عروة الصادق: وثائق فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية (المجزرة)

 


 

 

كل ما تحتاج لمعرفته حول مجزرة فض اعتصام القيادة العامة موجود في الوثائق التي ستتسلسل في هذه الأجزاء التي أوردها هنا، وليقيني أن الحقيقة الكاملة لا يمكن أن تتجواز هذه الملفات ولا المسؤولين عنها.

ولكن قبل أن نخطو أي خطوة وأن ندلي بأي حديث علينا أن نجتاز سويا الخطوات الأولى التي تؤهلنا أخلاقيا وإنسانيا وسياسيا للخوض في مثل هذا الحديث، وهي الإجابة على التساؤل هل أنت ممن شهدوا أو شاهدوا مجزرة فض الاعتصام؟ هل قدمت شهادتك؟ هل أنت حريص على القصاص ممن ارتكبوا هذه الفظيعة الإنسانية؟ بالإجابة على تلك التساؤلات نكون قد وصلنا إلى الموضع الصحيح للانطلاق!

من الصفر:
نظرة عامة: كانت ساحة الاعتصام يوم الفض قد تقلص عدد المتواجدين فيها بنسبة كبيرة ومعظم المتواجدين كانوا من ولايات لا يمكن السفر لها في تلك الظروف وبعض الناس كان يأتي قبل الإفطار بدقائق ويتحرك بعد السحور تجاه بيته.
التركيبة الاجتماعية لم تتغير إلا قبل الاعتصام بيوم ظهرت مجموعة كبيرة من الشباب في أعمار صغيرة بعضهم يحلق (زيرو) ويظهر عليهم التدريب العسكري وهم لو تذكرون تم إنزالهم الشارع وشاركو ضمن مئات الأشخاص في مسيرة داعمة للمجلس العسكري الانتقالي السوداني في الخرطوم حاملين صوراً لجنرالات المجلس وقتئذ وهتف المشاركون وغالبيتهم شباب في وسط الخرطوم "عسكرية مية المية" قبالة القصر الجمهوري وحمل بعضهم لافتات عليها صور قائد المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو ووقتها أثارت بعض الشعارات امتعاض تيار "نصرة الشريعة" المشارك في المسيرة، وادعوا أنهم انسحبوا من الموكب الذي شاركوا في الدعوة له.
قبل الفض بأيام دخلت إلى الساحة مجموعات مريبة من الشباب وتعددت البلاغات عنها للجنة الأمنية في الميدان ولهيئة الاستخبارات ولغيرها من الجهات الأمنية النظامية والطوعية التي كانت تشرف على التأمين أذكر منها حادثة واحدة لشاب دخل خيمة الجزيرة أبا مدعيا أنه مبعوث ضمن وفد من الاتحاد الإفريقي لمعرفة مطالب الشباب، حينها ارتاب الشباب وأرسلوا لي لاستجلاء الأمر، وقد حضرت على الفور وبالأخذ والرد مع ذلك الشاب تبين أنه لا صلة له لا بالاتحاد الإفريقي ولا بأي جهة مشابهة بل تبين أنه يعمل في شركة أمنية سودانية تركية ويحمل معه (عصا "كسين" وكلباش " أصفاد حديدية" وعقاقير طبية وأدوات أخرى) يتعذر لأي إنسان إدخالها لساحة الاعتصام وهذا بين لي أن هنالك خلل أمنيا بينا، هذا الشخص قال أنهم مجموعة دخلت لساحة الاعتصام ويدارون بواسطة شخص واحد لا يعلمه وإنما يتلقون توجيهاتهم بالهاتف، اتصلنا على الفور باللجنة الأمنية والتي بدورها أشرفت على تسليمه للجهات المختصة (عدة جهات أمنية – مخابرات- استخبارات- المضادة- التحقيقات.. الخ)، بعدها بأيام فوجيء الشباب في ساحة الاعتصام بذات الشاب يجول دون اكتراث، هذه القصة رصدت في تقرير متكامل وبشهود عيان يمكن أن يدلوا بدلوهم تفصيلا.
في الأيام الأخيرة كانت هنالك مواكب تتحرك مباشرة بعد الإفطار نحو بوابة القائد العام التي تتواجد أمامها أعداد كبيرة من قوات الدعم السريع المتراصة منذ اليوم الأول لدخولنا حرم القيادة العامة، وبحكم موقع خيمتنا في التقاطع أمام البرية كنت يوميا بعد الإفطار انتظر قدوم هذا الموكب مع الشباب في لجنة تأمين الميدان لتأمين مروره وإبعاده من الاحتكاك مع القوة المتواجدة أمام البوابة، الشاهد أن هذا الموكب يعج بشباب يسبون ويسئون للعساكر بصورة مستفزة واشتبك بعضهم مع الشهيد الضابط بالبرية الرائد كرومة قبل استشاهدة بيوم وكان يبتسم وقدر انفعالهم عندما ذهبنا للاعتذار إليه.
انخفظت درجة التأمين والتفتيش في مداخل ساحة الاعتصام لدرجة يمكن أن تدخلها دون أن تمر بحاجز أو أن يقابلك من يفتشك، مما سهل في رأيي دخول كثير من المندسين والعناصر الخبيثة التي مهدت لفض الاعتصام.
حضرت خطاب في منبر الهامش للسيد الصحفي عثمان ميرغني، أكثر ما لفت انتباهي فيه هو قسمه المغلظ بأن الاعتصام لن يتم فضه مطمئنا الجميع بحسب ما سمعه ممن قابلهم من قادة المجلس العسكري.
الوثائق:
تنقسم وثائق مجزرة القيادة العامة لعدة أقسام بحسب افتراضي، وهي كالآتي:
الجزء الأول: ملفات المتدربين والتدريب الذي تم لعدد مقدر من الشبابا في معسكر الرويان الذي تعلم القيادة العامة للقوات المسلحة قوام قوته وقيادته وعتاده ومنتسبيه وأين كانوا يوم فض الاعتصام ومن الذي أصدر لهم التعلمات ومن وزع لهم المهمات العسكرية وأرسلهم إلى قلب الخرطوم في تلك الساعة ووفر لهم العتاد والآليات.
فضلا عن إشارة عسكرية بإجازة العيد التي غيبت عدد من عساكر الوحدات العسكرية في القيادة (برية – بحرية – جوية – مشاة) وغيرها من الوحدات التي تقلص عدد المتواجدين فيها بدراجات وصلت أن يكون التواجد قاصرا على الحرس المناوب (الديدبان) فقط، هذا المشهد لم نره إلا يوم 9 إبريل 2012 يوم أن تم ترحيل كل العساكر في سلاح البرية على ظهر مجروسات وهم يبكون ولم نكن نعلم إن ترحيلهم كان تمهيدا لإخلاء القيادة العامة لكتائب الظل التي حاولت مرارا وتكرارا فض الإعتصام.. من الذي أصدر تلك الإشارة.. |

