عبد الناصر زعيم وليس ديكتاتور وخلافه مع الجناح القطبى التكفيرى فى جماعه الاخوان ليس رفضا للاسلام

 


 

 

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم

sabri.m.khalil@gmail.com

اولا: جمال عبد الناصر زعيم قومى وليس ديكتاتور:

1-الخلط بين الزعيم والدكتاتور :هذه الدعوى لا تميز بين الزعيم والدكتاتور ، والفارق بينهم أن الأول تحقق الاراده الشعبية بتوحدها خلف زعامته أهدافها، ويصبح بالتالي محل رضا من اغلب الشعب. أما الثاني فيحول بدكتاتوريته دون تحقيق الاراده الشعبية لأهدافها،ويصبح بالتالي محل غضب اغلب الشعب . ولا يكاد يجادل احد على أن مواقف عبد الناصر الهادفة للتحرر من للاستعمار ، والداعمة للتضامن العربي ، والساعية لتحقيق العدالة الاجتماعية نالت تأييد اغلب الشعوب العربية- وليس الشعب المصري فقط - فضلا عن استمرار مكانته الوجدانية كرمز للكرامة والعزة عند هذه الشعوب حتى الان، كل هذا وغيره يثبت أن عبد الناصر هو زعيم قومي وبالتالي ليس دكتاتور..

2-خطا حصر الديموقراطيه في صيغتها الليبراليه : كما أن هذه الدعوى تحصر الديموقراطيه في صيغتها الليبراليه،اى تفترض أن لمصطلح الديموقراطيه دلاله واحده (هي احدى دلالاتها الخاصة - المنفردة ، ممثلة في الصيغه الليبراليه للديموقراطيه)، وبالتالي تعتبر أن من يرفض هذه الصيغه للديموقراطيه يرفض الديموقراطيه ذاتها . والواقع من الأمر أن لمصطلح الديموقراطيه دلالات متعددة:

دلاله عامه – مشتركه "التعبير عن الاراده الشعبيه: فهناك دلالته العامة " اى المصطلح كمفهوم مجرد” ، المشتركة “اى المعنى الذى تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج” .

الاصل التاريخى اليونانى: وهذه الدلالة تتصل بالأصل الاغريقى للمصطلح والذي ترجمته حكم- سلطه- الشعب ، ومضمونها " ان يكون التنظيم القانوني للمجتمع متفقا مع ما يريده الناس فيه"( د.عصمت سيف الدولة، الطريق، ج 2، ص 93) …

دلالات خاصه - منفرده: كما أن لمصطلح الديموقراطيه دلالات خاصة " اى ما يكتسبه المصطلح من معنى كمحصله لتطبيقه في كل واقع اجتماعي معين زمانا ومكانا ، منفردة “اى المعنى الذي تنفرد بفهمه كل فلسفه اومنهج معرفه معينين “.

مثال لها بالمفهوم الليبرالى للديمقراطيه: ومثال لهذه الدلالات الخاصه المنفرده الصيغه الليبرالي للديموقراطيه، اى الديموقراطيه الليبرالية من حيث هي محصله تطبيق مفهوم الديموقراطيه في واقع المجتمعات الغربية منذ القرن السابع عشر، وطبقا للمعنى الذى تنفرد بفهمه الليبرالية كفلسفة ومنهج معرفه . ان شيوع الصيغه الليبراليه للديمقراطية او الديمقراطية الليبرالية ، لا يلغى حقيقة أن الديمقراطية الليبرالية هي دلاله خاصة منفردة لمصطلح الديمقراطية يدل على هذا:

أولا: ان الديمقراطية الليبرالية ظهرت تاريخيا في مرحلة تاريخية لاحقة، بدأت في القرن السابع عشر وما تزال قائمة لم تنقض تماما.

ثانيا:قبل ظهور الديموقراطيه الليبرالية ” النيابية ” كان هنا صيغه أخرى للديمقراطية، أكثر تعبيرا عن المصطلح في أصله الاغريقى، والذي يقتضى ان يكون الشعب هو الفاعل، وهى الديموقراطيه المباشرة. …(د.عصمت سيف الدولة، الديموقراطيه والوحدة العربية).

ثالثا:ان هناك صيغ أخرى للديموقراطيه منها الديموقراطيه الشعبية والديموقراطيه الاشتراكية..

عبد الناصر رفض الصيغه الليبراليه للديموقراطيه وليس الديموقراطيه
ذاتها: ..استنادا إلى هذا التعدد الدلالي لمصطلح الديموقراطيه فان عبد الناصر كان يرفض الصيغه الليبراليه للديموقراطيه لأنها إذ يحرر الشعب من استبداد الحاكمين ، لا تضمن عدم استبداد اقليه من الرأسماليين فيه، لان النظام الراسمالى هو النظام الليبرالي في الاقتصاد ( د.عصمت سيف الدولة، النظرية ، ج2، ص197-198 ) وهو ما كاد سائدا في مصر قبل قيام ثوره 23 يوليو حيث يوجد نظام ديموقراطى من الناحية الشكلية ” برلمان، تعدديه حزبيه، صحف حزبيه..”، لكن يسطر عليه ” فعليا ” تحالف من الإقطاعيين والرأسماليين والملك ، الخاضع للسلطة “الفعلية” للاحتلال البريطاني. ولكن رفض عبد الناصر للصيغه الليبراليه للديموقراطيه لا يعنى رفضه للديمقراطية من حيث هي نظام فني لضمان سلطه الشعب ضد استبداد الحكام ، وهو يتبنى صيغه معينه للديموقراطيه هي الديموقراطيه الشعبية ذات المضمون الاجتماعي...

عدم التمييز بين مضمون الديموقراطيه وشكلها:كما هذه الدعوى لا تميز بين مضمون الديموقراطيه " ان تعبر السلطة عن الاراده الشعبية"، وشكلها" شكل النظام السياسي الذي تعبر الاراده الشعبية من خلاله عن ذاتها"،و الأول ثابت بينما الثاني يخضع للتغيير في المكان وخلال الزمان، والدليل على هذا ان تعدد النظم السياسية الديموقراطيه الليبرالية بتعدد مجتمعاتها (بريطانيا، فرنسا، امريكا ،سويسرا…)، استنادا على هذا فان هذه الدعوى تتخذ من بعض المواقف المواقف السياسية لعبد الناصركرفضه لتعدد الأحزاب و أخذه بأسلوب التنظيم السياسي الشعبي الواحد كدليل على رفضه للديموقراطيه ، بينما هذه المواقف تتصل بشكل الديموقراطىه وليس مضمونها، فهو مرتبط بظروف تاريخيه معينه ، هي مرحله التحرر الوطني والقومي من الاستعمار القديم...

3-أسلوب التغيير”تحليل لظاهره الانقلاب العسكري”:

اسباب قيام ثوره 23 يوليو بفعل مجموعه من ضباط القوات المسلحه:

مشكله التخلف الديموقراطى: لقد كانت هناك اسباب تاريخيه معينه أدت إلى قيام ثوره يوليو بفعل مجموعة من ضباط القوات المسلحة ، وليس بتنظيم وتدبير وفعل حزب جماهيري . تتمثل هذه الأسباب في ان الظروف الاجتماعية والسياسية التي سادت مصر ما قبل ثورة 1952 كانت قد وفرت الشروط الموضوعية للثورة، والمتمثلة في السيطرة المطلقة لتحالف الاستعمار والإقطاع والرأسمالية على الشعب المصري وثرواته ، ولكنها لم تسمح باكتمال نضج شروطها الذاتية متمثله فى ان هذه الظروف لم تسمح للممارسة الديمقراطية بان تتعمق وتنمو إلى الحد الذي تستطيع فيه الجماهير امتلاك المقدرة الشعبية على فرض إرادتها . إن تلك الأسباب التاريخية هي التي تفسر قيام الثورة بتنظيم وتدبير وفعل مجموعة من ضباط القوات المسلحة تحت قيادة عبد الناصر ( تنظيم الضباط الأحرار )، وليس بتنظيم وتدبير وفعل حزب جماهيري .

تحالف النظام الملكى مع الاستعمار:فضلا عن ان تحالف النظام الملكى مع الاستعمار يعنى ان التغيير السياسى فى تلك المرحله كان يستهدف استعمار خارجى يستخدم القوه المسلحه الغاشمه لاحتلال بلد اخر ونهب ثرواته، وبالتالى لا يمكن تغييره الا بقوه مسلحه ، ولم يكن يستهدف نظام وطنى يمكن تغييره باساليب سلميه.

