على قحت بشقيه العودة لمنصة الوطن والعسكر إلى ثكناته

 


 

 

الناظر إلي المشهد السوداني يلحظ ضبابية وغيوم تكاد تحجب الرؤية لسماء الوضع السياسي السوداني، هناك إنسداد الافق وجمود سياسي تكاد تعود بالسودان إلى عهود ماقبل ثورة ديسمبر المجيدة.
الخلاف الناشئ بين اطراف (قحت) من جهة، وبينها والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى، وذلك عقب المحاولة الإنقلابية الفاشلة بداية الشهر الجاري والتي ايقظت واخرجت كل الضغائن والإتهامات بين الاطراف جميعها، فضلا على سبب آخر وهو دنوء اجل تسليم السلطة السيادية من العسكر إلى المدنيين وفق الوثيقة الدستورية وإتفاق سلام جوبا، وهو سبب جوهري فيما يبدو في إرباك المشهد بالصورة التي نراه اليوم.
لا أرى سبباً مقنعا لإصطفاف حركات الكفاح المسلح مع العسكر،.إستنادا إلى الصراعات التاريخية بين الطرفين، و نضالات ومواقف وادبيات هذه الحركات تتنافي مع أي تحالفات مع عدو الأمس والذي صار صديقا وحليفا، وخاصة إذا نظرنا إلى المؤسسة العسكرية والتي لم يحدث فيها الإصلاحات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية وإتفاق السلام، وهم (العسكر) بذلك نفس العدو ونفس الجلاد الذي ناضلو ضده سنين عددا، وهو نفسه الذي حرق وقتل واغتصب وهجر. وامعن فسادا في إقليم دارفور وأهلها. لم يتغير العدو لا شكلا ولا مضمونا، وعليه عملية الإرتماء في حضنه وطلب المؤازرة منه ضد (قحت) المجلس المركزي لمجرد إختلاف في وجهات النظر، إنما هو ضرب من الفجور في الخصومة.
هذا الإصطفاف لا ينسجم ومواقف قواعد هذه الحركات التي مؤكد لن تشاطرها الرؤية التي ذهبت إليها، خاصة إذا ما تبنت رؤاها بإسم قاعدتها الجغرافية والإجتماعية، الأمر الذي سيثير حفيظة البعض مما يخلق أزمة أخرى على الموجودة اصلآ.
في نقاط الإختلاف بين طرفي (قحت) لا نجد ذلك الخلاف الذي يستعصي على الحل، بقدر ما هو غياب إرادة سياسية حقيقية بينهما تمكنهم من الجلوس لحوار هادي ومتزن يستشرف فيه الجميع المرحلة الدقيقة التي تمر بها الدولة السودانية، إلتي تقتضي الحوار والتوافق حول ما هو جوهري او ثانوي لتفويت الفرصة على المتربصين بالتحول المدني الديمقراطي من اي طرف كان. قضايا مثل المجلس التشريعي الإنتقالي، المحكمة الدستورية، المفوضيات... الخ هي قضايا محل إتفاق، ربما الخلاف في التوقيتات والكيفية او نحو ذلك، وماهو جوهري ان الجميع متفقين على شخصية عبدالله حمدوك رئيس الوزراء الذي يمكنه لعب دور محوري في تقريب وجهات النظر بين الاطراف، وهو دور ظل يلعبه الرجل منذ فترة ولا زال دون كلل او ملل، وفي الغالب مفتاح الفرج سيكون على يديه بجولاته المكوكية بين الاطراف، إذا ما كانت الأجندة الوطنية حاضرة وغابت اية أجندة أخرى للبعض.
ابرز نقاط الخلاف: حل الحكومة وتكوين أخرى تستوعب التوسعة التي تطالب بها (قحت) منصة التأسيس وهو ما يرفضه (قحت) المجلس المركزي،
*توسعة قوي الحرية والتغيير لتستوعب جميع القوي السياسية والحركات مسلحة ومنظمات المجتمع المدني وإستثناء المؤتمر الوطني، وذلك وفق رؤية منصة التأسيس والتي تخالفها المجلس المركزي بضرورة استبعاد المؤتمر الوطني وشركاءه حتى السقوط لتحصين الإنتقال المدني الديمقراطي.
