أقاصي الدنيا sudaninexile195@hotmail.com ذات حوار مع صحيفة مصرية وصف مني أركو مناوي عبد الواحد نور بـ"الشذوذ السياسي" وهذا مصطلح غريب وجديد على القاموس السياسي إذا أن الشذوذ يعني مخالفة العادة الفطرية، والسياسة تعني ضمن ما تعني مواقف وآراء وأفكار لها مركوزاتها وقواها واستراتيجياتها وتكتيكاتها وأهدافها ووسائلها وغاياتها النهائية، لذا فقرن الشذوذ بها يخل كل معانيها. صرت في حيرة من هذا التعبير الذي أطلقه مناوي حتى يسّر لي الأستاذ حسن معوض المشاهدة والاستماع لعبد الواحد في مقابلة ثنائية تجلى فيها (الشذوذ السياسي) كما ينبغي فتمدد وتبعثر، وحام وتبختر واتخذ مكانته كتعبير طبيعي لا يثير الدهشة ولا يشحذ الذهن للتفكير فيه. كان الرجل شاذاً في كل شئ وكان جهولاً وكذوباً ومرتبكاً ومضطرباً ومتعالياً ومغروراً وموهوماً وهوائياً !! من ناحية الجهل فهو يتحدث عن فلسفة القانون (Jurisprudence) بطريقة أقرب إلى السجالات العفوية بـ"سوق ليبيا" متجاوزاً عناوين فلسفة القانون ذات الاتجاهات الجدلية من خلال مدارسه العديدة المختلفة حول تعبيره عن المعايير الأخلاقية والسلام الاجتماعي أم الردع. ومن ناحيتي الكذب والغرور فقد كان خطاب عبد الواحد المكسور والمجروح في آن معاً يخاطب أمنياته الشخصية التي يتقوّى عليها بالكذب الصريح فهو يقول إن الحركة التي يرأسها تضم في عضويتها ثلثي سكان السودان وهذا ما دعاه لتكوين حكومة منفى برئاسته تكون مهمتها وضع الأسس لدولة سودانية جديدة ديمقراطية وعلمانية ومستعدة لفتح عدة قنصليات لإسرائيل !! ثم يمضي عبد الواحد بسلاسة واقتدار في تلك اللهوجة الأشبه بهلوسة الملاريا ليقول في معرض رده على سؤال وجهه الأستاذ معوّض : "إن كل الشعب السوداني يتبرع للحركة وبالأخص سكان دارفور"، ويبدو أنها تبرعات كبيرة لأنه ربط قيمة أسلحة جيش حركته بهذه المبالغ رغم أنه يعرف أنه لا جيش له !! ثم عرّج على حركة العدل والمساواة نافياً أنها تمثل أي شخص في دارفور وردها لحضنها المنكور من الحركة والمؤتمر الشعبي، مؤكداً أنها ذراع المؤتمر الشعبي وشدد أنها لن تمثل في حكومة المنفى لأنها حركة أصولية لا تؤمن بالديمقراطية والعلمانية ! ولم يقف الاستثناء على حركة العدل والسماواة وحدها بل شمل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي ورغم أنه لم يتعرض للطرق الصوفية إلا إنها مستثناة بحكم هذه المعاييرية !! قال له المذيع: إذن أنت اقصائي كيف تكوّن حكومة ليس فيها حزب الأمة أو الاتحادي الديمقراطي وكذلك المؤتمر الوطني ؟ فأجاب بهدوء لأنهم لا يؤمنون بطرحنا ولا بالدولة العلمانية !! وعندها سأله عن قوى هذه الحكومة؟ أجاب : الحركة الشعبية والأخ مني .. رغم أن مني اتهمه بـ"الشذوذ السياسي" الذي لم أفهم معناه الحقيقي إلا بهذه المقابلة التي بثها تلفزيون البي بي سي .. اللهم أسألك بمناسبة (عيد الأم) أن تشفي كل مرضانا !! عبد الواحد ظاهرة سياسية منتزعة من سياق عولمة المناضل. هو الصيغة الجديدة للتابع الذي لا حول ولا قوة له إلا من خلال المتبوع . هو القماشة الجيدة التي يبحث عنها الاستعمار الجديد بمواصفات ظل يجسدها عبد الواحد، فالاستعمار الجديد يريد قائداً يستطيع وبجرأة أن يلوّح برايات النصر وهو في أتون الهزيمة وأن يحسن استخدام كل اللاءات سيما الناهية منها والنافية في وجه (نعم) الإيجابية. هذا هو الأنموذج الذي بمقدوره المحافظة على الأزمات بسند الماكينة الإعلامية الغربية الجاهزة لإعادة إنتاج الأكاذيب ليتجسّر الطريق نحو حلول يفرضها الاستعمار .. لاحظوا أن عبد الواحد لم يتحدث عن إسرائيل إلا مرتين، الأولى عقب هزيمتها أمام حزب الله والثانية عقب الصمود الأسطوري لفزة. هذا مناضل (عز الطلب) لإسرائيل وللغرب الاستعماري . * نقلاً عن الأحداث