الظاهره تعبير عن مرحله تاريخيه عامه وليس مقصورعلى التجربه الناصريه:
هذا بالاضافه الى ان الانقلابات العسكرية كظاهرة تكاد تكون المرحلة التالية لمرحلة التحرر من الاستعمار على مستوى العالم الثالث كله. وهذه الظاهرة هي حصيلة فشل تطبيق الديمقراطية فى العالم الثالث نتيجة للتخلف الديمقراطي : انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية بفعل الاستعمار وما صاحبه من تخلف ثقافي ومادي، إضافة إلى تطبيق المفهوم الليبرالي القائم على سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية.

ضروره استحداث اساليب التغيير السلمى: إذا الانقلابات العسكرية تعبير عن مرحله تاريخيه انقضت او تكاد تنقضي، ولابد من استحداث آليات جديدة للتغيير الجماهيري السلمي ، الذي لم يرفضه عبد الناصر.

4-ظاهره التعذيب: ان التقييم الموضوعي- البعيد عن التوظيف السياسي- للممارسات السالبه التي صاحبت التجربة الناصرية ومنها ظاهره التعذيب ،يقوم على الاتى:

· ان التقييم الموضوعي لاى تجربه يجب ان يقوم على الإقرار
بايجابياتها وسلبياتها،وليس اتخذا سلبياتها كمبرر لإنكار ايجابياتها.

· انه يجب ادانه التعذيب كممارسه سالبه لا إنسانيه مرفوضة أخلاقيا
وقانونيا ودينيا.

· ان ظاهره التعذيب مرتبطه بالبنية السياسية “مجموع الانظمه
السياسيةوأنماط التفكير السياسي..” للعالم الثالث، وليست مرتبطه بالنظم السياسية”السلطة السياسية” للعالم الثالث ، وسبب ذلك أنها نشأت نتيجة لعوامل تاريخيه استمرت عهود تاريخيه متطاولة كالاستعمار وتعاقب النظم الاستبدادية .فقد كانت ظاهره التعذيب موجودة قبل عهد عبد الناصر “النظام الملكى”،واستمرت بعد عهده (عهد الرئيسين السادات ومبارك)، بل تفاقمت بعده عهده وكانت احد أسباب قيام ثوره 25 يناير الشعبية المصرية ضد نظام مبارك،ولم يبد الغرب” الديموقراطى” اى اعترض جدى ضدها خلال هذين العهدين لأنهما كانا تابعين له سياسيا.

· ان عبد الناصر لم يكن يعلم بهذه الممارسات بدليل ان بعضهم “شمس بدران”
اقر بعد وفاه عبد الناصر بأنه قام بذلك دون إذن من السلطة، وعندما علم بهذه الممارسات قدم قام بها للمحاكمة، وسجنهم بعضهم . إلى ان قام الرئيس السادات بالإفراج عنهم بعرض التوظيف السياسي. اتساقا مع هذا قام الاعلام فى عصره- ومن ضمنه بعض الافلام التى ظهرت فى ذلك العهد- بتضخيم حجم هذه الظاهره السلبيه فى العهد الناصرى، لتبرير ارتداده السياسى عن كثير من ايجابياته.فى ذات الوقت الذى صمت عن استمرار هذه الظاهره فضلا عن تفاقمها فى عهد السادات وخلفه مبارك.

· وقد اشار بعض الكتاب – منهم الدكتور عصمت سيف الدوله - إلى بعض
أسباب ظهور هذه الممارسة السالبة في العهد الناصري ، ومن هذه الأسباب الضغوط التي تعرضت لها مصر لدورها الريادي في قياده حركه التحرر من الاستعمار حينها ، وما صاحب ذلك من تضخم دور الاجهزه الامنيه، ومن هذه الأسباب ان المشروع الناصري أراد حشد الناس ضد الاستعمار القديم والجديد والصهوينيه، لكنه استند في ذلك الى تنظيمات جامعه ( اى تقبل كل من يعلن الالتزام بمبادئها ، والتي كانت ذات طبيعةعامه) ولكن غير مانعه (اى لم تتوافر فيها إليه لتمييز بين من يؤمن بهذه المبادئ فعلا و من يدعي الالتزام بها، فضلا عن عدم وجود تفاصيل جزئيه لهذه المبادئ )، حيث ابتكرت الدوله تنظيمات سياسيه عامه تتضمن داخلها كل جهاز الدوله (هيئه التحرير، الاتحاد القومي، الاتحاد الاشتراكي)، وهنا اتيح لمجموعه من البيروقراطيين ان يقوموا بالعديد من الممارسات السالبه كالتعذيب وغيره ، وبذلك لطخوا ثوب ثوره يوليو الأبيض بما علق به من نقاط سوداء…

· تفسير وليس تبرير: غير ان كل ما ذكروه هو تفسير”اى بيان للأسباب
الذي لا يمنع رفض السلبيات” وليس تبرير” اى دفاع عن السلبيات “، إذ ان التعذيب – وغيره من الممارسات السالبه- لا تبرير له.

ثانيا:خلاف جمال عبد الناصر مع الجناح القطبى التكفيرى فى جماعه الاخوان ليس رفضا للاسلام ولا افكار الامام المؤسس " حسن البنا":

السيره الذاتيه لسيد قطب:هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي ، ولد في قرية “موشة” ، إحدى قرى محافظة أسيوط بمصر بتاريخ 9/10/ 1906، تلقّى تعليمه الابتدائي في قريته، سافر عام 1920 إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية، ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم ، في عام 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم، كما ابتعت إلى الولايات المتحدة الامريكيه عام 1949، عمل مدرسا حوالي ست سنوات، كما شغل عدة وظائف في وزارة المعارف، انضم أولا إلى حزب الوفد ” الليبرالي /العلماني” واستقال منه لاحقا لينضم لجماعه الأخوان المسلمين، وعند قيام ثوره 23 يوليو 1952 ، بقياده الزعيم جمال عبد الناصر ، أيدتها جماعه الأخوان المسلمين في البداية ، وخلال فتره العلاقة الودية بين الثورة والجماعة تولى سيد قطب وظيفة رئيس هيئه التحرير” أهم منصب مدني في الحكومة المصرية في تلك الفترة “، لكنه استقال منه عام 1953 بعد أن ساءت العلاقة بين الطرفين وانتهت إلى قطيعه كاملة بسبب الخلاف حول بعض القضايا السياسية، كرفض الجماعة لاتفاقيه الجلاء رغم انه يترتب عليها خروج الانجليز من مصر، بحجه ان فيها بندا يبح لبريطانيا العودة إلى مصر، وبسبب محاوله الجماعة فرض وصايتها على مجلس قياده الثورة وقراراته . وعقب قيام الجماعة بمحاوله لاغتيال الزعيم جمال عبد الناصر فى حادثه المنشية عام 1954 اعتقل سيد قطب مع مجموعة من قاده الجماعة ، وحكم عليه بالسجن لمدة (15) سنة، ولكن تم الإفراج عنه عام 1964 مراعاة لحالته الصحية ، ولكن اعتقل مره أخرى عام 1965 لانشاءه تنظيم سرى مسلح – من أنصاره داخل جماعة الأخوان المسلمين – حاول قلب نظام الحكم، وتنفيذ اغتيالات سياسيه وعمليات إرهابيه ، وقد اعترف سيد قطب بكل ذلك حيث يقرر في كتابه (لماذا أعدموني) انه أنشا تنظيم سرى مسلح، وانه أباح لأعضائه استخدام القوه- في حاله الاعتداء على هذا التنظيم- حيث يقول(كنّا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم، أو إقامة النظام الإسلامي، وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم. )(ص49) )، كما يقرر انه هذا التنظيم نجح في صنع متفجرات حيث يقول( نظراً لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب، فقد أخذوا في محاولات لصنع بعض المتفجرات محلياً، وأنَّ التجارب نجحت وصنعت بعض القنابل فعلاً، ولكنها في حاجة إلى التحسين، والتجارب مستمرة)(ص50) ،كما قرر أن هذا التنظيم كان يهدف إلى تنفيذ اغتيالات سياسيه وتفجيرات،حيث يقول ( وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي ، ثم نسف لبعض المنشآت التي تشلّ حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكباري)( ص55) ، وتم إعدام سيد قطب في 29 / 8 / 1966 .

