شكراً لكم أعزائي … بقلم: أسماء الحسينى
7 July, 2009
alshareefaasmaa224@hotmail.com
بقدر ما كان يوم الجمعة الماضى يوما سعيدا بالنسبة لى، بقدر ما كان يوما عصيبا ....كنت سعيدة بأن أعود إلى الخرطوم بعد عودتى إلى القاهرة عقب عشرة أيام قضيتها فى دارفور، لم يكن للخرطوم نصيب منها سوى ساعات معدودات فى الذهاب والعودة من القاهرة إلى دارفور، وكانت الأخت والصديقة العزيزة نهى النقر رئيسة لجنة تنمية المرأة وعضو المكتب السياسى بحزب الأمة، قد اتصلت بى هاتفيا قبل أيام خلال وجودى مع وفد الأطباء المصريين من اتحاد الأطباء العرب بدارفور، لتخبرنى بدعوة حزب الأمة لتكريمى خلال مؤتمره الثالث.. حاولت أن أشكرها.. أن أثنيها عن ذلك.. أن أقول لها اننى لم أفعل بعد ما يستحق التكريم ، لكنها لم تعطنى الفرصة للاعتذار أو لأى شكر أو توضيح من أى نوع، وأبلغتنى أنهم فقط بانتظارى، واختنقت الكلمات فى فمى من فرط التأثر بحديثها الطيب. وظللت منذ ذلك الحين وحتى قدومى إلى الخرطوم فى الموعد المضروب أسال نفسى عن أى شىء يتم تكريمى، وظلت الأسئلة تلاحقنى وألاحقها، وأكاد كل مرة أمسك بالهاتف لاعتذر عن التكريم عن شىء لم أفعله بعد.. صحيح أننى تمنيت أن أفعل للسودان كثيرا، وكذلك للعلاقة بين بلدينا فى مصر والسودان، ولكننى لم أفعل شيئا بعد. وفى تمام الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الجمعة الماضى بدأت أعمال الجلسة العلنية للمؤتمر الثالث لحزب الأمة بقاعة الصداقة، بعد أن تم انتخاب السيد مبارك الفاضل المهدى رئيسا للحزب فى الجلسات الصباحية، وذلك بحضور حوالى ثلاثة آلاف ممثل للحزب من مختلف أقاليم السودان، وبحضور ممثلين كذلك عن جميع القوى السياسية السودانية، وعن البعثات الدبلوماسية فى الخرطوم ووسائل الإعلام، وقد توالت كلمات قادة الأحزاب السودانية وممثليها التى تناولت الوضع السياسى الراهن، وقد أجمعت كلماتهم جميعا على خطورة المرحلة الراهنة التى يمر بها السودان، وعلى ضرورة إيجاد مخارج حقيقية للأزمات التى تعصف بالبلد. ثم حانت ساعة التكريم، حيث وقف السيد مبارك الفاضل المهدى وإلى جواره كل من الدكتور حسن عبد الله الترابى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى، والسيد ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، وقاموا بتكريم بعض منظمات المجتمع المدنى المهمة التى أسهمت بجهود كبيرة فى دفع مسيرة السلام بالسودان، ثم قاموا بالنداء على اسمى للصعود للمنصة لتكريمى... وقد كانت لحظة عصيبة بالنسبة لى.. كانت تتنازعنى وقتها مشاعر متضاربة ما بين فرح وحزن ، وخجل واضطراب.. كل ذلك فى آن واحد. وددت وقتها أن أقول لإخوانى وأحبابى فى حزب الأمة.. وددت لو قلت لأخى العزيز السيد مبارك الفاضل المهدى.. شكرا لكم أحبتى.. شكرا لمشاعركم الطيبة الكريمة.. شكرا أن تذكرتمونى فى يومكم هذا.. وددت أن أقول لهم إننى لم أكن احتاج منكم إلى هذا التكريم.. لأن