الجزء 2: النماذج التي شاهدناها وسمعناها من شهادات كثيرين وكثيرات تبين قوام القوة وآلياتها وعتادها وعرباتها التي يمكن لأي إنسان قراءة لوحاتها ومعرفة تواجدها اليوم في أي قسم من الأقسام الشرطية وكذلك البكاسي الأمنية التي تحمل برميل وقود معلوم من هو الذي قام بتوريدها وتوزيعها وإصدار أوامر تحركها وأين تقبع تلك العربات الآن وفي أي مستودع إمتلات بالوقود.
والموقع الذي تحركت منه يعلمه القاصي والداني فبعض الشباب الذي أتي بهم من خارج العاصمة تم توزيع المهمات الجديدة (كاكي شرطة+ عصي) في ساحة أتني ليلا وبعضهم أتى منذ يوم مسيرة تاييد المجلس العسكري آنفة الذكر.
أما عن الجانب الإداري فكل الإدارات النظامية التي تعمل في مؤسسة من مؤسسات الدولة العسكرية تعرف زمان تواجدها بدقة متناهية فلا يوجد أحد يستطيع أن يتجاوز دفاتر يوميات الاستخبارات العسكرية واليوميات الشرطية التي ترصد حراك وطواف الضباط على مختلف الوحدات العسكرية، لذلك من أهم وثائق فض الإعتصام دفاتر أحوال تلك الوحدات الإدارية المحيطة بحرم القيادة العامة وتلك التي بطرف قادة المؤسسة العسكرية |

الجزء 3: المشاهدات والمشاهد التي تجاوزت الآلاف والتي سلمنا بعضها للجنة التحقيق في مجزرة القيادة العامة بها من الوجوه العشرات بل المئات من النظاميين الذين توصلنا لبعضهم وبعضهم استعصى علينا الوصول إليهم لأنهم قد تم نقلهم إلى ولايات أخرى، فضلا عن التخويف الشديد لصغار الضباط ممن تعرفنا عليهم خلال فترة الاعتصام.
وتعددت الوسائل التي كان يتم بها رصد الحراك الثوري قبل الاعتصام وحتى دخولنا حرم القيادة العامة، فقد كانت شوارع الخرطوم عن بكرة أبيها منصوبة الكاميرات للمراقبة، على أسوأ تقدير في كل التقاطعات الرئيسية ورؤوس البنايات الشاهقة، وبالروجوع إليها بسهولة يمكن إيجاد الكثير من تحرك تلك القوات ومناطق مرورها فضلا عن شهادات الشهود، مع العلم أننا طيلة فترة الاعتصام وعلى مدار اليوم كانت هنالك طائرات مسيرة تخرج من القيادة العامة وتحلق فوقنا ثم تعود أدراجها، هذه الطائرات كانت تحلق في ذلك اليوم المشؤوم كطائر الشؤم. معلوم من هو الضابط الذي يشرف عليها ومن هو صف الضابط الذي يرصد ويحلل بياناتها ويحفظها في جهازهم المركزي في القيادة العامة، من المؤكد إذا تم تسليم 10 دقائق رقمية من تلك الكاميرا التي صورت فض الاعتصام سنصل للحقيقة الكاملة المجردة دون أدنى جهد. |