مراحله الفكرية: وقد مر فكر سيد قطب بمراحل فكريه مختلفة

أولا: المرحلة الليبرالية(العلمانية): ويغلب عليها الطابع الادبى ، ومن مؤلفاته في هذه المرحلة :طفل من القرية (سيرة ذاتية)، أشواك (رواية)، المدينة المسحورة (قصة أسطورية)، النقد الأدبي: أصوله ومناهجه،كتب وشخصيات، مهمة الشاعر في الحياة ، وفى هذه الفترة جرب سيد قطب الإلحاد، ينقل موقع إسلام ويب عنه قوله (ظللت ملحداً أحد عشر عاماً حتى عثرت على الطريق إلى الله، وعرفت طمأنينة الإيمان)( توبة المفكر سيد قطب رحمه
الله- إسلام ويب)، كما انه هاجم خلال هذه الفترة الذين يرفضون العرى على الشواطئ تقليدا للغربيين، ويدعون إلى الاحتشام باطاله لباس البحر ، حيث نشر سيد قطب مقالاً في الأهرام بتاريخ10 يوليو 1938 م بعنوان (الشواطئ الميتة)، قال فيه ( فالذين يدعون إلى إطالة لباس البحر وإلى ستر الأجسام بالبرانس إنما يدعون في الواقع إلى إثارة الفتنة النائمة وإيقاظ الشهوات الهادئة، وهم يحسبون أنهم مصلحون )، تصدَّى للرد على هذا المقال عدد من أعضاء جماعه الاخوان المسلمين ، و نشر منها في مجلة (النذير)- لسان حال جماعه الإخوان المسلمين- عدد 8 بتاريخ 18/7/1938 م – ردٌّ بعنوان (النفوس
الميتة) بقلم محمد حسين أبو سالم (ويكبيديا الاخوان المسلمين).

ثانيا: المرحلة الاسلاميه: وتنقسم إلى مرحلتين أيضا :

المرحلة الأولى(الاعتدال): ويغلب عليها الطابع الاجتماعي، وتتسم بالاعتدال، ومن مؤلفاته هذه المرحلة :العدالة الاجتماعية، الإسلام والسلام العالمي ،معركة الإسلام والرأسمالية .
المرحلة الثانية(التشدد والتكفير):ويغلب عليها الطابع السياسي والحركي، وتتسم بالتشدد والغلو وفيها حكم بكفر كل المجتمعات المسلمة المعاصرة .
ومن أهم مؤلفاته في هذه المرحلة كتاب ( معالم في الطريق). وهى المرحلة موضوع هذه الدراسة

من الاعتدال إلى التشدد: وقد اختلفت الآراء في بيان سبب تشدد سيد قطب في هذه المرحلة، من هذه الآراء الراى الذي يتبناه أنصار سيد قطب الذي يقول أن تشدده هو رد فعل على التعذيب الذي تعرض له، لكن هذا الراى هو مرفوض كتبرير، لان التشدد وغيره من أنماط التفكير والسلوك السلبية هي مرفوضة بصرف النظر عن سببها، فالإقرار به كتبرير يعنى الإقرار لكل من تعرض للقمع بالتشدد ،وقد تعرض ائمه أهل السنة كأحمد بن حنبل ومالك… للقمع والتعذيب ليتراجعوا عن آراءهم دون أن يتشددوا،أما الأخذ بهذا الراى كتفسير فيتصف بالقصور من جهة ان التطرف هو محصله عوامل ذاتيه وتربويه وسياسيه واقتصاديه واجتماعيه… متفاعلة وليس نتيجة لسبب واحد ، وإيه هذا ان هناك العديد من رفاق سيد قطب تعرضوا للمضايقة او التعذيب دون ان يتشددوا، وهنا نشير إلى الهضيبى الذي لم يحول تعرضه للسجن، دون ان يصدر كتاب “دعاه لا قضاه ” يرد فيه مظاهر التشدد التي طرأت فى المرحلة الاخيره من مراحل تطور سيد قطب الفكري ، كما يجب الاشاره إلى أن هناك العديد من الباحثين الذين يرون ان صله سيد قطب السابقة بحكومة الثورة ومكانته الفكرية ومرضه رغم أنها لم تحل دون سجنه وإعدامه فى نهاية الأمر، إلا انه حال دون تعرضه للمضايقة او التعذيب او على الأقل بمقدار ما تعرض له آخرون ، يقول ثروت الخرباوي العضو السابق في جماعه الاخوان المسلمين(…وفي غضون عام 1954 تم اعتقال سيد قطب بسبب صلته التي كانت قد توثقت مع جماعة لسيد قطب..
والغريب أنه رغم أن لوائح السجون كانت تمنع السجين من الكتابة ولا تسمح له بامتلاك أدواتها.. إلا أن حكومة الثورة كانت قد أعطت حرية واسعة داخل المعتقل الثورة فسمحت له باستكمال كتابة تفسير الظلال وقامت بإمداده بالكتب والمراجع !!. والأغرب من ذلك أن الرئيس جمال عبد الناصر أصدر قرارا بتعيين الشيخ محمد الغزالي.. وكان من كبار موظفي وزارة الأوقاف آنذاك لتيسير أحوال سيد قطب فيما يتعلق بالكتابة داخل السجن.. وإمداده بما يشاء من الكتب.. ومراجعة أصول ما يكتبه مع الناشر قبل أن تأخذ طريقها للنشر)( في ظلال القرآن: رؤية تحليلية لسيد قطب/ موقع الجماعة الاسلاميه بمصر). كما ينفى ضياء رشوان الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية تماما الروايات التي تقول: إن التعذيب الذي تعرض له قطب في السجن كان أحد الأسباب القوية في التحول إلي الفكر المتشدد، ويقول إنه لا توجد أي أدلة تثبت أن قطب تعرض للتعذيب في السجن، كما لم يقل أحد إنه شاهده يتعذب أو سمع عن تعذيبه، وبالتالي فإن رشوان يرفض تماما مقولة إن التعذيب الذي تعرض له قطب كان السبب في تحوله تجاه الفكر المتشدد، ويري رشوان أن سر تحول قطب للفكر المتشدد هو أنه أصيب بالصدمة من ضباط ثورة يوليو حيث كان من أشد المتحمسين لها، خاصة أن طبيعة شخصيته تتميز بالثورية وكان دائما يحرض ضباط يوليو ضد أعداء الثورة إلي أن وقع الصدام بين الإخوان وضباط يوليو عام 1954) (الدستور). كما يرى بعض الباحثين ان اتجاه سيد قطب للتشدد وتكفير المجتمعات المسلمة سابق على اعتقاله. وفى كل الأحوال فإننا نفسر تشدد سيد قطب فى المرحلة الاخيره من مراحل تطوره الفكري ، بمحاولته حسم الصراع السياسي مع مجلس قياده الثورة، على المستويين الفكري الديني والعملي السياسي ، متأثرا في ذلك بأفكار أبو الأعلى المودودي، التي نشأت فى بيئة مغايره (اغلبيه هندوسيه وثنيه تضطهد اقليه مسلمه في الهند ،مما أدى بالمسلمين إلى ألمطالبه باقامه دوله “إسلاميه” اى دوله خاصة بالمسلمين” باكستان”)(.

أولا: الإطلاق البدعى للامامه “السلطة”(رياده مذهب التفسير السياسي للدين”الإسلام السياسي”): يقوم مذهب سيد قطب على الإطلاق البدعى للامامه “بمعنى السلطة ” من خلال : أولا: تحويل الامامه “بمعنى السلطة ” من فرع من فروع الدين “كما في مذهب أهل السنة “، إلى أصل من أصوله “كما عند ألشيعه”، ثانيا : عدم الالتزام بالضوابط الشرعية لمفهوم الامامه ،وهو هنا يخالف مذهب أهل السنة القائم على الضبط الشرعي لمفهوم الامامه،ومن خلال الالتزام بالضوابط الشرعية للامامه” التي عبروا عن جملتها بمصطلح السياسة الشرعيه “، ويتمثل هذا الإطلاق البدعة للامامه عند سيد قطب في كونه في مرحلته الفكرية الاخيره ، من رواد مذهب التفسير السياسي للدين، وهو الأمر الذي يتضح في مؤلفاته التي وضعها في هذه المرحلة، وأهمها كتاب” في ظلال القران” في صيغته الاخيره ، وكتاب “معالم في الطريق” .

ا/ تعريف مذهب التفسير السياسي للدين”مصطلح الإسلام السياسي”: والتفسير السياسي للدين هو مذهب معين في تفسير طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة، يقوم على إثبات العلاقة بين الدين والسياسة ، ولكنه يتطرف في هذا الإثبات إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق و خلط ، وليست علاقة ارتباط و وحده ، وبالتالي يساوى بين الدين والسياسة في الدرجة، وقد يتطرف فيجعل السياسة أعلى درجه من الدين، حين يجعل الغاية هي الدولة – السلطة والوسيلة هي الدين، بينما الدين هو الأصل والسياسة هي الفرع ،اى أن الدين بالنسبة للسياسة هو بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ولكن لا يلغيه، ومرجع هذا التطرف في الإثبات أن هذا المذهب إنما ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة والمعاصرة كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية نفت اى علاقة للدين بالسياسة.وقد استخدم البعض مصطلح الإسلام السياسي للتعبير عن هذا المذهب، لكن – وكما أشار الكثير من الباحثين – هناك الكثير من الإشكاليات المتعلقة بالمصطلح ، فالمصطلح يوحى بأنه ليس ثمة إسلام واحد ، وانه ثمة إسلام سياسي وآخر غير سياسي ، فضلا عن نسبه
الأصل(الإسلام) إلى الفرع(السياسة)، لذا نفضل استخدام مصطلح “التفسير السياسي للدين” وليس مصطلح” الإسلام السياسي”، مع ملاحظه أن المصطلح الأخير يصدق في وصف احد الأخطاء التي وقع فيها مذهب التفسير السياسي للدين ، وهو نسبه الأصل (الإسلام)إلى الفرع(السياسة) وليس العكس.
ب/بدعية مذهب التفسير السياسي للدين :هذا المذهب هو بدعه في ذاته” اى يستند إلى مفاهيم بدعية، ” وفيما يلزم منه ” اى يلزم منه – منطقيا – مفاهيم بدعية “.

-1المفاهيم التي يستند إليها المذهب وبدعيتها:حيث يستند مذهب التفسير السياسي للدين إلى العديد من المفاهيم البدعيه، واهم هذه المفاهيم هو القول بان الامامه” السلطة” أصل من أصول الدين وليست فرع من فروعه: حيث أن هذا المذهب يقوم على الإطلاق البدعى لمفهوم الامامه ” بمعنى السلطة” ، من خلال تحويلها من فرع من فروع الدين إلى أصل من أصوله، وهو ما يخالف مذهب أهل السنة في الامامه ، والقائم على أن الامامه ” بمعنى السلطة” هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات … ) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363) . ويقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع ) (المواقف : ص 395). وهذا الإطلاق البدعى لمفهوم الامامه بمعنى ” السلطة” ، من خلال تحويل الامامه ” بمعنى السلطة ” من فرع من فروع الدين إلى أصل من أصوله ، نجد جذوره في مذهب الشيعة.

2-المفاهيم التي تلزم من المذهب وبدعيتها : ويلزم من مذهب التفسير السياسي للدين العديد من المفاهيم البدعيه ومنها على سبيل المثال لا
الحصر:

تكفير المخالف:يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين تكفير المخالف في المذهب ، ومن أشكاله التكفير على أساس سياسي ، وهو يخالف مذهب أهل السنة، القائم على اباحه الخلاف في فروع الدين دون أصوله، وبالتالي عدم جواز تكفير المخالف في المذهب، يقول ابن مفلح ( لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع)(الآداب الشرعية 1/186)، وبناء على هذا فان مذهب اهل السنه يبيح الخلاف السياسي ، باعتبار أن السياسة (الامامه) من فروع الدين وليست من أصوله، وترجع جذور مذهب تكفير المخالف في المذهب الى الخوارج .

اباحه الاختلاف ” التعدد “على مستوى أصول الدين:كما يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين اباحه الاختلاف ” التعدد “على مستوى أصول الدين، وهو ما يتناقض مع ما قررته النصوص ، من النهى عن الاختلاف ،على مستوى أصول الدين ،التى مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة : يقول تعالى( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ~ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ( آل عمران:
الآية (104)….و قد ربط علماء أهل السنة بين الاختلاف على مستوى أصول الدين و البدعة، يقول ابن تيمية ( والبدعة مقرونة بالفرقة , كما أن السنة مقرونة بالجماعة , فيقال : أهل السنة والجماعة , كما يقال : أهل البدعة والفرقة (الإستقامة1/42).

مظاهر التفسير السياسي للدين عند سيد قطب:

ظلال القران والانتقال من التفسير الأدبي إلى التفسير السياسي: لسيد قطب منهجان فى التفسير: الاول هو منهج ادبى يركز على الجوانب البلاغية واللغوية فى القران، ويتمثل فى الطبعة الأولى من ” ظلال القران” والتي ظهر الجزء الأول منها في أكتوبر من عام 1952م. ثم صدر منها على مدار عامين بعد ذلك ستة عشر جزءً حتى نهاية سورة طه. أما المنهج الثاني فيركز على الجوانب السياسية والحركية فى القران طبقا لتصوره القائم على المفاصلة بين مجتمع الإيمان والمجتمعات الجاهلية. ويتمثل فى الطبعة المنقحة من الظلال والتي صدرت بداية الستينيات وما يليها من أجزاء فى الظلال الثلاثة عشر التي توقفت عند بداية تفسير سورة “الحجر”.

التفسير السياسي وإشكاليه رد الأصل إلى الفرع:غير أن أهم إشكاليات التفسير السياسي للقران انه يقوم على رد الأصل إلى الفرع، اى يجعل السياسة الأصل (المطلق) والقرآن الفرع (المحدود)، وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع مقولات سياسيه معينة. بينما المنهج السليم هو رد الفرع إلى الأصل ، وذلك من خلال ع التمييز بين آيات الأصول ،التي تتضمن الآيات قطعيه الدلالة التي لا تحتمل التأويل،وتتضمن المفاهيم الكلية التي تشكل أسس الفلسفة السياسية الاسلاميه، وآيات الفروع التي تتضمن الآيات ظنية الدلالة، التى تحتمل التأويل،والتي يمكن تفسيرها طبقا لمقولات سياسيه معينه، ،مع تقرير أن هذا التفسير اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ ،وطبقا لهذا تصبح هذه المقولات السياسيه جزء من هذا التفسير، لا جزء من النص القرانى ذاته .

تفسير مفهوم ألحاكميه :

التفسير السياسي لمصطلح ألحاكميه : فسر سيد قطب مفهوم ألحاكميه القرانى تفسير “سياسي” يختزله في بعده السياسي ويتجاهل إبعاده الأخرى، ومضمونه أن ألحاكميه هي ما يقابل مصطلح السلطة في الفكر السياسي الحديث والمعاصر، حيث يقول على سبيل المثال( إن وجود هذا الدين هو وجود حاكميه الله . فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين . . وإن مشكلة هذا الدين في الأرض اليوم ، لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على إلوهية الله ، وتغتصب سلطانه ، وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد .
. وهي المشكلة التي كان يواجهها القرآن الكريم بهذا الحشد من المؤثرات والمقررات والبيانات ، ويربطها بقضية الإلوهية والعبودية ، ويجعلها مناط الإيمان أو الكفر ، وميزان الجاهلية أو الإسلام )(فى ظلال القران).. وقد تأثر سيد قطب في هذا الاستخدام للمصطلح ببعض مقولات أبو علي المودودي التي يوضح في مقولة الحاكمية لله وحدة مثل قوله (… إن محور نظرية الإسلام والسياسية تتمثل في نزع جميع سلطات الأمر والتشريع من أيدي البشر..لان ذلك أمر مختص بالله وحدة).

تعدد أبعاد مفهوم ألحاكميه: غير أن هذا التفسير يخالف حقيقة أن لمفهوم ألحاكميه القرانى أبعاد”دلالات” متعددة (عقدية، تكوينية، تكليفيه،دنيوية،
اخرويه…) ، حيث يقرر القرآن الكريم أن الحاكمية صفة ربوبية ﴿ … إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ (
يوسف: 40)، و هذه ألحاكميه الالهيه تشمل الدنيا والاخره، أما في الحياة الدنيا فان لهذه ألحاكميه الالهيه شكلين:الأول هو ألحاكميه ألتكليفيه:ومضمونها وجوب أن تحكم قواعد شريعته حركة الإنسان ” فردا وجماعه” ﴿ ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ ، والثاني هو الحاكمية التكوينية:ومضمونها أن سننه تعالى تحكم حركة الأشياء والظواهر و الإنسان حتما ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ ( الأحزاب : 62). أما ألحاكميه الالهيه في الحياة الاخره فمضمونها الفصل بين العباد﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ ( غافر: 48).

