كيف لا
انطبق المثل القائل "كل فتاة بأبيها معجبة" على رغد صدام حسين من قبل ، واليوم نراه ينطبق بحذافيره على عائشة القذافي . بنتا الرئيسين المخلوعين لاعبات بعد الأوان . خرجتا بعد أن احترقت روما لتدافعا عن صورة والديهما المحروقة .
إنّ من حق كل ابنة أن تدافع عن والدها أثناء الكارثة أو بعدها فهي سرّ أبيها، فقد وصفت رغد والدها بالبطل والإنسان الوطني وزعمت أنه تعرض للغدر من المقربين إليه. وإن لم تفهم رغد طبيعة الجراح والألم الذي تسبب فيه والدها لأهل العراق بفظائعه الكبيرة من مذابح وقمع ودفن للعزّل وهم أحياء وحرق القرى بأهلها ، فقد رأت أن تتعالى على جراحها الشخصية ، وأن تكبت لوعتها ودمعها لأن أبيها هو قاتل زوجها.كان ذلك عندما لجأت رغد ورنا ابنتا صدام حسين إلى الأردن أول مرة في أغسطس عام 1995م مع زوجيهما حسين كامل حسن المجيد الذي كان وزيراً للصناعة في عهد صدام ، وشقيقه صدام كامل المسؤول عن حماية الرئيس العراقي وعدد من عائلة المجيد بعد أن أعلنوا انشقاقهم على نظام صدام حسين . وبعد أن أقنعهم صدام بالعودة إثر عفو حصلوا عليه منه، عادوا إلى العراق فأجبر زوجي رغد ورنا على تطليقهما وأعدمهما مع عائلتيهما في فبراير 1996م .
لم تكتفِ رغد بفعل أبيها في زوجها وإنما قامت بتبريره بأن كل العائلات تحدث فيها خلافات ، بل خرجت إلى الأضواء في مايو الماضي بقولها أن والدها حيٌّ يُرزق وهو على اتصال دائم بها . ذلك الحي الذي يُرزق سقط نظامه على يد القوات الأمريكية وفرّ مخلّفاً بطولاته وراءه . لم يترك أثراً إلا أنه بعد الحرب تم الإبلاغ عن مشاهدات عدة له ، لم يتم التبين منها ولكن ظهر عدد من التسجيلات الصوتية المنسوبة إليه . بعد وضعه على رأس قائمة المطلوبين ، تم اعتقال العديد من أفراد نظامه ، وقتل ابناه عدي وقصي في يوليو 2003م خلال اشتباكات مع القوات الأمريكية في الموصل . وبعدها سُلّ من حفرة في مزرعة "الفجر الأحمر" بالقرب من تكريت بعد أن أبلغ عنه أحد أقاربه ، ومن مخبأه إلى محاكمته إلى إعدامه . هل نكذّب كل ما جرى تحت سمع وأبصار العالم لنصدق هطرقات رغد ؟
جاء دور عائشة القذافي التي فرّت إلى الجزائر مع والدتها وعدد من أفراد أسرتها ، واستقبلتهم الجزائر لدواعٍ إنسانية منذ أغسطس الماضي .ومن مخبئها أعلنت قبل يومين في أحدث تسجيل صوتي لأحد أفراد أسرة العقيد القذافي أن والدها "بخير ويقاتل" . لم تكتفِ بهذا بل اتهمت المجلس الانتقالي بالخيانة مما دعا السلطة الجديدة في ليبيا إلى التصريح بأنه بصدد توجيه طلب رسمي إلى الحكومة الجزائرية لتسليمه عائشة بسبب تطاولها المعلن على قيادات المجلس.
ومثلما فعلت رغد من قبل فإن عائشة دافعت عن أبيها ضد قوات التحالف في أبريل الماضي عند باب العزيزية حيث مقر إقامته ووصفته بأنه هو "المجد والعزة والكرامة" ، وتواصل الآن مدح والدها الهارب:" إنه يحق لليبيين أن يفخروا بقائدهم العظيم ، فهو بخير والحمد لله ، ومعنوياته مرتفعة ، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه".
وإن كان للرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك ابنة لأتحفتنا بالحديث عن بطولاته ولبشرّت ببراءته حتى قبل محاكمته ، ولاستخرجت له الأعذار والمبررات. وإن كانت بنات الطغاة يتشابهن فإن بلقيس ابنة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ، شذّت عن هذه القاعدة. فحسب ما نقله موقع عدن أونلاين أن ابنة الرئيس الكبرى والمقربة منه ناشدته بوقف ما يحدث في اليمن من مذابح ضد الأبرياء ونصحته بالرضوخ لمطلب الشعب بالتنحي عن السلطة. فهل لرغد وعائشة وسائر بنات الرؤساء المخلوعين منهم والجاثمين على الصدور بشيء من حكمة بلقيس.
عن صحيفة "الأحداث"
moaney [moaney15@yahoo.com]