عامان على تعيين مناوي حاكم لإقليم دارفور ولا زالت الأخبار تتحدث عن وفاة (5) نساء و(37) طفلاً في معسكر سروتوني

 


 

 

النازحون.. والموت سمبلة..!
* وفاة (5) نساء و (37) طفلاً في معسكر سروتوني للنازحين بولاية شمال دارفور
* يؤكد الواقع ان شبح الحرب الأهلية لازال يهدد سكان دارفور بسبب عدم تنفيذ بروتكول الترتيبات الأمنية وانتشار السلاح
* أكثر من (٦٠%) من أبناء واطفال معسكر سروتوني خارج العملية التعليمية بسبب تردي الوضع الاقتصادي وعدم وجود منظمة تدعم التعليم
* إتفاقية جوبا نصت على إنشاء مفوضية النازحين واللاجئين خلال (٦٠) يوماً من تاريخ التوقيع على الاتفاق لتشرف على عمليات العودة الطوعية وإعادة التوطين وهذا لم يحدث حتى الآن
* منذ تنصيب مناوي حاكماً لإقليم دارفور ظل الواقع على الأرض في حالة تراجع للأسوأ
* نصت اتفاقية جوبا على إنشاء صندوق التعويضات وجبر الضرر في دارفور خلال (٩٠) يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق وهذا لم يحدث حتى الآن
الجريدة - عبدالرحمن العاجب
يحلم عدد كبير من النازحين بمغادرة المخيمات التي لاتختلف كثيراً عن السجون، والعودة إلى القرى والمناطق التي فروا ونزوحوا منها عام 2003م عقب اندلاع الحرب في إقليم دارفور، إلا أن آمال النازحين لنحو عقدين من الزمان ظلت تصطدم بواقع مرير هو أن القرى التي فروا وَنزحوا منها لا تزال تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ولاتوجد بها (لا صحة ولا تعليم ولا مياه شرب نقية) فضلا عن الوضع الأمني الذي لا يزال هشا رغم التوقيع على اتفاق جوبا للسلام. آلاف من النازحين الذين شردتهم الحرب التي قادها نظام الإنقاذ في إقليم دارفور عام 2003م يخططون للعودة للمناطق التي فروا ونزحوا منها، لبدء حياة جديدة بعد عقدين من الزمان قضوها في مخيمات الإيواء في ظل ظروف إنسانية بالغة السوء وللتعقيد، بسبب نقص الغذاء وانعدام الخدمات الأساسية، ولا يزال كثيرون منهم يشكون حالة الهشاشة الأمنية التي تعانيها مناطق متفرقة من الإقليم المضطرب، الأمر الذي فاقم مخاوف السكان من جراء تزايد حالات الاختطاف والقتل المتعمد، والانفلات الأمني.
(1) فيما يؤكد الواقع ان شبح الحرب الأهلية لازال يهدد سكان دارفور بسبب عدم تنفيذ برتكول الترتيبات الأمنية وانتشار السلاح، ووفقا لمختصين في شأن الإقليم، فإنه في ظل الهشاشة التي باتت سمة الحياة في دارفور، يصعب عودة المواطنين لديارهم، لا سيما أن التحديات كثيرة. وفي سياق متصل بأوضاع النازحين كشف نازحون في معسكر سورتوني بمحلية كبكابية بولاية شمال دارفور أمس (الجمعة) عن وفاة خمسة نساء أثناء الولادة بسبب انعدام المعينات الأساسية، ووفاة (37) طفلاً خلال الثلاثة أشهر الماضية وعزا النازح عبدالله بندق الوفيات إلى عدم توفر الرعاية الطبية مع انتشار أمراض سوء التغذية وأمراض أخرى مثل السعال الديكي والبلهارسيا والحصبة وغيرها. وأشار عبدالله إلى توقف الخدمات الصحية في المعسكر خاصة الصحة العلاجية، والتغذية العلاجية، والتغذية السريرية، بعد خروج منظمة رعاية الطفولة العالمية منذ شهر سبتمبر الماضي ٢٠٢٢م ولفت إلى انعدام كامل لكل الخدمات الإنسانية خاصة الصحة والتعليم والمياه والحماية الصحة.