ألحاكميه هي السيادة وليس السلطة: أما البعد السياسي لمفهوم ألحاكميه فمضمونه يقابل أو يقارب مصطلح “السيادة ” – وليس مصطلح “السلطة – في الفكر السياسي الحديث والمعاصر المصطلح ، تفسير مفهوم التشريع:كما أن سيد قطب فسر مصطلح “التشريع” بمعنى حق وضع القواعد القانونية إطلاقا،بما فى ذلك حق الدولة في إصدار قواعد قانونيه – وما يترتب على ذلك من نفى هذا الحق عن البشر والدولة إطلاقا كما فى قوله (هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية… وهي الحاكمية… انها تسند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أربابا، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع، بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله… )(معالم في الطريق ).

تعدد دلالات مصطلح التشريع : غير ان فهم المصطلح على هذا الوجه يقوم على الخلط بين الدلالات المتعددة لمصطلح التشريع ، فالتشريع اصطلاحا فله دلالتين:الدلالة الأولى: هي حق إصدار القوانين بما هي مجموعه من القواعد العامة المجردة الملزمة التي تضبط سلوك الناس في المجتمع، والسلطة التشريعية هي احد أجهزه الدولة، التي يحق لها إصدار هذه القوانين.والمقصود بمصطلح ( إصدار) تبنى الدولة لقوانين معينه لتصبح ملزمه ، بصرف النظر عن مصدر هذه القوانين وطبيعتها . الدلالة الثانية:
والتشريع طبقا لهذه الدلالة هو حق وضع القواعد – الحدود التي لا يباح تجاوزها، والتي اسماها الفقهاء والأصوليون الأصول ، وهو ما ينفرد به الله تعالى . وقد انتقد الهضيبى هذا التفسير الذي يخلط بين هاتين الدلالتين لمصطلح التشريع في قوله (وقد توهم البعض أن قائل تلك المقولة -ألحاكميه لله – يري استحالة أن يأذن الله تعالي للناس أن يضعوا لأنفسهم بعض التنظيمات أو التشريعات التي تنظم جانبا من شئون حياتهم)(دعاه لا قضاه).

الخروج” التغيير المسلح” : كما اباح سيد قطب استخدام القوه كأسلوب للتغيير كقوله (لا بد من جهد بالحسنى حين يكون الضالون أفراداً ضالين يحتاجون إلى الإرشاد والإنارة، وبالقوة حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي التي تصدهم عن الهدى وتعطل دين الله أن يوجد، وتعوق شريعة الله أن تقوم (فى ظلال القران:2/993.) .

إجماع أهل السنة على تحريم الخروج بالسيف: غير أن هذه الاباحه تتعارض مع قاعدة تحريم الخروج بالسيف، اى التغيير باستخدام القوه المسلحة ، والتي اجمع عليها علماء أهل ألسنه يقول الإمام النووي (وأما الخروج عليهم وقتالهم؛ فحرام بإجماع المسلمين) (شرح مسلم:12/432-433)،

ثانيا:الإطلاق البدعى للتكفير(إحياء مذهب الخوارج في الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة): كما يقوم مذهب سيد قطب على الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال ، من خلال عدم الالتزام بضوابطهما الشرعية ، وهو مذهب يفارق مذهب أهل السنة- الذي يمثل الفهم الصحيح للإسلام – لأنه يقوم على الضبط الشرعي لهذين المفهومين ، من خلال الالتزام بضوابطهما الشرعية . ويتمثل هذا الإطلاق البدعى للتكفير والقتال عند سيد قطب في كونه قام في مرحلته الفكرية الاخيره ، بإحياء مذهب الخوارج في الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة.
تعريف مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة: هو مذهب يقوم على بدعيتين بينهما علاقة تلازم، البدعة الأولى هي الغلو في التكفير ، ويلزم منها البدعة الثانية وهى استحلال الدماء المحرمة ” كدماء المسلمين وأهل الذمة والمعاهدين وغير المقاتلين من الكفار..”، فهو مذهب يقوم على الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال ، من خلال عدم الالتزام بضوابطهما الشرعية ، وهو مذهب يفارق مذهب أهل السنة- الذي يمثل الفهم الصحيح للإسلام – لأنه يقوم على الضبط الشرعي لهذين المفهومين ، من خلال الالتزام بضوابطهما الشرعية .

إحدى صيغ مذهب التفسير السياسي للدين : و إذا كان مذهب الخوارج البدعى أهم ممثل لمذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في الماضي، فان هناك ارتباط وثيق بين مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في العصور الحالية، ومذهب التفسير السياسي للدين “الذى عبر عنه البعض خطا بمصطلح الإسلام السياسي” حيث يلقى المذهبين في بدعه جعل العلاقة بين الدين والدولة علاقة خلط وتطابق وليست علاقة ارتباط ووحده من جهه وتمييز من جهه اخرى ، كما ان تكفير المخالف هو من لوازم مذهب التفسير السياسي للدين ، وهذا التكفير قد يكون ضمنيا وخفيا(كما في بعض صيغ المذهب القائمة ،على مفهوم التقية الذي تخالف منهج التغييرعند أهل السنة وترجع جذوره الى المذهب الشيعي ) ، وقد يكون صريحا وعلنيا (كما في مذهب الغلو في التفكير ولاستحلال الدماء المعصومة القائم على مفهوم الخروج الذي يخالف منهج التغيير عند أهل السنة وترجع جذوره الى م1ذهب الخوارج ) ، فمذهب الغلو فى التكفير واستحلال الدماء المحرمة اذا هو احد صيغ مذهب التفسير السياسي للدين ،لا يفترق عنه الا فى علانية التكفيرغيرالمنضيط بالضوابط الشرعية، والوصول به إلى نهايته المنطقية (استحلال الدماء المحرمة).

تكفير سيد قطب لكل المجتمعات المسلمة المعاصرة : وإحياء سيد قطب لهذا المذهب البدعى يتمثل في تكفيره لكل المجتمعات المسلمة المعاصرة في مرحلته الفكرية الاخيره : يقول سيد قطب (ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الإنسان ،ونكصت عن لا إله إلا الله ،وإن ظلّ فريق منها يردد على
المآذن: “لا إله إلا الله”) (في ظلال القرآن ص2009 ط. دار الشروق الشرعية )،ويقول (البشرية عادت إلى الجاهلية ،وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد [الذين شرعوا السياسة والنظام والتقاليد والعادات والأزياء والأعياد] خصائص الألوهية، ولم تَعْد تُوحِّد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يردّدون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله)( الظلال ص1057 ط. دار الشروق)،ويقول (إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي) ( الظلال ص2122 ط. دار الشروق )، ويقول عن رواية غير مسندة لخطبة المنصور العباسي في القرن
الثاني: (وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائياً من دائرة الإسلام وتعاليمه) (العدالة الاجتماعية ص168 ط. دار الشروق )، ويصف الذين زعم أن عثمان (رضي الله عنه) آثرهم بالعطاء من الصحابة والتابعين في القرن الأول: (وتنحل نفوس الذين لبسوا الإسلام رداءً ولم تخالط بشاشته قلوبهم) ( العدالة ص161 ط. دار الشروق )،ويقول (يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة، لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله.. [بل] لأنها لا تدين بالعبودية لله في نظام
حياتها) (معالم في الطريق ص101 ط. دار الشروق )،ويقول عن منهج ما اسماه حركات البعث الإسلامي فيوصيها ب (أن تتبين أن وجود الإسلام قد توقّف [منذ فترة طويلة]، فتسير بذلك على صراط الله وهداه) وتحذيرها من: (أن تظنّ لحظة واحدة أن الإسلام قائم وأن الذي يدعون الإسلام ويتسمّون بأسماء المسلمين هم فعلاً مسلمون؛ فتسير وراء سراب كاذب تلوح ليها فيه عمائم تحرّف الكَلِم عن مواضعه وترفع راية الإسلام على مساجد الضّرَار) (العدالة ص185 و216 ط. دار الشروق ).

