شهران من نار الحرب الموقدة

 


 

 

1
دخلت نار الحرب الموقدة شهرها الثالث التي كان لها الأثر الكبير على المدنيين، وضرورة اطفائها وضمان عدم تجددها ، فهي حرب جاءت امتدادا للجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية منذ انقلاب الانقاذ وحروب الجنوب ودارفور و جنوبي النيل الأزرق وطردفان حنى تم انفصال الجنوب وتكوين المليشيات ا"لكيزانية" والجنجويد التي خرجت من رحم الإسلامويين التي ارتكبت جرائم الابادة الجماعية في دارفور التي جعلت البشير ومن معه مطلوبين للجنائية الدولية، وبعد ذلك جرائم فض الاعتصام وجرائم ما بعد انقلاب 25 أكتوبر، وجاءت الحرب تتويجا لتلك الجرائم التي مرت دون محاسبة ومحاكم ، وهي حرب ليست عبثية ، بل من أجل السلطة والثروة بين قيادة الدعم السريع وباقي اللجنة الأمنية، والمحاور المرتبطة بهما لنهب ثروات البلاد ، وتصفية ثورة السودان، فضلا عن خطر امتدادها للولايات بعد المجازر والابادة الجماعية التي حدثت في دار فور التي يتحمل مسؤوليتها الدعم السريع والجيش ، كما في نيالا وزالنجي ، وكتم والجنينة، وجريمة اغتيال والي غرب دارفور خميس ابكر التي قام بها الدعم السريع ، ووجدت إدانة واسعة محليا وعالميا ، اضافة لحالات العنف الجنسي والتطهير العرقي ، ومقتل أكثر من 1100 شخص ، ونزوح أكثر من 273 الف شخص في ولاية غرب دارفور، اضافة لوفاة جميع مرضي الكلى في الجنينة ، ، مما أعادة للاذهان الابادة الجماعية التي حدثت 2003 وأدت لمقتل 300 الف شخص ، ونزوح 2 مليون شخص اضافة للاغتصاب، مما جعل البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، مما يتطلب تقديم المسؤولين عن تلك الجرائم للمحاكمات، هذا اضافة لخطورة أمتداد الحرب اذا طال أمدها للبلدان المجاورة ، وتتحول الي حرب بالوكالة بين أمريكا وحلفائها في المنطقة وروسيا وحلفائها في المنطقة، من أجل نهب موارد السودان وافريقيا المعدنية والنفطية والزراعية والحيوانية ، بعد ضيق الموارد نتيجة للحرب الروسية – الاكرانية، والصراع على الوجود العسكري على البحر الأحمر.
2
لقد كان حصاد نار الحرب الموقدة لأكثر من شهرين دمارا شاملا ، وجرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين، ولم يتم فيها الالتزام بحمايتهم أثناء الحرب كالآتي:
- رغم عدم دقة الاحصاءات فهي قطعا أكبر من المحصورة ، فقد أدت الحرب لمقتل 3000 من المدنيين ، واصابة 6 الف شخص حسب تصريح وزير الصحة السوداني.
- حسب بيان منظمة الهجرة نزوح أكثر من 2,2 مليون شخص بسبب الحرب ، لجأ أكثر من 528 الف الي دول الجوار.
- أشارت منظمة اليونسيف الى أكثر من 13,6 مليون طفل بحاجة ماسة للدعم الانساني المنقذ للحياة ، اضافة لتقارير عن مقتل أكثر من 330 طفل، واصابة أكثر من 1900 ، اضافة لنزوح مليون طفل بسبب الحرب، حسب اليونسيف.
- الآثار المدمرة لها في كافة المرافق الصحية والتعليمية والخدمية والإنتاجية، والبنيات التحتية، والمؤسسات الاقتصادية والثقافية بما فيها المكتبات والآثار السودانية ، ومعهد النور للمكفوفين ، وتدمير ماكينة الطباعة الوحيدة لهم.
- نهب وحرق الاسواق والبنوك والمنازل التي هجرها اصحابها نتيجة للحرب، ومازالت سرقة العربات بواسطة الجنجويد من البيوت مستمرة كما رصدت لجان المقاومة وتجمعات الأحياء.
- شل الحياة في العاصمة الخرطوم باعتبارها مركز ثقل الاقتصاد والخدمات ، وتشريد الالاف من العاملين بعد اغلاق المصانع والمخازن وحرقها ونهبها ، وتوقف حياة 70% من سكان العاصمة العاملين باليومية ، مما زاد من العطالة والبؤس والفقر ، فضلا عن اشتداد حدة الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة ونقص السيولة، وارتفاع تكلفة المعيشة ، والمواصلات، وشح الدواء والرعاية الصحية.
