صراعات دول الجوار وانعكاسها على السودان

 


 

 

القرار الذي كانت قد اتخذته مجموعة ( أوبك بلاس) بخفض إنتاج المجموعة مليون برميل في اليوم، قد رفع سعر النفط عالميا، و انتقدت إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن القرار و اعتبرته قصير النظر. و بررت المملكة السعودية خفض الانتاج يجيء ردا رفع سعر الفائدة من قبل الدول الغربية بسبب تدهور الاقتصاد في تلك الدول. و في ذات الوقت بدأت الإدارة الأمريكية ممارسة الضغط على السعودية، و بدأت بالتلويح بفتح ملف قضية الصحافي جمال خاشقجي مرة أخرى، و الذي كان قد تم اغتياله في تركيا، في محاولة للضغط على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي هدد بطريق غير مباشر أنهم سوف يمدون حبال الوصل مع الدب الروسي. و لذلك أوقفت السعودية مؤقتا أي تعاون في قضايا تجمعها مع الإدارة الأمريكية، و هذه أثرت على حالة الحراك للرباعية في السودان. و أشارت السعودية لبعض السياسيين أنها لا تمانع في استضافة مؤتمر حوار للقوى السياسية السودانية للوصول إلي اتفاق، و تبين الدعوة حالة الجفوفة بين الرياض و واشنطن. و كانت أريتريا في وقت سابق قد طرحت ذات الفكرة لعدد من السياسيين السودانيين، على أن يكون المؤتمر على قرار مؤتمر القضايا المصيرية الذي كان قد عقد عام 1995م في اسمرا، و بالفعل ذهب بعض السياسيين السودانيين الذين يعملون كوسطاء بين المجموعات إلي اسمرا و التقوا بالرئيس الاريتري، و اقتنعوا بالفكرة، لكن اجهضت بسبب الحرب الأخيرة بين التقراي و الحكومة في أديس أبابا قبل توقيع الاتفاق الأخير. ثم قدمت أريتريا دعوة لقيادات الشرق من جميع المكونات العشائرية و الأثنية لقد مؤتمر للصلح في اسمرا.
تقول بعض مصادر رجال الأعمال السودانيين، أن دولة الأمارات كانت في وقت مبكر طرحت استضافة الحوار بين المجموعات السودانية، بهدف التقريب بين وجهات النظر للوصول لاتفاق بين المجموعات المختلفة، و حتى بعد وقوع انقلاب 25 أكتوبر قد كررت الدعوة، لكن شعار الاءات الثلاث قد قيد حركة السياسيين، خاصة أن قوى الحرية و التغيير المركزي كانت تواجه ضغوطا كبيرة من قبل الشارع، و من بعض القوى السياسية التي حملتها فشل حكومتي عبد الله حمدوك رئيس الوزراء في ذلك الوقت. و كانت الأمارات تستعجل القوى السياسية الوصول لاتفاق لتكوين الحكومة، و العمل من أجل الاستقرار الاجتماعي و السياسي في البلاد، لكي تقدم عروضها الاستثمارية بعشرات المليارات من الدولارات في مشاريع زراعية و تعبيد الطرق و النقل العابر لدول وسط القارة الإفريقية و غربها، إلي جانب تحديث و إصلاح خدمات المواني، و الصناعات التحويلية في الزراعة و منتجات الالبان، و مصائد اسماك في البحر الأحمر، تستوعب ألاف الأيدي العاملة من السودانيين. و في جانب أخرى يطرح عدد من السياسيين السودانيين أن القاهرة التي كانت قد استضافت المعارضة السودانية منذ وقوع انقلاب الجبهة الإسلامية القومية إضافة لتواجد جالية سودانية كبيرة هناك، و إلي جانب العلاقات التاريخية بين البلدين، و لا تحتاج إلي صرف كبير، أن القاهرة هي المكان المناسب لعقد مثل هذه الحوارات. و أيضا قال بعض رجال الأعمال أن أبي أحمد قد طرح على بعض السياسيين، و أيضا على رئيس مجلس السيادة أن أديس أبابا لا تمانع أن تدخل كوسيط بين الفرقاء السودانيين لتقريب و جهات النظر بين الجميع، و هناك بعض القوى السياسية نفسها قد نقلت الفكرة إلي حكومة أثيوبيا. و قال الرئيس اسياس أفورقي لبعض القيادات السودانية التي زارت اسمرا مؤخرا، أن وقف الحرب بين التقراي و حكومة أديس أبابا، سوف تساعد القيادة السياسية في اسمرا أن تلعب دورا في حل الأزمة السودانية. و ربما تكون هذه التطورات هي التي دفعت بعض القيادات في الحرية و التغيير أن تكرر زياراتها بشكل ماكوكي لسفراء الاتحاد الأوروبي.
أن التطورات في العلاقات الدولية بسبب النزاعات و الحرب بين روسيا و أوكرانيا، هي التي جمدت حركة الرباعية في الساحة السياسية السودانية، و حتى زيارة السفير الأمريكي لمنطقة شرق السودان و مقابلة المجموعات المتصارعة هناك و سماع رؤيتهم، رجع دون أن يعلق على نتائج الزيارة أو يبدي وجهة نظره، إلي جانب زيارة فوكلر إلي كسلا و الالتقاء مع بعض القيادات السياسية و المنظمات الشعبية، و يقول بعض الذين التقوا به بعد الزيارة، أن الرجل وصل إلي قناعة أن أي حل للمشكلة السودانية يجب أن يأخذ بعده الوطني الشامل، و أي اتفاق يتم دون أن يضم الأغلبية من المكونات السياسية لا يضمن استمراره. و هذه القناعة قد وصلت لها العديد من قيادات قوى الحرية و التغيير المركزي و هي التي جعلتها تقدم تنازلات كبيرة حتى تفتح منافذ عديدة للحوار بين المجموعات المختلفة حتى يتم التوافق، إضافة إلي تعهدها بأنها غير راغبة في المشاركة في سلطة الفترة الانتقالية، كما جاء على لسان البرهان في المرخيات.
أن عودة السيد الميرغني للخرطوم إذا تمت، ليس ببعيدة عن هذه السيناريوهات المطروحة، خاصة هناك بعض القيادات الاتحادية تعتقد أن الحزب الاتحادي الديمقرطي وفقا لمكانته التاريخية و جماهيره العريضة أن يشكل كتلة لوحده و لا يكون قوى مضافة في العملية السياسية ، و الحزب بجماهيره العريضة يستطيع أن يقارب بين التحالفات المختلفة. خاصة أن الحزب الاتحادي كان قد قدم مقترحا لعبد العزيز الحلو أن يكون له وجود داخل الخرطوم لكي يكون جزءا من عملية الحراك السياسي، و ذات المقترح كان قد تم تقديمه لعبد الواحد محمد نور، باعتبار أن القوى ذات القواعد الاجتماعية الكبيرة يقع عليها عبء عملية الحل، و الاستقرار السياسي في البلاد، و تستطيع أن تصل لتفاهمات تعزز مكانة الوطن عند الجميع. و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء