عندما تتجول دبابات الدعم السريع في طرقات المدن وشوارع الخرطوم

 


 

 

من كان يتخيل مجرد الخيال من ابرع الكتاب والاعلاميين من المهنيين المختصين في التحليل السياسي ان يحدث ذلك بهذه التفاصيل الدرامية الغريبة الامر الذي يشهده السودان اليوم و تحتار امامة الافهام والعقول .
جماعة الاخوان السودانية ولنقل ما كانت تعرف بالجبهة القومية الاسلامية والحركة الاسلامية الاخوانية والجيل الذي اشرف علي تربيته عراب الجماعة والاب الروحي للمنظمة المشار اليها الدكتور حسن الترابي حتي لانظلم عضوية النسخة الاصلية من جماعة الاخوان المسلمين وفيهم علماء واناس ذاهدين ومحترمين ضلوا الطريق الي الجماعة بحسن نية والله اعلم بنواياهم امثال العابد الزاهد الصادق عبد الله عبد الماجد والراحل المقيم الطيب زين العابدين والعالم الجليل الدكتور يوسف الخليفة ابوبكر والراحل تاج السر منوفلي الذي تحول الي الطريقة الختمية واخرين من المنشقين من الجماعة من اكثر المحبين لهذا البلد والمدافعين عنه بالحق الراحلين الاستاذ الرشيد الطاهر بكر المحامي والمرشد العام الذي انشق عنه الجماعة واخر العنقود من هولاء الكرام الراحلين والراحل المقيم البروفسير مالك حسين عبد الناصر .
ذلك امر قد مضي بكل تفاصيلة ومضي معه من مضي من الناس وتبقت بعد ذلك جذور البذرة الخبيثة التي سقاها ورعاها الترابي بالخداع والمكر والغدر والتضليل والانقلاب علي الدولة القومية والانتصار في كل معاركهم التي خاضوها ضد القوي السياسية والحزبية وضد الجنرال جعفر نميري الذي اكتشف في اخر ساعات حكمة انه قد اصبح مجرد ضيف علي نظام الحكم والدولة التي كان يديرها علي مدي 16 عام بمساعدة الوان طيف مختلفة من المدنيين والعسكريين الدولة التي اختطفها اولئك المرابين المتاجرين بكتاب الله وشرعة ودينة الحنيف .
ولما اراد النميري التخلص منهم قاموا باختطاف انتفاضة السادس من ابريل 1985 بالتزامن مع اعتقال نميري قيادة الحركة الاسلامية في عملية خطط لها الاسلاميين المنشقين عن الجماعة الراحل الرشيد طاهر بكر المحامي ورفيقه المخلص الامين البروفسير مالك الحسين الذين ذهبت المجهودات الشاقة التي بذلوها في هذه الصدد ادراج الرياح مع اندلاع انتفاضة السادس من ابريل التي اختطفها الترابيين منذ لحظاتها الاولي وساهموا بقوة في اخراج العملية وبيان سوار الذهب وهو شخص مهذب وحسن النية اختلط عليه الامر ووقع في شراك اولئك القوم الماكرين ليتحول بعد الانتفاضة دون ارادته او مشاركته او تخطيط مسبق منه الي اسطورة يروج لها كيزان السودان وبعض اجهزة الاعلام والفضائيات العربية اخوانية وغير اخوانية باعتبارة شخص ذاهد في السلطة قام بتسليمها طواعية واشياء من هذه القبيل .
