صعود الديمقراطية التشاركية

 


 

 

الديمقراطية التشاركية هي عملية تؤكد على المشاركة الواسعة للناخبين في توجيه وإدارة النظم السياسية. تشير الأبحاث والدراسات التي تناولت مشكلة الديمقراطية التشاركية إلى أن الفضل في ظهورها يعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال ستينيات القرن الماضي، حيث كانت مواجهة الفقر والتهميش من بين العناصر الرئيسية في الكشف عن أهمية المشاركة الديمقراطية، من خلال أسلوب الحوار والتشاور مع المواطنين حول كيفية إدارة الشؤون العامة واتخاذ القرار لمواجهة التحديات المطروحة محلياً. نتج عن النتيجة إنشاء نخبة محلية من المواطنين العاديين الذين لديهم القدرة والقوة لاقتراح الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة ومواجهة النخبة المهيمنة محليًا المكونة من قوى ضاغطة وفاعلين في المجال المحلي.
أما في أوروبا الغربية، تبعثرت الدعوات هنا وهناك وكان أبرزها الدعوة لعقد مؤتمر للاتحاد الأوروبي حول الديمقراطية التشاركية في العاصمة البلجيكية يومي في العام 2004، حيث تم التأكيد على أن الديمقراطية الأوروبية تمر بأزمة وهي نتيجة مشتركة بين الجميع، وأن الديمقراطية التشاركية هي الحل للأزمة وقيمة المضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي ويجب أن تضخ الديمقراطية التشاركية دماء جديدة في الديمقراطية لتكمل الديمقراطية التمثيلية وتطوير التعاون مع بقية الشركاء الاجتماعيين. وفي فرنسا أثبتت التجارب المقدمة أن النجاح والتنفيذ تتم على مراحل وأن التشاور والحوار حول المشاريع الكبرى كان له تأثير إيجابي على حل النزاعات، على سبيل المثال الأزمة التي اندلعت على خطوط القطار فائق السرعة في فرنسا. في عام 1992 تم تجسيدًا لمبادئ الديمقراطية التشاركية من خلال إصدار قانون 2002 والذي نص في الفصل الأول منه من القسم المتعلق بمشاركة السكان في الشؤون المحلية على إنشاء مجالس الأحياء في المدن التي يزيد عدد سكانها عن 80 ألف نسمة. نتج عن النتيجة في فرنسا إيجاد حلول للمشاريع الكبرى التي تواجه معارضة شديدة عند تنفيذها واستخراج ملاحظات إيجابية وسلبية عن المشروع، مما سيؤدي في النهاية إلى تطويره. وخلص تقرير صادر حول الديمقراطية التشاركية إلى أن سبب إدراج الديمقراطية التشاركية في التشريع يعود إلى عدم قدرة المواطنين على التعبير عن اهتماماتهم وتطلعاتهم بسبب تعدد المؤسسات وتنوعها وأن القرار السياسي يأخذ شرعيته من خلال الإقناع والحوار، وأن القرار الصائب يتم من خلال التداول فيه.

د. سامر عوض حسين
25 يناير 2023

samir.alawad@gmail.com

 

آراء