على أساس انتو براءة يعني..!!

 


 

كمال الهدي
5 December, 2021

 

تأمُلات
. أتمني ألا أُستفز للكتابة عن الكرة مجدداً في هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن.

. فما دفعني لكتابة المقال السابق وهذا المقال حول الكرة ليس الهزائم، إنما الموقف الغريب منها، وهو ما أراه مرتبطاً بشكل وثيق بكل ما جرى ويجرى لنا كشعب سوداني، خاصة منذ بدء التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي وإلى يومنا هذا.

. تعرض منتخبنا لهزيمتين أكثر من متوقعتين في ظل إمكانياتنا وظروفنا الحالية، وفي وجود إداريين لا علاقة لهم بالكرة، فنسي كل منا دوره السالب في كل ما تعانيه كرة القدم السودانية وصببنا جام غضبنا على اللاعبين.

. ما يجب أن تفهمه هذه الجماهير الغاضبة - بغير مبرر منطقي - قبل أن تمارس سخريتها اللاذعة من اللاعبين وكأنهم أس البلاء، هو أنها (أعني الجماهير) جزء أساسي من المشكلة ولاعب سلبي مؤثر جداً في كل ما نعانيه.

. هؤلاء اللاعبون هم نفس من أفرطتم في مديحهم وطالبتم إدارات أنديتكم بضمهم يا سادة.

. فلماذا يبحث كل واحد منكم عن شماعة يعلق عليها الفشل الذي نتشارك فيه جميعاً!!

. لمثل هذه الهزائم أمام منتخبات محترمة ومتمرسة ومُحترفة مسببات عديدة أعتبركم كجماهير واحد من أهمها.

. فأنتم من اكتفيتم بالفرجة والتنظير وتركتم شئون أنديتكم لمن لا يسوون حتى بلغنا الحضيض بترؤس شخصيات مثل الكاردينال وسوداكال لأكبر ناديين في البلد.

. وكنتيجة طبيعية لإهمال أنديتكم كان طبيعياً أن تقفز لأعلى الهرم الرياضي (اتحاد الكرة) شخصيات لا تصلح لإدارة أكشاك ليمون دعكم عن مؤسسة بهذه الأهمية فكيف تتوقعون أن يقارع لاعبون يرافقهم ويدير شأن منتخبهم (عنقالة) أن يتغلبوا على منتخبي الجزائر ومصر!!

. وهل نسيتم أن سلبيتنا وتهاوننا وانتظارنا للحلول من الآخر أوصلتنا لأن يتحكم في بلدنا ومصائرنا فريق خلا!!

. حتى من يسمون أنفسهم زعماء سياسيين وقادة أحزاب مارسوا ذات السلبية وتعاملوا بسذاجة واهمال مع قضايا مصيرية ليُدخِلوا أعظم ثوراتنا في نفق ضيق.

. من يصدق أن يتفرج سياسيون يفترض أنهم متمرسون على مثل ما جرى في جوبا ويفسحوا المجال لحميدتي والكباشي والتعايشي لإكمال كل خيوط مؤامرتهم مع الحركات المسلحة، ثم يخرج علينا الواحد منهم اليوم بلا خجل ليقول أن اتفاقاً قد جرى تحت الطاولة في جوبا بين العسكر والحركات المسلحة بعدم تسليم السلطة للمدنيين!

. بالله!

. وماذا كنتم تتوقعون غير ذلك أيها السذج!!

. وإن لم يكن هذا متوقعاً ما الذي دعانا للقول أن ما بدأ في جوبا مؤامرة وليس محاولة لتوقيع اتفاق سلام، وأن على قحت ودكتور حمدوك الالتفات لذلك قبل فوات الأوان.

. وبالطبع لم يلتفتوا لذلك، وحتى الشعب نفسه ظلت غالبيته تجادل وتقول " السلام سمح وما بترفض".

. لكن لم يتساءل الناس اطلاقاً عن تولي الشخصيات المذكورة أعلاه لهذا الملف دون غيرهم من السودانيين.

