شوقى أنا للبلد بى حالا والشوق لى تراب أهلى … بقلم: احلام اسماعيل حسن

 


 

 

 

 

( 2)

في تلك البقعة المباركة التى تشع نوراً بعلمها وعلمائها الأجلاء بروفسور عبد الله الطيب وأدبائها محمد المهدى مجذوب وعمر والسر قدور ... عندما إقتربنا من الدامر رأيتها تسبح فى هالة من الأنوار الهادئه الخضراء التى تضفى سكوناً على نفس داخلها .. كيف لا وهى تعج بالأولياء والمــُداح ومراتع القرآن ... توقف بها قطارنا فإذا بالذكريات تتزاحم تسترجع صورة ذلك الرجل الجميل الذى ربطته علاقة ود وصفاء ومحبة خالصة مع أبى إسماعيل وكم من مرة ترافقنا فى رحلات مزرعتنا بالباقير حيث كان الأدب والفن يملآن أجواء ذلك الزمان ... الآن تتراءي لى حلقة ذكر تعلو فيها دقات النوبة وصيحات الغارقين فى الذكر وهم يرتدون ثيابهم الخضراء المميزة يتمايلون يمنة ويسرة بحركات موزونة ومحسوبة مع إيقاع النوبة ... هذه النغمات تهزنى من الداخل وإيقاعاتها تحلق بى فى دنياوات خارج عالمنا ... إنها الصوفية التى عرف حلاوتها هؤلاء القوم فانغمسوا فيها ونسوا عالم الماديات ... تحابوا فى الله من غير طمع دنيوى واستصغروا دنيانا لدرجة الإنصراف الكامل عن ملذاتها الفانية وانعكس ذلك نورا وضياءا يشع من وجوههم النيرة ... تذكرت محمد المهدى المجذوب يقف وسط جمعنا بالباقير يلقى قصيدته ليلة المولد ومنذ ذلك اليوم إرتبط إسمه لدى بكل مولد يمر على ... فى ذلك اليوم إنتشى الحضور وغابوا مع المجذوب فى عالمه .. اليوم أرى تلك اللوحة المرسومة بالكلمات واقعاً أمامى يترجم قصيدة المجذوب التى سأقتطف بعضاً منها :

 

صل يا رب على المدثر

وتجاوز عن ذنوبي

وأعني يا إلهي

بمتاب أكبر

فزماني ولع بالمنكر

***

درج الناس على غير الهدى

وتعادوا شهوات

وتمادوا

لا يبالون وقد عاشوا الردى

جنحوا للسلم أم ضاعوا سدى

***

أيكون الخير في الشر انطوى

والقوى

خرجت من ذرة

هي حبلى بالعدم؟!

أتراها تقتل الحرب وتنجو بالسلم

ويكون الضعف كالقوة حقا وذماما

سوف ترعاه الامم

وتعود الأرض حبا وابتساماً

 

صل يا رب على المدثر

وتجاوز عن ذنوبي واغفر

وأعني يا إلهي بمتاب أكبر

ليلة المولد يا سر الليالي

 

وهنا حلقة شيخ يرجحن

يضرب النوبة ضربا فتئن

وترن

 

أعذرونى إن ذهبت بكم خارج رحلة القطار لكنها رحلة روحية أجبرتنى عليها هذه المدينة الفاضلة بأهلها وعشقى وهيامى بهم

...

 

1. غداً نواصل مسير رحلتنا من عطبرة

 

AHLAM HASSAN [ahlamhassan@live.ca]

 

آراء