معرفتى بكم وقربى منكم وصداقتكم النبيلة وإخوتكم الغالية أنتم وكل إخوتى وأحبائى فى السودان، هى خير تكريم لى. وددت أن أقول لهم إننى اعتبر نفسى إنسانة محظوظة للغاية بكل هذه العلائق والوشائج التى تربطنى بإخوتى وأحبائى وأهلى فى السودان، وإننى جد فخورة بمعرفتهم والانتساب إليهم، وأننى احتار فى أمر علاقتى بهم وعلاقتهم بى، فوصف الإخوة فى رأيى لا يكفيهم، ووصف الصداقة يقصر فى التعبير عن ماهية هذه العلاقة، كما تقف كلماتى عاجزة دوما عن توصيف هذه الرابطة، وكل ما استطيع أن أقوله عنهم إنهم كما التعبير المصرى لحمى ودمى. وددت أن أقول لهم إننى أدعو الله ملء قلبى ألا يقطع ما بينى وبينكم إخوتى، وما بينى وبين وطنى الحبيب السودان.. وددت أن أقول لهم إن هذا التكريم بقدر ما يشرفنى بقدر ما يضاعف قدر إحساسى بالمسؤولية، وأننى أدعو الله أن يهبنى الوقت والقدرة والسبيل من أجل بذل مزيد من الجهد للإسهام فى فعل شىء حقيقى ينفع الناس فى بلدينا وتوثيق عرى الروابط.. وددت أن أقول لهم أننى أشعر أن لأهلى فى السودان فى رقبتى وقلبى دينا مستحقا، وأننى مهما فعلت فلن استطيع أن أوفيهم شيئا من مشاعرهم النبيلة وإخوتهم الصادقة وثقتهم الغالية التى منحونى إياها فى كل مكان ذهبت إليه على امتداد هذا الوطن القارة.. وددت أن أقول لهم إن قلبى الضعيف لا يحتمل كل هذا الفيض من مشاعر الحب والإعزاز والتقدير التى غمرونى بها، وأن عقلى لا يستوعب كل ذلك. وددت ساعة التكريم هذه أن أقول للحضور الكريم إننى قادمة إليكم من مصر، وإن مشاعرى نحوكم تماثلها تماما مشاعر السواد الأعظم من أهلى وشعبى فى مصر، الذين يعتبرون الشعب السودانى هو الأقرب إليهم والأكثر أحقية وجدارة بإخوتهم، وددت أن أقول للحضور وقتها هيا يا إخوتى نزيل الحدود ونرفع القيود ونتخلص من أغلال الماضى وقيود الحاضر التى عطلت مسيرة شعبينا نحو بعضهما البعض.. أن أقول لهم هيا إخوتى نتعاون معا لنكرم أوطاننا المهانة.. هيا لنبني الحاضر والمستقبل معا لنا ولأجيالنا المقبلة. وددت كذلك أن أقول للحضور ومن بينهم زعماء وقادة الأمة السودانية إننى قادمة إليكم من دارفور الجريحة، وأنها تستصرخكم باسم الشهداء والضحايا أن تسرعوا لوقف نزيف الدم وتوحيد الجهود ورص الصفوف من أجل التوصل إلى حلول تنقل البلد إلى مربع جديد ينتفى فيه الاحتراب والاحتكام إلى السلاح.. وماذا أقول لهم والعارف لا يعرف.. والجميع الآن فى السودان يدركون حقائق الأوضاع ولا يحتاجون من مثلى أن تبصرهم بحجم المخاطر التى تحدق بكيان البلد ومستقبله وبهم أجمعين، والتى تستدعى عملا حقيقيا لإنقاذه، ولا مفر الآن أمامهم إلا الجلوس جميعا إلى حوار يفضى إلى التوصل إلى وفاق شامل واتفاق حقيقى لمواجهة القضايا الملحة، ودون ذلك الطوفان.
آخر الكلام:
سأبقى ما حييت بدار دنيا
رفيقا لا يخون ولا يجافى
وأحفظ عهدكم فى عمق قلبى
ويروى حبكم نظم القوافى
فإياكم بأن تنسوا رفيقا
إذا شطت عن الوصل المرافى