. نفس ما جرى في جوبا حدث في مجال الكرة وغيره من المجالات.

فنحن قوم نكتفي بدور الفرجة على المشاكل الصغيرة، ثم ما أن تكبر ويصبح حلها معقداً نلقي باللوم على غيرنا.

. انهزم منتخبنا مرتين في الأيام الماضية وسوف تستمر هزائمه لأن هذا هو حالنا ولأننا سلبيين لأبعد مدى.

. لن تنزل علينا الحلول من السماء فجأة، وما لم نقر ونعترف بأننا قد نبدأ الأشياء الجميلة لكننا لا نكملها اطلاقاً فلن ينصلح حالنا إن تذمرنا، صرخنا أم مارسنا السخرية اللاذعة.

. (فالحين بس نخلق من الحبة قبة) ونترك جوهر الموضوع ونحوم حول هوامشه، وفي ذات الوقت نتوقع أن يصبح كل شيء كما نرغب ونشتهي.

. قضية (التمباك) الهايفة التي أُثيرت في اليومين الماضيين أيضاً تعامل معها الكثيرون بإنفعال لحظي متجاهلين المبدأ وجوهر القضية.

. فقد نُشر خبر عن مصادرة السلطات القطرية لخمسين كيلو تمباك من بعثة منتخبنا الوطني.

. فما الذي حدث بعد ذلك!!

. اختلف الناس حول دوافع ناشرة الخبر ووبخها البعض على نشره في مثل هذا التوقيت.

. كما انتشر خبر آخر مفاده أن ناشرة الخبر تعرضت لتهديد من لاعب منتخبنا محمد عبد الرحمن أثناء تدريب المنتخب الذي سبق مباراة مصر.

. وقيل أن المدرب العام خالد بخيت تدخل وطالب ناشرة الخبر بمغادرة ملعب التدريب، كما نُقل عن خالد قوله لقناة قطر أن غالبية السودانيين يتعاطون التمباك، اي أن الموضوع عادي ولم يكن يستحق الضجة.

. الجانب المهم (المُهمل) في هذه الحادثة هو أنها تدلل على أن منتخب البلد ليس في أيدٍ أمينة.

. فهؤلاء (العنقالة) غادروا لهذا المحفل الهام ممثلين لوطن حدادي مدادي، لكنهم للأسف لم يحترموا أنفسهم أو يقدروا المسئولية الملقاة على عواتقهم.

. غض النظر عن دوافع ناشرة الخبر وعدم تقديرها للتوقيت المناسب لنشر الخبر يبقى تصرف إداريي المنتخب غاية في السوء.

. صحيح أن الكثير من السودانيين يتعاطون التمباك، لكن هذه بعثة فريق كرة يا كوتش خالد.

. وفي زمن مضى ما كانت إدارات الكرة المحترمة في البلد تسمح بمثل هذا.

. وعلى ذكر الانضباط تحضرني حادثة سأرويها لكم لتعرفوا الفرق بين الأمس واليوم.

. ذات مرة كنا بمعية الأخ العزيز الكوتش جعفر عبد الرازق بحدائق القرين فيلدج الذي عسكر به الهلال في عام ٨٧ قبل مباراة الأهلي المصري، وفي تلك اللحظات كنا نرى عدداً من لاعبي الهلال بالقرب منا.

. وفجأة هرول الجميع للداخل في لمح البصر بما فيهم جعفر الذي ودعنا واختفى سريعاً.

. استغربنا لما جرى لكن حين التفتنا لجهة اليسار وجدنا رئيس النادي آنذاك الطيب عبد الله (رحمه الله رحمة واسعة) في طريقه للمكان.

. بالطبع لم يفعل اللاعبون ما فعلوا لأن الراحل كان بعبعاً ولا مرعباً، لكنه النظام والانضباط.

. فهل تتخيللوا أن نسمع خبراً حول مصادرة ولو كيلو تمباك واحد من بعثة رياضية يرأسها رجال في مكانة واحترام المغفور له بإذن الله الطيب عبد الله!!

. أما طريقة تعاملنا مع حادثة اشتباك الغربال مع ناشرة الخبر، فقد أُهمل فيها الجانب الأهم أيضاً.