رد على أقوال أنصار سيد قطب : وقد قال بعض أنصار سيد قطب انه كفر المجتمعات ولم يكفر الأفراد ،ولكن تكفير المجتمع (الكل ) يلزم منه تكفير الفرد (الجزء) ، كما قال البعض أن تكفير سيد قطب للمجتمعات دون الأفراد هو تطبيق لقاعدة (التكفير على العموم أما المعين فيتوقف تكفيره على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع) التى قررها أهل السنة ، وهو غير صحيح لان العموم في هذه القاعدة المذهب أو القول المعين الثابت كفره وليس المجتمع كله ،فالمقصود بالفاعده جواز جواز القول بان المذهب المعين أو القول المعين هو كفر، أما الشخص المعين الذي ينسب اليه هذا القول او ينتسب الى هذا المذهب فلا يجوز القول بكفره إلا بعد استيفائه شروط التكفير وانتفاء موانعه عنه.
القول بسقوط التكاليف الجماعية :وقد رتب سيد قطب على تكفيره للمجتمع القول بسقوط التكاليف الجماعية كصلاة الجماعة يقول علي عشماوي في كتابه ( التاريخ السري للإخوان المسلمين ) وهو يصف زيارته لسيد قطب ومقابلته له ( وجاء وقت صلاة الجمعة ، فقلت لسيد قطب دعنا نقم ونصلي ،وكانت المفاجأة أن علمت ــ ولأول مرة ــ أنه لا يصلي الجمعة ؟؟ ، وقال إنه يرى أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة ، وأنه لا جمعة إلا بخلافة )( ص112)

مخالفه الإمام المؤسس في مفهومي التكفير والقتال : وهذا الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال عند سيد قطب يخالف موقف الإمام المؤسس حسن البنا، القائم على الضبط الشرعى للمفهومين ، حيث يتضح التزامه بالضبط الشرعي للمفهوم الأول في قوله فى رسالة التعاليم ( لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض – برأي أو معصية – إلا ان أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذب صريح القرآن ، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر ) . كما يتضح التزامه بالضبط الشرعي لمفهوم القتال فى نقده لكثير من ممارسات “النظام الخاص ” الذي أنشاه بهدف محاربه الاستعمار ، الا انه انحرف عن غايته،وقام بسلسلة من الاعمال الارهابيه والاغتيالات السياسية التي تضمنت قتل القاضي أحمد بك الخازن دار في 22 مارس 1948م، ثم قتل رئيس الوزارة محمود فهمي النقراشي في 21/ديسمبر/1948م ،حيث يقول فى مقال بعنوان [بيان للناس] ( لقد كان هدف دعوتنا حين نشأت، العمل لخير الوطن وإعزاز الدين، ومقاومة دعوات الإلحاد والإباحية، والخروج على أحكام الإسلام وفضائله، تلك الدعوات التي دوي بوقها وراجت سوقها في تلك الأيام. وإذا كان ذلك كذلك، فما كانت الجريمة ولا الإرهاب ولا العنف من وسائلها، لأنها تأخذ عن الإسلام وتنهج نهجه وتلتزم حدوده.ووسيلة الإسلام في الدعوة مسجلة في كتاب الله؛ قال تعالى في سورة النحل الآية :125 “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”…) وبعد يومين من صدور “بيان للناس” قبض على أحد أفراد النظام الخاص ، واسمه شفيق أنس وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر ،وكان التخطيط والأمر بالتنفيذ هذه المرة من سيد فايز المسئول عن النظام الخاص وقتها …فكتب الامام بيان ثان تبرأ فيه ممن قاموا بهذا الفعل عنوانه [ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين].
قال فيه:(وقع هذا الحادث الجديد، حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام، وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين…. فشعرت بأن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا من المسلمين …).

دعاه لا قضاه والرد على التكفير عند سيد قطب: دعاه لا قضاه هو كتاب وقد أصدر حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين حينها،كتاب (دعاه لا
قضاه) وهو عبارة عن بحوث يرد بها على الأفكار التي تتهم المجتمعات المسلمة بالجاهلية والكفر عند أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، واهم ما جاء في هذا الكتاب: أ- إن حكم الناطق بالشهادتين ” أن نعتبره مسلماً تجري عليه أحكام المسلمين، وليس لنا في مدى صدق شهادته، إذ أن ذلك أمر لا سبيل للكشف عنه والتثبت فيه”. ب – يعتبر الهضيبي ” أن حكم الله أن يعتبر الشخص مسلماً في اللحظة ذاتها التي ينطق فيها بالشهادتين. ولا يشترط أن تكون أعمال الشخص مصدقة لشهادته حتى يحكم إسلامه. وانه في حال نطقه بالشهادتين يلزمنا اعتباره مسلماً ويحرم علينا دمه وماله..” ويضيف: ” أن من تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس ما يخرجهم من الإسلام، قلنا له إنك أنت الذي خرجت عن حكم .الله بحكمك هذا الذي حكمت به على عموم الناس”.ج – وحول شيوع المعاصي; كدليل على أن المجتمع الحالي جاهلي وكافر يقول الهضيبي:”… ليست المعالنة بالمعاصي وشيوعها، وليست الظواهر العامة التي ركن إليها دعاة التكفير مما يجيز لهم شرعاً أن يصدروا حكماً على عموم الناس بخروجهم من الإسلام إلى الكفر أو بعدم دخولهم في الإسلام أصلاً رغم النطق بالشهادتين”د -وحول مصطلح الحاكمية يقول:”… انه لم يرد بأية آية من الذكر الحكيم ولا في أي حديث، والغالبية التي تنطق بالمصطلح وهي لا تكاد تعرف من حقيقة مراد واضعيه إلا عبارات مبهمة سمعتها عفواً هنا وهناك أو ألقاها إليهم من لا يحسن الفهم ويجيد النقل والتعبير… وهكذا يجعل بعض الناس أساساً لمعتقدهم مصطلحاً لم يرد له نص من كتاب الله أو سنة رسوله..
أساساً من كلام بشر غير معصومين وارد عليهم الخطأ والوهم، علمهم بما قالوا في.الأغلب مبتسر ومغلوط”. ه- وحول مسألة اختصاص الله بالتشريع وأن من وضع تشريعاً فقد انتزع لنفسه أحد صفات الله وجعل نفسه نداً لله تعالى خارجاً على سلطانه يقول: ” إن الحكم لله وحده صاحب الأمر والنهي دون سواه. هذه عقيدتنا… لكن الله عزّ وجل قد ترك لنا كثيراً من أمور دنيانا ننظمها حسبما تهدينا إليه عقولنا في إطار مقاصد عامة وغايات حدّدها لنا سبحانه وتعالى وامرنا بتحقيقها بشرط ألاّ نحل حراماً أو نحرم حلالاً، ذلك أن الأفعال في الشريعة إما فرض أو حرام أو مباح… ولا يجوز لأحد أن يزعم أن تشريعات تنظيم المرور هي من تشريع الله عزّ وجل”- و-كما يرفض الهضيبى الحكم على الناس بالمظاهر، وخاصة فيما يتعلق بواقع حياة الناس الذين ينهجون في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مناهج تخالف شريعة الله فيقول: ” قد يكون الكثيرون منهم عاصين لأوامر الله، ولكن من تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس بما أخرجهم عن الإسلام قلنا له، إنك أنت الذي خرجت على حكم الله بحكمك هذا الذي حكمت به على عموم الناس، وإن استدلالك على فساد عقيدة الناس بما يخرجهم عن الإسلام ظن لا يرقى إلى الجزم اليقين” ويضيف ” أننا لا نكفرّ مسلماً بمعصية ”