- تدمير المصانع سوف يؤدي للمزيد من التبعية والارتباط بالخارج ، وتعطيل التنمية المستقلة المعتمدة على الذات بالاستفادة من موارد البلاد الزاخرة في ذلك، مما يتطلب التنمية المتوازنة بين أقاليم السودان المختلفة ، بعد تركز الصناعة والخدمات ومركز ثقل الاقتصاد في الخرطوم، الذي تأثر بالحرب فيها.
- استمرار قصف الجيش للاحياء السكنية مما أدي لقتلي كما في القصف الجوى جنوب منطقة الخرطوم الذي أدب لوفاة (17) من المدنيين ، وتدمير 25 منزلا كما جاء في إعلام غرفة طوارئ جنوب الحزام، اضافة للقصف الجوي في حي بيت المال مما أدي لقتلى وهدم بعض المنازل ، بعد أن زاد الطين بلة حديث الفريق ياسر العطا بقصف المنازل التي بها الدعم السريع ، بدلا عن أخراجهم بواسطة المشاة، مما يؤدى لخسائر في الممتلكات وهدم المنازل التي شقى اصحابها في بنائها.
- احتلال الدعم السريع لمنازل المواطنين ، ومحطات المياه والكهرباء مما أدي للعطش والظلام الدامس لفترات طويلة في بعض الأحياء السكنية.
- المضايقات التي يجدها ركاب الحافلات والبصات من الدعم السريع في الاتهامات العشوائية لبعض الركاب بأنهم يعملون في الجيش وضربهم ، وفي بعض الحالات نهب الممتلكات، مما يتعارض مع حق المدنيين في التنقل أثناء الحرب لقضاء حوائجهم، وحق المرضي في تلقي العلاج.
- اقتحام مليشيات الدعم السريع لمقرات السفارات ونهبها مما يتعارض مع الأعراف الديبلوماسية.
- الانتهاكات ضد الصحفيين، وحالات الاغتصاب والعنف الجنسي.
- احتلال المستشفيات وتحويلها لارتكازات عسكرية ، مما أدي لانهيار الخدمات الصحية واتخاذ المدنيين دروعا بشرية من الدعم السريع في الأحياء.
- اثر الحرب على الموسم الزراعي بسبب نقص التمويل والسماد والوقود ، الخ ، وتهديد 25 مليون مواطن سوداني بنقص الغذاء حسب الأمم المتحدة.
3
جاءت الحرب ايضا كما أشرنا سابقا نتيجة للصراع على السلطة والثروة بعد تنامي شركات الجيش التي تسيطر عاى 82% من موارد الدولة كما أشار رئيس الوزراء السابق حمدوك ، اضافة لتنامي شركات الدعم السريع والصراع حول عائدات الذهب والماشية وبقية المحاصيل النقدية، اضافة لتنامي الدعم السريع عسكريا وارتباطه بالمحاور الخارجية كما حدث في تصدير المرتزقة لحرب اليمن، وحماية الحدود للاتحاد الاوربي، وغير ذلك من مصادر الثروات الكبيرة التي راكمها الدعم السريع.
بالتالي فان شعار وقف الحرب يجب أن يرتبط بابعاد العسكر من الاقتصاد والسياسة، بعد الفشل في حفظ أمن البلاد ، رغم ميزانية الأمن والدفاع التي بلغت 76% ، ودفع الدولة لمرتبات الدعم السريع، وخطأ نقنين مليشيات الدعم السريع ، واعطائها مواقع سيادية وعسكرية خطيرة ، مما يتطلب حل المليشيات ( دعم سريع، الكيزان، جيوش الحركات) وقيام الجيش المهني الموحد الذي يتفرغ لحماية الوطن ، وانهاء حكم العسكر الذي استغرق 57 عاما من عمر الاستقلال البالغ 67 عاما ، والخروج من الحلقة الشريرة للانقلابات العسكرية باحداث التغيير الجذري الذي من أهم عناصره ترسيخ الديمقراطية والحكم المدني الديمقراطي، وعدم إعادة إنتاج الاتفاقات التي تعيد الدعم السريع والعسكر للسلطة واتفاق جوبا الذي تأكد فشله في استدامة السلام في دارفور، اضافة لحماية السيادة الوطنية ، ووقف نهب ثروات البلاد، ووقف التدخل الخارجي في الشأن الداخلي، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم. .


alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء