ضـربة البدايـة للإصـلاح من منـابر المسـاجد – الشـفافية

 


 

سيد الحسن
6 January, 2023

 

° يقُولُ تَعَالَي فِي مُحْكَم تَنزِيلٌه :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًاً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (سورة الأنفال) {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} (سورة الرعد)

° تقوم الشفافية في الإسلام علي المدخل الأخلاقي وهي ذات قيمة روحية تستمد قوتها من الكتاب والسنة والتشريع ، وتأتي أولاً إلتزام مباشر بين العبد وخالقه ثم تأتي كإلتزام في إطار العلاقات الإنسانية والإجتماعية . و من أهم القضايا التي أربكت العالم بكل أطيافه قضية الشفافية ، فقد عالج الإسلام هذه القضية من أجل القضاء على كل أشكال الإستغلال والفقر والأزمات الإقتصادية . و للشفافية وخصائصها الأخلاقية أثر بالغ في الوقاية من الأزمات الإقتصادية . أصبح لنقص الشفافية في كل العالم أثراً واضحاً في زيادة الأضرار الإقتصادية والأمنية والإجتماعية إضافة لإرتفاع المخاطر نتيجة لنقص الشفافية مما يصعب الوصول إلى المعلومات الحقيقية ، والتي تُبني عليها السياسات والقرارات وبالتالي تكون النتائج غير صحيحة. مما لا شك فيه أن الأنقاذيين وطدوا انفسهم في السلطة مستغلين منابر المساجد ، وأورثوا المجتمع تركات ثقيلة من بينها إنتشار الفساد والأفساد في المال العام بين جُل القائمين عليه ..
وحسب تقديري إن معالجة وإجتثاث هذا السرطان والذي إستشري بإستغلال منابر بيوت الله ، فأنني أري - ودون ادني شك - إن المعالجة تبدأ من منابر بيوت الله وتكون ضربة البداية لجنة المسجد و ستتم المعالجة بتوفيق من المولي عز وجل طالما الهدف هو إصلاح آفة في المجتمع (وهي آفة الفساد) حيث إن منابر بيوت الله منابر إصلاح المجتمع في أموره الدينية والدنيوية ..
وآلية المعالجة تبدأ بلجان المساجد ، والتي غالبها حتي الآن لا يطلعون المصلين بالوضع المالي لميزانية المسجد ، ولا تري للجان المساجد أي مخاطبة للمصلين إلا يوم الحاجة ومخاطبة المصلين بأنهم في حاجة للتبرعات والصدقات لتسديد المصاريف التسييرية للمسجد ، ما عدا ذلك نادر جداً ما تجد لجنة توضح أن الوضع المالي مريح .. وثقتي كاملة إن المدفوعات التي تطلب اللجنة المساعدة عليها مبالغ مقدور عليها وأحياناً من شخص أو شخصين من المصلين ، لكن عدم توفر الثقة من الكثير من المستطيعين في اللجان جعلهم يحجموا عن الدفع الا في حالة مطالبة اللجنة وباليسير .
أورد مثالاً دولة إندونيسيا والتي تمثل أعلي تعدادية من المسلمين في العالم حيث يشكل المسلمون أكثر من ٩٠٪ من تعداد السكان البالغ فوق ال ٢٧٠ مليون، مع الوضع في الإعتبار إنهم من غير الناطقين باللغة العربية. كل مسجد بدولة إندونيسيا له لجنة مختارة من المصلين ، ومسجل أسمائهم في البورد بالمسجد ، وفي اللجنة المسؤول المالي .. في أول جمعة بعد اول الشهر يصعد المسؤول المالي قبل صعود الإمام للمنبر ويتلو تقرير الوضع المالي للمسجد {بناء علي إجتماع اللجنة قبل الجمعة بيوم وإعداد التقرير} خلال الشهر السابق بدءاً بالرصيد المرحل من الشهر السابق وإضافة الإشتراكات والتبرعات والصدقات وحصيلة صناديق التبرع المنتشرة بالمسجد، ويوضح الإجمالي مخصوماً منه المصروفات من كهرباء وماء وصيانة وحتي دعم فقراء الحي (يتم تحديث كشف الفقراء شهر بشهر) ليصل لرصيد بداية الشهر الجاري ويكاد يكون كل مصلي يعلم رصيد مالية المسجد ، وكلمة حق نادراً ما تجد عجز في ميزانية المسجد ، وطيلة فترتي الطويلة بدولة إندونيسيا لم أسمع يوماً أن أحد اعضاء اللجنة إعتلي المنبر لطلب المساعدة والمساهمة في تسديد عجز في مصاريف المسجد .. وبنفس الطريقة يتم إطلاع المصلين ما قبل صلاة العيد ، إضافة للتقرير الشهري في أول جمعة في أول الشهر . عند تطبيق هذه الطريقة إني واثق تمام الثقة إسترداد ثقة المصلين في اللجنة ، مما يفتح باب المساهمات بقدر حالة المستطيعين والتي ربما تتخطي فاتورة الكهرباء او الصيانة او اي مصروفات أخري .
وحيث ان منابر بيوت الله هي منابر إصلاح المجتمع سوف تكون قدوة تُتبّع الحافر بالحافر ملتزمين بالشفافية للجان المدارس واللجان الشعبية ولجان الخدمات ولجان الأندية الرياضية ، وسوف يتم إجتثاث سرطان آفة الفساد والتعدي علي المال العام في المدي القصير .
لذلك إخترت عنوان المقال إن ضربة البداية للإصلاح من منابر المساجد في تطبيق الشفافية ، ولا يوجد أدني شك فيما ورد بالآيتين في أول المقال إن تغيير الأحوال مرتبط بتغيير ما بالأنفس والشفافية هي جزء لا يتجزأ من ما بالأنفس .
نسأل المولي عز وجل الهداية والتوفيق.
سيد الحسن ٦ يناير ٢٠٢٣م

elhassansayed@hotmail.com

 

آراء