التكفير عند سيد قطب هو الأساس الفكري لتنظيمات الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة: وقد شكل الإطلاق البدعى لمفهوم التكفير عند سيد قطب الأساس الفكري لتنظيمات الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة، وتتضمن التنظيمات القطبيه ومثال لها التنظيمات المصريه: جماعه المسلمين ، الجماعه الاسلاميه – يستثنى منها جناح منها قام بمراجعه افكاره وتراجع عن التكفير، تنظيم الجهاد …-كما تتضمن ما أطلق عليه خطا تنظيمات السلفية الجهادية( لأنه لا يجوز نسبه الإطلاق البدعى لمفهومي التكفير والقتال إلى السلف الصالح او الجهاد )، والتي تحاول التوفيق بين أفكار كل من سيد قطب ومحمد بن عبد الوهاب، ومثال لها تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له تنظيميا أو فكريا، تنظيم الدوله الاسلاميه في العراق والشام “داعش”، وجماعه بوكو حرام … يقول أيمن الظواهري قائد تنظيم القاعدة (وكانت المجموعة الملتفة حول سيد قطب قد قررت أن توجه ضرباتها ضد الحكومة القائمة باعتبارها نظاما معاديا للإسلام خارجا عن منهج الله رافضا للتحاكم إلى شرعه.. فلقد كانت وما زالت دعوة سيد قطب ـ إلى إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله ولسيادة المنهج الرباني ـ شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوما بعد يوم.. وأصبح سيد قطب نموذجا للصدق في القول وقدوة للثبات على الحق، فقد نطق بالحق في وجه الطاغية ودفع حياته ثمنا لذلك).
النصوص الواردة في التحذير من مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة:وقد وردت الكثير من الأحاديث ، التي تتنبأ بظهور مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة ، وتحذر المسلمين منه بصيغ شتى :

التقاء الخوارج وأهل الغلو في الإطلاق البدعى للتكفير والقتال ومفارقتهم لمذهب أهل السنة : ويتمثل مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في ماضي الامه في مذهب الخوارج الذي يقوم على الإطلاق البدعى للتكفير والقتال، من خلال عدم الالتزام بضوابط التكفير والقتال الشرعية. لذا ترتب على مذهب الخوارج الكثير من البدع – التي رد عليها علماء أهل السنة -كتكفير الكثير من الصحابة كعلي وعثمان (رضي الله عنهم) وكل من رضي بالتحكيم ، و تكفير مرتكب الذنوب، مع عدم التمييز في الذنوب بين الكبائر والصغائر، واعتبار مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفاراً، واباحه دماء وأموال المسلمين…كما يتمثل مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المحرمة في حاضر الامه في مذهب أهل الغلو في التكفير والقتال ، الذي يلتقي مع مذهب الخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير والقتال، ويفارق مذهب أهل السنة القائم على الضبط الشرعي للمفهومين ، وقد اجمع علماء أهل السنة ،على كون مذهب الغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة – الذي مثله في عصرهم الخوارج – مذهب بدعي ضال ، وانه يجب قتال أصحابه في حال تطبيقهم لمذهبهم في استحلال الدماء المعصومة ، يقول الإمام ابن تيمية (َإِنَّ ْأُمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ الْخَوَارِجِ وَتَضْلِيلِهِمْ … ) ( الفتاوى : 28/518 )..

طبيعة الخلاف بين سيد قطب والزعيم جمال عبد الناصر: اتساقا مع العرض السابق لمذهب سيد قطب نحدد فيما يلي طبيعة الخلاف بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر :

صراع سياسي وليس صراع دينى : أول ما يجب تقريره هو ان الصراع بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر لم يكن صراع
ديني- بين مسلمين وكفار- بل صراع سياسي- مصدره خلاف حول بعض القضايا السياسية، ولكن سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين حولوه إلى صراع دينى بتكفير الزعيم جمال عبد الناصر (رحمه الله ) وكل من أيده (وهم اغلب الشعب العربي )،لان مذهب سيد قائم على تكفير المخالف وهو مذهب يخالف مذهب أهل ألسنه وترجع جذوره الى مذهب الخوارج البدعى ” كما سبق ذكره ” .
وهذا التقرير لسياسيه الصراع مبنى على تقرير أهل السنة أن الامامه(
السلطة) من فروع الدين لا أصوله( بخلاف الشيعة الذين قرروا أن الامامه من أصول الدين وبخلاف الخوارج الذين كفروا مخالفيهم). كما هو مبنى على عدم نفى القران صفه الأيمان عن الطوائف المتصارعة” وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله”. وقد اقر عدد من الكتاب الإسلاميين بهذا الأمر يقول حسن دوح ( أن تصوير خلافنا مع عبد الناصر على انه جهاد بين جماعه مسلمين وجماعه كافرين تصوير خاطئ، والأولى أن تقول انه كان خليطا لعب الجانب العقيد فيه دورا تمثله جماعه الأخوان المسلمين والجانب الحزبي دورا أخر، ولم يخل من الجانب الشخصي)( الإرهاب المرفوض والإرهاب المفروض، بدون تاريخ، دار الاعتصام، القاهرة، ص 39). ويقول ناجح ابراهيم (أصل الخلاف بين الإخوان وعبد الناصر هو اعتقاد كل منهما أنه الأجدر والأحق بالسلطة والحكم في مصر… ولم يكن الخلاف أساسا على الدين أو الإسلام أو حرية الدعوة.ولكنه انحصر أساسا في ظن كل فريق منهما أنه الأجدر بالحكم ..
جمال عبد الناصر فى فكر داعية). ويقول د.عبدا لمنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين فى الحلقة الأولى من مذكراته «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر» التي تنفرد «الشروق» بنشرها (ورغم أن نظرتي تغيرت تماما عن جمال عبد الناصر فلم تصل يوما إلى تكفيره، فقد كنت أرى أنه من الصعب أن نقول إن جمال عبد الناصر كان ضد الإسلام أو عدوا له كما كتب البعض، ومازلت أرى أن الصراع بينه وبين الإخوان كان صراعا سياسيا في الأساس بدليل أنه استعان بالعديد من رجالهم في بداية الثورة كوزراء …)

خلاف بعد اتفاق: وتأكيدا لكون الخلاف بين سيد قطب وأنصاره في جماعه الاخوان المسلمين والزعيم جمال عبد الناصر هو صراع سياسي وليس صراع دينى انه هذا الخلاف جاء بعد اتفاق، اى انه لم يكن اختلاف مبدئي، حيث يرى المستشار الدمرداش العقالي, أحد القيادات الاخوانيه, أن جمال عبد الناصر هو نبتة إخوانية منذ الأساس، وانه بايع حسن البنا المرشد العام للحركة منذ عام1942,,وانه شكل مع آخرين الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش.
ويقول المستشار مأمون الهضيبي ان جمال عبد الناصر حلف على المصحف والسيف لمبايعة الإخوان . بينما يقول جمال عبد الناصر في 18 نوفمبر 1965 ( أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة في البلد، يعني مثلاً كنت اعرف الشيخ حسن البنا لكن ما كنتش عضو في الإخوان). وفى كل الأحوال ضم تنظيم الضباط الاحرار ضباطاً ينتمون فكريا الى الاخوان المسلمين ككمال الدين حسين ، كما أيد الإخوان عبد الناصر عند قيامه بالثورة، وبعد قيامه بالثورة، وكانوا أول أعوانه، بل كانوا سنده الشعبي البارز، حتى دب الخلاف بين الطرفين. وعقب الثورة أقام نادي الضباط حفلا لتكريم سيد قطب افتتح بتلاوة للقران الكريم وكان من ضمن المداخلات كلمة لعبد الناصر ووجهها لسيد قطب قائلا : ” “أخي الكبير سيد والله، لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك، على أن نكون فداءك حتى الموت” ،واستمرت العلاقة على كامل ودها بين عبد الناصر والإخوان حتى عام 1953 عندما استقال سيد قطب من وظيفته كرئيس لهيئة التحرير ( أهم منصب مدني في الحكومة المصرية في تلك الفترة ) كما سبق ذكره .

رفض لمذهب” التفسير السياسي للدين”و”الغلو فى التكفير واستحلال الدماء المحرمة” البدعيين وليس رفض للاسلام او أفكار الإمام المؤسس"حسن البنا" :
كما أن هذا الخلاف – السياسي – لا ينطلق – على المستوى الفكري- من رفض الزعيم جمال عبد الناصر للإسلام وحتى لأفكار الإمام حسن البنا، مؤسس جماعه الاخوان المسلمين ، وان ساهم فيه- على المستوى الفكري – رفض الزعيم جمال عبد الناصر لأفكار مذهب” التفسير السياسي للدين”- الذي يتطرف في إثبات العلاقة بين الدين والسياسة ،إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق وخلط ، وليست علاقة ارتباط ووحده – والذي هو بدعه في ذاته وفيما يلزم منه ، لأنه يتعارض مع السياسة الشرعية ومذهب أهل السنة في الامامه ، ومذهب الغلو فى التكفير و استحلال الدماء المحرمة، الذى يخالف مذهب اهل السنه فى الضبط الشرعي لمفهومي التكفير والقتال . ففي الذكرى الأولى للاستشهاد حسن البنا وقف عبد الناصر على قبره مترحما ،واستمرت الإذاعة في تلاوة القران طوال اليوم ،ووقف عبد الناصر قائلا ( كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا…وأُشهد الله أنني أعمل -إن كنت
أعمل- لتنفيذ هذه المبادئ، وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها) .