ونبه إلى توقف الامداد المائي منذ ديسمبر الماضي بعد انسحاب منظمة كوبي الدولية، وقال إن النازحين يضطرون لجلب المياه من مسافة تبعد (١٥) كيلو متر من معسكر سرتوني، وأوضح أن أكثر من (٦٠%) من أبناء واطفال المعسكر خارج العملية التعليمية بسبب تردي الوضع الاقتصادي وعدم وجود منظمة تدعم التعليم، وشدد على ضرورة توفير الرعاية اللازمة للأطفال الرضع والحوامل، وتوفير سبل كسب العيش، داعياً كل المنظمات العاملة في الحقل الإنساني لتوفير الخدمات الإنسانية للنازحين. فيما لقي (4) أشخاص مصرعهم وأصيب العشرات بولاية غرب دارفور أمس الأول (الخميس) إثر أعمال عُنف دامية شهدتها مناطق محاذية لدولة تشاد، ووقعت الاشتباكات العنيفة عقب اغتيال مسلحين مجهولين أمسية (الأربعاء) لرجل أعمال شهير في بلدة (تندلتي) حيث اقتحموا منزله وفتحوا عليه النار وأردوه قتيلاً في الحال. وفي سياق متصل بالأحداث قالت هيئة محامي دارفور في بيان تحصلت عليه (الجريدة) تعليقا على هذه التطورات إن (اثنين من المسلحين تسورا منزل التاجر مصطفى ادم يوسف بمنطقة تندلتي وأطلقا عليه الرصاص وتوفي في الحال) واشار البيان إلى أن فزعاً أهلياً من ذوي القتيل تحرك بغية تعقب الجٌناة ووصل الأثر لمنطقة (البان جديد) وألقي القبض على أثنين من المشتبه بهم بارتكاب الحادثة. وأوضحت الهيئة بأن الشرطة والجيش امتنعا عن استلام المتهمين ما دعا أهالي المنطقة للخروج في احتجاجات والاعتداء على المقبوض عليهم ما أدى لمقتلهم، وأفاد البيان بأنه رداً على مقتل المشتبه بهم شن ذويهم هجوماً مسلح على بلدة (تندلتي) وهم على ظهر الدواب والدراجات النارية ما أوقع قتيلاً جديداً وأصيب عدد غير معروف من المواطنين.
وحذر بعض الأهالي من وقوع هجمات مميتة وانفلات الأوضاع في المنطقة بسبب الحشود المكثفة للمليشيات المسلحة وفشل الأجهزة الأمنية والعسكرية في وقف تمددهم، وكشف الأهالي عن فرار أعداد كبيرة من المواطنين ووصولهم لرئاسة ولاية غرب دارفور مدينة الجنينة خوفاً من الانتقام وحمل السلطات مسؤولية ما تؤول إليه الأوضاع الأمنية بسبب رفضها استلام الأشخاص المشتبه بهم في قتل التاجر مصطفى إلى أن تم قتلهم بواسطة مجهولين، وألمح الأهالي إلى إمكانية تورط جهات أمنية في الوقوف وراء تصفية المشتبه به والتمهيد لبدء الحرب.
ولم يمنع اتفاق جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية التي أبعدها الجيش عن السلطة خلال العام 2021 من وقف أعمال العُنف المتصاعدة في إقليم دارفور، وتعزو الحركات المسلحة الانفلات الأمني لعدم تتفيذ برتوكول الترتيبات الأمنية. وخلال الثلاث أعوام الماضية شهدت ولاية غرب دارفور، أحداث عنف دامية أدت لمقتل ما يقرب على الألف شخص وخلفت الأحداث التي تتهم قوات حكومية بالوقوف ورائها وتوفير الحماية لبعض المتفلتين دمارا واسعا في المنطقة، وسط عمليات حرق للقرى وموجة نزوح واسعة، وعلى الرغم من رعاية قوات الدعم السريع لاتفاقيات صُلح بين عدد من القبائل التي نصت على التعايش السلمي إلا أن هذه الاتفاقيات تم خرقها في كثير من المناطق.