. أولاً سؤاله لها عن الخبر واهتمامه وغضبه منه يمنحني شخصياً الانطباع بأن الغربال يتعاطى التمباك.

. صحيح أنه شأن شخصي، لكن ليس بالأمر الجيد أن يتعاطى لاعب كرة التمباك أو يدخن السجائر.

. ولا تنسوا أننا سبق أن أشدنا بالغربال وبإلتزامه تجاه مهنته ورغبته في التطور، لهذا أتمنى ألا يكون من متعاطي التمباك.

. وأما حديثه الغليظ مع ناشرة الخبر وتهديدها أو غيره فهو سلوك مرفوض جملة وتفصيلا.

. وما يجب أن نركز عليه في هذه الجزئية هو أن الغربال أقحم نفسه في شأن لا يعنيه.

. إن صح الخبر، أو كان مشتولاً أو نشر في غير وقته فهذا شأن يخص إداريي المنتخب لا أي لاعب مهما كانت مكانته.

. ولو كنا كإداريين وإعلام وجماهير نتعامل مع الأمور بشكل مبدئي وبعيداً عن العواطف، لما شهدنا مثل هذه الأحداث أصلاً.

. ونصيحتي للغربال بأن يركز على مهنته وأن يحذر الغرور فهو مقبرة المبدعين.

. فكم من لاعب موهوب أضاعه الضجيج والهتاف والثناء المفرط (في الحق وفي الباطل)، فأنتبه لنفسك يا فتى وواصل اجتهادك الذي أوصلك لهذا المستوى وأنأى بنفسك عن ما لا يعنيك.

. فأنت لاعب كرة إن احترمت مهنتك وجمهورك احترمناك ودعمناك، أما بغير ذلك فلن تجد منا الدعم.

. وتذكر أن التطبيل والإعلام العاطفي الباحث عن الكسب الآني تسبب في مشاكل لنجوم كثر آخرهم هيثم مصطفى الذي كان من الممكن أن تنتهي مسيرته في الملاعب بشكل استثنائي، لكنه أضاع فرصة عمره لأنه كان يسمع لصوت واحد.

. وأذكر أنه عندما بدأ التقديم لحواره الصحفي الذي أدى في النهاية لشطبه من الهلال.. أذكر أنني كتبت ثلاثة مقالات محذراً من وقوعه في الفخ، ورجوته ألا يجري الحوار الذي أعلنت عنه فاطمة الصادق وقتها في أكثر من مقال.

. لكنه بالطبع لم يقرأ ما كتبته وربما لم ينقل له، ولو نُقل له فهو لم يكن مهتماً إلا بمن يعاملونه كملاك في هيئة إنسان.

لم يصل هيثم لتلك الحالة إلا لأنه كان ضحية إعلام مُضلل وجمهور عاطفي يغض الطرف متعمداً عن الأخطاء وجوانب القصور فيمن يحب.

. عدت لقصة هيثم لأنني ومن واقع ما أتابعه اليوم ما زلت خائفاً عليه من أثر غياب النجومية والمكانة التي لم يعرف كيف يحافظ عليها.

فهيثم المحلل الذي نتابعه هذه الأيام من الواضح أنه ما يزال أسيراً لنجومية انقضى زمنها لكنه لم يستوعب بعد.

. المطلوب منه الآن هو أن ينسى حقيقة أنه كان معبود الجماهير يوماً ما، وأن يسعى لتطوير نفسه في المجال الذي اختاره.

. لكن بالنسبة لي على الأقل لا يبدو أن البرنس مهتم بهذه الناحية، وما زال يتخيل أن ظهوره كإسم كبير وقائد سابق للاعبي الهلال والمنتخب يكفي لإبهار الناس.

. هذه تجربة أتمنى أن يستفيد منها الغربال حتى لا يضيع موهبته، كما أتمنى أن يلتفت هيثم لمهنته الجديدة ويسعى لامتلاك أدواتها.

kamalalhidai@hotmail.com
/////////////////

 

آراء