--------------------------
للإطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة المواقع التالية:

-1الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
2- د. صبري محمد خليل Google Sites
https://sites.google.com/site/sabriymkh
////////////////////////////////
//////////////////////////
بسم الله الرحمن الرحيم
" هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِى ظُلَلٍۢ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِىَ ٱلْأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلْأُمُورُ "
صدق الله العظيم

احتفالاً بالذكرى الثامنة والثلاثين .. حول تقديم الحزب د. النعيم كمحتفل (8) .. بقلم: خالد الحاج عبد المحمود

المنظور التاريخي والمسيح

المنظور التاريخي:

ابتدع د. النعيم موضوعاً يعارض به مفهوم (حكم الوقت) عند الأستاذ محمود، وسمى هذا الموضوع (المنظور التاريخي).. وهو نفس (حكم الوقت)، فقط أَبعَدَ عنه الله.. يقول د. النعيم مثلاً:

1. "النقطة التي أود أن أعلق عليها هي المنظور التاريخي الذي أؤمن به. فالآن الحديث عن حقوق المثليين والمثليات يبدو أمراً مؤسّساً جداً ومقبولاً جداً، ولكن هذا الأمر ظهرَ مؤخراً جداً، جداً، في هذا البلد، في هذه الثقافة. كما تعلمون، إذا رجعتم عشرين سنة في الماضي، سوف لن تجدوا نفس القدر من التسامح والتفهم لحقوق المثليين وحقوق المثليات، على النحو الذي تجدونه اليوم. وهنا أيضاً تأتي عملية التطور والتفاعل، وهو تطور وتفاعل نحتاج أن ننظر إليه من منظور تاريخي".1.. فالتطور والتفاعل، حسب المنظور التاريخي، جَعَلَ المثليةَ ظن أمراً مؤسَّساً جداً ومقبولاً جداً!! وعلى هذا، الزمن هو الذي يحدد ما هو مقبول. ففي ظرف عشرين سنة تحولت المثلية في الولايات المتحدة إلى أمر ٍ مؤسَّسٍ جداً ومقبول جداً، وهذا عند د. النعيم تطور!! وهو يتعلق بالوحي!!

2. يقول د. النعيم: "فكرة أخرى أود أن أقدمها هنا، هي أن الله خلق العالم أيضا!! وعلى هذا أيا كان العالم ‏الآن، فهو خلقُ الله، وبالتالي هو جزء لا يتجزأ من الوحي. لهذا: الوحي ليس فقط في ‏الكتب السماوية. الوحي في حياتنا! وهذا هو السبب الذي أقول به إن الوحي يجب فهمه ‏باستمرار من المنظور التاريخي، عبر الزمن، وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا. إن ‏الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها. وعليه، ‏عالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله! وهنا أيضا، فيما أعتقد، ‏تتواصل المفارقة، أو العبارة الموهمة للتناقض".2..

لاحظ:
*هو لا يعتقد أن الكتب السماوية موحاة من الله، والقرآن عنده ليس منزلاً من الله، وإنما هو نتاج إجماع.

*وهو يزعم أن الوحي كما هو متمثل في خلق العالم هو كالوحي للرسل.. وهذا تخليط بين الحقيقة والشريعة، وبين الإسلام العام والإسلام الخاص –إسلام البشر– وبين إرادة الله ومرضاة الله.. وهو من كل هذا يريد أن يصل إلى أن ما يحدث في الزمن هو من الله، وعلى ذلك هو صحيح ومرضي. وحقيقة الأمر أن ليس كل ما يريده الله يرضاه.. يقول تعالى: "إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ" .. هذا يعني أن الكفر بإرادة الله، ولكن الله لا يرضى لنا ما أراده –لا يرضى لنا الكفر، إن تشكروا يرضه لكم.. هو يرضى لنا الإيمان والشكر.. فالإسلام العام هو دين الإرادة، وهو دين جميع الخلائق، والإسلام الخاص هو دين الرضا- دين البشر.. فبالإسلام الخاص يخرجنا تعالى من إرادته إلى مرضاته، ولكن د. النعيم جعل الإرادة والرضا شيئاً واحداً، وأبعَدَ الرضا، وأبقى على الإرادة، وهذا ما أسماه المنظور التاريخي.. فما يحدث في التاريخ عنده هو إرادة الله، وهو وحي مثل الوحي للبشر، وعلى ذلك هو مقبول، فإذا كانت المثلية قبل عشرين سنة مرفوضة، فهي الآن مقبولة وعلينا أن نعمل بها على اعتبار أنها وحي.

هذا التخليط المقصود، له نتائج خطيرة جداً على الأخلاق، فالأخلاق المقبولة والمطلوبة هي ما يقرره الواقع (المنظور التاريخي).. وسيتضح ذلك عندما نتحدث عن الأخلاق.

المسيح:

د. النعيم يرفض عودة المسيح ويتهكم منها فمثلا يقول:
1. "نحن عندنا عقيدة المسيح!! والمسيح هو ايه!! ‎يعني بننتظر الإنقاذ من الإنسان ‏الخارق‎ ‎‏(ضحك) يمكن في إنسان خارق، ويمكن حا ينقذنا!! (الضحك يتواصل).. ‏لكن: في النهاية لحدي ما يحصل دا، أنا بقول، وما زلت أرددها، وبقولها تاني: لو ما ‏كل واحد فينا بقى مسيح، ما في مسيح حا يجي يغيّر فينا حاجة!!.. (تصفيق وضحك)"‏‏.3

2. يقول: "عقيدتي أنا: إنه في تدخل روحي حا يحصل.. ‎‏ لكن التدخل الروحي حا يحصل ‏من خلال الإنسان، وليس من خارج الإنسان‎ دي عقيدتي أنا!! صالحة ولاّ ‏باطلة، ولكن دي عقيدتي أنا‎!! ‎‏ البيفتكر أنه حا يحصل تدخل روحي خارق، دي ‏عقيدتو‎ !! ‎أنا لأني بفتكر أنه التدخل الروحي بحصل من خلال إرادة الإنسان، واختيارو، ‏وممارستو، عندي رأي في أنه أنا إذاً‎ ‎كيف أغيّر ممارستي،‎ ‎لتحقّق التدخل الروحي ‏المطلوب، الآخر اللي بنْتظر التفاعل‎ ‎الخارجي، الينتظرو!!".4

3. ويقول: "على المستوى الشخصي، أنا لست مشغولاً بمن هو المسيح، ومتى سيأتي (لست وقتجيا)، إذا جاء المسيح الآن، لن يحل مشكلتي إذا لم أحلها بنفسي".5..

أما اللسان الثاني الذي يراعي اعتبارات الجمهوريين (المغفلين)، حسب تصوره، فقد جاء فيه:
4.يقول د. النعيم في الجلسة الشهرية 30/12/22م بمنزل الأستاذ الدرديري بدر: "يخليني على يقين بأن الأمر ده قريب قريب قريب، وهو في الحقيقة بيناتنا كل لحظة، نحنا الغايبين عنو، كما كان السيد الأستاذ يقول"6.

يتبع....

رفاعة في 8/2/2023م

المراجع:
1. من محاضرة عنوانها (من هو الإنسان في حقوق الإنسان) ألقاها النعيم في المؤتمر الذي انعقد في جامعة هارفارد بعنوان (Rethinking the Secular) في شهر أكتوبر 2007: رابط المحاضرة:
Ref: www.hds.harvard.edu/cswr/resources/lectures/annaim.html
2. مقتطفات من محاضرة للنعيم بعنوان: ‏
Religion in the Changing World: Ancient and Modern
على الرابط التالي: ‏
http://www.youtube.com/watch?v=NKpLc450rZk
3. من حديث النعيم في ندوة‎ الدستور والدستورية في التجربة الأفريقية:‏
http://www.youtube.com/watch?v=qE47HzTn9J0‎
4. المصدر السابق.
5. صحيفة أجراس الحرية 18/1/2009م، لقاء أجرته رشا عوض..
6. المصدر: تقرير د. علي أحمد إبراهيم.
///////////////////////////

 

آراء