(2) وبالعودة للوراء نجد أن إتفاقية أبوجا الموقعة بين حكومة السودان وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي فشلت في معالجة قضايا النازحين واللاجئين، وطوال عمر الاتفاقية الذي بلغ خمسة سنوات فشلت مؤسسات السلطة الانتقالية لولايات دارفور برئاسة مني أركو مناوي والمفوضيات والصناديق التابعة لها في تحقيق شيئا يذكر للنازحين واللاجئين إلى أن انتهى أجل السلطة الانتقالية وعاد مناوي للتمرد مرة أخرى.
وقبل انتهاء أجل إتفاقية أبوجا دخلت الحكومة السودانية في مارثون تفاوضي توجته بتوقيع إتفاقية الدوحة لسلام دارفور والذي تم توقيعه بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة برئاسة الدكتور التجاني سيسي في عام 2011م وبالنسبة لبعض المتابعين والمهتمين بالشأن الدارفوري فإن تجربة إتفاقية الدوحة نجحت في تقديم بعض المشروعات التنموية ولكنها بالنسبة لهم دون الطموح، فيما فشلت هي الأخرى في تقديم نجاح يذكر في ملف النازحين واللاجئين. ، وفي الثالث من أكتوبر عام ٢٠٢٠م تم توقيع إتفاقية جوبا للسلام في السودان بين حكومة الفترة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح، وضمت إتفاقية جوبا عدد من البروتكولات من بينها بروتكول قضايا النازحين واللاجئين والذي أكد فيه الطرفان التزامها بالعمل الجاد على عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، ولكن بعد مرور أكثر من عامين على توقيع اتفاقية جوبا للسلام وتعيين مناوي حاكما على إقليم دارفور لازال حال النازحين واللاجئين كما هو بل وازداد عددهم ومعاناتهم بسبب تجدد الصراعات في الإقليم.
(3) وبحسب ما نصت إتفاقية جوبا فإن الطرفان الحكومة وحركات الكفاح المسلح اتفقا في مسار دارفور على إنشاء مفوضية النازحين واللاجئين خلال (٦٠) يوماً من تاريخ التوقيع على الاتفاق لتشرف تلك المفوضية على عمليات العودة الطوعية وإعادة التوطين وإدارتها وتسييرها وذلك بمساعدة المجتمع الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والوطنية الأخرى ذات الصلة، وهذا ما لم يحدث حتى الآن، وبعد مرور أكثر من عامين على توقيع اتفاق جوبا للسلام وتعيين مناوي حاكما على إقليم دارفور لم يتم حتى الآن إنشاء مفوضية النازحين واللاجئين.
وبالنسبة للنازحين واللاجئين معلوم أنهم من أكثر الفئات التي تضررت من النزاع في دارفور، ولذلك من الطبيعي ومن حقهم الحصول على تعويضات وجبر ضرر مرضي لهم ولاسرهم، ولتحقيق هذا الهدف أتفق الطرفان في اتفاقية جوبا على إنشاء صندوق التعويضات وجبر الضرر في دارفور خلال (٩٠) يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق لاستلام ومعالجة قرارات التعويض وجبر الضرر الصادرة من الجهات ذات الصلة، ولكن بعد مرور أكثر من عامين على توقيع اتفاق جوبا للسلام وحتى الآن لم يتم إنشاء صندوق التعويضات وجبر الضرر.
ومنذ تنصيب مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور في 10 أغسطس 2021م ظل الواقع على الأرض في حالة تراجع للأسوأ، وإذا عقدنا مقارنة بين الأوضاع في إقليم دارفور قبل تعيين مناوي وبعد تعيينه، فإننا نجد أن الأوضاع قبل تعيين مناوي كانت أفضل بكثير، وبعد تعيينه ازدادت وتيرة الانفلات الأمني، وشهدت ولايات دارفور صراعات عنيفة وتفلتات أمنية، كما لم تشهد جميع الولايات تنفيذ مشاريع تنموية وظل الوضع كما هو عليه في الماضي بل إزداد سوء.
الجريدة

 

آراء