الجزء 4: النماذج السياسية التي ظهرت في القيادة العامة من سياسيين ونشطاء ودبلوماسيين في القيادة العامة أيام فترة الاعتصام وقبل الفض بأيام والمداخلات الإعلامية في بعض الفضائيات التي مهدت للفض بإذكاء روح الفرقة والشتات بين مكونات العملية الانتقالية السياسية والعسكرية، فضلا عن الآراء العامة التي سادت في تلك الأيام والتوجهات الصحفية لصحف الفلول التي تصدر في الخرطوم ورؤساء تحريرها الذين كانوا على علم بالمخطط ومهدوا له وانخرطوا في تشويه صورة المعتصمين وألفوا مئات القصص المسيئة لساحة الاعتصام، من بعدها أتت سلسلة خفافيش الظلام التي تم إعدادها باحرافية من مجرمي الانتاج الاعلامي في مركز يتبح لجهاز الأمن الوطني يجب أن يكونوا الآن تحت طائلة القانون لأنهم كانوا يستلمون الملفات المصورة ممن ارتكبوا المجزرة مباشرة |

الجزء 5: الاختبار الذي ينبغي أن نخضع له جميعا هو اختبار الاتصالات الهاتفية والذي يسهل الوصول للشبكة العسكرية المدنية التي كانت تتواصل لفض الإعتصام وذلك بطلب (STATEMENT) لكل المكالمات التي كانت في يوم الاعتصام وسبقته وأعقبته بيوم لقوائم معروفة لقادة المجلس العسكري وقادة الحرية والتغيير وقادة تجمع المهنيين وقادة كيان الأنصار وحزب الأمة القومي المتهم الأول في فض الاعتصام لأنه بزعم كثيرين انه كان على علم بالفض وسحب خيمته من فض الاعتصام وحينها ستنجلي الغشاوة، ولعلم الجميع أن هذا الإجراء لن يكلف الجميع سوى ضغطة زر لكل شركة من شركات الاتصالات ولا زالت الإدارة الفنية التي كانت تتبع لجهاز الأمن والمخابرات في كرري والتي تتصنت على كل المكالمات بما فيها مكالمات المخلوع لا زالت تزاول مهامها وتحتفظ بمكالمات مهمة لا غنى عنها في فك طلاسم فض الاعتصام وتقديم الجناة إلى العدالة الناجزة . |

الجزء 6: الملفات الثابتة والتقارير التي بحوزة كثير من عناصر لجنة الميدان وتلك التي في المشافي والمراكز الصحية والأقسام الشرطية والمؤسسات الوطنية بل حتى تلك الدولية والسفارات من الإقليم والجوار العربي والإفريقي من مكاتبات ومراسلات بل حتى صور أقمار صناعية فضلا عن الصورة التي التقطتها المحطة الدولية يوم الحادثة، والتي من خلالها يمكن توضيح تحرك القوات والهجوم ومحاور الإطباق على المعتصمين وطريقة إخلائهم والسيارات التي وقفت في النيل ورمت الجثث أو تلك التي أخذت عدد من الجثث إلى المجهول ووارتها الثرى أو تلك التي تم تحميل المعتقلين فيها وبعضهم إلى الآن معتقلين، وهنا تظهر الإرادة الدولية إن كانت تريد الوصول لحقيقة فض الاعتصام أم لا فبيدها وثائق لا غنى عنها في الوصول لتلك الحقيقة. |

الجزء 7: تم تخصيص غرفة تحكم مركزية يعلم بها كل قادة المجلس العسكري لإدارة الأزمة، منها كان بعضهم يشاهد كل الجرائم التي ارتكب بأم أعينه من قتل وسحل وضرب وتعذيب وجر للحرائر بل حتى اغتصابهن، تلك الغرفة ليست بعيدة المنال يمكن لكل باحث عن الحقيقة أن يلجها ويسمع ويرى ما كان حينئذ من فوضى وعسف وجور وظلم يطل عليه بعض الجنرلات من الشرفات وهم ينفخون دخان سجائرهم.

ختاما: هذه الوثائق لا تحتاج أكثر من أن يحرر السيد رئيس لجنة التحقيق خطابا بطلبها من الجهات المختصة والمذكورة وسيعلم الجميع يومها من أمر بفض الإعتصام ومن نفذ فض الإعتصام ومن اتهم زورا بفض الاعتصام..
..ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ....
معنون لكل من:
- السيد/ نبيل أديب عبد الله.
- السيد/ عبد الفتاح البرهان.
- السيد/ محمد حمدان دقلو.
صورة لـ:
- التاريخ.
- الملف.
- اليوم الأسود

 

آراء