*لجنة إزالة تمكين نظام الإنقاذ والتي تتمسك بها المجلس المركزي بينما ترى منصة التأسيس ضرورة حلها وابداله بجسم آخر يمارس عمله من خلال القنوات القانونيه والقضائية.
*تسليم رئاسة المجلس السيادي الي المدنيين مع إقتراب إنتهاء اجل رئاسة المكون العسكري وهو امر لا خلاف عليه بينهما ربما الخلاف في توقيت التسليم والكيفية او الارتباط بإجراءات أخرى تسبق عملية التسليم وفق رؤية منصة التأسيس بينما يرى المجلس المركزي التسليم الفوري بإنتهاء الاجل، وإلا الانقلاب على الإنتقال المدني واقع لا محال ينبغي مقاومة ذلك.
*هيمنة المجلس المركزي على الحكومة.
*إغلاق المواني والطرق القومية في شرق السودان. امر يرفضه المجلس المركزي مع التأمين على عدالة قضايا الشرق مع وجوب حلها عبر الحوار، وإن توقيت نشوء هذه الازمة القصد منه الضغط على الحكومة متهمين العسكر وحلفائهم الوقوف خلفها.
هناك طريقان لحل هذه الازمة، الأول هو دعنا نسميه العودة إلى منصة الوطن وعليه يجب تعزيز جهود السيد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والمدعوم من الجميع داخلياً وخارجيا.، وذلك يقتضي قبول الاطراف جميعها الجلوس وبحث القضايا محل الخلاف وصولا لإتفاق مرضى يخرج البلاد من الجمود السياسي وإنسداد الافق وذلك بإرادة حقيقية صادقة لقفل الطريق لقوي الردة من اي كان.
ليس من صعوبة للوصول إلى توافق بين الاطراف حول القضايا محل الخلاف إبتداءا بضرورة قبول مبدأ توسعة الحاضنة السياسية للحكومة لتستوعب القوي الحية المكونة ل(قحت) عبر منصة العودة للوطن إلتي لا تسثني إلا المؤتمر الوطني وحلفاءه حتى سقوطه. ومن ثم القبول بمبدأ إعادة تشكيل الحكومة لإستيعاب التوسعة الجديدة، وبوحدة (قحت) منصة العودة إلى الوطن تصبح عملية تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين امر حتمي لا مفر منه وعلى الشق العسكري القبول به إذا أرادت تحصين الإنتقال المدني الديمقراطي.
بالنسبة إلى لجنة إزالة تمكين نظام الإنقاذ يمكن إتفاق الاطراف على جسم (مفوضية او اي تسمية أخرى) تحل محل اللجنة بنفس صلاحياتها إلا ما هو متعارض مع القضاء وتكون تحت إشراف السلطة القضائية والنيابة العامة مع إضافة اية صلاحيات أخرى تعزز من فعاليتها وتعمل ضمن الاطر القانونية.
بإتفاق الاطراف هناك قضايا ستحل تلقائياً كالهيمنة، المجلس التشريعي الإنتقالي، المفوضيات، المحكمة الدستورية ،وضع المؤسسة العسكرية، أزمة الشرق والذي يجب تحديد جدول زمني لمؤتمر الشرق من أجل حل قضاياه.
بالنسبة للمؤسسه العسكرية لازلت مؤمنا بإنها مؤسسة وطنية سيادية تحظى بإحترام الجميع رمزا للسيادة، مهمتها تأمين الوطن من اية مخاطر وصون وتعزيز السيادة الوطنية، وهي مؤسسة ينبغي إصلاحها من العيوب والتشوهات التي لحقت بها في عهود الشمولية والدكتاتورية، لتطلع بمهامها بإحترافية بعيدا عن الإنغماس في السياسة ودروبها الوحلة التي تبعدها من إحترافيتها وعقيدتها القتالية والتي ترتكز على حماية الوطن والتصدي لأي مهددات خارجية او داخلية تواجهها، وذلك يقتضي العودة إلى ثكناته والقيام بادواره الممنصوص عليها في الدستور، وينبغي التسليم بإنتهاء عهد الانقلابات العسكرية وإقامة انظمة عسكمدنية شمولية دكتاتورية إنهكت الوطن والمواطن طيلة سني الدولة السودانية منذ الاستقلال.

tagel190@gmail.com

 

آراء