موسى .. ومختار دفع الله .. ومحمد النجيب .. ومحمد يوسف موسى .. والحلنقي .. مع تقديري وحبي لإسهاماتهم .. بينما الجيل الذي سبقهم لم يتوقف ويعتزل الشعر ولكن توقف المغنين عن الغناء لهم لاختلاف الأزمان والمفاهيم .. هل سمعت عن مغني كبير كان أو مغمور تغنى بقصيدة لحسين بازرعة في الثلاثين عام الماضية ؟؟ وقس على ذلك .. هذا الفراغ أتاح الفرصة لشعراء الغناء الـ (شعبولي) كما أصفه مناخاً خصباً ومساحات فراغ واسعة تتقبل كل جديد وشاذ .. فكان الناتج أضربني بمسدسك .. فهل عقرت حواء السودان عن ميلاد شعراء يعبرون عن هذا الجيل ... ليستمر التواصل الطبيعي للأجيال .. بالطبع لا ولكن حتى شعراء هذا الزمان يكتبون بإحساس من سبقوهم ويعبرون عن قضايا عفا عليها الزمن وبمفردات لا تمت إلى الواقع بصلة ليقينهم بأن ما كتبه السابقون من شعر هو كلمات مقدسة .. هذا اليقين النابع من تقديسنا للماضي ونكراننا للمستحدث.

بعض هؤلاء الشباب يمتلكون الصوت والحضور والفكر الإبداعي الفطري .. ولكن ينقصهم الكلمة التي تعبر عنهم فقط ..

أقف عند مدخل خروجك .. قنبلة .. التي لطالما انتقدتها أنا .. وكانت تصيبني بالغثيان .. إلى أن سمعتها بتأمل ذات مرة كنت مسافراً بالسيارة ليلاً لـ 15 ساعة متواصلة .. سمعتها أكثر من 20 مرة متتالية .. وبصراحة أعجبت باللحن والتنفيذ الموسيقي أيما إعجاب .. وبدأت أبحث عن أسباب لأتقبل بها هذه الأغنية .. وأجد العذر لنفسي عندما تنازلت ومنحت نفسي فرصة الاستماع والتأمل في هذه القنبة .. فخلصت إلى أن الشاعر لم يستحدث جديدة .. فأبوصلاح من قبله تغنى بـ (لحظك الجراح) وعمر البنى وصف فعل أعين المحبوب بـ (فعل المكسيم) وعتيق قال (سهام لحظيك طعنتني) وغيرها من الأمثلة الكثير .. فلماذا لا يعبر الشاعر بأسلحة زمانه .. حتى لو أدخل الدمار الشامل أو القنابل العنقودية .. ولماذا تقبلنا مدفع المكسيم ورفضنا الكلاشنكوف .. أم لأن ذاك من (عمر البنا) وهذا من منو كدا ما عارف ؟؟!! ... طبعاً أنا هنا لست بصدد إثبات أن قنبلة من عيون الغناء السوداني .. ولكن البحث عن مكامن الخلل .. يحتاج إلى التأمل بحيادية ومن كل الزوايا

الحبيب الشاعر معز .. أنت الآن طرحت الموضوع بروح الشاعر والمبدع .. فأتمنى أن يستمر الموضوع والمقال القادم في ذات الموضوع تكتبه بروح المعز الشاعر و الطبيب المعالج مستصحباً معك أدوات الجراح لتقص وتبتر وتعالج. آسف على الإطالة ولكنك فتحت موضوع لطالما أرقني والحديث فيه يطول ويطول .. (ونواصل)..

مدخل للخروج:
من بعدك الحياة تمتطي رحالها تتوه في طريقك الطويل أدهراً على مدى الدهور.. تحلق الجبال في تلالها
و تسمق الجسور.. قطوفك الهوى والعشق من دمائه نوى أن يبحر العباب في وريده فتسطع البدور.. لعلها الشواطئ التي تشبعت  بحبك الوريف ألهمت قصائدي مشاعراً تدور.. بكل أوجه الحياة يا حبيبتي برونق الصباح حين لاح برق مقلتيك في حدائقي و غاصت الجذور.. مهابة و هيبة و توبة وقور.. من كل ما يغيب عنك يا رؤى.. يا همسة من الحنين و التقى.. يا سندس الزمان والعصور..
///////////////

 

آراء