ولكن اليوم امر اخر فيبدو ان الجماعة تتجه نحو نهاية حتمية لتنتهي علي نفس الطريقة التي انتهي عليها الطغاة والفراعين الذي اخبرنا القرأن الكريم بقصصهم والطريقة التي انتهوا عليها بعد ان غرقوا في شبر موية او مية كما يقولون في هذه المواجهة القدرية مع نفس القوات التي قاموا برعايتها والاشراف عليها وتمويلها وتعدها بالرعاية باعتبارها حصنهم الامين وملاذهم الاخير ولكنها خرجت عن طوعهم في اللحظات التي سقط فيها النظام وتصرف ذلك الاعرابي الخطير الذي اتخذه البعض مادة للسخرية والتهكم بمنتهي الحنكة والدهاء وانتقل مع المنتقلين واحتل منصب الرجل الثاني في حكم الانتقاليين القصير الاجل علي الرغم من الفشل الذريع في تصريف الامور والخروقات الخطيرة والتصرف بدون تفويض مع اخرين من وزراء السلطة الانتقالية والبرهان شخصيا ووزير دفاعة الذي اصبح مجهول المصير وتورطهم جميعا في اجراء اتصالات غير قانونية مع دولة اسرائيل ثم ارتباط اسم الدعم السريع وقواته بابشع مذبحة في تاريخ السودان الحديث .
واستمر الحال علي ماعلية حتي اندلاع حرب الاستنزاف الدامية والمواجهة والحرب الراهنة الغير معلنة بين قوات الدعم السريع وميليشيات الاسلاميين من اعوان جنرالات اللجنة الامنية البرهان ومن معه الذين وضعوا انفسهم باختيارهم المطلق في واجهة الاحداث والحرب الدامية التي دمرت السودان وانسانه ومرافقه الحيوية وبنيته التحتية .
لقد وصلت الامور الان الي مرحلة كسر العظم وهذه الملطشة شبه اليومية وعمليات الاستعراض المتواصل من افراد القوة الضاربة في قوات الدعم السريع من الاعراب والبدو المعروفين في صحاري ووديان دارفور من صغار السن الذين مرغوا انف تلك الجهة التي تدير الحرب في التراب واتخذوها مادة للسخرية وهم يسمونها بالاسم ويتحدثون عن الكيزان والفلول وعن استعادة الديمقراطية بلهجتهم المميزة في خطاب جديد ومختلف يفصلون فيه بين الكيزان وبين الجنرال البرهان ومن حولة من بقية الجنرلات .
وقد وصل الامر بصورة كوميدية الي مطالبة صبية في قوات الدعم السريع في عمر ابناء اولياء الامور في الدولة السودانية المترنحة الجنرال البرهان ومن معه بالخروج من المخبأ الافتراضي الذي يسمونه بالبدروم وتسليم انفسهم لكي يقوموا هم بتسليمهم الي من ينتخبهم الشعب .
وختاما ومهما كانت نتيجة الحرب الراهنة وسواء انتهت لصالح البرهان ومن خلفة المتاسلمين او لصالح قوات الدعم السريع فلن تعود الامور ابدا الي ما كانت عليه قبل الحرب فقد قضت هذه المغامرة الاخوانية الرعناء علي الاخضر واليابس وسيكون هناك سودان مختلف في كل تفاصيله عن كل تاريخ الدولة السودانية السابق منذ ميلادها وحتي هذه اللحظة الدرامية الفريدة بتفاصيلها الاكثر غرابة التي يشاهدها الناس في المنافسة اليومية في الغابة الكبري علي شبكة الميديا الاجتماعية عندما اصبحت دبابات قوات الدعم السريع تجوب شوارع الخرطوم في مشاهد سيتحدث عنها التاريخ كثيرا في يوم قريب وسيحكي عن اسرار هذه المرحلة وتفاصيلها وملابساتها علي صفحات الكتب وربما في قاعات العدالة اذا كان الناس في السودان من المحظوظين الذين تتيح لهم الاقدار ولاول مرة في تاريخ السودان عدالة مختلفة عن كل ماشهدته البلاد من قبل اثناء مراحل التحولات السياسية السابقة .
في تاريخ الانسانية والبشرية الذي يحكي عنه القران الكريم دروس وعظات دقيقة الوصف والتفاصيل عندما تدور الاقدار دورتها علي الطغاة والظالمين عندما يسلط الله عليهم بعض الذين قاموا برعايتهم في المهد ثم اصبحوا بمثابة هم وحزن عظيم عليهم وساهموا في نهاياتهم واقتلاعهم من الجذور .
" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "
صدق الله العظيم

 

آراء